فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في كراهية ما يصلى إليه وفيه

رقم الحديث 2304 [2304] قوله ( نعمتان) مبتدأ ( مغبون فيهما كثيرون من الناس) صفة له خَبَرُهُ ( الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ) أَيْ صِحَّةُ الْبَدَنِ وَفَرَاغُ الْخَاطِرِ بِحُصُولِ الْأَمْنِ وَوُصُولِ كِفَايَةِ الْأَمْنِيَّةِ وَالْمَعْنَى لَا يَعْرِفُ قَدْرَ هَاتَيْنِ النِّعْمَتَيْنِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ حَيْثُ لَا يَكْسِبُونَ فِيهِمَا مِنَ الْأَعْمَالِ كِفَايَةَ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي مَعَادِهِمْ فَيَنْدَمُونَ عَلَى تَضْيِيعِ أَعْمَارِهِمْ عِنْدَ زَوَالِهَا وَلَا يَنْفَعُهُمُ الندم قال تعالى ذلك يوم التغابن.

     وَقَالَ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ يَتَحَسَّرُ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَّا عَلَى سَاعَةٍ مَرَّتْ بِهِمْ وَلَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهَا وَفِي حَاشِيَةِ السُّيُوطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَتَفَرَّغُ لِلطَّاعَةِ إِلَّا إِذَا كَانَ مَكْفِيًّا صَحِيحَ الْبَدَنِ فَقَدْ يَكُونُ مُسْتَغْنِيًا وَلَا يَكُونُ صَحِيحًا وَقَدْ يَكُونُ صَحِيحًا وَلَا يَكُونُ مُسْتَغْنِيًا فَلَا يَكُونُ مُتَفَرِّغًا لِلْعِلْمِ وَالْعَمَلِ لِشَغْلِهِ بِالْكَسْبِ فَمَنْ حَصَلَ لَهُ الْأَمْرَانِ وَكَسِلَ عَنِ الطَّاعَةِ فَهُوَ الْمَغْبُونُ أَيِ الْخَاسِرُ فِي التِّجَارَةِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْغَبْنِ فِي الْبَيْعِ .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) هُوَ بُنْدَارٌ ( أخبرنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) هُوَ الْقَطَّانُ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ ثُمَّ قَالَ قَالَ بُنْدَارٌ بِمَا حَدَّثَ بِهِ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ وَلَمْ يَرْفَعْهُ كَذَا فِي الْفَتْحِ.

     قَوْلُهُ  ( وفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) لِيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وبن ماجة

