فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في سترة المصلي

رقم الحديث 2062 [2062] ( أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ) بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ كَانَ يَحْفَظُ مِنَ التاسعة ( أخبرنا وهيب) بالتصغير بن خَالِدِ بْنِ عَجْلَانَ الْبَاهِلِيُّ مَوْلَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ لَكِنَّهُ تَغَيَّرَ قَلِيلًا بِأَخَرَةٍ من السابعة كذا في التقريب ( عن بن طَاوُسٍ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسِ بْنِ كَيْسَانَ الْيَمَانِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ ثِقَةٌ فَاضِلٌ عَابِدٌ مِنَ السَّادِسَةِ .

     قَوْلُهُ  ( لَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقَ الْقَدَرِ) بِالتَّحْرِيكِ أَيْ لَوْ أَمْكَنَ أَنْ يَسْبِقَ شَيْءٌ الْقَدَرَ فِي إِفْنَاءِ شَيْءٍ وَزَوَالِهِ قَبْلَ أَوَانِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ ( لَسَبَقَتْهُ) أَيِ الْقَدَرَ ( الْعَيْنُ) لَكِنَّهَا لَا تَسْبِقُ الْقَدَرَ فَإِنَّهُ تَعَالَى قَدَّرَ الْمَقَادِيرَ قَبْلَ الْخَلْقِ قَالَ الْحَافِظُ جَرَى الْحَدِيثُ مَجْرَى الْمُبَالَغَةِ فِي إِثْبَاتِ الْعَيْنِ لَا أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَرُدَّ الْقَدَرَ شَيْءٌ إِذِ الْقَدَرُ عبارة عن سابق علم الله وهو لاراد لِأَمْرِهِ وَحَاصِلُهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ شَيْئًا لَهُ قُوَّةٌ بِحَيْثُ يَسْبِقُ الْقَدَرَ لَكَانَ الْعَيْنَ لَكِنَّهَا لَا تَسْبِقُ فَكَيْفَ غَيْرُهَا انْتَهَى قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ إِثْبَاتُ الْقَدَرِ وَهُوَ حَقٌّ بِالنُّصُوصِ وَإِجْمَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا بِقَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا تَقَعُ إِلَّا عَلَى حَسَبِ ما قدرها الله تعالى وسبق بها عمله فَلَا يَقَعُ ضَرَرُ الْعَيْنِ وَلَا غَيْرُهُ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ إِلَّا بِقَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ صِحَّةُ أَمْرِ الْعَيْنِ وَأَنَّهَا قَوِيَّةُ الضَّرَرِ انْتَهَى ( وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ إِذَا طُلِبْتُمْ لِلِاغْتِسَالِ ( فَاغْسِلُوا) أَطْرَافَكُمْ عِنْدَ طَلَبِ الْمَعْيُونِ ذَلِكَ مِنَ الْعَائِنِ وَهَذَا كَانَ أَمْرًا مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ فَأَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَمْتَنِعُوا مِنْهُ إِذَا أُرِيدَ مِنْهُمْ وَأَدْنَى مَا فِي ذَلِكَ رَفْعُ الْوَهْمِ الْحَاصِلِ فِي ذَلِكَ وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَحَكَى الْمَازِرِيُّ فِيهِ خِلَافًا وَصَحَّحَ الْوُجُوبَ.

     وَقَالَ  مَتَى خُشِيَ الْهَلَاكُ وَكَانَ اغْتِسَالُ الْعَائِنِ مِمَّا جَرَتِ الْعَادَةُ بِالشِّفَاءِ بِهِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَذْلِ الطَّعَامِ لِلْمُضْطَرِّ وَهَذَا أَوْلَى وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ صِفَةَ الِاغْتِسَالِ وَقَدْ وَقَعَتْ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حنيف عند أحمد والنسائي وصححه بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَاءٍ حَتَّى إِذَا كَانُوا بشعب الخرار من الحجفة اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَكَانَ أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ فليط أَيْ صُرِعَ وَزْنًا وَمَعْنًى أَيْ سَهْلٌ فَأَتَى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هَلْ تَتَّهِمُونَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ قَالُوا عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ فَدَعَا عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ فَقَالَ علام يقتل أحدكم أخاه هلا إذ رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ ثُمَّ قَالَ اغْتَسِلْ لَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ ثُمَّ يَصُبُّ ذَلِكَ الْمَاءَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ ثُمَّ يُكْفَأُ الْقَدَحُ فَفَعَلَ بِهِذَلِكَ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ لَفْظُ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أُوَيْسٍ عن الزهري ولفظ النسائي من رواية بن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا السَّنَدِ أَنَّهُ يَصُبُّ صَبَّةً عَلَى وَجْهِهِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَكَذَلِكَ سَائِرَ أَعْضَائِهِ صَبَّةً صَبَّةً فِي الْقَدَحِ.

