فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في الصلاة على الدابة حيث ما توجهت به

رقم الحديث 2533 [2533] ق وله ( أَخْبَرَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ والمد واسم أبيه معد يكرب الْكِنْدِيُّ يُكَنَّى أَبَا الْقَاسِمِ كُوفِيٌّ صَدُوقٌ مِنَ الْعَاشِرَةِ ( أَخْبَرَنَا عَبِيدَةُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِلِأَنْهَارٍ وَهِيَ أَنْهَارُ الْمَاءِ وَاللَّبَنِ وَالْخَمْرِ وَالْعَسَلِ المذكورة في القرآن وفيها أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ( وَمِنْ فَوْقِهَا يَكُونُ الْعَرْشُ) يَدُلُّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْفِرْدَوْسَ فَوْقَ جَمِيعِ الْجِنَانِ وَلِذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْلِيمًا لِلْأُمَّةِ وَتَعْظِيمًا لِلْهِمَّةِ ( فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَسَلُوهُ بِالتَّخْفِيفِ وَحَدِيثُ عُبَادَةَ هَذَا أخرجه أحمد وبن أَبِي شَيْبَةَ وَالْحَاكِمُ

رقم الحديث 2535 [2535] .

     قَوْلُهُ  ( إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ) أَيْ جَمَاعَةٍ وَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ( عَلَى مِثْلِ ضَوْءِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ) أَيْ وجوههم على مثل ضوءالقمر لَيْلَةَ الْبَدْرِ ( وَالزُّمْرَةُ الثَّانِيَةُ) وَهُمُ الْأَوْلِيَاءُ وَالصُّلَحَاءُ عَلَى اخْتِلَافِ مَرَاتِبِهِمْ فِي الضِّيَاءِ عَلَى كُلِّ زَوْجَةٍ سَبْعُونَ حُلَّةً بِضَمِّ حَاءٍ وَتَشْدِيدِ لَامٍ وَلَا تُطْلَقُ غَالِبًا إِلَّا عَلَى ثَوْبَيْنِ ( يَرَى) أَيْ يُبْصِرُ ( مُخَّ سَاقِهَا) أَيْ مُخَّ عِظَامِ سَاقِ كُلِّ زَوْجَةٍ ( مِنْ وَرَائِهَا) أَيْ مِنْ فَوْقِ حُلَلِهَا السَّبْعِينَ لِكَمَالِ لَطَافَةِ أَعْضَائِهَاوثيابها قال القارىء وَالتَّوْفِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَبَرِ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ من له اثنتان وَسَبْعُونَ زَوْجَةً وَثَمَانُونَ أَلْفَ خَادِمٍ بِأَنْ يُقَالَ يَكُونُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ مَوْصُوفَتَانِ بِأَنْ يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَائِهَا وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنْ يَحْصُلَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ كَثِيرٌ مِنَ الْحُورِ العين الغير البالغة إلى هذه الغلية كذا قيل والأظهر أنه تكون لكل زَوْجَتَانِ مِنْ نِسَاءِ الدُّنْيَا وَأَنَّ أَدْنَى أَهْلِ الجنة من له اثنتان وَسَبْعُونَ زَوْجَةً فِي الْجُمْلَةِ يَعْنِي ثِنْتَيْنِ مِنْ نِسَاءِ الدُّنْيَا وَسَبْعِينَ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ انْتَهَى وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ .

     قَوْلُهُ  وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ أَيْ مِنْ نِسَاءِ الدُّنْيَا فَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا فِي صِفَةِ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً وَأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً سِوَى أَزْوَاجِهِ مِنَ الدُّنْيَا وَفِي سَنَدِهِ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ وَفِيهِ مَقَالٌ وَلِأَبِي يَعْلَى فِي حَدِيثِ الصُّورِ الطَّوِيلِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثِ مَرْفُوعٍ فَيَدْخُلُ الرَّجُلُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِمَّا يُنْشِئُ اللَّهُ وَزَوْجَتَيْنِ مِنْ وَلَدِ آدَمَ قَالَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ أَقَلَّ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ وَقَدْ أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِاحْتِمَالِ أن تكون التثنية تطيرا لِقَوْلِهِ جَنَّتَانِ وَعَيْنَانِ وَنَحْوَ ذَلِكَ أَوِ الْمُرَادُ تَثْنِيَةُ التَّكْثِيرِ وَالتَّعْظِيمِ نَحْو لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ انْتَهَى مُلَخَّصًا قُلْتُ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الْجَنَّةَ صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ الْحَدِيثَ وفيه ولكل وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ وَفِيهِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ زَوْجَتَانِ أَيْ مِنْ نِسَاءِ الدُّنْيَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَإِنَّ الرِّوَايَاتِ يُفَسِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ أَقَلَّ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ .

     قَوْلُهُ  ( عَلَى لَوْنِ أَحْسَنِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ الشَّدِيدُالْإِنَارَةِ كَأَنَّهُ نُسِبَ إِلَى الدُّرِّ تَشْبِيهًا بِهِ لصفاته وَقَالَ الْفَرَّاءُ هُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ الْعَظِيمُ الْمِقْدَارِ وَقِيلَ هُوَ أَحَدُ الْكَوَاكِبِ الْخَمْسَةِ السَّيَّارَةِ انْتَهَى ( يَبْدُو) أَيْ يَظْهَرُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ ( بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ جِمَاعِ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

رقم الحديث 2536 [2536] .

     قَوْلُهُ  ( يُعْطَى الْمُؤْمِنُ فِي الْجَنَّةِ قُوَّةَ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْجِمَاعِ) قَالَ فِي اللُّمَعَاتِ أَيْ قُوَّةَ جِمَاعِ كَذَا وَكَذَا مِنَ النِّسَاءِ فَكَذَا وَكَذَا كِنَايَةٌ عَنْ عَدَدِ النِّسَاءِ كَعِشْرِينَ وَثَلَاثِينَ مَثَلًا فَافْهَمْ انْتَهَى وَقِيلَ كِنَايَةٌ عَنْ مَرَّاتِ الْجِمَاعِ كَعِشْرِينَ مَرَّةً أَوْ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ أَوْ مِائَةً وَنَحْوِهَا ( أو يطيق ذَلِكَ) بِفَتْحِ الْوَاوِ أَيْ يُعْطَى تِلْكَ الْقُوَّةَ وَيَسْتَطِيعُ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ وَالْإِشَارَةُ إِلَى مَضْمُونِ قَوْلِهِ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْجِمَاعِ ( يُعْطَى قُوَّةَ مِائَةٍ) أَيْ مِائَةِ رَجُلٍ وَالْمَعْنَى فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ يُطِيقُ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ) قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ تَزْعُمُ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ قَالَ نَعَمْ وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيُعْطَى قُوَّةَ مِائَةِ رَجُلٍ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ قَالَ فَإِنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُتَكُونُ لَهُ الْحَاجَةُ وَلَيْسَ فِي الْجَنَّةِ أَذًى قال تَكُونُ حَاجَةُ أَحَدِهِمْ رَشْحًا يُفِيضُ مِنْ جُلُودِهِمْ كَرَشْحِ الْمِسْكِ فَيُضْمِرُ بَطْنَهُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَرُوَاتُهُ مُحْتَجٌّ بِهِمْ فِي الصَّحِيحِ قال ورواه بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ ثُمَّ ذَكَرَ لَفْظَهُمَا قوله ( هذا حديث صحيح غريب) وأخرجه بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ ( بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

رقم الحديث 2537 [2537] .