رقم الحديث 2305 [235] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ) أَبُو مُحَمَّدٍ النُّمَيْرِيُّ بِضَمِّ النُّونِ ثِقَةٌ مِنَ الْعَاشِرَةِ ( عَنْ أَبِي طَارِقٍ) السَّعْدِيِّ الْبَصْرِيِّ مَجْهُولٌ مِنَ السَّابِعَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثَ مَنْ يَأْخُذُ عَنِّي هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ وَعَنْهُ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ انْتَهَى وَقَالَ فِي الْمِيزَانِ لَا يُعْرَفُ ( عَنِ الْحَسَنِ) هُوَ الْبَصْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  ( مَنْ يَأْخُذُ عَنِّي هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ) أَيِ الْأَحْكَامَ الْآتِيَةَ لِلسَّامِعِ الْمُصَوَّرَةَ فِي ذِهْنِ الْمُتَكَلِّمِ وَمَنْ لِلِاسْتِفْهَامِ ( فَيَعْمَلُ بِهِنَّ أَوْ يُعَلِّمُ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ) أَوْ فِي الْحَدِيثِ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى عُذْرًا أَوْ نذرا ذكره الطيبي قال القارىء وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَوْ فِي الْآيَةِ لِلتَّنْوِيعِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْبَيْضَاوِيُّ بِقَوْلِهِ عُذْرٌ لِلْمُحَقِّقِينَ أَوْ نَذْرٌ لِلْمُبْطِلِينَ وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ أَوْ فِي الْحَدِيثِ بِمَعْنَى بَلْ إِشَارَةً إِلَى التَّرَقِّي مِنْ مَرْتَبَةِ الْكَمَالِ إِلَى مِنَصَّةِ التَّكْمِيلِ عَلَى أَنَّ كَوْنَهَا لِلتَّنْوِيعِ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ وَتَنْبِيهٌ نَبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ حَمْلِهِ قَدْ يَكُونُ بَاعِثًا لِغَيْرِهِ عَلَى مِثْلِهِ كَقَوْلِهِ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ انْتَهَى ( قُلْتُ أَنَا) أَيِ آخُذُ عَنْكَ وَهَذِهِ مُبَايَعَةٌ خَاصَّةٌ وَنَظِيرُهُ مَا عَهِدَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ بِأَنَّهُ لَا يَسْأَلُ مَخْلُوقًا وَكَانَ إِذَا وَقَعَ سَوْطُهُ مِنْ يَدِهِ وَهُوَ رَاكِبٌ نَزَلَ وَأَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَعِينَ بِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ( فَأَخَذَ بِيَدِي) أَيْ لِعَدِّ الْكَلِمَاتِ الْخَمْسِ أَوْ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْخُذُ عِنْدَ التَّعْلِيمِ بِيَدِ مَنْ يُعَلِّمُهُ ( فَعَدَّ خَمْسًا) أَيْ مِنَ الْخَصَائِلِ أَوْ مِنَ الْأَصَابِعِ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ ( وَقَالَ اتَّقِ الْمَحَارِمَ) أَيِ احْذَرِ الْوُقُوعَ فِيمَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ ( تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ) أَيْ مِنْ أَعْبَدْهُمْ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الْمَحَارِمِ فِعْلُ الْفَرَائِضِ ( وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ) أَيْ أَعْطَاكَ ( تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ) فَإِنَّ مَنْ قَنَعَ بِمَا قُسِمَ لَهُ وَلَمْيَطْمَعْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ اسْتَغْنَى عَنْهُمْ لَيْسَ الْغِنَى بِكَثْرَةِ الْعَرَضِ وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النفس قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ سَأَلَ شَخْصٌ السَّيِّدَ أَبَا الْحَسَنِ الشَّاذُلِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنِ الْكِيمْاءِ فَقَالَ هِيَ كَلِمَتَانِ اطْرَحِ الْخَلْقَ عَنْ نَظَرِكَ وَاقْطَعْ طَمَعَكَ عَنِ اللَّهِ أَنْ يُعْطِيَكَ غَيْرَ مَا قَسَمَ لَكَ ( وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ) أَيْ مُجَاوِرِكَ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ ( تَكُنْ مُؤْمِنًا) أَيْ كَامِلَ الْإِيمَانِ ( وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ) مِنَ الْخَيْرِ ( تَكُنْ مُسْلِمًا) أَيْ كَامِلَ الْإِسْلَامِ ( وَلَا تُكْثِرِ الضَّحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ) أَيْ تُصَيِّرُهُ مَغْمُورًا فِي الظُّلُمَاتِ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ الَّذِي لَا يَنْفَعُ نَفْسَهُ بِنَافِعَةٍ وَلَا يَدْفَعُ عَنْهَا مَكْرُوهًا وَذَا مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ ( هَذَا حَدِيثُ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ الْحَسَنُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ بنحوه في كتاب الزهد عن مكحول من وَاثِلَةَ عَنْهُ وَقَدْ سَمِعَ مَكْحُولٌ مِنْ وَاثِلَةَ قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنَّ بَقِيَّةَ إِسْنَادِهِ فِيهِ ضَعْفٌ ( بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُبَادَرَةِ بِالْعَمَلِ)