     وَقَالَ  فِي آخِرِهِ ثُمَّ يَكْفَأُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ عَلَى الأرض ووقع في رواية بن ماجة من طريق بن عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ مَرَّ بِسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَأَمَرَ عَامِرًا أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَرُكْبَتَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ قَالَ سُفْيَانُ قَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَأَمَرَ أَنْ يَكْفَأَ الْإِنَاءَ مِنْ خَلْفِهِ قَالَ الْمَازِرِيُّ الْمُرَادُ بِدَاخِلَةِ الْإِزَارِ الطَّرَفُ الْمُتَدَلِّي الَّذِي يَلِي حِقْوَهُ الْأَيْمَنَ وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ دَاخِلَةَ الْإِزَارِ كِنَايَةٌ عَنِ الْفَرْجِ انْتَهَى وَزَادَ عِيَاضٌ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَلِي جَسَدَهُ مِنَ الْإِزَارِ وَقِيلَ أَرَادَ مَوْضِعَ الْإِزَارِ مِنَ الْجَسَدِ وَقِيلَ أَرَادَ وِرْكَهُ لِأَنَّهُ مَعْقِدُ الْإِزَارِ وَالْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ وَفِيهِ عَنْ مَالِكٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ اغْتَسَلَ سَهْلٌ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَفِيهِ فَنَزَعَ جُبَّةً كَانَتْ عَلَيْهِ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ يَنْظُرُ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ عَذْرَاءَ فَوُعِكَ سَهْلٌ مَكَانَهُ وَاشْتَدَّ وَعْكُهُ وَفِيهِ أَلَا بَرَّكْتَ إِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ تَوَضَّأْ لَهُ فَتَوَضَّأَ لَهُ عَامِرٌ فَرَاحَ سَهْلٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ تَنْبِيهٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ هَذَا الْمَعْنَى مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَعْلِيلُهُ وَمَعْرِفَةُ وَجْهِهِ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ فَلَا يُرَدُّ لكونه لا يعقل معناه وقال بن الْعَرَبِيِّ إِنْ تَوَقَّفَ مُتَشَرِّعٌ قُلْنَا لَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ وَقَدْ عَضَّدَتْهُ التَّجْرِبَةُ وَصَدَّقَتْهُ الْمُعَايَنَةُ أَوْ مُتَفَلْسِفٌ فَالرَّدُّ عَلَيْهِ أَظْهَرُ لِأَنَّ عِنْدَهُ أَنَّ الْأَدْوِيَةَ تَفْعَلُ بِقُوَاهَا وَقَدْ تَفْعَلُ بِمَعْنًى لَا يُدْرَكُ وَيُسَمُّونَ مَا هَذَا سَبِيلُهُ الْخَوَاصَّ وقال بن الْقَيِّمِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا مَنْ أَنْكَرَهَا وَلَا مَنْ سَخِرَ مِنْهَا وَلَا مَنْ شَكَّ فِيهَا أَوْ فَعَلَهَا مُجَرِّبًا غَيْرَ مُعْتَقِدٍ وَإِذَا كَانَ فِي الطَّبِيعَةِ خَوَاصُّ لَا يَعْرِفُ الْأَطِبَّاءُ عِلَلَهَا بَلْ هِيَ عِنْدَهُمْ خَارِجَةٌ عَنِ الْقِيَاسِ وَإِنَّمَا تَفْعَلُ بِالْخَاصِّيَّةِ فَمَا الَّذِي تُنْكِرُ جَهَلَتُهُمْ مِنَ الْخَوَاصِّ الشَّرْعِيَّةِ هَذَا مَعَ أَنَّ فِي الْمُعَالَجَةِ بِالِاغْتِسَالِ مُنَاسَبَةً لَا تَأْبَاهَا الْعُقُولُ الصَّحِيحَةُ فَهَذَا تِرْيَاقُ سُمِّ الْحَيَّةِ يُؤْخَذُ مِنْ لَحْمِهَا وَهَذَا عِلَاجُ النَّفْسِ الْغَضَبِيَّةِ تُوضَعُ الْيَدُ عَلَى بَدَنِ الْغَضْبَانِ فَيَسْكُنُ فَكَأَنَّ أَثَرَ تِلْكَ الْعَيْنِ كَشُعْلَةِ نَارٍ وَقَعَتْ عَلَى جَسَدٍ فَفِي الِاغْتِسَالِ إِطْفَاءٌ لِتِلْكَ الشُّعْلَةِ ثُمَّ لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ الْخَبِيثَةُ تَظْهَرُ فِي الْمَوَاضِعِ الرَّقِيقَةِ مِنَ الْجَسَدِ لِشِدَّةِ النُّفُوذِ فِيهَا وَلَا شَيْءَ أَرَقُّ مِنَ الْمَغَابِنِ فَكَانَ فِي غَسْلِهَا إِبْطَالٌ لِعَمَلِهَا وَلَا سِيَّمَا أَنَّ لِلْأَرْوَاحِ الشَّيْطَانِيَّةِ فِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ اخْتِصَاصًا وَفِيهِ أَيْضًا وُصُولُ أَثَرِ الْغَسْلِ إِلَى الْقَلْبِ مِنْ أَرَقِّ الْمَوَاضِعِ وَأَسْرَعِهَا نفاذا فتنطفىء تِلْكَ النَّارُ الَّتِي أَثَارَتْهَا الْعَيْنُ بِهَذَا الْمَاءِ وَهَذَا الْغَسْلُ الْمَأْمُورُ بِهِ يَنْفَعُ بَعْدَ اسْتِحْكَامِ النَّظْرَةِ فَأَمَّا عِنْدَ الْإِصَابَةِ وَقَبْلَ الِاسْتِحْكَامِ فَقَدْ أَرْشَدَ الشَّارِعُ إِلَى مَا يَدْفَعُهُ بِقَوْلِهِ فِي قِصَّةِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الْمَذْكُورَةِ كَمَا مَضَى ألا بركت عليه وفي رواية بن ماجة فليدع بالبركة ومثله عند بنالسُّنِّيِّ مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَأَخْرَجَهُ البزار وبن السُّنِّيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَفَعَهُ مَنْ رَأَى شَيْئًا فَأَعْجَبَهُ فَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ لَمْ يَضُرَّهُ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) لِيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ ( وَحَدِيثُ حَيَّةَ بْنِ حَابِسٍ حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ ( وَرَوَى شيبان) هو بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيُّ 0 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي أَخْذِ الْأَجْرِ عَلَى التَّعْوِيذِ) .

