فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في كراهية ما يصلى إليه وفيه

رقم الحديث 2343 [2343] 24 .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ) بْنِ الْقَاسِمِ الْحَنَفِيُّ أَبُو حَفْصٍ الْيَمَامِيُّ الْجُرَشِيُّ ثِقَةٌ مِنَ التَّاسِعَةِ ( أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ) الْعِجْلِيُّ أَبُو عَمَّارٍ الْيَمَامِيُّ أَصْلُهُ مِنَ الْبَصْرَةِ صَدُوقٌ يَغْلَطُ وفِي رِوَايَتِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ اضْطِرَابٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ مِنَ الْخَامِسَةِ ( أَخْبَرَنَا شَدَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) الْقُرَشِيُّ أَبُو عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ ثِقَةٌ يُرْسِلُ مِنَ الرَّابِعَةِ .

     قَوْلُهُ  ( إِنَّكَ إِنْ تَبْذُلِ الْفَضْلَ) أَيْ إِنْفَاقَ الزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَالْكَفَافِ فَإِنْ مَصْدَرِيَّةٌ مَعَ مَدْخُولِهَا مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ ( خَيْرٌ لَكَ) أَيْ فِي الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى ( وَإِنْ تُمْسِكْهُ) أَيْ ذَلِكَ الْفَضْلَ وَتَمْنَعْهُ قَالَ النَّوَوِيُّ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ هُوَ بِفَتْحِ هَمْزَةِ أَنْ مَعْنَاهُ إِنْ بَذَلْتَ الْفَاضِلَ عَنْ حَاجَتِكَ وَحَاجَةِ عِيَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ لِبَقَاءِ ثَوَابِهِ وَإِنْ أَمْسَكْتَهُ فَهُوَ شَرٌّ لَكَ لِأَنَّهُ إِنْ أَمْسَكَ عَنِ الْوَاجِبِ اسْتَحَقَّ الْعِقَابَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَمْسَكَ عَنِ الْمَنْدُوبِ فَقَدْ نَقَصَ ثَوَابُهُ وَفَوَّتَ مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ فِي آخِرَتِهِ وَهَذَا كُلُّهُ شَرٌّ انْتَهَى ( وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ) بِالْفَتْحِ وَهُوَ مِنَ الرِّزْقِ الْقُوتُ وَهُوَ مَا كَفَّ عَنِ النَّاسِ وَأَغْنَى عَنْهُمْ وَالْمَعْنَى لَا تُذَمُّ عَلَى حِفْظِهِ وَإِمْسَاكِهِ أَوْ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَكَسْبِهِ وَمَفْهُومُهُ إِنَّكَ إِنْ حَفِظْتَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ تَتَصَدَّقْ بِمَا فَضَلَ عَنْكَ فَأَنْتَ مَذْمُومٌ وَبَخِيلٌ وَمَلُومٌ قاله القارىء وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَى لَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ أَنَّ قَدْرَ الْحَاجَةِ لَا لَوْمَ عَلَى صَاحِبِهِ وَهَذَا إِذَا لَمْ يَتَوَجَّهْ فِيالْكَفَافِ حَقٌّ شَرْعِيٌّ كَمَنْ كَانَ لَهُ نِصَابٌ زَكَوِيٌّ وَوَجَبَتِ الزَّكَاةُ بِشُرُوطِهَا وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى ذَلِكَ النِّصَابِ لِكَفَافِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ وَيَحْصُلُ كِفَايَتُهُ مِنْ جِهَةٍ مُبَاحَةٍ انْتَهَى ( وَابْدَأْ) أي ابتدىء فِي إِعْطَاءِ الزَّائِدِ عَلَى قَدْرِ الْكَفَافِ ( بِمَنْ تَعُولُ) أَيْ بِمَنْ تُمَوِّنُهُ وَيَلْزَمُكَ نَفَقَتُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ تَقْدِيمُ نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ لِأَنَّهَا مُنْحَصِرَةٌ فِيهِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ غَيْرِهِمْ وَفِيهِ الِابْتِدَاءُ بِالْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ فِي الْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ ( الْيَدُ الْعُلْيَا) أي النفقة ( خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى) أَيِ السَّائِلَةِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الزكاة 5 -