رقم الحديث 2306 [236] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ مُحْرِزِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالزَّايِ ( بْنِ هَارُونَ) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ مُحْرِزُ بن هارون كذا ضبطه عبد الغني وبن أَبِي حَاتِمٍ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ بِمُهْمَلَتَيْنِ انْتَهَى وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ مُحَرَّرُ بْنُ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَرَّرِ بْنِ الْهَدِيرِ التَّيْمِيُّ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَنِ اسْمُهُ مُحَرَّرٌ بِرَاءَيْنِ وذكره بن أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ فِي مَنِ اسْمُهُ مُحْرِزٌ بِالزَّايِ رَوَى عَنِ الْأَعْرَجِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ أَبُو مُصْعَبٍ وَغَيْرُهُ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وقال بن حِبَّانَ يَرْوِي عَنِ الْأَعْرَجِ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِ لَا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ وَلَا الِاحْتِجَاجُبِهِ انْتَهَى مُخْتَصَرًا وَقَالَ فِي التَّقْرِيبِ مُحَرَّرٌ بِرَاءَيْنِ وَزْنُ مُحَمَّدٍ عَلَى الصَّحِيحِ مَتْرُوكٌ مِنَ السَّابِعَةِ .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا) أَيْ سَابِقُوا وُقُوعَ الْفِتَنِ بِالِاشْتِغَالِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَاهْتَمُّوا بِهَا قَبْلَ حُلُولِهَا ( هَلْ تَنْظُرُونَ إِلَّا إِلَى فَقْرٍ مُنْسٍ) وَفِي الْمِشْكَاةِ مَا يَنْتَظِرُ أَحَدُكُمْ إِلَّا غِنًى مُطْغِيًا أَوْ فَقْرًا مُنْسِيًا إِلَخْ قال القارىء خَرَجَ مَخْرَجَ التَّوْبِيخِ عَلَى تَقْصِيرِ الْمُكَلَّفِينَ فِي أَمْرِ دِينِهِمْ أَيْ مَتَى تَعْبُدُونَ رَبَّكُمْ فَإِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تَعْبُدُوهُ مَعَ قِلَّةِ الشَّوَاغِلِ وَقُوَّةِ الْبَدَنِ فَكَيْفَ تَعْبُدُونَ مَعَ كَثْرَةِ الشَّوَاغِلِ وَضَعْفِ الْقُوَى لَعَلَّ أَحَدَكُمْ مَا يَنْتَظِرُ إِلَّا غِنًى مُطْغِيًا انْتَهَى وَقَولُهُ مُنْسٍ مِنْ بَابِ الْإِفْعَالِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى لِمُشَاكَلَةِ الْأَوْلَى أَيْ جَاعِلٌ صَاحِبَهُ مَدْهُوشًا يُنْسِيهِ الطَّاعَةَ مِنَ الْجُوعِ وَالْعُرْيِ وَالتَّرَدُّدِ فِي طَلَبِ الْقُوتِ ( أَوْ غِنًى مُطْغٍ) أَيْ مُوقِعٍ فِي الطُّغْيَانِ ( أَوْ مَرَضٍ مُفْسِدٍ) أَيْ لِلْبَدَنِ لِشِدَّتِهِ أَوْ لِلدِّينِ لِأَجْلِ الْكَسَلِ الْحَاصِلِ بِهِ ( أَوْ هَرَمٍ مُفْنِدٍ) أَيْ مُوقِعٍ فِي الْكَلَامِ الْمُحَرَّفِ عَنْ سُنَنِ الصِّحَّةِ مِنَ الْخَرِفِ والهذيان وقال في القاموس الفند بالتحريك الخزف وإنكار العقل الهرم أَوْ مَرَضٍ وَالْخَطَأُ فِي الْقَوْلِ وَالرَّأْيِ وَالْكَذِبُ كَالْإِفْنَادِ وَفَنَّدَهُ تَفْنِيدًا كَذَّبَهُ وَعَجَّزَهُ وَخَطَّأَ رَأْيَهُ كَأَفْنَدَهُ وَلَا تَقُلْ عَجُوزٌ مُفَنَّدَةٌ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ ذَاتَ رَأْيٍ أَبَدًا ( أَوْ مَوْتٍ مُجْهِزٍ) بِجِيمٍ وَزَايٍ مِنَ الْإِجْهَازِ أَيْ قَاتِلٍ بَغْتَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى تَوْبَةٍ وَوَصِيَّةٍ فَفِي النِّهَايَةِ الْمُجْهِزُ هُوَ السَّرِيعُ يُقَالُ أَجْهَزَ عَلَى الْجَرِيحِ إِذَا أَسْرَعَ قَتْلَهُ أَوِ الدَّجَّالِ أَيْ خُرُوجِهِ فَشَرٌّ غَائِبٌ يُنْتَظَرُ بِصِيغَةٍ الْمَجْهُولِ أَوِ السَّاعَةِ أَيِ الْقِيَامَةِ ( فَالسَّاعَةُ أَدْهَى) أَيْ أَشَدُّ الدَّوَاهِي وَأَقْطَعُهَا وَأَصْعَبُهَا ( وَأَمَرُّ) أَيْ أَكْثَرُ مَرَارَةً مِنْ جَمِيعِ مَا يُكَابِدُهُ الْإِنْسَانُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الشَّدَائِدِ لِمَنْ غَفَلَ عَنْ أَمْرِهَا وَلَمْ يَعُدَّ لَهَا قَبْلَ حُلُولِهَا وَالْقَصْدُ الْحَثُّ عَلَى الْبِدَارِ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ قَبْلَ حُلُولِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَأُخِذَ مِنْهُ نَدْبُ تَعْجِيلِ الْحَجِّ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ قَالَ الْمُنَاوِيُّ وَأَقَرُّوهُ انْتَهَى.

قُلْتُ فِي سَنَدِ التِّرْمِذِيِّ مُحْرِزُ بْنُ هَارُونَ وَقَدْ عَرَفْتَ حَالَهُ2 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي ذِكْرِ الْمَوْتِ)

رقم الحديث 2307 [237] .

     قَوْلُهُ  ( أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ قَاطِعَهَا قَالَ مَيْرَكُ صَحَّحَ الطِّيبِيُّ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ حَيْثُ قَالَ شَبَّهَ اللَّذَّاتِ الْفَانِيَةَ وَالشَّهَوَاتِ الْعَاجِلَةَ ثُمَّ زَوَالَهَا بِبِنَاءٍ مُرْتَفِعٍ يَنْهَدِمُ بِصَدَمَاتٍ هَائِلَةٍ ثُمَّ أَمَرَ الْمُنْهَمِكَ فِيهَا بِذِكْرِ الْهَادِمِ لِئَلَّا يستمر على الركون إليها ويشتغل عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الْفِرَارِ إِلَى دَارِ الْقَرَارِ انْتَهَى كَلَامُهُ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ الْهَاذِمُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ الْقَاطِعُ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَقَدْ صَرَّحَ السُّهَيْلِيُّ فِي الرَّوْضِ الْأُنُفِ بِأَنَّ الرِّوَايَةَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَتْلِ وَحْشِيٍّ لِحَمْزَةَ وَقَالَ الشَّيْخُ الْجَزَرِيُّ هَادِمٌ يُرْوَى بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ دَافِعُهَا أَوْ مُخَرِّبُهَا وَبِالْمُعْجَمَةِ أَيْ قَاطِعُهَا وَاخْتَارَهُ بَعْضٌ مِنْ مَشَايخِنَا وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُصَحِّحِ الْخَطَّابِيُّ غَيْرَهُ وَجَعَلَ الْأَوَّلَ مِنْ غَلَطِ الرُّوَاةِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ ( يَعْنِي الْمَوْتَ) تَفْسِيرٌ مِنَ الرَّاوِي .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِإِسْنَادٍ حسن وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَزَادَ فَإِنَّهُ مَا ذَكَرَهُ أَحَدٌ فِي ضِيقٍ إِلَّا وَسَّعَهُ وَلَا ذَكَرَهُ فِي سَعَةٍ إِلَّا ضَيَّقَهَا عَلَيْهِ كَذَا فِي التَّرْغِيبِ لِلْمُنْذِرِيِّ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي أَبْوَابِ صِفَةِ الْقِيَامَةِ وفي الباب أيضا عن بن عُمَرَ مَرْفُوعًا أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ يَعْنِي الْمَوْتَ فَإِنَّهُ مَا كَانَ فِي كَثِيرٍ إِلَّا قَلَّلَهُ وَلَا قَلِيلٍ إِلَّا جَزَلَهُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ رواه البزار بإسناد حسن والبيهقي3 - باب