     قَوْلُهُ 

رقم الحديث 2063 [263] ( عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ) كُنْيَتُهُ أَبُو بِشْرِ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَثْقِيلِ التَّحْتَانِيَّةِ ثِقَةٌ مِنْ أَثْبَتِ النَّاسِ فِي سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَضَعَّفَهُ شُعْبَةُ فِي حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ وَفِي مُجَاهِدٍ مِنَ الْخَامِسَةِ ( عَنْ أَبِي نَضِرَةَ) هُوَ الْعَبْدِيُّ .

     قَوْلُهُ  ( بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ فَنَزَلْنَا بِقَوْمٍ) وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ بَعَثَ سَرِيَّةً عَلَيْهَا أَبُو سَعِيدٍ وَفِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عِنْدَ غَيْرِ التِّرْمِذِيِّ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا فَنَزَلْنَا بِقَوْمٍ لَيْلًا فَأَفَادَتْ عَدَدَ السَّرِيَّةِ وَوَقْتَ النُّزُولِ كَمَا أَفَادَتْ رِوَايَةُ الدَّارَقُطْنِيِّ تَعْيِينَ أَمِيرِ السَّرِيَّةِ ( فَسَأَلْنَاهُمُ الْقِرَى) بِكَسْرِ الْقَافِ مَقْصُورًا الضِّيَافَةَ ( فَلَمْ يَقْرُونَا) أَيْ فَلَمْ يُضَيِّفُونَا قَالَ فِي الْقَامُوسِ قَرَى الضَّيْفَ قِرًى بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ وَالْمَدِّ أَضَافَهُ كَاقْتَرَاهُ ( فَلُدِغَ سَيِّدُهُمْ) بِضَمِّ اللَّامِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَاللَّدْغُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ اللَّسْعُ وَزْنًا وَمَعْنًى.
وَأَمَّا اللَّذْعُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ فَهُوَ الْإِحْرَاقُ الْخَفِيفُ وَاللَّدْغُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ هُوَ ضَرْبُ ذَاتِالْحُمَّةِ مِنْ حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ وَغَيْرِهِمَا وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْعَقْرَبِ وَقَدْ أَفَادَتْ رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ هَذِهِ تَعْيِينَ الْعَقْرَبِ فَإِنْ قُلْتَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ هُشَيْمٍ أَنَّهُ مُصَابٌ فِي عَقْلِهِ أَوْ لَدِيغٌ قُلْتُ هَذَا شَكٌّ مِنْ هُشَيْمٍ وَرَوَاهُ الْبَاقُونَ أَنَّهُ لَدِيغٌ وَلَمْ يَشُكُّوا خُصُوصًا تَصْرِيحَ الْأَعْمَشِ بِالْعَقْرَبِ فَإِنْ قُلْتَ جَاءَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ وَعِنْدَهُمْ رَجُلٌ مَجْنُونٌ مُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ فَقَالُوا إِنَّكَ جِئْتَ مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ بِخَيْرٍ فَارْقِ لَنَا هَذَا الرَّجُلَ وَفِي لَفْظٍ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ عَمِّهِ يَعْنِي عِلَاقَةَ بْنَ صَحَّارٍ أَنَّهُ رَقَى مَجْنُونًا مُوثَقًا بِالْحَدِيدِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ فَبَرَأَ فَأَعْطَوْنِي مِائَتَيْ شَاةً فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ خُذْهُمَا وَلَعَمْرِي مَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةِ بَاطِلٍ فَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةِ حَقٍّ قُلْتُ هُمَا قَضِيَّتَانِ لِأَنَّ الرَّاقِيَ هُنَاكَ أَبُو سَعِيدٍ وَهُنَا عِلَاقَةُ بْنُ صَحَّارٍ وَبَيْنَهُمَا اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ ( فَأَتَوْنَا) أَيْ فَجَاءُونَا ( فَقَالُوا هَلْ فِيكُمْ مَنْ يَرْقِي مِنَ الْعَقْرَبِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ رَقَاهُ رَقْيًا وَرَقِيًّا نَفَثَ فِي عُوذَتِهِ.