رقم الحديث 2344 [2344] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ) بْنِ مَسْرُوقٍ الْكِنْدِيُّ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ مِنَ الْعَاشِرَةِ ( عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو) الْمَعَافِرِيِّ الْمِصْرِيِّ إِمَامِ جَامِعِهَا صَدُوقٌ عَابِدٌ مِنَ السَّادِسَةِ ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُبَيْرَةَ) بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مُصَغَّرًا بْنِ أسعد السبائى بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ هَمْزَةٍ مَقْصُورَةٍ الْحَضْرَمِيُّ كُنْيَتُهُ أَبُو هُبَيْرَةَ الْمِصْرِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ ( عَنْ أَبِي تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيِّ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي الْأَسْحَمِ بِمُهْمَلَتَيْنِ أَبُو تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيُّ بِجِيمٍ وَيَاءٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ الْمِصْرِيُّ ثِقَةٌ مُخَضْرَمٌ مِنَ الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  ( لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ) بِحَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ لِلتَّخْفِيفِ أَيْ تَعْتَمِدُونَ ( حَقَّ تَوَكُّلِهِ) بِأَنْ تَعْلَمُوا يَقِينًا أَنْ لَا فَاعِلَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنْ لَا مُعْطِيَ وَلَا مَانِعَ إِلَّا هُوَ ثُمَّ تَسْعَوْنَ فِي الطَّلَبِ بِوَجْهٍ جَمِيلٍ وَتَوَكُّلٍ ( لَرُزِقْتُمْ كَمَا تُرْزَقُ الطَّيْرُ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ مَضْمُومَةٌ أَوَّلُهُ ( تَغْدُو) أَيْ تَذْهَبُ أَوَّلَ النَّهَارِ ( خِمَاصًا) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ خَمِيصٍ أَيْ جِيَاعًا ( وَتَرُوحُ) أَيْ تَرْجِعُ آخِرَ النَّهَارِ ( بِطَانًا) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ بَطِينٍ وَهُوَ عَظِيمُ الْبَطْنِ وَالْمُرَادُ شِبَاعًا قَالَ الْمُنَاوِيُّ أَيْ تَغْدُو بُكْرَةً وَهِيَ جِيَاعٌ وَتَرُوحُ عِشَاءً وَهِيَ مُمْتَلِئَةُ الْأَجْوَافِ فَالْكَسْبُ لَيْسَ بِرَازِقٍ بَلِ الرَّازِقُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى فَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ التَّوَكُّلَ لَيْسَ التَّبَطُّلَ وَالتَّعَطُّلَ بَلْ لَا بُدَّ فِيهِ منالتَّوَصُّلِ بِنَوْعٍ مِنَ السَّبَبِ لِأَنَّ الطَّيْرَ تُرْزَقُ بِالسَّعْيِ وَالطَّلَبِ وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْكَسْبِ بَلْ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الرِّزْقِ وَإِنَّمَا أَرَادَ لَوْ تَوَكَّلُوا عَلَى اللَّهِ فِي ذَهَابِهِمْ وَمَجِيئِهِمْ وَتَصَرُّفِهِمْ وَعَلِمُوا أَنَّ الْخَيْرَ بِيَدِهِ لَمْ يَنْصَرِفُوا إِلَّا غَانِمِينَ سَالِمِينَ كَالطَّيْرِ لَكِنِ اعْتَمَدُوا عَلَى قُوتِهِمْ وَكَسْبِهِمْ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ انْتَهَى وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَقَدْ يُظَنُّ أَنَّ مَعْنَى التَّوَكُّلِ تَرْكُ الْكَسْبِ بِالْبَدَنِ وَتَرْكُ التَّدْبِيرِ بِالْقَلْبِ وَالسُّقُوطُ عَلَى الْأَرْضِ كَالْخِرْقَةِ الْمُلْقَاةِ أَوْ كَلَحْمٍ عَلَى وَضْمٍ وَهَذَا ظَنُّ الْجُهَّالِ فَإِنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ فِي الشَّرْعِ وَالشَّرْعُ قَدْ أَثْنَى عَلَى الْمُتَوَكِّلِينَ فَكَيْفَ يُنَالُ مَقَامٌ مِنْ مقامات الدين محظور مِنْ مَحْظُورَاتِ الدِّينِ بَلْ نَكْشِفُ عَنِ الْحَقِّ فِيهِ فَنَقُولُ إِنَّمَا يَظْهَرُ تَأْثِيرُ التَّوَكُّلِ فِي حَرَكَةِ الْعَبْدِ وَسَعْيِهِ بِعَمَلِهِ إِلَى مَقَاصِدِهِ وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ.
اعْلَمْ أَنَّ التَّوَكُّلَ مَحَلُّهُ الْقَلْبُ.
وَأَمَّا الْحَرَكَةُ بِالظَّاهِرِ فَلَا تُنَافِي التوكل بالقلب بعد ما يُحَقِّقُ الْعَبْدُ أَنَّ الرِّزْقَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ تَعَسَّرَ شَيْءٌ فَبِتَقْدِيرِهِ وَإِنْ تَيَسَّرَ شَيْءٌ فَبِتَيْسِيرِهِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ والنسائي وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ

رقم الحديث 2345 [2345] .

     قَوْلُهُ  ( كَانَ أَخَوَانِ) أَيِ اثْنَانِ مِنَ الْإِخْوَانِ ( عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ فِي زَمَنِهِ فَكَانَ أَحَدُهُمَا يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ لِطَلَبِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ ( وَالْآخَرُ يَحْتَرِفُ) أَيْ يَكْتَسِبُ أَسْبَابَ الْمَعِيشَةِ فَكَأَنَّهُمَا كَانَا يَأْكُلَانِ مَعًا ( فَشَكَا الْمُحْتَرِفُ) أَيْ فِي عَدَمِ مُسَاعَدَةِ أَخِيهِ إِيَّاهُ فِي حِرْفَتِهِ وَفِي كَسْبٍ اخر لمعيشته فقال ( لعلك تُرْزَقُ بِهِ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ أَرْجُو وَأَخَافُ أَنَّكَ مَرْزُوقٌ بِبَرَكَتِهِ لِأَنَّهُ مَرْزُوقٌ بِحِرْفَتِكَ فَلَا تَمْنُنْ عَلَيْهِ بِصَنْعَتِكَ قَالَ الطِّيبِيُّ وَمَعْنَى لَعَلَّ فِي قَوْلِهِ لَعَلَّكَ يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُفِيدُ الْقَطْعَ وَالتَّوْبِيخَ كَمَا وَرَدَ فَهَلْ تُرْزَقُونَ إِلَّا بضعفائكم وأن يرجع الْمُخَاطَبِ لِيَبْعَثَهُ عَلَى التَّفَكُّرِ وَالتَّأَمُّلِ فَيَنْتَصِفَ مِنْ نفسه انتهىوَحَدِيثُ أَنَسٍ هَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمِشْكَاةِ وَقَالَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

     وَقَالَ  هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ انْتَهَى وَلَيْسَ قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ هَذَا فِي النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ عِنْدَنَا وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ 6 -