     قَوْلُهُ  ( تَلِجُ الْجَنَّةَ) مِنَ الْوُلُوجِ أَيْ تَدْخُلُ ( صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ) أي فِي الْإِضَاءَةِ ( لَا يَبْصُقُونَ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْبُصَاقُ كَغُرَابٍ وَالْبِسَاقُ وَالْبُزَاقُ مَاءُ الْفَمِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ وَمَا دَامَ فِيهِ فَهُوَ رِيقٌ وَبَصَقَ بَزَقَ انْتَهَى ( وَلَا يَمْتَخِطُونَ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا يَتَمَخَّطُونَ أَيْ لَيْسَ فِي أَنْفِهِمْ مِنَ الْمِيَاهِ الزَّائِدَةِ وَالْمَوَادِّ الْفَاسِدَةِ لِيَحْتَاجُوا إِلَى إِخْرَاجِهَا وَلِأَنَّ الْجَنَّةَ مَسَاكِنُ طَيِّبَةٌ لِلطَّيِّبِينَ فَلَا يُلَائِمُهَا الْأَدْنَاسُ وَالْأَنْجَاسُ قَالَ بن الْجَوْزِيِّ لَمَّا كَانَتْ أَغْذِيَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي غَايَةِ اللَّطَافَةِ وَالِاعْتِدَالِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَذًى وَلَا فَضْلَةٌ تُسْتَقْذَرُ بَلْ يَتَوَلَّدُ عَنْ تِلْكَ الْأَغْذِيَةِ أَطْيَبُ رِيحٍ وَأَحْسَنُهُ ( آنِيَتُهُمْ فِيهَا مِنَ الذَّهَبِ وَأَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ آنِيَتُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَأَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ قَالَ الْحَافِظُ وَكَأَنَّهُ اكْتَفَى فِي الْمَوْضِعَيْنِ ذكر أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الصِّنْفَانِ لِكُلٍّ مِنْهُمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ لِبَعْضِهِمْ وَالْآخَرُ لِلْبَعْضِ الْآخَرِوَيُؤَيِّدُ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا جَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةِ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ دَرَجَةً لَمَنْ يَقُومُ عَلَى رَأْسِهِ عَشَرَةُ آلَافِ خَادِمٍ بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ صَحْفَتَانِ وَاحِدَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَالْأُخْرَى مِنْ فِضَّةٍ الْحَدِيثَ انْتَهَى وَالْأَمْشَاطُ جَمْعُ مُشْطٍ بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ وَالْأَفْصَحُ ضَمُّهَا آلَةٌ يُمْتَشَطُ بِهَا ( وَمَجَامِرُهُمْ مِنَ الْأَلُوَّةِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْمَجَامِرُ جَمْعُ مِجْمَرٍ وَمُجْمَرٍ فَالْمِجْمَرُ بِكَسْرِ الْمِيمِ هُوَ الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ النَّارُ لِلْبَخُورِ وَالْمُجْمَرُ بِالضَّمِّ الَّذِي يُتَبَخَّرُ بِهِ وَأُعِدَّ لَهُ الْجَمْرُ وَهُوَ الْمُرَادُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْ إِنَّ بَخُورَهُمْ بِالْأَلُوَّةِ وَهُوَ الْعُودُ انْتَهَى وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَوَقُودُ مَجَامِرِهِمُ الْأَلُوَّةُ فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمَجَامِرُ جَمْعُ مِجْمَرٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ مَا يُوقَدُ بِهِ مَبَاخِرُهُمْ الْأَلُوَّةُ وَهِيَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا وَبِضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَحَكَى بن التِّينِ كَسْرَ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفَ الْوَاوِ وَالْهَمْزَةُ أَصْلِيَّةٌ وَقِيلَ زَائِدَةٌ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ الْعُودُ الْهِنْدِيُّ وَقَدْ يُقَالُ إِنَّ رَائِحَةَ الْعُودِ إِنَّمَا تَفُوحُ بِوَضْعِهِ فِي النَّارِ وَالْجَنَّةُ لَا نَارَ فِيهَا وَيُجْلَبُ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَشْتَعِلَ بِغَيْرِ نَارٍ بَلْ بِقَوْلِهِ كُنْ وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ مِجْمَرَةً بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ فِي الْأَصْلِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَشْتَعِلَ بِنَارٍ لَا ضَرَرَ فِيهَا وَلَا إِحْرَاقَ أَوْ يَفُوحَ بِغَيْرِ اشْتِعَالٍ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ قَدْ يُقَالُ أَيُّ حَاجَةٍ لَهُمْ إِلَى الْمُشْطِ وَهُمْ مُرْدٌ وَشُعُورُهُمْ لَا تَتَّسِخُ وَأَيُّ حَاجَةٍ لَهُمْ إِلَى الْبَخُورِ وَرِيحُهُمْ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ قَالَ وَيُجَابُ بِأَنَّ نَعِيمَ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَكِسْوَةٍ وَطِيبٍ لَيْسَ عَنْ أَلَمِ جُوعٍ أَوْ ظَمَأٍ أَوْ عُرْيٍ أَوْ نَتْنٍ وَإِنَّمَا هِيَ لَذَّاتٌ مُتَتَالِيَةٌ وَنِعَمٌ مُتَوَالِيَةٌ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ يُنَعَّمُونَ بِنَوْعِ مَا كَانُوا يَتَنَعَّمُونَ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ تَنَعُّمَ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَلَى هَيْئَةِ تَنَعُّمِ أَهْلِ الدُّنْيَا إِلَّا مَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّفَاضُلِ فِي اللَّذَّةِ وَدَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى أَنَّ نَعِيمَهُمْ لَا انْقِطَاعَ لَهُ كَذَا فِي الْفَتْحِ ( وَرَشْحُهُمْ) أي عرفهم ( الْمِسْكُ) أَيْ رَائِحَةُ الْمِسْكِ وَالْمَعْنَى رَائِحَةُ عَرَقِهِمْ رَائِحَةُ الْمِسْكِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ ( وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَلِكُلِّ امْرِئٍ زَوْجَتَانِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ قَالَ الطِّيبِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ التَّثْنِيَةَ لِلتَّكْرِيرِ لَا لِلتَّحْدِيدِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فارجع البصر كرتين لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ أَنَّ لِلْوَاحِدِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْعَدَدَ الْكَثِيرَ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي هَذَا فِي بَابِ صِفَةِ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ( مِنَ الْحُسْنِ) قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ هُوَ تَتْمِيمٌ صَوْنًا مِنْ تَوَهُّمِ الْبَشَرَةِ وَنُعُومَةُ الْأَعْضَاءِ ( لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ وَلَا تباغض) قال تعالى ونزعنا مَا يُتَصَوَّرُ فِي تِلْكَ الرُّؤْيَةِ مِمَّا يَنْفِرُ عَنْهُ الطَّبْعُ وَالْحُسْنُهُوَ الصَّفَاءُ وَرِقَّةُ الْبَشَرَةِ وَنُعُومَةُ الْأَعْضَاءِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَبَاغُضَ قَالَ تَعَالَى وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سرر متقابلين ( قُلُوبُهُمْ قَلْبُ رَجُلٍ وَاحِدٍ) أَيْ فِي الِاتِّفَاقِ وَالْمَحَبَّةِ ( يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا) قَالَ الْحَافِظُ أَيْ قَدْرَهُمَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا التَّسْبِيحُ لَيْسَ عَنْ تَكْلِيفٍ وَإِلْزَامٍ وَقَدْ فَسَّرَهُ جَابِرٌ فِي حَدِيثِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِقَوْلِهِ يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّكْبِيرَ كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَسَ وَوَجْهُ التَّشْبِيهِ أَنَّ تَنَفُّسَ الْإِنْسَانِ لَا كُلْفَةَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ فَجُعِلَ تَنَفُّسُهُمْ تَسْبِيحًا وَسَبَبُهُ أَنَّ قُلُوبَهُمْ تَنَوَّرَتْ بِمَعْرِفَةِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَامْتَلَأَتْ بِحُبِّهِ وَمَنْ أَحَبَّ شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِهِ وَقَدْ وَقَعَ فِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ أَنَّ تَحْتَ الْعَرْشِ سِتَارَةٌ مُعَلَّقَةٌ فِيهِ ثُمَّ تُطْوَى فَإِذَا نُشِرَتْ كَانَتْ عَلَامَةَ الْبُكُورِ وَإِذَا طُوِيَتْ كَانَتْ عَلَامَةَ الْعَشِيِّ انْتَهَى وَقَالَ الطِّيبِيُّ يُرَادُ بِهِمَا الدَّيْمُومَةُ كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ أَنَا عِنْدَ فُلَانٍ صَبَاحًا وَمَسَاءً لَا يَقْصِدُ الْوَقْتَيْنِ الْمَعْلُومَيْنِ بَلِ الدَّيْمُومَةَ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ

رقم الحديث 2538 [2538] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ) الزُّهْرِيِّ الْمَدَنِيِّ ثِقَةٌ مِنَ السَّادِسَةِ ( عَنْ أَبِيهِ) أَيْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيِّ الْمَدَنِيِّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ ( عَنْ جَدِّهِ) أَيْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ .

     قَوْلُهُ  ( لَوْ أَنَّ مَا يُقِلُّ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ يَحْمِلُهُ ( ظُفُرٌ) بِضَمَّتَيْنِ وَيُسَكَّنُ الثَّانِي قَالَ الطِّيبِيُّ مَا مَوْصُولَةٌ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيْ مَا يُقِلُّهُ وَقَالَ الْقَاضِي أَيْ قَدْرُ مَا يَسْتَقِلُّ بِحَمْلِهِ ظُفُرٌ وَيُحْمَلُ عَلَيْهَا ( مِمَّا فِي الْجَنَّةِ) أَيْ مِنْ نَعِيمِهَا ( بَدَا) أَيْ ظَهَرَ فِي الدُّنْيَا لِلنَّاظِرِينَ ( لَتَزَخْرَفَتْ) أَيْ تَزَيَّنَتْ ( لَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْمِقْدَارِ وَسَبَبِهِ ( مَا بَيْنَ خَوَافِقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) قَالَ الْقَاضِي الْخَوَافِقُ جَمْعُ خَافِقَةٍ وَهِيَ الْجَانِبُ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ الْجَوَانِبُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهَا الرِّيَاحُ مِنَ الْخَفَقَانِ وَيُقَالُ الْخَافِقَانِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ قَالَ الطِّيبِيُّ وَتَأْنِيثُ الْفِعْلِ لِأَنَّ مَا بَيْنَ بِمَعْنَى الْأَمَاكِنِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَضَاءَتْ مَا حوله فِي وَجْهٍ ( اطَّلَعَ) بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ أَيْ أَشْرَفَ علىالأصل الجوانب التي أَهْلِ الدُّنْيَا ( فَبَدَا) أَيْ ظَهَرَ ( أَسَاوِرُهُ) جَمْعُ أَسْوِرَةٍ جَمْعِ سِوَارٍ وَالْمُرَادُ بَعْضُ أَسَاوِرِهِ فَفِي التَّرْغِيبِ فَبَدَا سِوَارُهُ ( لَطَمَسَ) أَيْ مَحَا ضَوْءُ أَسَاوِرِهِ ( ضَوْءَ الشَّمْسِ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  ( هذا حديث غريب) وأخرجه بن أَبِي الدُّنْيَا .