     وَقَالَ  فِيهِ الْعُوذَةُ الرُّقْيَةُ كَالْمَعَاذَةِ وَالتَّعْوِيذِ انْتَهَى وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ فَأَتَوْهُمْ فَقَالُوا يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ ( فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ الْحَمْدَ سَبْعَ مَرَّاتٍ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَانْطَلَقَ يَتْفُلُ عَلَيْهِ وَيَقْرَأُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رب العالمين قَالَ الْحَافِظُ يَتْفُلُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَبِكَسْرِهَا وَهُوَ نفخ معه قليل بزاق قال بن أَبِي حَمْزَةَ مَحَلُّ التَّفْلِ فِي الرُّقْيَةِ يَكُونُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ لِتَحْصِيلِ بَرَكَةِ الْقِرَاءَةِ فِي الْجَوَارِحِ الَّتِي يَمُرُّ عَلَيْهَا الرِّيقُ فَتَحْصُلُ الْبَرَكَةُ فِي الرِّيقِ الَّذِي يَتْفُلُهُ ( فَبَرَأَ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَكَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قُلْبَةٌ ( وَمَا عَلِمْتَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ) أَيْ كَيْفَ عَلِمْتَ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَمَا يُدْرِيَكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ( وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ بِسَهْمٍ) أَيِ اجْعَلُوا لِي مِنْهُ نَصِيبًا وَكَأَنَّهُ أَرَادَ الْمُبَالَغَةَ فِي تَأْنِيسِهِمْ كَمَا وَقَعَ لَهُ فِي قِصَّةِ الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الرقية بشيءمِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَلْحَقُ بِهِ مَا كَانَ مِنَ الدَّعَوَاتِ الْمَأْثُورَةِ أَوْ مِمَّا يُشَابِهُهَا وَلَا يَجُوزُ بِأَلْفَاظٍ مِمَّا لَا يُعْلَمُ مَعْنَاهَا من الألفاظ الغير العربية قال بن الْقَيِّمِ إِذَا ثَبَتَ أَنَّ لِبَعْضِ الْكَلَامِ خَوَاصَّ وَمَنَافِعَ فَمَا الظَّنُّ بِكَلَامِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ثُمَّ بِالْفَاتِحَةِ الَّتِي لَمْ يَنْزِلْ فِي الْقُرْآنِ وَلَا غَيْرِهِ مِنَ الْكُتُبِ مِثْلُهَا لِتَضَمُّنِهَا جَمِيعَ مَعَانِي الْكِتَابِ فَقَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَى ذِكْرِ أُصُولِ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَمَجَامِعِهَا وَإِثْبَاتِ الْمَعَادِ وَذِكْرِ التَّوْحِيدِ وَالِافْتِقَارِ إِلَى الرَّبِّ فِي طَلَبِ الْإِعَانَةِ بِهِ وَالْهِدَايَةِ مِنْهُ وَذِكْرِ أَفْضَلِ الدُّعَاءِ وَهُوَ طَلَبُ الْهِدَايَةِ إِلَى صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ الْمُتَضَمِّنِ كَمَالَ مَعْرِفَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ بِفِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ وَاجْتِنَابِ مَا نُهِيَ عَنْهُ وَالِاسْتِقَامَةِ عَلَيْهِ وَلِتَضَمُّنِهَا ذِكْرَ أَصْنَافِ الْخَلَائِقِ وَقِسْمَتَهُمْ إِلَى مُنْعَمٍ عَلَيْهِ لِمَعْرِفَتِهِ بِالْحَقِّ وَالْعَمَلِ بِهِ وَمَغْضُوبٍ عَلَيْهِ لِعُدُولِهِ عَنِ الْحَقِّ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ وَخَالٍ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ لَهُ مَعَ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ إِثْبَاتِ الْقَدَرِ وَالشَّرْعِ وَالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَالْمَعَادِ وَالتَّوْبَةِ وَتَزْكِيَةِ النَّفْسِ وَإِصْلَاحِ الْقَلْبِ وَالرَّدِّ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَحَقِيقٌ بِسُورَةٍ هَذَا بَعْضُ شَأْنِهَا أَنْ يُسْتَشْفَى بِهَا مِنْ كُلِّ دَاءٍ انْتَهَى مُلَخَّصًا .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ ( وَرَخَّصَ الشَّافِعِيُّ لِلْمُعَلِّمِ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ أَجْرًا) وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَآخَرُونَ مِنَ السَّلَفِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَجَازَهُ فِي الرُّقْيَةِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَقَالَ الْحَافِظُ قَدْ نَقَلَ عِيَاضٌ جَوَازَ الِاسْتِئْجَارِ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ عَنِ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا الْحَنَفِيَّةَ انْتَهَى قُلْتُ وَقَدْ أَجَازَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَيْضًا أَخْذَ الأجرة على تعليم القران ويرى أن يعتد الشَّافِعِيُّ ( لَهُ) أَيْ يَجُوزُ لِلْمُعَلِّمِ ( أَنْ يَشْتَرِطَ) أَيْ أَخْذَ الْأُجْرَةِ ( عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَقَولُهُ ( وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ) الِاحْتِجَاجُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الرُّقْيَةِ وَاضِحٌ.
وَأَمَّا الِاحْتِجَاجُ بِهِ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ الْقُرْطُبِيُّ حَيْثُ قَالَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ جَوَازَ أَخْذِ الْأَجْرِ فِي الرُّقَى يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّعْلِيمِ بِالْأَجْرِ انْتَهَى لَمْ يَذْكُرِ الْقُرْطُبِيُّ سَنَدَ للمنع وَلَا يَظْهَرُ وَجْهٌ صَحِيحٌ لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ وَاللَّهُ تعالى أعلم وقد استدل للجمهور بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اذْهَبْ فَقَدْ أنكحتكها بما معك من القران في حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَهَذَا لفظالْبُخَارِيِّ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ اذْهَبْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا فعلمها من القران واستدل للجمهور أيضا بحديث بن عَبَّاسٍ إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ الْحَافِظُ اسْتَدَلَّ به للجمهور فِي جَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَخَالَفَ الْحَنَفِيَّةُ فَمَنَعُوهُ فِي التَّعْلِيمِ وَأَجَازُوهُ فِي الرُّقَى كَالدَّوَاءِ قَالُوا لِأَنَّ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ عِبَادَةٌ وَالْأَجْرُ فِيهِ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي الرُّقَى إِلَّا أَنَّهُمْ أَجَازُوهُ فِيهَا لِهَذَا الْخَبَرِ وَحَمَلَ بَعْضُهُمُ الْأَجْرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الثواب وسياق للقصة الَّتِي فِي الْحَدِيثِ يَأْبَى هَذَا التَّأْوِيلَ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ نَسْخَهُ بِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي الْوَعِيدِ عَلَى أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَقَدْ رَوَاهَا أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ إِثْبَاتٌ لِلنَّسْخِ بِالِاحْتِمَالِ وَهُوَ مَرْدُودٌ وَبِأَنَّ الْأَحَادِيثَ لَيْسَ فِيهَا تَصْرِيحٌ بِالْمَنْعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ هِيَ وَقَائِعُ أَحْوَالٍ مُحْتَمِلَةٌ لِلتَّأْوِيلِ لِتُوَافِقَ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ كَحَدِيثَيِ الباب ( يعني حديث بن عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمَ آنِفًا وَحَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْبَابِ) وَبِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمَذْكُورَةَ أَيْضًا لَيْسَ فِيهَا مَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ فَلَا تُعَارِضُ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ استدل الجمهور بحديث بن عَبَّاسٍ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَجْرِ هُنَا الثَّوَابُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ سِيَاقَ الْقِصَّةِ يَأْبَى ذَلِكَ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ نَسْخَهُ بِالْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ وَبِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الْقَاضِيَةَ بِالْمَنْعِ وَقَائِعُ أَعْيَانٍ مُحْتَمِلَةٌ لِلتَّأْوِيلِ لِتُوَافِقَ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ كَحَدِيثَيِ الْبَابِ وَبِأَنَّهَا مِمَّا لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ فَلَا تَقْوَى عَلَى مُعَارَضَةِ مَا فِي الصَّحِيحِ وَقَدْ عَرَفْتَ مِمَّا سَلَفَ أَنَّهَا تَنْتَهِضُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهَا عَلَى الْمَطْلُوبِ وَالْجَمْعُ مُمْكِنٌ إِمَّا بِحَمْلِ الْأَجْرِ الْمَذْكُورِ هُنَا عَلَى الثَّوَابِ كَمَا سَلَفَ وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ أَوِ الْمُرَادُ أَخْذُ الْأَجْرِ عَلَى الرُّقْيَةِ فَقَطْ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ السِّيَاقُ فَيَكُونُ مُخَصِّصًا لِلْأَحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بِالْمَنْعِ أَوْ يُحْمَلُ الْأَجْرُ هُنَا عَلَى عُمُومِهِ فَيَشْمَلُ الْأَجْرَ عَلَى الرُّقْيَةِ وَالتِّلَاوَةِ وَالتَّعْلِيمِ وَيَخُصُّ أَخْذَهَا عَلَى التَّعْلِيمِ بِالْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَيَجُوزُ مَا عَدَاهُ وَهَذَا أَظْهَرُ وُجُوهِ الْجَمْعِ فَيَنْبَغِي الْمَصِيرُ إِلَيْهِ انْتَهَى قُلْتُ الرِّوَايَاتُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى مَنْعِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ ضِعَافٌ لَا تَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهَا بِمَجْمُوعِهَا تَنْتَهِضُ لِلِاحْتِجَاجِ فَالْأَحَادِيثُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الجواز أصحمِنْهَا وَأَقْوَى ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَقَائِعُ أَحْوَالٍ مُحْتَمِلَةٌ لِلتَّأْوِيلِ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ فَلَا حَاجَةَ إِلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّوْكَانِيُّ مِنْ وُجُوهِ الْجَمْعِ هَذَا مَا عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ 