رقم الحديث 2308 [238] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينِ) بْنِ عَوْنٍ الْغَطَفَانِيُّ مَوْلَاهُمْ أَبُو زَكَرِيَّا الْبَغْدَادِيُّ ثِقَةٌ حَافِظٌ مَشْهُورٌ إِمَامُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ مِنَ الْعَاشِرَةِ ( أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ) الصَّنْعَانِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَاضِي ثِقَةٌ مِنَ التَّاسِعَةِ ( حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن بجير) بفتح الموحدة وكسر الحاء المهملة بن رَيْسَانَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ أبو وائل القاص الصنعاني وثقه بن معين واضطرب فيه كلام بن حِبَّانَ ( أَنَّهُ سَمِعَ هَانِئًا مَوْلَى عُثْمَانَ) كُنْيَتُهُ أَبُو سَعِيدٍ الْبَرْبَرِيُّ الدِّمَشْقِيُّ رَوَى عَنْ مَوْلَاهُ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ أَبُو وَائِلٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَحِيرٍ وَغَيْرُهُ قَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ .

     قَوْلُهُ  ( بَكَى حَتَّى يَبُلَّ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ بُكَاؤُهُ يَعْنِي دُمُوعَهُ ( لِحْيَتَهُ) أَيْ يَجْعَلَهَا مَبْلُولَةً مِنَ الدُّمُوعِ ( فَلَا تَبْكِي) أَيْ مِنْ خَوْفِ النَّارِ وَاشْتِيَاقِ الْجَنَّةِ ( وَتَبْكِي مِنْ هَذَا) أَيْ مِنَ الْقَبْرِ يَعْنِي مِنْ أَجْلِ خَوْفِهِ قِيلَ إِنَّمَا كَانَ يَبْكِي عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ أَمَّا الِاحْتِمَالُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ التَّبْشِيرِ بِالْجَنَّةِ عَدَمُ عَذَابِ الْقَبْرِ بَلْ وَلَا عَدَمُ عَذَابِ النَّارِ مُطْلَقًا مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ التَّبْشِيرُ مُقَيَّدًا بِقَيْدٍ مَعْلُومٍ أَوْ مُبْهَمٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَنْسَى الْبِشَارَةَ حِينَئِذٍ لِشِدَّةِ الْفَظَاعَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ خَوْفًا مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ كَمَا يَدُلُّ حَدِيثُ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَخْلُصْ مِنْهُ كل سعيد إلا الأنبياء ذكره القارىء ( إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ) وَمِنْهَا عُرْضَةُ الْقِيَامَةِ عِنْدَ الْعَرْضِ وَمِنْهَا الْوُقُوفُ عِنْدَ الْمِيزَانِ وَمِنْهَا الْمُرُورُ عَلَى الصِّرَاطِ وَمِنْهَا الْجَنَّةُ أَوِ النَّارُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَآخِرُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الدُّنْيَا وَلِذَا يُسَمَّى الْبَرْزَخُ ( فَإِنْ نَجَا) أَيْ خُلِّصَ الْمَقْبُورُ ( مِنْهُ) أَيْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ( فَمَا بَعْدَهُ) أَيْ مِنَ الْمَنَازِلِ ( أَيْسَرُ مِنْهُ) أَيْ أَسْهَلُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ ذَنْبٌ لَكُفِّرَ بِعَذَابِ الْقَبْرِ ( وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ) أَيْ لَمْ يَتَخَلَّصْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَلَمْ يُكَفِّرْ ذُنُوبَهُ بِهِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَسْتَحِقُّ الْعَذَابَ بِهِ ( فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ) لِأَنَّ النَّارَ أَشَدُّ الْعَذَابِ وَالْقَبْرُ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النِّيرَانِ ( قَالَ) أَيْ عثمان( مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالظَّاءِ أَيْ مَوْضِعًا يُنْظَرُ إِلَيْهِ وَعَبَّرَ عَنِ الْمَوْضِعِ بِالْمَنْظَرِ مُبَالَغَةً لِأَنَّهُ إِذَا نُفِيَ الشَّيْءُ مَعَ لَازِمِهِ يَنْتَفِي بِالطَّرِيقِ الْبُرْهَانِيِّ ( قَطُّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْمَضْمُومَةِ أَيْ أَبَدًا وَهُوَ لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا في الماضي ( إلا القبر أَفْظَعُ مِنْهُ) مِنْ فَظُعَ الْأَمْرُ كَكَرُمَ اشْتَدَّتْ شَنَاعَتُهُ وَجَاوَزَ الْمِقْدَارَ فِي ذَلِكَ يَعْنِي أَشَدُّ وَأَفْظَعُ وَأَنْكَرُ مِنْ ذَلِكَ الْمَنْظَرِ قِيلَ الْمُسْتَثْنَى جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مِنْ مَنْظَرٍ وَهُوَ مَوْصُوفٌ حُذِفَتْ صِفَتُهُ أَيْ مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا فَظِيعًا عَلَى حَالَةٍ مِنْ أَحْوَالِ الْفَظَاعَةِ إِلَّا فِي حَالَةِ كَوْنِ الْقَبْرِ أَقْبَحَ مِنْهُ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُفَرَّغٌ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَزَادَ رَزِينٌ فِيهِ مِمَّا لَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ نُسَخِ التِّرْمِذِيِّ قَالَ هَانِئٌ وَسَمِعْتُ عُثْمَانَ يَنْشُدُ عَلَى قَبْرٍ فَإِنْ تَنْجُ مِنْ ذِي عظيمة وإلا فإني لا أخا لك ناجيا انتهى والحديث أخرجه أيضا بن مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَاعْتُرِضَ قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ ( بَاب مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ)