رقم الحديث 2346 [2346] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ) الرَّاسِبِيُّ أَبُو عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ ضَعِيفٌ مِنَ الْعَاشِرَةِ ( وَمَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ الْبَغْدَادِيُّ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ مَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ خَفِيفَةٍ وَآخِرُهُ مُعْجَمَةٌ الطَّالَقَانِيُّ نزيل بغداد صَدُوقٌ مِنَ الْعَاشِرَةِ ( حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُمَيْلَةَ) بِمُعْجَمَةٍ مُصَغَّرًا الْأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ الْقُبَائِيُّ بِضَمِّ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ مَمْدُودٌ مَقْبُولٌ مِنَ السَّابِعَةِ ( عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَتَيْنِ قَالَ الْحَافِظُ فِي التقريب سلمة بن عبد الله ويقال بن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْأَنْصَارِيُّ الْخَطْمِيُّ الْمَدَنِيُّ مَجْهُولٌ مِنَ الرَّابِعَةِ وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَيُقَالُ لَهُ صُحْبَةٌ وَرَوَى عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شميلة الأنصاري ذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ لَهُ فِي السُّنَنِ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ الْحَدِيثَ قَالَ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ لَا أَعْرِفُهُ وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ لَا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ انْتَهَى ( عَنْ أَبِيهِ) أَيْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مِحْصَنٍ الْأَنْصَارِيُّ يُقَالُ عُبَيْدُ اللَّهِ بِالتَّصْغِيرِ وَرُجِّحَ مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ لَهُ حَدِيثٌ انْتَهَى ( وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ) قَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ أَكْثَرُهُمْ يُصَحِّحُ صُحْبَتَهُ وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَآهُ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ فِيمَنِ اسْمُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ يَعْنِي مُصَغَّرًا انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ) أَيْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ( آمِنًا) أَيْ غَيْرَ خَائِفٍ مِنْ عَدُوٍّ ( فِي سِرْبِهِ) الْمَشْهُورُ كَسْرُ السِّينِ أَيْ فِي نَفْسِهِ وَقِيلَ السِّرْبُ الْجَمَاعَةُ فَالْمَعْنَى فِي أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ وَقِيلَ بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ فِي مَسْلَكِهِ وَطَرِيقِهِ وَقِيلَ بِفَتْحَتَيْنِ أي في بيته كذا ذكره القارىء عن بعض الشراح وقال التوربشتي رح أَبَى بَعْضُهُمْ إِلَّا السَّرَبَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ أَيْ فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ رِوَايَةً وَلَوْ سَلِمَ لَهُ .

     قَوْلُهُ  أَنْ يُطْلَقَ السَّرَبُ على كل بيت كان قوله هذا حربا بِأَنْ يَكُونَ أَقْوَى الْأَقَاوِيلِ إِلَّا أَنَّ السَّرَبَ يُقَالُ لِلْبَيْتِ الَّذِي هُوَ فِي الْأَرْضِ وَفِي القاموسالسَّرْبُ الطَّرِيقُ وَبِالْكَسْرِ الطَّرِيقُ وَالْبَالُ وَالْقَلْبُ وَالنَّفْسُ والجماعة وبالتحريك جحر الوحشي وَالْحَفِيرُ تَحْتَ الْأَرْضِ انْتَهَى فَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ الْمُبَالَغَةَ فِي حُصُولِ الْأَمْنِ وَلَوْ فِي بَيْتٍ تَحْتَ الْأَرْضِ ضَيِّقٍ كَجُحْرِ الْوَحْشِ أَوِ التَّشْبِيهَ بِهِ فِي خَفَائِهِ وَعَدَمِ ضَيَاعِهِ ( مُعَافًى) اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ أَيْ صَحِيحًا سَالِمًا مِنَ الْعِلَلِ وَالْأَسْقَامِ ( فِي جَسَدِهِ) أَيْ بَدَنِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ( عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ) أَيْ كِفَايَةُ قُوتِهِ مِنْ وَجْهِ الْحَلَالِ ( فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْحِيَازَةِ وَهِيَ الْجَمْعُ وَالضَّمُّ ( لَهُ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ لِمَنْ رَابِطٌ لِلْجُمْلَةِ أَيْ جُمِعَتْ لَهُ ( الدُّنْيَا) وَزَادَ فِي الْمِشْكَاةِ بِحَذَافِيرِهَا قال القارىء أَيْ بِتَمَامِهَا وَالْحَذَافِيرُ الْجَوَانِبُ وَقِيلَ الْأَعَالِي وَاحِدُهَا حِذْفَارٌ أَوْ حُذْفُورٌ وَالْمَعْنَى فَكَأَنَّمَا أُعْطِيَ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ البخاري في الأدب المفرد وبن مَاجَهْ .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ) هُوَ الْإِمَامُ البخاري رح ( أَخْبَرَنَا الْحُمَيْدِيُّ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ عِيسَى الْقُرَشِيُّ الْمَكِّيُّ أَبُو بَكْرٍ ثِقَةٌ حافظ فقيه أجل أصحاب بن عُيَيْنَةَ مِنَ الْعَاشِرَةِ قَالَ الْحَاكِمُ كَانَ الْبُخَارِيُّ إِذَا وَجَدَ الْحَدِيثَ عِنْدَ الْحُمَيْدِيِّ لَا يَعْدُوهُ إِلَى غَيْرِهِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ 7 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي الْكَفَافِ وَالصَّبْرِ عَلَيْهِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْكَفَافُ هُوَ الَّذِي لَا يَفْضُلُ عَنِ الشَّيْءِ وَيَكُونُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ

رقم الحديث 2347 [2347] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ) هُوَ الْغَافِقِيُّ ( عَنْ عُبَيْدِ الله بن زحر) بفتح الراء وسكون المهملة الضمري مولاهم الافريقي صدوق يخطىء من السادسة.