رقم الحديث 2064 [264] ( مَرُّوا بِحَيٍّ مِنَ الْعَرَبِ) .
اعْلَمْ أَنَّ طَبَقَاتِ أَنْسَابِ الْعَرَبِ سِتٌّ الشَّعْبُ بِفَتْحِ الشِّينِ وَهُوَ النَّسَبُ الْأَبْعَدُ كَعَدْنَانَ مَثَلًا وَهُوَ أَبُو الْقَبَائِلِ الَّذِينَ يُنْسَبُونَ إِلَيْهِ وَيُجْمَعُ عَلَى شُعُوبٍ وَالْقَبِيلَةُ وَهِيَ مَا انْقَسَمَ بِهِ الشَّعْبُ كَرَبِيعَةَ وَمُضَرَ وَالْعِمَارَةُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَهِيَ مَا انْقَسَمَ فِيهِ أَنْسَابُ الْقَبِيلَةِ كَقُرَيْشٍ وَكِنَانَةَ وَيُجْمَعُ عَلَى عِمَارَاتٍ وَعَمَائِرَ وَالْبَطْنُ وَهِيَ مَا انْقَسَمَ فِيهِ أَنْسَابُ الْعِمَارَةِ كَبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَبَنِي مَخْزُومٍ ويجمع على بطون وأبطن والفخد وَهِيَ مَا انْقَسَمَ فِيهِ أَنْسَابُ الْبَطْنِ كَبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي أُمَيَّةَ وَيُجْمَعُ عَلَى أَفْخَاذٍ وَالْفَصِيلَةُ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ مَا انْقَسَمَ فِيهِ أَنْسَابُ الفخد كَبَنِي الْعَبَّاسِ وَأَكْثَرُ مَا يَدُورُ عَلَى الْأَلْسِنَةِ مِنَ الطَّبَقَاتِ الْقَبِيلَةُ ثُمَّ الْبَطْنُ وَرُبَّمَا عَبَّرَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّبَقَاتِ السِّتِّ بِالْحَيِّ إِمَّا عَلَى الْعُمُومِ مِثْلَ أَنْ يُقَالَ حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ وَإِمَّا عَلَى الْخُصُوصِ مِثْلَ أَنْ يُقَالَ حَيٌّ مِنْ بَنِي فُلَانٍ وَقَالَ الْهَمْدَانِيُّ فِي الْأَنْسَابِ الشَّعْبُ وَالْحَيُّ بِمَعْنًى ( حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ مَا يُعْطَى عَلَى عَمَلٍ ( فَجَعَلُوا عَلَى ذَلِكَ قَطِيعًا من غنم) قال بن التِّينِ الْقَطِيعُ الطَّائِفَةُ مِنَ الْغَنَمِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْقَطِيعَ هُوَ الشَّيْءُ الْمُتَقَطِّعُ مِنْ غَنَمٍ كَانَ أَوْ غَيْرِهَا.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ إِنَّ الْغَالِبَ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ وَالْأَرْبَعِينَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ فَإِنَّا نُعْطِيكُمْ ثَلَاثِينَ شَاةً وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِعَدَدِ السَّرِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَأَنَّهُمُ اعْتَبَرُوا عَدَدَهُمْ فَجَعَلُوا الْجُعْلَ بِإِزَائِهِ ( وَمَا يُدْرِيكَ) هِيَ كَلِمَةٌ تُقَالُ عِنْدَ التَّعَجُّبِ مِنَ الشَّيْءِ وَتُسْتَعْمَلُ فِي تَعْظِيمِ الشَّيْءِ أَيْضًا وَهُوَ لَائِقٌ هُنَا قَالَهُ الْحَافِظُ وَفِي رِوَايَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَمَا يُدْرِيكَ أنها رقية قلت ألقي في روعي والدارقطني فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَيْءٌ أُلْقِيَ فِي رَوْعِي ( وَلَمْ يَذْكُرْ نَهْيًا مِنْهُ) أَيْ مِنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  ( وَهَذَا) أَيْ حَدِيثُ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ( أصح منحَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ هذا وقال بن مَاجَهْ إِنَّهَا يَعْنِي طَرِيقَ شُعْبَةَ الصَّوَابُ وَرَجَّحَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي السُّنَنِ شَيْئًا وَكَذَا النَّسَائِيُّ وَالَّذِي يَتَرَجَّحُ فِي نَقْدِي أَنَّ الطَّرِيقَيْنِ مَحْفُوظَانِ لِاشْتِمَالِ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَلَى زِيَادَاتٍ فِي الْمَتْنِ لَيْسَتْ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ وَمَنْ تَابَعَهُ فَكَأَنَّهُ كَانَ عِنْدَ أَبِي بِشْرٍ عَنْ شَيْخَيْنِ فَحَدَّثَ بِهِ تَارَةً عَنْ هَذَا وتارة عن هذا ولم يصب بن الْعَرَبِيِّ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُضْطَرِبٌ فَقَدْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَيْضًا مَعْبَدُ بْنُ سِيرِينَ كَمَا سَيَأْتِي فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ قَتَّةَ كَمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ انْتَهَى 1 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي الرُّقَى وَالْأَدْوِيَةِ) .