رقم الحديث 2309 [239] .

     قَوْلُهُ  ( يُحَدِّثُ عَنْ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ إِلَخْ) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ مَعَ شَرْحِهِ فِي بَابِ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَائِزِ5 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي إِنْذَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَوْمَهُ

رقم الحديث 2310 [231] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْعَثِ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ) الْعِجْلِيُّ بَصْرِيٌّ صَدُوقٌ صَاحِبُ حَدِيثٍ طَعَنَ أَبُو دَاوُدَ فِي مُرُوَّتِهِ مِنَ الْعَاشِرَةِ رَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ وَكَانَ يَعْلَمُ الْمُجَّانَ الْمُجُونَ فَأَنَا لَا أُحَدِّثُ عَنْهُ قَالَ بن عَدِيٍّ وَهَذَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ وَتَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ وَقَالَ فِي مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ كَانَ بِالْبَصْرَةِ مُجَّانٌ يُلْقُونَ صُرَّةَ الدَّرَاهِمِ وَيَرْقُبُونَهَا فَإِذَا جَاءَ مَنْ لَحَظَهَا فَرَفَعَهَا صَاحُوا بِهِ وَخَجِلُوهُ فَعَلَّمَهُمْ أَبُو الْأَشْعَثِ أَنْ يَتَّخِذُوا صُرَّةً فِيهَا زُجَاجٌ فَإِذَا أَخَذُوا صُرَّةَ الدَّرَاهِمِ فَصَاحَ صَاحِبُهَا وَضَعُوا بَدَلَهَا فِي الْحَالِ صُرَّةَ الزُّجَاجِ انْتَهَى قَالَ فِي الْقَامُوسِ مَجَنَ مُجُونًا صَلُبَ وَغَلُظَ وَمِنْهُ الْمَاجِنُ لِمَنْ لَا يُبَالِي قَوْلًا وَفِعْلًا كَأَنَّهُ صُلْبُ الْوَجْهِ وَقَدْ مَجَنَ مُجُونًا وَمَجَانَةً وَمُجْنًا بِالضَّمِّ انْتَهَى وَقَالَ فِي الصُّرَاحِ مَجَنَ مُجُونٌ بيباكي مَجَنَ يَمْجُنُ مَجَانَةً كَذَلِكَ فَهُوَ مَاجِنٌ وَهُمْ مُجَّانٌ بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ انْتَهَى ( أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ) أَبُو الْمُنْذِرِ الْبَصْرِيُّ صَدُوقٌ يَهِمُ مِنَ الثَّامِنَةِ .