     قَوْلُهُ  ( وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ) هُوَ الْغَافِقِيُّ ( عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ) الْمَدَنِيِّ نَزِيلِ الْكُوفَةِ صَدُوقٌ لَكِنْ مَقَتَهُ النَّاسُ لِكَوْنِهِ كَانَ أَمِيرًا عَلَى الْجَيْشِ الَّذِينَ قَتَلُوا الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ مِنَ الثَّانِيَةِ قَتَلَهُ الْمُخْتَارُ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ أَوْ بَعْدَهَا وَوَهِمَ مَنْ ذَكَرَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ فَقَدْ جزم بن مَعِينٍ بِأَنَّهُ وُلِدَ يَوْمَ مَاتَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ ( عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَهَذَا المرسل ( بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ ثِيَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ)

رقم الحديث 2539 [2539] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ أَبِيهِ) أَيْ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ سَنْبَرَ كُنْيَتُهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَصْرِيُّ الدَّسْتُوَائِيُّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ وَقَدْ رُمِيَ بِالْقَدَرِ مِنْ كِبَارِ السَّابِعَةِ ( عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ عَامِرُ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْأَحْوَلُ البصري صدوق يخطىء مِنَ السَّادِسَةِ وَهُوَ عَامِرٌ الْأَحْوَلُ الَّذِي يَرْوِي عَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو الْمُزَنِيِّ وَالصَّحَابِيِّ انْتَهَى.

     قَوْلُهُ  ( أَهْلُ الْجَنَّةِ جُرْدٌ) بِضَمِّ جِيمٍ وَسُكُونِ رَاءٍ جَمْعِ أَجْرَدَ وَهُوَ الَّذِي لَا شَعْرَ عَلَى جَسَدِهِ وَضِدُّهُ الْأَشْعَرُ ( مُرْدٌ) جَمْعُ أَمْرَدَ وَهُوَ غُلَامٌ لَا شَعْرَ عَلَى ذَقَنِهِ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ الْحُسْنُ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ ( كَحْلَى) بِفَتْحِ الْكَافِ فَعْلَى بِمَعْنَى فَعِيلٍ أَيْ مَكْحُولٌ وَهُوَ عَيْنٌ فِي أَجْفَانِهَا سَوَادٌ خِلْقَةً كَذَا قِيلَ.

     وَقَالَ  فِي النِّهَايَةِ الْكَحَلُ بِفَتْحَتَيْنِ سَوَادٌ فِي أَجْفَانِ الْعَيْنِ خِلْقَةً وَالرَّجُلُ أَكْحَلُ وَكَحِيلٌ وَكَحْلَى جَمْعُ كَحِيلٍ ( لَا يَفْنَى شَبَابُهُمْ) بَلْ كل منهم في سن بن ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ دَائِمًا ( وَلَا تَبْلَى ثِيَابُهُمْ) أَيْ لَا يَلْحَقُهَا الْبِلَى أَوْ لَا يَزَالُ عَلَيْهِمُ الثِّيَابُ الْجُدُدُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ

رقم الحديث 2540 [254] .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( ارْتِفَاعُهَا) أَيِ ارْتِفَاعُ فُرُشِ الْجَنَّةِ وَقِيلَ ارْتِفَاعُ الدَّرَجَةِ الَّتِي فُرِشَتْ لِلْفُرُشِ الْمَرْفُوعَةِ فِيهَا وَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ لَكَمَا بَيْنَ السماء والأرض ( مسيرة خمسمائة عام) بدل من ما قَبْلَهُ أَوْ بَيَانٌ لَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ ارْتِفَاعَ الْفُرُشِ الْمَفْرُوشَةِ فِي الْجَنَّةِ مِثْلُ مَسَافَةِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَيْ مَسَافَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْوَاقِعَةِ وَلَفْظُهُ ارْتِفَاعُهَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَمَسِيرَةُ مَا بَيْنَهُمَا خَمْسُمِائَةِ عَامٍ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ أَيِ ارْتِفَاعُ الْفُرُشِ الْمَفْرُوشَةِ فِي الْجَنَّةِ مِثْلُ مَسِيرَةِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَمَسِيرَةُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ فَارْتِفَاعُ الْفُرُشِ الْمَفْرُوشَةِ فِي الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ فَمَعْنَى اللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا وَاللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي التَّفْسِيرِ وَاحِدٌ ( هَذَا حديث غريب) وأخرجه أحمد والنسائي وبن أبي الدنيا قال المنذري ورواه بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ بن وَهْبٍ أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ دَرَّاجٍ انْتَهَى ( وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ 21 فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنَاهُ أَنَّ الْفُرُشَ فِيالدَّرَجَاتِ وَبَيْنَ الدَّرَجَاتِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) هَذَا الْمَعْنَى مُوَافِقٌ لِلْمَعْنَى الثَّانِي الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَيِ ارْتِفَاعُ الدَّرَجَةِ الَّتِي فُرِشَتِ الْفُرُشُ الْمَرْفُوعَةُ فِيهَا وَقَالَ التُّورْبَشْتِيُّ قَوْلُ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ مِنْهُ ارْتِفَاعُ الْفُرُشِ الْمَرْفُوعَةِ فِي الدَّرَجَاتِ وَمَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ مِنَ الدَّرَجَاتِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ هَذَا الْقَوْلُ أَوْثَقُ وَذَلِكَ لِمَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّ لِلْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ انْتَهَى ( بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ ثِمَارِ الجنة)