     قَوْلُهُ 

رقم الحديث 2065 [265] ( عَنْ أَبِي خِزَامَةَ عَنْ أَبِيهِ) اسْمُهُ يَعْمُرُ قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي تَجْرِيدِ أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ يَعْمُرُ السَّعْدِيُّ سَعْدُ هُذَيْمٍ وَالِدُ أَبِي خِزَامَةَ أَنَّهُ قَالَ أَرَأَيْتُ دَوَاءً نَتَدَاوَى بِهِ أَوْ رُقًى نَسْتَرْقِي بِهَا هَلْ يَرُدُّ ذَلِكَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( أَرَأَيْتَ رُقًى نَسْتَرْقِيهَا إِلَخْ) يَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ فِي بَابِ لَا تَرُدُّ الرُّقَى وَالدَّوَاءُ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا مِنْ أَبْوَابِ الْقَدَرِ وَيَأْتِي هُنَاكَ شَرْحُهُ .

     قَوْلُهُ  ( عن بن أَبِي خِزَامَةَ) مَجْهُولٌ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ وَغَيْرِهِ ( وقد روى عن بن عُيَيْنَةَ كِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ) يَعْنِي عَنْ أَبِي خِزَامَةَ عن أبيه وبن أَبِي خِزَامَةَ عَنْ أَبِيهِ22 -