     قَوْلُهُ  ( إِنَّ أَغْبَطَ أَوْلِيَائِي) أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ بُنِيَ لِلْمَفْعُولِ لِأَنَّ الْمَغْبُوطَ بِهِ حَالُهُ أَيْ أَحْسَنُهُمْ حَالًا وَأَفْضَلُهُمْ مَالًا ( عِنْدِي) أَيْ فِي اعْتِقَادِي ( لَمُؤْمِنٌ) اللَّامُ زَائِدَةٌ فِي خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ لِلتَّأْكِيدِ أَوْ هِيَ لِلِابْتِدَاءِ أَوِ الْمُبْتَدَأُ مَحْذُوفٌ أَيْ لَهُوَ مُؤْمِنٌ ( خَفِيفُ الْحَاذِ) بِتَخْفِيفِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ خَفِيفُ الْحَالِ الَّذِي يَكُونُ قَلِيلَ الْمَالِ وَخَفِيفَ الظَّهْرِ مِنَ الْعِيَالِ قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ الْحَاذُ وَالْحَالُ وَاحِدٌ وَأَصْلُ الْحَاذِ طَرِيقَةُ الْمَتْنِ وَهُوَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اللِّبَدُ مِنْ ظَهْرِ الْفَرَسِ أَيْ خَفِيفَ الظَّهْرِ مِنَ الْعِيَالِ انْتَهَى وَمُجْمَلُ الْمَعْنَى أَحَقُّ أَحِبَّائِي وَأَنْصَارِي عِنْدِي بِأَنْ يُغْبَطَ وَيُتَمَنَّى حَالُهُ مُؤْمِنٌ بِهَذِهِ الصِّفَةِ ( ذُو حَظٍّ مِنَ الصَّلَاةِ) أَيْ وَمَعَ هَذَا هُوَ صَاحِبُ لَذَّةٍ وَرَاحَةٍ مِنَ الْمُنَاجَاةِ مَعَ اللَّهِ وَالْمُرَاقَبَةِ وَاسْتِغْرَاقٍ فِي الْمُشَاهَدَةِ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصلاة وأرحنا بها يا بلال قاله القارىء ( أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ) تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ وَالْمُرَادُ إِجَادَتُهَا عَلَى الْإِخْلَاصِ ( وَأَطَاعَهُ فِي السِّرِّ) أَيْ كَمَا أَطَاعَهُ فِي الْعَلَانِيَةِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الِاكْتِفَاءِ وَالتَّخْصِيصِ لِمَا فِيهِ مِنَ الِاعْتِنَاءِ قَالَهُ القارىء وَجَعَلَهُ الطِّيبِيُّ عَطْفَ تَفْسِيرٍ عَلَى أَحْسَنَ وَكَذَا الْمُنَاوِيُّ ( وَكَانَ غَامِضًا) أَيْ خَامِلًا خَافِيًا غَيْرَ مَشْهُورٍ ( فِي النَّاسِ) أَيْ فِيمَا بَيْنَهُمْ ( لَا يُشَارُ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ) بَيَانٌ وَتَقْرِيرٌ لِمَعْنَى الْغُمُوضِ ( وَكَانَ رِزْقُهُ كَفَافًا) أَيْ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ لَا أَزْيَدَ وَلَا أَنْقَصَ ( فَصَبَرَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى الرِّزْقِ الْكَفَافِ أَوْ عَلَى الْخُمُولِ وَالْغُمُوضِ أَوْ عَلَى مَا ذُكِرَ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ مِلَاكَ الْأَمْرِ الصَّبْرُ وَبِهِ يُتَقَوَّى عَلَى الطَّاعَةِ قال تعالى واستعينوا بالصبر والصلاة وقال أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ( ثُمَّ نَقَرَ بِيَدَيْهِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْقَافِ وَبِالرَّاءِ وَوَقَعَ فِي الْمِشْكَاةِ نَقَدَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بَدَلَ الرَّاءِ قَالَ فِي الْمَجْمَعِ ثُمَّ نَقَدَ بِيَدِهِ بِالدَّالِ مِنْ نَقَدْتُهُ بِأُصْبُعِي وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَهُوَ كَالنَّقْرِ بِالرَّاءِ وَيُرْوَى بِهِ أَيْضًا وَالْمُرَادُ ضَرَبَ الْأُنْمُلَةَ عَلَى الْأُنْمُلَةِ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ كَالْمُتَقَلِّلِ لِلشَّيْءِ أَيْ يُقَلِّلُ عُمُرَهُ وَعَدَدَ بَوَاكِيهِ وَمَبْلَغَ تُرَاثِهِ وَقِيلَ هُوَ فِعْلُ الْمُتَعَجِّبِ مِنَ الشَّيْءِ وَقِيلَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهُ مِمَّا يُهْتَمُّ بِهِ ( عُجِّلَتْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ التَّعْجِيلِ ( مَنِيَّتُهُ) أَيْ مَوْتُهُ قَالَ فِي الْمَجْمَعِ أَيْ يُسْلِمُ رُوحَهُ سَرِيعًا لِقِلَّةِ تَعَلُّقِهِ بِالدُّنْيَا وَغَلَبَةِ شَوْقِهِ إِلَى الْآخِرَةِ أَوْ أَرَادَ أَنَّهُ قَلِيلُ مُؤَنِ الْمَمَاتِ كَمَا كَانَ قَلِيلَ مُؤَنِ الْحَيَاةِ أَوْ كَانَ قَبْضُ رُوحِهِ سَرِيعًا ( قَلَّتْ بواكيه) جمعبَاكِيَةٍ أَيِ امْرَأَةٍ تَبْكِي عَلَى الْمَيِّتِ ( قَلَّ تُرَاثُهُ) أَيْ مِيرَاثُهُ وَمَالُهُ الْمُؤَخَّرُ عَنْهُ مِمَّا يُورَثُ وَتُرَاثُ الرَّجُلِ مَا يُخَلِّفُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ من متاع الدنيا وتاءه بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ وَحَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ هَذَا أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ وبن مَاجَهْ .