رقم الحديث 2541 [2541] قوله ( عن يحيى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ) بْنِ الْعَوَّامِ الْمَدَنِيِّ ثِقَةٌ مِنَ الْخَامِسَةِ ( عَنْ أَبِيهِ) أَيْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ كَانَ قَاضِيَ مَكَّةَ زَمَنَ أَبِيهِ وَخَلِيفَتَهُ إِذَا حَجَّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  ( وَذَكَرَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى) قِيلَ هِيَ شَجَرَةُ نَبْقٍ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ ثَمَرُهَا كَقِلَالِ هَجَرَ وَوَقَعَ ذِكْرُ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى فِي حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ ثُمَّ رُفِعْتُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى فَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيلَةِ قَالَ الْحَافِظُ وَقَعَ بَيَانُ سَبَبِ تَسْمِيَتِهَا سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى فِي حديث بن مَسْعُودٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَلَفْظُهُ لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ انْتَهَى بِي إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَهِيَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ وَإِلَيْهَا يُنْتَهَى مَا يَعْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ فَيُقْبَضُ مِنْهَا وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يَهْبِطُ فَيُقْبَضُ مِنْهَا وَقَالَ النَّوَوِيُّ سُمِّيَتْ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى لِأَنَّ عِلْمَ الْمَلَائِكَةِ يَنْتَهِي إِلَيْهَا وَلَمْ يُجَاوِزْهَا أَحَدٌ إِلَّا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى ( قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يَسِيرُ الرَّاكِبُ) أَيِ الْمُجِدُّ ( فِي ظِلِّ الْفَنَنِ) مُحَرَّكَةً أَيِ الْغُصْنُ وَجَمْعُهُ الْأَفْنَانُ وَمِنْهُ قوله تعالى ذواتا أفنان وَيُقَالُ ذَلِكَ لِلنَّوْعِ وَجَمْعُهُ فُنُونٌ كَذَا حَقَّقَهُ الرَّاغِبُ ( مِنْهَا) أَيْ مِنَ السِّدْرَةِ أَوْ يَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا مِائَةُ رَاكِبٍ أَوْ لِلشَّكِّ شَكَّ يَحْيَى أي بن عَبَّادٍ الْمَذْكُورُ فِي السَّنَدِ فِيهَا أَيْ فِي سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَالْمَعْنَى فِيمَا بَيْنَ أَغْصَانِهَا أَوْ عَلَيْهَا بِمَعْنَى فَوْقَهَا مِمَّا يَغْشَاهَا ( فَرَاشُ الذَّهَبِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ جَمْعُ فَرَاشَةٍ وَهِيَ الَّتِي تَطِيرُ وَتَتَهَافَتُ فِي السِّرَاجِ قِيلَ هَذَا تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تعالى إذ يغشى السدرة ما يغشى ومنه أخذ بن مسعود( شك يحيى) أي بن عباد المذكور في السند حَيْثُ فَسَّرَ مَا يَغْشَى بِقَوْلِهِ يَغْشَاهَا فَرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ وَذِكْرُ الْفَرَاشِ وَقَعَ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الشَّجَرِ أَنْ يَسْقُطَ عَلَيْهَا الْجَرَادُ وَشِبْهُهُ وَجَعَلَهَا مِنَ الذَّهَبِ لِصَفَاءِ لَوْنِهَا وَإِضَاءَتِهَا فِي نَفْسِهَا انْتَهَى قَالَ الْحَافِظُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الذَّهَبِ حَقِيقَةً وَيُخْلَقُ فِيهِ الطَّيَرَانُ وَالْقُدْرَةُ صَالِحَةٌ لِذَلِكَ انْتَهَى ( كَأَنَّ ثَمَرَهَا الْقِلَالُ) بِكَسْرِ الْقَافِ جَمْعُ الْقُلَّةِ أَيْ قِلَالُ هَجَرَ فِي الْكِبَرِ - ( بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ طَيْرِ الْجَنَّةِ)