     قَوْلُهُ  ( يَا صَفِيَّةُ) بِالرَّفْعِ ( بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) وَبِالنَّصْبِ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ وَصَفِيَّةُ هَذِهِ هِيَ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ) أَيْ مِنْ عَذَابِهِ ( شَيْئًا) أَيْ مِنَ الْمِلْكِ وَالْقُدْرَةِ وَالدَّفْعِ وَالْمَنْفَعَةِ وَالْمَعْنَى أَنِّي لَا أَقْدِرُ أَنْ أَدْفَعَ عَنْكُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَكُمْ وَهُوَ مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نفعا بَلْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ الله ( سَلُونِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتُمْ) قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ أَرَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمَالِ الْمَعْرُوفِ فِي شَيْءٍ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِهِ عَمَّا يَمْلِكُهُ مِنَ الْأَمْرِ وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَنَا أَنَّهُ كَانَ ذَا مَالٍ لَا سِيَّمَا بِمَكَّةَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْكَلِمَتَيْنِ أَعْنِي مِنْ وَمَا وَقَعَ الْفَصْلُ فِيهِمَا مِنْ بَعْضِ مَنْ لَمْ يُحَقِّقْهُ من الرواة فكتبهما منفصلتين انتهى قال القارىء وَفِيهِ أَنَّهُ يَرُدُّهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَوَجَدَكَ عَائِلًا فأغنى أَيْ بِمَالِ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَلَى ما قالهالْمُفَسِّرُونَ وَأَيْضًا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ عَدَمِ وُجُودِ الْمَالِ الْحَاضِرِ لِلْجَوَادِ أَنْ لَا يَدْخُلَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنَ الْمَالِ فِي الِاسْتِقْبَالِ فَيُحْمَلُ الْوَعْدُ الْمَذْكُورُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ وَمَهْمَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ لِتَصْحِيحِ الدِّرَايَةِ تَعَيَّنَ عَدَمُ التَّخْطِئَةِ فِي الرِّوَايَةِ انْتَهَى وَقَالَ الْحَافِظُ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِقَوْلِهِ يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتِ لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ أَنَّ النِّيَابَةَ لَا تَدْخُلُ فِي أَعْمَالِ الْبِرِّ إِذْ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَكَانَ يَتَحَمَّلُ عَنْهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُخَلِّصُهَا فَإِذَا كَانَ عَمَلُهُ لَا يَقَعُ نِيَابَةً عَنِ ابْنَتِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ يَشْفَعُ فِيمَنْ أَرَادَ وَتُقْبَلُ شَفَاعَتُهُ حَتَّى يُدْخِلَ قَوْمًا الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَيَرْفَعَ دَرَجَاتِ قَوْمٍ آخَرِينَ وَيُخْرِجَ مِنَ النَّارِ مَنْ دَخَلَهَا بِذُنُوبِهِ أَوْ كَانَ الْمَقَامُ مَقَامَ التَّخْوِيفِ وَالتَّحْذِيرِ أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ الْمُبَالَغَةَ فِي الْحَضِّ عَلَى الْعَمَلِ وَيَكُونُ فِي قَوْلِهِ لَا أُغْنِي شَيْئًا إِضْمَارٌ إِلَّا إِنْ أَذِنَ اللَّهُ لِي بِالشَّفَاعَةِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وبن عَبَّاسٍ وَأَبِي مُوسَى) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي التفسير وأما حديث بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي التَّفْسِيرِ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ إِنْ كَانَتْ وَاقِعَةً فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ بمكة فلم يدركها بن عَبَّاسٍ لِأَنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ وَلَا أَبُو هُرَيْرَةَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَسْلَمَ بِالْمَدِينَةِ وَفِي نِدَاءِ فَاطِمَةَ يَوْمَئِذٍ أَيْضًا مَا يَقْتَضِي تَأَخُّرَ الْقِصَّةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ حِينَئِذٍ صَغِيرَةً أَوْ مُرَاهِقَةً وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مَرَّتَيْنِ مرة في صدر الإسلام ورواية بن عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ لَهَا مِنْ مُرْسَلِ الصَّحَابَةِ ويؤيد ذلك ما وقع في حديث بن عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّ أَبَا لَهَبٍ كَانَ حَاضِرًا لِذَلِكَ وَهُوَ مَاتَ فِي أَيَّامِ بَدْرٍ وَمَرَّةً بَعْدَ ذَلِكَ حَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ تُدْعَى فِيهَا فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ أَوْ يَحْضُرَ ذَلِكَ أَبُو هريرة أو بن عَبَّاسٍ كَذَا قَالَ الْحَافِظُ فِي بَابِ مَنِ انْتَسَبَ إِلَى آبَائِهِ فِي الْإِسْلَامِ وَالْجَاهِلِيَّةِ وَقَالَ في باب قوله ( وأنذر عشيرتك الأقربين) من كتاب التفسير تحت حديث بن عَبَّاسٍ مَا لَفْظُهُ وَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ وَأَنْذِرْ عشيرتك الأقربين جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي هَاشِمٍ وَنِسَاءَهُ وَأَهْلَهُ فَقَالَ يَا بَنِي هَاشِمٍ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ وَاسْعَوْا فِي فِكَاكِ رِقَابِكُمْ يَا عَائِشَةُ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ يَا حَفْصَةُ بِنْتَ عُمَرَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فَهَذَا إِنْ ثَبَتَ دَلَّ عَلَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ لِأَنَّ الْقِصَّةَ الْأُولَى وَقَعَتْ بِمَكَّةَ بِتَصْرِيحِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ يَعْنِي حَدِيثَ بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَعِدَ الصَّفَا وَلَمْ تَكُنْ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ عِنْدَهُ وَمِنْ أَزْوَاجِهِ إِلَّا بالمدينة فيجوز أن تكون متأخرة لَمَّا نَزَلَتْ جَمَعَ أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْجَمْعَ وَقَعَ عَلَى الْفَوْرِ وَلَعَلَّهُ كَانَ نَزَلَ أولا وأنذر عشيرتك الأقربين فَجَمَعَ قُرَيْشًا فَعَمَّ ثُمَّ خَصَّ ثُمَّ نَزَلَ ثانياوَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ فَخَصَّ بِذَلِكَ بَنِي هَاشِمٍ وَنِسَاءَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ عَائِشَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي التَّفْسِيرِ وَصَحَّحَهُ ( بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْبُكَاءِ مِنْ خَشْيَةِ الله تعالى)