     قَوْلُهُ  ( وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ) أَيْ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ الْمُتَقَدِّمِ .

     قَوْلُهُ  ( عَرَضَ عَلَيَّ رَبِّي) أَيْ إِلَيَّ عَرْضًا حِسِّيًّا أَوْ مَعْنَوِيًّا وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْمَعْنَى شَاوَرَنِي وَخَيَّرَنِي بَيْنَ الْوُسْعِ فِي الدُّنْيَا وَاخْتِيَارِ الْبُلْغَةِ لِزَادِ الْعُقْبَى مِنْ غَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عتاب قاله القارىء ( بَطْحَاءَ مَكَّةَ) أَيْ أَرْضَهَا وَرِمَالَهَا ( ذَهَبًا) أَيْ يدل حَجَرِهَا وَمَدَرِهَا وَأَصْلُ الْبَطْحَاءِ مَسِيلُ الْمَاءِ وَأَرَادَ هُنَا عَرْصَةَ مَكَّةَ وَصَحَارِيَهَا فَإِضَافَتُهُ بَيَانِيَّةٌ قَالَ الطِّيبِيُّ .

     قَوْلُهُ  بَطْحَاءَ مَكَّةَ تَنَازَعَ فِيهِ عَرَضَ وَلِيَجْعَلَ أَيْ عَرَضَ عَلَيَّ بَطْحَاءَ مَكَّةَ لِيَجْعَلَهَا لِي ذَهَبًا.

     وَقَالَ  فِي اللُّمَعَاتِ وَجَعْلُهَا ذَهَبًا إما يجعل حَصَاهُ ذَهَبًا أَوْ مَلْءِ مِثْلِهِ بِالذَّهَبِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَجَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ جَعَلَ جِبَالَهَا ذَهَبًا انْتَهَى ( قُلْتُ لَا) أَيْ لَا أُرِيدُ وَلَا أَخْتَارُ ( وَلَكِنْ أَشْبَعُ يَوْمًا) أَيْ أَخْتَارُ أَوْ أُرِيدُ أَنْ أَشْبَعَ وَقْتًا أَيْ فَأَشْكُرُ ( وَأَجُوعُ يَوْمًا) أَيْ فَأَصْبِرُ ( أَوْ قَالَ ثَلَاثًا أَوْ نَحْوَ هَذَا) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي ( تَضَرَّعْتُ إِلَيْكَ) بِعَرْضِ الِافْتِقَارِ عَلَيْكَ ( وَذَكَرْتُكَ) أَيْ فِي نَفْسِي وَبِلِسَانِي ( فَإِذَا شَبِعْتُ شَكَرْتُكَ) عَلَى إِشْبَاعِكَ وَسَائِرِ نَعْمَائِكَ ( وَحَمِدْتُكَ) أَيْ بِمَا أَلْهَمْتَنِي مِنْ ثَنَائِكَ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ .

     قَوْلُهُ  ( وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ يُضَعَّفُ فِي الْحَدِيثِ إِلَخْ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ بْنِأَبِي زِيَادٍ الْأَلْهَانِيُّ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الدِّمَشْقِيِّ صَاحِبِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ضَعِيفٌ مِنَ السَّادِسَةِ

رقم الحديث 2348 [2348] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ شَرِيكٍ) الْمَعَافِرِيِّ أَبِي مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيِّ وَيُقَالُ شُرَحْبِيلُ بْنُ عَمْرِو بْنِ شَرِيكٍ صَدُوقٌ مِنَ السَّادِسَةِ .

     قَوْلُهُ  ( قَدْ أَفْلَحَ) أَيْ فَازَ وَظَفِرَ بِالْمَقْصُودِ ( مَنْ أَسْلَمَ) أَيِ انْقَادَ لِرَبِّهِ ( وَرُزِقَ) أَيْ مِنَ الْحَلَالِ ( كفافا) أي ما يكف مِنَ الْحَاجَاتِ وَيَدْفَعُ الضَّرُورَاتِ ( وَقَنَّعَهُ اللَّهُ) أَيْ جَعَلَهُ قَانِعًا بِمَا آتَاهُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ ومسلم وبن مَاجَهْ

رقم الحديث 2349 [2349] .

     قَوْلُهُ  ( أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ عَمْرَو بْنَ مَالِكٍ الْجَنْبِيَّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ الْهَمْدَانِيَّ بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  ( طُوبَى لِمَنْ هُدِيَ لِلْإِسْلَامِ) بِبِنَاءِ هُدِيَ لِلْمَفْعُولِ ( وَكَانَ عَيْشُهُ كَفَافًا) أَيْ لَا يَنْقُصُ عَنْ حَاجَتِهِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى كِفَايَتِهِ فَيَبْطَرُ وَيَطْغَى ( وَقَنَعَ) كَمَنَعَ أَيْ رَضِيَ بِالْقَسْمِ وَلَمْ تَطْمَحْ نَفْسُهُ لِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) وأخرجه بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَأَقَرُّوهُأَبِي زِيَادٍ الْأَلْهَانِيُّ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الدِّمَشْقِيِّ صَاحِبِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ضَعِيفٌ مِنَ السَّادِسَةِ