رقم الحديث 2542 [2542] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ) بْنِ قَعْنَبٍ الْقَعْنَبِيُّ الْحَارِثِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَصْرِيُّ أَصْلُهُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَسَكَنَهَا مُدَّةً ثِقَةٌ عَابِدٌ مِنْ صِغَارِ التَّاسِعَةِ ( عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ) بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شهاب الزهري المدني بن أَخِي الزُّهْرِيِّ صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ مِنَ السَّادِسَةِ ( عَنْ أَبِيهِ) أَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ الزُّهْرِيِّ الْمَدَنِيِّ كُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ أَخُو الزُّهْرِيِّ الْإِمَامُ ثِقَةٌ من الثالثة مات قبل أخيه قوله ( ذلك نَهْرٌ أَعْطَانِيهِ اللَّهُ) وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ عَنْ أَنَسٍ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ غَفَا إِغْفَاءَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا فَقُلْنَا مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَزَلَتْ عَلَيَّ سُورَةٌ فَقَرَأَبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ إِلَى آخِرِهَا ثُمَّ قَالَ أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْحَدِيثَ ( يَعْنِي فِي الْجَنَّةِ) هَذَا قَوْلُ الرَّاوِي وَرَوَى الْحَاكِمُ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا الْكَوْثَرُ نَهْرٌ أَعْطَانِيهِ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ تُرَابُهُ مِسْكٌ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ الْحَدِيثَ ( فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ النَّهْرِ أَوْ فِي أَطْرَافِهِ ( طَيْرٌ أَعْنَاقُهَا كَأَعْنَاقِ الْجُزُرِ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَالزَّايِ جَمْعُ جَزُورٍ وَهُوَ الْبَعِيرُ ( إِنَّ هَذِهِ) أَيِ الطَّيْرَ فَإِنَّهُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ ( لَنَاعِمَةٌ) أَيْ سِمَانٌ مُتْرَفَةٌ كَذَا فِي النِّهَايَةِ ( أَكَلَتُهَا) ضُبِطَ فِي النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْكَافِ وَاللَّامِ وَبِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْكَافِ فَعَلَى الْأَوَّلِ جَمْعُ آكِلٍ اسْمُ فَاعِلٍ كَطَلَبَةٍ جَمْعِ طَالِبٍ وَالْمَعْنَى مَنْ يَأْكُلُهَا وَعَلَى الثَّانِي مُؤَنَّثُ أَكْلٍ وَصِيغَةُ الْوَاحِدِ الْمُؤَنَّثِ قَدْ تُسْتَعْمَلُ لِلْجَمَاعَةِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَلَفْظُهُ إِنَّ طَيْرَ الْجَنَّةِ كَأَمْثَالِ الْبُخْتِ تَرْعَى فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الطَّيْرَ نَاعِمَةٌ فَقَالَ أَكْلَتُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا قَالَهَا ثَلَاثًا وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَأْكُلُ مِنْهَا كَذَا فِي التَّرْغِيبِ 1 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي صِفَةِ خَيْلِ الْجَنَّةِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْخَيْلُ جَمَاعَةُ الْأَفْرَاسِ لَا وَاحِدَ لَهُ أَوْ وَاحِدُهُ خَائِلٌ لِأَنَّهُ يَخْتَالُ انْتَهَى

رقم الحديث 2543 [2543] .

     قَوْلُهُ  (أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيِّ) بْنِ عَاصِمِ بْنِ صُهَيْبٍ الْوَاسِطِيُّ أَوِ الْحَسَنُ التَّيْمِيُّ مَوْلَاهُمْ صَدُوقٌ رُبَّمَا وَهِمَ مِنَ التَّاسِعَةِ (عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ) بْنِ الْحُصَيْبِ الْأَسْلَمِيُّ الْمَرْوَزِيِّ قَاضِيهَا ثِقَةٌ مِنَ الثالثة.