رقم الحديث 2066 [266] ( حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ) هُوَ الضُّبَعِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  ( الْعَجْوَةُ) هِيَ نَوْعٌ مِنْ تَمْرِ الْمَدِينَةِ يَضْرِبُ إِلَى السواد من غرس للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا فِيالنِّهَايَةِ ( مِنَ الْجَنَّةِ) قَالَ الْمُنَاوِيُّ يَعْنِي هَذِهِ الْعَجْوَةَ تُشْبِهُ عَجْوَةَ الْجَنَّةِ فِي الشَّكْلِ وَالِاسْمِ لَا فِي اللَّذَّةِ وَالطَّعْمِ انْتَهَى وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ فَضْلِ الْعَجْوَةِ عَلَى سَائِرِ أَنْوَاعِ التَّمْرِ لِأَنَّهَا مِنْ أَنْفَعْ تَمْرِ الْحِجَازِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَهُوَ صِنْفٌ كَرِيمٌ مُلَذَّذٌ مَتِينٌ لِلْجِسْمِ وَالْقُوَّةِ مِنْ أَلْيَنِ التَّمْرِ وَأَطْيَبِهِ وَأَلَذِّهِ ( وَفِيهَا شِفَاءٌ مِنَ السُّمِّ) إِمَّا لِخَاصِّيَّةِ هَذَا النَّوْعِ أَوْ بِبَرَكَةِ دُعَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَالْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ) قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَكَثِيرُونَ شَبَّهَهَا بِالْمَنِّ الَّذِي كَانَ يَنْزِلُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ يَحْصُلُ لَهُمْ بِلَا كُلْفَةٍ وَلَا عِلَاجٍ وَالْكَمْأَةُ تَحْصُلُ بِلَا عِلَاجٍ وَلَا كُلْفَةٍ وَلَا زَرْعِ بِزْرٍ وَلَا سَقْيٍ وَلَا غَيْرِهِ وَقِيلَ هِيَ مِنَ الْمَنِّ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَقِيقَةً عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ انْتَهَى ( وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ) أَيْ شِفَاءٌ لِدَاءِ الْعَيْنِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ قِيلَ هُوَ نَفْسُ الْمَاءِ مُجَرَّدًا وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنْ يُخْلَطَ مَاؤُهَا بِدَوَاءٍ وَيُعَالِجَ بِهِ الْعَيْنَ وَقِيلَ إِنْ كَانَ لِتَبْرِيدِ مَا فِي الْعَيْنِ مِنْ حَرَارَةٍ فَمَاؤُهَا مُجَرَّدًا شِفَاءٌ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَمُرَكَّبٌ مَعَ غَيْرِهِ وَالصَّحِيحُ بَلِ الصَّوَابُ أَنَّ مَاءَهَا مُجَرَّدًا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ مُطْلَقًا فَيُعْصَرُ مَاؤُهَا وَيُجْعَلُ فِي الْعَيْنِ مِنْهُ وَقَدْ رَأَيْتُ أَنَا وَغَيْرِي فِي زَمَنِنَا مَنْ كَانَ عَمِيَ وَذَهَبَ بَصَرُهُ حَقِيقَةً فَكَحَّلَ عَيْنَهُ بِمَاءِ الْكَمْأَةِ مُجَرَّدًا فَشُفِيَ وَعَادَ إِلَيْهِ بَصَرُهُ وَهُوَ الشَّيْخُ الْعَدْلُ الْأَمِينُ الْكَمَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ صَاحِبُ صَلَاحٍ وَرِوَايَةٍ لِلْحَدِيثِ وَكَانَ اسْتِعْمَالُهُ لِمَاءِ الْكَمْأَةِ اعْتِقَادًا فِي الْحَدِيثِ وَتَبَرُّكًا بِهِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَجَابِرٍ) أَمَّا حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ هَذَا وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ وحديث جابر فأخرجهما أحمد والنسائي وبن مَاجَهْ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وبن مَاجَهْ .

     قَوْلُهُ 

رقم الحديث 2067 [267] ( عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ) هُوَ اللَّخْمِيُّ الْكُوفِيُّ ( عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ) بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَخْزُومٍ الْقُرَشِيِّ الْمَخْزُومِيِّ صَحَابِيٌّ صَغِيرٌ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ ( عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ) قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ سَعِيدُ بْنُ زيد بن عمرو بن نفيل العدوي أحد العشرةالْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ وَالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ شَهِدَ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا بَعْدَ بَدْرٍ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِيمَنْ شَهِدَ بَدْرًا فِي الصَّحِيحِ.

     وَقَالَ  الْأَكْثَرُونَ لَمْ يَشْهَدْهَا لَهُ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثُونَ حَدِيثًا اتَّفَقَا عَلَى حَدِيثَيْنِ وَانْفَرَدَ الْبُخَارِيُّ بِآخَرَ وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ وَعُرْوَةُ وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ فَضَرَبَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَهْمٍ رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ طُرُقٍ قَالَ خَلِيفَةُ مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ قَالَ الْوَاقِدِيُّ بِالْعَقِيقِ فَحُمِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّفْسِيرِ وَالطِّبِّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الْأَطْعِمَةِ وَالنَّسَائِيُّ فِي الطِّبِّ والوليمة والتفسير وبن مَاجَهْ فِي الطِّبِّ .