رقم الحديث 2311 [2311] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الْكُوفِيُّ الْمَسْعُودِيُّ صَدُوقٌ اخْتَلَطَ قَبْلَ مَوْتِهِ وَضَابِطُهُ أَنَّ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ بِبَغْدَادَ فَبَعْدَ الِاخْتِلَاطِ مِنَ السَّابِعَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ قَالَ أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ إِنِّي لَأَعْرِفُ الْيَوْمَ الَّذِي اخْتَلَطَ فِيهِ الْمَسْعُودِيُّ كُنَّا عِنْدَهُ وهو يعزى في بن لَهُ إِذْ جَاءَهُ إِنْسَانٌ فَقَالَ غُلَامُكَ أَخَذَ من مالك عشرة آلاف وهرب ففزغ وَقَامَ فَدَخَلَ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا وَقَدِ اخْتَلَطَ انْتَهَى ( عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بْنِ عُبَيْدٍ الْقُرَشِيِّ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ مِنَ السَّادِسَةِ .

     قَوْلُهُ  ( لَا يَلِجُ) مِنَ الْوُلُوجِ أَيْ لَا يَدْخُلُ ( رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) فَإِنَّ الْغَالِبَ مِنَ الْخَشْيَةِ امْتِثَالُ الطَّاعَةِ وَاجْتِنَابُ الْمَعْصِيَةِ ( حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ) هَذَا مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ بِالْمُحَالِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الخياط ( وَلَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَيْ فِي الْجِهَادِ ( وَدُخَانُ جَهَنَّمَ) فَكَأَنَّهُمَا ضِدَّانِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي بَابِ فَضْلِ الْغُبَارِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ أَبْوَابِ فَضَائِلِ الْجِهَادِ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي ريحانة وبن عَبَّاسٍ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي رَيْحَانَةَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ مَرْفُوعًا حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ دَمَعَتْ أَوْ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَحُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ سَهِرَتْ فِيسَبِيلِ اللَّهِ وَذَكَرَ عَيْنًا ثَالِثَةً وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ.

     وَقَالَ  صَحِيحُ الْإِسْنَادِ كَذَا فِي التَّرْغِيبِ وأما حديث بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ فَضْلِ الْحَرْسِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ أَبْوَابِ فَضَائِلِ الْجِهَادِ بَاب فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لو تعلمون الخ