     قَوْلُهُ  (إِنِ اللَّهُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ عَلَى أَنَّ إِنْ شَرْطِيَّةٌ ثُمَّ كُسِرَ لِلِالْتِقَاءِ قَالَ الطِّيبِيُّ اللَّهُ مَرْفُوعٌ بِفِعْلٍ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ (أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ) وَلَا يَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى الِابْتِدَاءِ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ حَرْفِ الشَّرْطِ وَقَولُهُ (فَلَا تَشَاءُ أَنْ تُحْمَلَ فِيهَا) جَوَابٌ لِلشَّرْطِ أَيْ فَلَا تَشَاءُ الْحَمْلَ فِي الْجَنَّةِ (عَلَى فَرَسٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ تَطِيرُ) بِصِيغَةِ الْمُؤَنَّثِ وَالضَّمِيرُ يَرْجِعُ إِلَى فَرَسٍ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْفَرَسُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (حَيْثُ شِئْتَ) أَيْ طَيَرَانَهُ بِكَ (إِلَّا فَعَلْتَ) لَا يُوجَدُ هَذَا اللَّفْظُ فِي بَعْضِ نُسَخِ التِّرْمِذِيِّ وَأَوْرَدَ صَاحِبُ الْمِشْكَاةِ هَذَا الْحَدِيثَ نَقْلًا عَنِ التِّرْمِذِيِّ مَعَ هَذَا اللفظ قال القارىء فِي شَرْحِ قَوْلِهِ إِلَّا فَعَلْتَ بِصِيغَةِ الْمُخَاطَبِ المذكر المعلوم والمعنى إن تشاء تَفْعَلْهُ وفِي نُسْخَةٍ يَعْنِي مِنَ الْمِشْكَاةِ عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ أَيْ حُمِلْتَ عَلَيْهَا وَرَكِبْتَ وَفِي أُخْرَى بِتَاءِ التَّأْنِيثِ السَّاكِنَةِ فَالضَّمِيرُ لِلْفَرَسِ أَيْ حَمَلَتْكَ قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ إن أدخلك الجنة الله فلا تشاء أَنْ تُحْمَلَ عَلَى فَرَسٍ كَذَلِكَ إِلَّا حُمِلْتَ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ مَا مِنْ شَيْءٍ تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ إِلَّا وَتَجِدُهُ فِي الْجَنَّةِ كَيْفَ شَاءَتْ حتى لو اشتهيت أَنْ تَرْكَبَ فَرَسًا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ لَوَجَدَتْهُ وتمكنته مِنْهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إِنْ أَدْخَلَكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ فَلَا تَشَاءُ أَنْ يَكُونَ لَكَ مَرْكَبٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ يَطِيرُ بِكَ حَيْثُ شِئْتَ وَلَا تَرْضَى بِهِ فَتَطْلُبَ فَرَسًا مِنْ جِنْسِ مَا تَجِدُهُ فِي الدُّنْيَا حَقِيقَةً وَصِفَةً وَالْمَعْنَى فَيَكُونُ لَكَ مِنَ الْمَرَاكِبِ مَا يُغْنِيكَ عَنِ الْفَرَسِ الْمَعْهُودِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهُوَ إِنْ أُدْخِلْتَ الْجَنَّةَ أُتِيتَ بِفَرَسٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ لَهُ جَنَاحَانِ فَحُمِلْتَ عَلَيْهِ وَلَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ الْفَرْقَ بَيْنَ مَرَاكِبِ الْجَنَّةِ وَمَرَاكِبِ الدُّنْيَا وَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّفَاوُتِ عَلَى التَّصْوِيرِ وَالتَّمْثِيلِ مَثَّلَ فَرَسَ الْجَنَّةِ فِي جَوْهَرِهِ بِمَا هُوَ عِنْدَنَا أَثْبَتُ الْجَوَاهِرِ وَأَدُومُهَا وُجُودًا وَأَنْصَعُهَا لَوْنًا وَأَصْفَاهَا جَوْهَرًا وَفِي شِدَّةِ حَرَكَتِهِ وَسُرْعَةِ انْتِقَالِهِ بِالطَّيْرِ وَأَكَّدَ ذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى بِقَوْلِهِ جَنَاحَانِ قَالَ الطِّيبِيُّ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ التُّورْبَشْتِيُّ وَتَقْدِيرُ قَوْلِهِ إِلَّا حُمِلْتَ يَقْتَضِي أَنْ يُرْوَى .

     قَوْلُهُ  إِلَّا فُعِلْتَ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ فَإِنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ أَيْ لَا تَكُونُ بِمَطْلُوبِكَ إِلَّا مُسْعَفًا وَإِذَا تُرِكَ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ كَانَ التَّقْدِيرُ فَلَا تَكُونُ بِمَطْلُوبِكَ إِلَّا فَائِزًا وَالْوَجْهُ الثَّانِي مِنَ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ قَرِيبٌ مِنْ أُسْلُوبِ الْحَكِيمِ فَإِنَّ الرَّجُلَ سَأَلَ عَنِ الْفَرَسِ الْمُتَعَارَفِ فِي الدُّنْيَا فَأَجَابَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا فِي الْجَنَّةِ أَيِ اتْرُكْ مَا طَلَبْتُهُ فَإِنَّكَمُسْتَغْنٍ عَنْهُ بِهَذَا الْمَرْكَبِ الْمَوْصُوفِ انْتَهَى (قَالَ) أَيْ بُرَيْدَةُ (فَلَمْ يَقُلْ لَهُ مَا قَالَ لِصَاحِبِهِ) أَيْ مِثْلَ مَقُولِهِ لِصَاحِبِهِ كَمَا سَبَقَ بَلْ أَجَابَهُ مُخْتَصَرًا فَقَالَ إِنْ يُدْخِلْكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ يَكُنْ لَكَ فِيهَا مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ) أَيْ وَجَدْتَ عَيْنَكَ لَذِيذَةً قَالَ فِي الْقَامُوسِ لَذَّهُ وَبِهِ لِذَاذًا وَلَذَاذَةً وَجَدَهُ لَذِيذًا انْتَهَى وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين .

     قَوْلُهُ  (هَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ الْمَسْعُودِيِّ) أَيْ حَدِيثِ سُفْيَانَ وَهُوَ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ مُتَّصِلًا وَهَذَا لِأَنَّ سُفْيَانَ أَوْثَقُ وَأَتْقَنُ مِنَ الْمَسْعُودِيِّ