فهرس الكتاب

- باب: تفاضل أهل الإيمان في الأعمال

رقم الحديث 24 [24] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ -وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ».
[الحديث طرفه في: 6118] .
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي السابق ( قال: أخبرنا) وفي رواية الأصيلي حدّثنا ( مالك) ، ولكريمة وأبي الوقت مالك بن أنس أي إمام دار الهجرة رحمه الله ( عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري، ( عن سالم بن عبد الله) بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي التابعي الجليل أحد الفقهاء السبعة بالمدينة في أحد الأقوال، المتوفى سنة ست أو خمس أو ثمان ومائة، ( عن أبيه) عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مرَّ) أي اجتاز ( على رجل من الأنصار وهو) أي حال كونه ( يعظ أخاه) من الدين أو النسب، قال في المقدمة ولم يسميا جميعًا ( في) شأن ( الحياء) بالمد وهو تغيير وانكسار عند خوف ما يعاب أو يذم.
قال الراغب: وهو من خصائص الإنسان ليرتدع عن ارتكاب كل ما يشتهي، فلا يكون كالبهيمة.
والوعظ النصح والتخويف والتذكير.
وقال الحافظ ابن حجر: والأولى أن يشرح بما عند المؤلف في الأدب المفرد بلفظ يعاتب أخاه في الحياء، يقول إنك تستحي حتى كأنه قد أضرّ بك.
قال: ويحتمل أن يكون جمع له العتاب والوعظ، فذكر بعد الرواة ما لم يذكره الآخر، لكن المخرج متّحد، فالظاهر أنه من تصرف الراوي بحسب ما اعتقد أن كل لفظ يقوم مقام الآخر انتهى.
وتعقبه العيني بأنه بعيد من حيث اللغة، فإن معنى الوعظ الزجر ومعنى العتب الوجد، يقال: عتب عليه إذا وجد.
على أن الروايتين تدلان على معنيين جليين ليس في واحد منهما خفاء حتى يفسر أحدهما بالآخر، وغايته أنه وعظ أخاه في استعمال الحياء وعاتبه عليه والراوي حكى في إحدى روايتيه بلفظ الوعظ وفي الأخرى بلفظ المعاتبة.
وقال التيمي معناه الزجر يعني يزجره ويقول له: لا تستحي، وذلك أنه كان كثير الحياء، وكان ذلك يمنعه من استيفاء حقوقه فوعظه أخوه على ذلك.
( فقال) له ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: دعه) أي اتركه على حيائه، ( فإن الحياء من الإيمان) لأنه يمنع صاحبه من ارتكاب المعاصي كما يمنع الإيمان، فسمي إيمانًا كما يسمى الشيء باسم ما قام مقامه، قاله ابن قتيبة.
ومن تبعيضية كقوله في الحديث السابق الحياء شعبة من الإيمان، لا يقال إذا كان الحياء بعض الإيمان فينتفي الإيمان بانتفائه، لأن الحياء من مكملات الإيمان، ونفي الكمال لا يستلزم نفي الحقيقة، والظاهر أن الواعظ كان شاكًّا بل كان منكرًا ولذا وقع التأكيد بأن، ّ ويجوز أن يكون من جهة أن القصة في نفسها مما يجب أن يهتم به ويؤكد عليه، وأن لم يكن ثمة إنكار أو شك.
ورجال هذا الحديث كلهم مدنيون إلا عبد الله.
وأخرجه البخاري أيضًا في البرّ والصلة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
17 - باب ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) هذا ( باب) بالتنوين والإضافة كما في فرع اليونينية.
قال الحافظ ابن حجر والتقدير باب في تفسير قوله وباب تفسير قوله، وعورض بأن المصنف لم يضع الباب لتفسير الآية بل غرضه بيان أمر الإيمان وبيان أن الأعمال من الإيمان مستدلاً على ذلك بالآية والحديث، فباب بمفرده لا يستحق إعرابًا لأنه كتعديد الأسماء من غير تركيب، والإعراب لا يكون إلا بعد العقد والتركيب.
( فإن تابوا) أي المشركون عن شركهم بالإيمان، ( وأقاموا) أيأدّوا ( الصلاة) في أوقاتها ( وآتوا الزكاة) أعطوها تصديقًا لتوبتهم وإيمانهم، ( فخلوا) أي أطلقوا ( سبيلهم) .
جواب الشرط في قوله فإن تابوا وفيه كما قال القاضي البيضاوي دليل على أن تارك الصلاة ومانع الزكاة لا يخلى سبيله، ومراد المؤلف بهذا الردّ على المرجئة في قولهم: إن الإيمان غير محتاج إلى الأعمال مع التنبيه على أن الأعمال من الإيمان.