رقم الحديث 2350 [235] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا رَوْحُ) بِفَتْحِ رَاءٍ وَسُكُونِ وَاوٍ وَإِهْمَالِ حَاءٍ ( بْنُ أَسْلَمَ) الْبَاهِلِيُّ أَبُو حَاتِمٍ الْبَصْرِيُّ ضَعِيفٌ مِنَ التَّاسِعَةِ ( أَخْبَرَنَا شَدَّادُ) بْنُ سَعِيدٍ ( أبو طلحة الراسبي) البصري صدوق يخطىء مِنَ الثَّامِنَةِ ( عَنْ أَبِي الْوَازِعِ) اسْمُهُ جَابِرُ بْنُ عَمْرٍو الرَّاسِبِيُّ صَدُوقٌ يَهِمُ مِنَ التَّاسِعَةِ .

     قَوْلُهُ  ( وَاَللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ) أَيْ حُبًّا بَلِيغًا وَإِلَّا فَكُلُّ مُؤْمِنٍ يُحِبُّهُ ( فَقَالَ لَهُ انْظُرْ مَا تَقُولُ) أَيْ رُمْتَ أَمْرًا عَظِيمًا وَخَطْبًا خَطِيرًا فَتَفَكَّرْ فِيهِ فَإِنَّكَ تُوقِعُ نَفْسَكَ فِي خَطَرٍ وَأَيُّ خَطَرٍ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَسْتَهْدِفَهَا غَرَضًا لِسِهَامِ الْبَلَايَا وَالْمَصَائِبِ فَهَذَا تَمْهِيدٌ لِقَوْلِهِ فَأَعِدَّ لِلْفَقْرِ تِجْفَافًا ( قَالَ وَاَللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) ظَرْفٌ لِقَالَ ( إِنْ كُنْتَ تُحِبُّنِي) حُبًّا بَلِيغًا كَمَا تَزْعُمُ ( فَأَعِدَّ) أَمْرٌ مُخَاطَبٌ من الاعداد أي فهيء ( لِلْفَقْرِ) أَيْ بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ بَلْ بِالشُّكْرِ وَالْمَيْلِ إِلَيْهِ ( تِجْفَافًا) بِكَسْرِ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ أَيْ دِرْعًا وَجُنَّةً فَفِي الْمُغْرِبِ هُوَ شَيْءٌ يُلْبَسُ عَلَى الْخَيْلِ عِنْدَ الْحَرْبِ كَأَنَّهُ دِرْعٌ تِفْعَالٌ مِنْ جَفَّ لِمَا فِيهِ مِنَ الصَّلَابَةِ وَالْيُبُوسَةِ انْتَهَى فَتَاؤُهُ زَائِدَةٌ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي النِّهَايَةِ وَفِي الْقَامُوسِ التِّجْفَافُ بِالْكَسْرِ آلَةٌ لِلْحَرْبِ يَلْبَسُهُ الْفَرَسُ وَالْإِنْسَانُ لِيَقِيَهُ فِي الْحَرْبِ فَمَعْنَى الْحَدِيثِ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فِي الدَّعْوَى ومحقا في المعنى فهيء آلَةً تَنْفَعُكَ حَالَ الْبَلْوَى فَإِنَّ الْبَلَاءَ وَالْوَلَاءَ مُتَلَازِمَانِ فِي الْخَلَا وَالْمَلَا وَمُجْمَلُهُ أَنَّهُ تَهَيَّأْ لِلصَّبْرِ خُصُوصًا عَلَى الْفَقْرِ لِتَدْفَعَ بِهِ عَنْ دِينِكَ بِقُوَّةِ يَقِينِكَ مَا يُنَافِيهِ مِنَ الْجَزَعِ وَالْفَزَعِ وَقِلَّةِ الْقَنَاعَةِ وَعَدَمِ الرِّضَا بِالْقِسْمَةِ وَكَنَّى بِالتِّجْفَافِ عَنِ الصَّبْرِ لِأَنَّهُ يَسْتُرُ الْفَقْرَ كَمَا يستر التجفاف البدن عن الضر قاله القارىء ( مِنَ السَّيْلِ) أَيْ إِذَا انْحَدَرَ مِنْ عُلُوٍّ ( إِلَى مُنْتَهَاهُ) أَيْ مُسْتَقَرِّهِ فِي سُرْعَةِ وُصُولِهِ والمعنى أنه لابد من وصولالْفَقْرِ بِسُرْعَةٍ إِلَيْهِ وَمِنْ نُزُولِ الْبَلَايَا وَالرَّزَايَا بِكَثْرَةٍ عَلَيْهِ فَإِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ خُصُوصًا سَيِّدُ الْأَنْبِيَاءِ فَيَكُونُ بلاؤه أشد بَلَائِهِمْ وَيَكُونُ لِأَتْبَاعِهِ نَصِيبٌ عَلَى قَدْرِ وَلَائِهِمْ .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيِّ) بْنِ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ طُلِبَ لِلْقَضَاءِ فَامْتَنَعَ مِنَ الْعَاشِرَةِ ( أَخْبَرَنَا أَبِي) أَيْ عَلِيُّ بْنُ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ التَّاسِعَةِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ 9 - ( بَاب مَا جَاءَ أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ) أَغْنِيَائِهِمْ

رقم الحديث 2351 [2351] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ الطُّفَيْلِ العامر الْبَكَّائِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ ثَبْتٌ فِي المغازي وفي حديثه عن غير بن إِسْحَاقَ لِينٌ مِنَ الثَّامِنَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّ وَكِيعًا كَذَّبَهُ وَلَهُ فِي الْبُخَارِيِّ مَوْضِعٌ وَاحِدٌ مُتَابَعَةً .