     قَوْلُهُ 

رقم الحديث 2068 [268] ( قَالُوا الْكَمْأَةُ جُدَرِيُّ الْأَرْضِ) بِضَمِّ جِيمٍ وَفَتْحِ دَالٍ وَكَسْرِ رَاءٍ وَتَشْدِيدِ يَاءٍ هُوَ حَبٌّ يَظْهَرُ فِي جَسَدِ الصَّبِيِّ مِنْ فَضَلَاتٍ تَتَضَمَّنُ الْمَضَرَّةَ تَدْفَعُهَا الطَّبِيعَةُ وَيُقَالُ لَهُ بِالْهِنْدِيَّةِ جيجك قَالَ الطِّيبِيُّ شَبَّهُوهَا بِهِ فِي كَوْنِهَا فَضَلَاتٍ تَدْفَعُهَا الْأَرْضُ إِلَى ظَاهِرِهَا ذَمًّا لَهَا ( فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ) قَالَ الطِّيبِيُّ كَأَنَّهُمْ لَمَّا ذَمُّوهَا وَجَعَلُوهَا مِنَ الْفَضَلَاتِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ الْمَضَرَّةَ وَتَدْفَعُهَا الْأَرْضُ إِلَى ظَاهِرِهَا كَمَا تَدْفَعُ الطَّبِيعَةُ الْفَضَلَاتِ بِالْجُدَرِيِّ قَابَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدْحِ بِأَنَّهُ مِنَ الْمَنِّ أَيْ مِمَّا مَنَّ اللَّهُ به عِبَادِهُ أَوْ شَبَّهَهَا بِالْمَنِّ وَهُوَ الْعَسَلُ الَّذِي يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِذْ يَحْصُلُ بِلَا عِلَاجٍ وَاحْتِيَاجٍ إِلَى بَذْرٍ وَسَقْيٍ أَيْ لَيْسَتْ بِفَضَلَاتٍ بَلْ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَمَنِّهِ أَوْ لَيْسَتْ مَضَرَّةً بَلْ شِفَاءً كَالْمَنِّ النَّازِلِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هذا حديث حسن) وأخرجه بن ماجة والطبري من طريق بن الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَثُرَتِ الْكَمْأَةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَامْتَنَعَ قَوْمٌ مِنْ أَكْلِهَا وَقَالُوا هِيَ جُدَرِيُّ الْأَرْضِ فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ الْكَمْأَةَ لَيْسَتْ مِنْ جُدَرِيِّ الْأَرْضِ لَا إِنَّ الْكَمْأَةَ مِنَ الْمَنِّ كَذَا فِي الْفَتْحِ.

     قَوْلُهُ 

رقم الحديث 2069 [269] ( حُدِّثْتُ) بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْحَدِيثِ فِيهِ انْقِطَاعٌ ( أَخَذْتُ ثَلَاثَةَ أَكْمُؤٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمِّ مِيمٍ فَهَمْزٍ أَيْ ثَلَاثَةَ أَشْخُصٍ مِنْهَا ( أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْأَلِفِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَوَقَعَ فِي النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ أَوْ خَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ بِغَيْرِ الْأَلِفِ وَلَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهٌ إِلَّا بِالتَّكَلُّفِ فَتَفَكَّرْ ( فَعَصَرْتُهُنَّ) أَيْ فِي وِعَاءٍ ( فَبَرَأَتْ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَيُكْسَرُ أَيْ شُفِيَتْ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا مَوْقُوفٌ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ

رقم الحديث 2070 [27] ( الشُّونِيزُ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا زَايٌ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ قَيَّدَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا الشِّينَ بِالْفَتْحِ وحكى عياض عن بن الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ كَسَرَهَا فَأَبْدَلَ الْوَاوَ يَاءً فَقَالَ الشَّيْنِيزُ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ الشينيز والشونوز والشونيز وَالشَّهْنِيزُ الْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ أَوْ فَارِسِيُّ الْأَصْلِ انْتَهَى وَيُقَالُ لَهُ بِالْهِنْدِيَّةِ كلونحي ( دَوَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ) قِيلَ أَيْ مِنْ كُلِّ دَاءٍ مِنَ الرُّطُوبَةِ وَالْبَلْغَمِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حَارٌّ يَابِسٌ فَيَنْفَعُ فِي الْأَمْرَاضِ الَّتِي تُقَابِلُهُ فَهُوَ مِنَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ وَقِيلَ هُوَ عَلَى عُمُومِهِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي كُلِّ دَاءٍ بِالتَّرْكِيبِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَعْيِينِ الْعُمُومِ الِاسْتِثْنَاءُ بِقَوْلِهِ ( إِلَّا السَّامَ) بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ أَلِفٍ وَمِيمٍ مُخَفَّفَةٍ أَيِ الْمَوْتَ فَإِنَّهُ لَا دَوَاءَ لَهُ وَهَذَا أَيْضًا مَوْقُوفٌ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ ( قَالَ قَتَادَةُ) أَيْ فِي كَيْفِيَّةِ اسْتِعْمَالِ الشُّونِيزِ ( فَيَنْقَعُهُ) أَيْ فَيُلْقِيهِ فِي الْمَاءِ لِيَبْتَلَّ ( فَيَسْتَعِطُ بِهِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ سَعَطَهُ الدَّوَاءَ كَمَنَعَهُ وَنَصَرَهُ وَأَسْعَطَهُ إِيَّاهُ سَعْطَةً وَاحِدَةً وَإِسْعَاطَةً وَاحِدَةً أَدْخَلَهُ فِي أَنْفِهِ فَاسْتَعَطَ انْتَهَى ( فِي مَنْخَرِهِ الْأَيْمَنِ) فِي الْقَامُوسِ الْمَنْخَرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْخَاءِ وَبِكَسْرِهِمَا وَضَمِّهِمَا وَكَمَجْلِسٍ ثُقْبُ الْأَنْفِ ( وَالثَّانِي) أَيْ وَالْيَوْمُ الثَّانِي ( وَالثَّالِثُ) أَيِ الْيَوْمُ الثَّالِثُ وَقَوْلُ قَتَادَةَ هَذَا لَيْسَ مِنْ مُجَرَّدِ رَأْيِهِ بَلْ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ وَذَكَرْنَا لَفْظَهُ هُنَاكَ.

     قَوْلُهُ 

رقم الحديث 2071 [271] ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ إِلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ بِإِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ مَعَ شَرْحِهِ فِي بَابِ كَرَاهِيَةِ مَهْرِ الْبَغْيِ مِنْ أَبْوَابِ النِّكَاحِ وَفِي بَابِ ثَمَنِ الْكَلْبِ مِنْ أَبْوَابِ الْبُيُوعِ 4 - ( بَاب ما جاء في كراهية التعليق) قوله