رقم الحديث 2312 [2312] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ مُوَرِّقٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ المكسورة بن مُشَمْرِجٍ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا جِيمٌ بن عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ عَابِدٌ مِنْ كِبَارِ الثَّالِثَةِ وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ مُشَمْرَجٌ بِفَتْحِ الراء كمدحرج قوله ( إني أرى مالا ترون) أي أبصر مالا تبصرون بقرينة قوله وأسمع مالا تَسْمَعُونَ ( أَطَّتِ السَّمَاءُ) بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ مِنَ الْأَطِيطِ وَهُوَ صَوْتُ الْأَقْتَابِ وَأَطِيطُ الْإِبِلِ أَصْوَاتُهَا وَحَنِينُهَا عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ أَيْ صَوَّتَتْ ( وَحُقَّ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ وَيَسْتَحِقُّ وَيَنْبَغِي ( لَهَا أَنْ تَئِطَّ) أَيْ تُصَوِّتَ ( مَا فِيهَا) أَيْ لَيْسَ فِي السَّمَاءِ جِنْسُهَا ( مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ الظَّرْفِ الْمُعْتَمِدِ عَلَى حَرْفِ ( إِلَّا وَمَلَكٌ) أَيْ فِيهِ مَلَكٌ ( وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ لله ساجدا) قال القارىء أَيْ مُنْقَادًا لِيَشْمَلَ مَا قِيلَ إِنَّ بَعْضَهُمْ قِيَامٌ وَبَعْضَهُمْ رُكُوعٌ وَبَعْضَهُمْ سُجُودٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُمْ وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مقام معلوم أَوْ خَصَّهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ مِنْهُمْ أَوْ هَذَا مُخْتَصٌّ بِإِحْدَى السَّمَاوَاتِ قَالَ ثُمَّ.
اعْلَمْ أَنَّ أربعة بغير هاء في جامع الترمذي وبن مَاجَهْ وَمَعَ الْهَاءِ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ وَبَعْضِ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ وَسَبَبُهُ أَنَّ الْإِصْبَعَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْ أَنَّ كَثْرَةَ مَا فِيهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَدْ أَثْقَلَهَا حَتَّى أَطَّتْ وَهَذَا مَثَلٌ وَإِيذَانٌ بِكَثْرَةِ الْمَلَائِكَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ أَطِيطٌ وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامُ تَقْرِيبٍ أُرِيدَ بِهِ تَقْرِيرُ عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى انتهى قال القارىء مَا الْمُحْوِجُ عَنْ عُدُولِ كَلَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحَقِيقَةِ إِلَى الْمَجَازِ مَعَ إِمْكَانِهِ عَقْلًا وَنَقْلًا حَيْثُ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ وَأَسْمَعُ مالا تَسْمَعُونَ مَعَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَطِيطُ السَّمَاءِ صَوْتُهَا بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّقْدِيسِ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُوإن من شيء إلا يسبح بحمده ( عَلَى الْفُرُشِ) بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ فِرَاشٍ ( لَخَرَجْتُمْ) أَيْ مِنْ مَنَازِلِكُمْ ( إِلَى الصُّعُدَاتِ) بِضَمَّتَيْنِ أَيِ الطُّرُقِ وَهِيَ جَمْعُ صُعُدٍ وَصُعُدٌ جَمْعُ صَعِيدٍ كَطَرِيقٍ وَطُرُقٍ وَطُرُقَاتٍ وَقِيلَ هِيَ جَمْعُ صُعْدَةٍ كَظُلْمَةٍ وَهِيَ فِنَاءُ بَابِ الدَّارِ وَمَمَرُّ النَّاسِ بَيْنَ يَدَيْهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالصُّعُدَاتِ هُنَا الْبَرَارِيُّ وَالصَّحَارِي ( تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ) أَيْ تَتَضَرَّعُونَ إِلَيْهِ بِالدُّعَاءِ لِيَدْفَعَ عَنْكُمُ الْبَلَاءَ ( لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ شَجَرَةً تُعْضَدُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ تُقْطَعُ وَتُسْتَأْصَلُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا سَتَعْرِفُ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وبن عباس وأنس) أما حديث عائشة وحديث بن عَبَّاسٍ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُمَا.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ وَفِي الرِّقَاقِ وَفِي الِاعْتِصَامِ وَمُسْلِمٌ فِي فَضَائِلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتِّرْمِذِيُّ في التفسير والنسائي في الرقائق وبن مَاجَهْ فِي الزُّهْدِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وبن مَاجَهْ .

     قَوْلُهُ  ( وَيُرْوَى مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ قَالَ لَوَدِدْتُ إِلَخْ) رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَفِيهِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ قَالَ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي شَجَرَةٌ تُعْضَدُ

رقم الحديث 2313 [2313] .

     قَوْلُهُ  ( لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ) أَيْ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ لِلْعُصَاةِ وَشِدَّةِ الْمُنَاقَشَةِ يَوْمَ الْحِسَابِ لَضَحِكْتُمْ جَوَابُ لَوْ ( وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا) أَيْ بُكَاءً كَثِيرًا أَوْ زَمَانًا كَثِيرًا أَيْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَرْجِيحًا لِلْخَوْفِ عَلَى الرَّجَاءِ وَخَوْفًا مِنْ سُوءِ الْخَاتِمَةِ قَالَ الْحَافِظُ وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ هُنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِعَظَمَةِ اللَّهِ وَانْتِقَامِهِ مِمَّنْ يَعْصِيهِ وَالْأَهْوَالُ الَّتِي تَقَعُ عِنْدَ النِّزَاعِ وَالْمَوْتِ وَفِي الْقَبْرِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمُنَاسَبَةُ كَثْرَةِ الْبُكَاءِ وَقِلَّةِ الضَّحِكِ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَاضِحَةٌ وَالْمُرَادُ بِهِ التَّخْوِيفُ وَقَدْ جَاءَ لِهَذَا الْحَدِيثِ سببأَخْرَجَهُ سُنَيْدٌ فِي تَفْسِيرِهِ بِسَنَدٍ وَاهٍ وَالطَّبَرَانِيُّ عن بن عُمَرَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا بِقَوْمٍ يَتَحَدَّثُونَ وَيَضْحَكُونَ فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَعَنْ حَسَنٍ الْبَصْرِيِّ مَنْ عَلِمَ أَنَّ الْمَوْتَ مَوْرِدُهُ وَالْقِيَامَةَ مَوْعِدُهُ وَالْوُقُوفَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ مَشْهَدُهُ فَحَقُّهُ أَنْ يَطُولَ فِي الدُّنْيَا حُزْنُهُ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ ( باب فيمن تكلم بكلمة ليضحك بِهَا النَّاسَ)