     قَوْلُهُ  ( فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِخَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ) فَالْفُقَرَاءُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لَهُمْ حُسْنُ الْعَيْشِ فِي الْعُقْبَى مُجَازَاةً لِمَا فَاتَهُمْ مِنَ التَّنَعُّمِ فِي الدُّنْيَا كَمَا قَالَ تَعَالَى كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأيام الخالية أَيِ الْمَاضِيَةِ أَوِ الْخَالِيَةِ عَنِ الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ صِيَامًا أَوْ وَقْتَ الْمَجَاعَةِ.

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَجَابِرٍ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الزُّهْدِ وَفِيهِ أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَسْبِقُونَ الْأَغْنِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْجَنَّةِ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ

رقم الحديث 2352 [2352] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَابِدُ الْكُوفِيُّ) أَبُو مُحَمَّدٍ وَيُقَالُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ صَدُوقٌ زَاهِدٌ يُخْطِئُ فِي أَحَادِيثَ مِنَ التَّاسِعَةِ ( أَخْبَرَنَا الْحَارِثُ بْنُ النُّعْمَانِ) بْنِ سَالِمٍ اللَّيْثِيُّ الْكُوفِيُّ بن أُخْتِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ضَعِيفٌ مِنَ الْخَامِسَةِ .

     قَوْلُهُ  ( اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا) قِيلَ هُوَ مِنَ الْمَسْكَنَةِ وَهِيَ الذِّلَّةُ وَالِافْتِقَارُ فَأَرَادَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ إِظْهَارَ تَوَاضُعِهِ وَافْتِقَارِهِ إِلَى رَبِّهِ إِرْشَادًا لِأُمَّتِهِ إِلَى اسْتِشْعَارِ التَّوَاضُعِ وَالِاحْتِرَازِ عَنِ الْكِبْرِ وَالنَّخْوَةِ وَأَرَادَ بِذَلِكَ التَّنْبِيهَ عَلَى عُلُوِّ دَرَجَاتِ الْمَسَاكِينِ وَقُرْبِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى قَالَهُ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ) أَيِ اجْمَعْنِي فِي جَمَاعَتِهِمْ بِمَعْنَى اجْعَلْنِي مِنْهُمْ لَكِنْ لَمْ يَسْأَلْ مَسْكَنَةً تَرْجِعُ لِلْقِلَّةِ بَلْ لِلْإِخْبَاتِ وَالتَّوَاضُعِ وَالْخُشُوعِ قَالَ السُّهْرَوَرْدِيُّ لَوْ سَأَلَ اللَّهَ أَنْ يَحْشُرَ الْمَسَاكِينَ فِي زُمْرَتِهِ لَكَانَ لَهُمُ الْفَخْرُ الْعَمِيمُ وَالْفَضْلُ الْعَظِيمُ فَكَيْفَ وَقَدْ سَأَلَ أَنْ يُحْشَرَ فِي زُمْرَتِهِمْ ( لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ) أَيْ لِأَيِّ شَيْءٍ دَعَوْتَ هَذَا الدُّعَاءَ وَاخْتَرْتَ الْحَيَاةَ وَالْمَمَاتَ وَالْبَعْثَ مَعَ الْمَسَاكِينِ وَالْفُقَرَاءِ دُونَ أَكَابِرِ الْأَغْنِيَاءِ ( قَالَ إِنَّهُمْ) اسْتِئْنَافٌ فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ أَيْ لِأَنَّهُمْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ بَقِيَّةِ فَضَائِلِهِمْ وَحُسْنِ أَخْلَاقِهِمْ وَشَمَائِلِهِمْ ( بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا) أَيْ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ الْخَرِيفُ الزَّمَانُ الْمَعْرُوفُ مِنْ فُصُولِ السَّنَةِ مَا بَيْنَ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ وَيُرِيدُ بِهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً لِأَنَّ الْخَرِيفَ لَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِذَا انْقَضَى أَرْبَعُونَ خَرِيفًا فَقَدْ مَضَتْ أَرْبَعُونَ سَنَةً انْتَهَىفَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ التَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيْنَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ فَإِنَّهُمَا بِظَاهِرِهِمَا مُتَخَالِفَانِ قُلْتُ أَوْجُهُ التَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِكُلٍّ مِنَ الْعَدَدَيْنِ إِنَّمَا هُوَ التَّكْثِيرُ لَا التَّحْدِيدُ فَتَارَةً عَبَّرَ بِهِ وَأُخْرَى بِغَيْرِهِ تَفَنُّنًا وَمَآلُهُمَا وَاحِدٌ أَوْ أَخْبَرَ أَوَّلًا بِأَرْبَعِينَ كَمَا أُوحِيَ إليه ثم أخبر ثانيا بخمس مائة عَامٍ زِيَادَةً مِنْ فَضْلِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِبَرَكَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّقْدِيرُ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا إِشَارَةً إِلَى أَقَلِّ الْمَرَاتِبِ وَبِخَمْسِمِائَةِ عَامٍ إِلَى أَكْثَرِهَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ وَلَفْظُهُ سَبَقَ الْمُهَاجِرُونَ النَّاسَ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا إِلَى الْجَنَّةِ ثُمَّ يَكُونُ الزُّمْرَةُ الثَّانِيَةُ مِائَةَ خَرِيفٍ فَالْمَعْنَى أَنْ يَكُونَ الزُّمْرَةُ الثَّالِثَةُ مِائَتَيْنِ وَهَلُمَّ جَرًّا وَكَأَنَّهُمْ مَحْصُورُونَ فِي خَمْسِ زُمَرٍ أَوِ الِاخْتِلَافُ بِاخْتِلَافِ مَرَاتِبِ أَشْخَاصِ الْفُقَرَاءِ فِي حَالِ صَبْرِهِمْ وَرِضَاهُمْ وَشُكْرِهِمْ وَهُوَ الْأَظْهَرُ الْمُطَابِقُ لِمَا فِي جَامِعِ الْأُصُولِ حَيْثُ قَالَ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَرْبَعِينَ أَرَادَ بِهَا تَقَدُّمَ الْفَقِيرِ الْحَرِيصِ عَلَى الْغَنِيِّ وَأَرَادَ بالخمس مائة تَقَدُّمَ الْفَقِيرِ الزَّاهِدِ عَلَى الْغَنِيِّ الرَّاغِبِ فَكَانَ الْفَقِيرُ الْحَرِيصُ عَلَى دَرَجَتَيْنِ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً مِنَ الْفَقِيرِ الزَّاهِدِ وَهَذِهِ نِسْبَةُ الْأَرْبَعِينَ إلى الخمس مائة وَلَا تَظُنَّنَّ أَنَّ التَّقْدِيرَ وَأَمْثَالَهُ يَجْرِي عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُزَافًا وَلَا بِاتِّفَاقٍ بَلْ لِسِرٍّ أَدْرَكَهُ وَنِسْبَةٍ أَحَاطَ بِهَا عِلْمُهُ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ( أَحِبِّي الْمَسَاكِينَ) أَيْ بِقَلْبِكِ ( وَقَرِّبِيهِمْ) أَيْ إِلَى مَجْلِسِكِ حَالَ تَحْدِيثِكِ ( فَإِنَّ اللَّهَ يُقَرِّبُكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أَيْ بِتَقْرِيبِهِمْ تَقْرِيبًا إِلَى الله سبحانه وتعالى قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ إِنْ لَمْ يَكُنْ دَلِيلٌ آخَرُ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ لَكَفَى حُجَّةً وَاضِحَةً عَلَى أَنَّ الْفَقِيرَ الصَّابِرَ خَيْرٌ مِنَ الْغَنِيِّ الشَّاكِرِ وَأَمَّا حَدِيثُ الْفَقْرُ فَخْرِي وَبِهِ أَفْتَخِرُ فَبَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ مِنَ الْحُفَّاظِ الْعَسْقَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا حَدِيثُ كَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْرًا فَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَقْرِ الْقَلْبِيِّ الْمُؤَدِّي إِلَى الْجَزَعِ وَالْفَزَعِ بِحَيْثُ يُفْضِي إِلَى عَدَمِ الرِّضَاءِ بِالْقَضَاءِ وَالِاعْتِرَاضِ عَلَى تَقْسِيمِ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَلِذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ إِنَّمَا الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ انْتَهَى قُلْتُ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ .

     قَوْلُهُ  يُسْتَدَلُّ عَلَى أَنَّ الْفَقِيرَ أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْمِسْكِينِ بِمَا نُقِلَ الْفَقْرُ فَخْرِي وَبِهِ أَفْتَخِرُ وَهَذَا الْحَدِيثُ سُئِلَ عنه الحافظ بن تَيْمِيَّةَ فَقَالَ إِنَّهُ كَذِبٌ لَا يُعْرَفُ فِي شيء من كتب المسلمين المروية وجزم الصغائي بِأنَّهُ مَوْضُوعٌ انْتَهَىفَإِنْ قُلْتَ مَا وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ حَدِيثِ هَذَا وَبَيْنَ حَدِيثِ عَائِشَةَ الَّذِي فِيهِ اسْتِعَاذَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْفَقْرِ قُلْتُ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ إِنَّ الَّذِي اسْتَعَاذَ مِنْهُ وَكَرِهَهُ فَقْرُ الْقَلْبِ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ وَارْتَضَاهُ طرح المال وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ الَّذِي اسْتَعَاذَ مِنْهُ هُوَ الَّذِي لَا يُدْرَكُ مَعَهُ الْقُوتُ وَالْكَفَافُ وَلَا يَسْتَقِرُّ مَعَهُ فِي النَّفْسِ غِنًى لِأَنَّ الْغِنَى عِنْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غِنَى النَّفْسِ وَقَدْ قال تعالى ووجدك عائلا فأغنى وَلَمْ يَكُنْ غِنَاهُ أَكْثَرَ مِنَ ادِّخَارِهِ قُوتَ سنة لنفسه وعياله وكان الغني في محله قَلْبِهِ ثِقَةً بِرَبِّهِ وَكَانَ يَسْتَعِيذُ مِنْ فَقْرٍ مُنْسٍ وَغِنًى مُطْغٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الغنى والفقر طرفين مذمومين وَبِهَذَا تَجْتَمِعُ الْأَخْبَارُ فِي هَذَا الْمَعْنَى انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَاسْتَغْرَبَهُ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَقَالَ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رواه بن مَاجَهْ وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ أَيْضًا وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ عَنْهُ وَطَوَّلَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بن الصامت تنبيه أسرف بن الْجَوْزِيِّ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَكَأَنَّهُ أَقْدَمَ عَلَيْهِ لَمَّا رَآهُ مُبَايِنًا لِلْحَالِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ كَانَ مَكْفِيًّا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَوَجْهُهُ عِنْدِي أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلِ الْمَسْكَنَةَ الَّتِي يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى الْقِلَّةِ وَإِنَّمَا سَأَلَ الْمَسْكَنَةَ الَّتِي يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى الْإِخْبَاتِ وَالتَّوَاضُعِ انْتَهَى