فهرس الكتاب

- باب الأذان يوم الجمعة

رقم الحديث 1557 [1557] حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ عَطَاءٌ قَالَ جَابِرٌ -رضي الله عنه- "أَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيًّا -رضي الله عنه- أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ، وَذَكَرَ قَوْلَ سُرَاقَةَ".
[الحديث أطرافه في: 1568، 1570، 1651، 1785، 2506، 4352، 7230، 7367] .
وبالسند قال: ( حدّثنا المكي بن إبراهيم) بشر بن فرقد الحنظلي التميمي البلخي ( عن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز ( قال عطاء) هو ابن أبي رباح، ( قال جابر) هو ابن عبد الله الأنصاري ( -رضي الله عنه-) .
( أمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عليا -رضي الله عنه-) هو ابن أبي طالب حين قدم مكة من اليمن ومعه هدي ( أن يقيم على إحرامه) الذي كان أحرم به كإحرام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا يحل لأنه معه الهدي.
( وذكر) أي جابر في حديثه فهو من مقول عطاء أو المكي بن إبراهيم فيكون من مقول البخاري ( قول سراقة) بضم السين المهملة وفتح القاف ابن مالك بن جعشم بضم الجيم والشين المعجمة بينهما مهملة ساكنة المذكور في باب: عمرة التنعيم من حديث حبيب المعلم عن عطاء حدثني جابر أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أهلّ هو وأصحابه بالحج وليس مع أحد منهم هدي غير النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وطلحة، وكان علي -رضي الله عنه- قدم من اليمن ومعه هدي الحديث وفيه: أن سراقة لقي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالعقبة وهو يرميها فقال: ألكم هذه خاصة يا رسول اللهقال بل لأبد الأبد أي إن أفعال العمرة تدخل في أفعال الحج للقارن دائمًا في خصوص تلك السنة.
وفي هذا الحديث التحديث والعنعنة والقول.
قال عطاء وقال جابر وهو صورة التعليق وهو من الرباعيات.


رقم الحديث 1558 [1558] حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلاَّلُ الْهُذَلِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ سَمِعْتُ مَرْوَانَ الأَصْفَرَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ "قَدِمَ عَلِيٌّ -رضي الله عنه- عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْيَمَنِ فَقَالَ: بِمَا أَهْلَلْتَ؟ قَالَ: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَقَالَ: لَوْلاَ أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لأحْللتُ" وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ "قَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: بِمَا أَهْلَلْتَ يَا عَلِيُّ؟ قَالَ: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ: فَأَهْدِ وَامْكُثْ حَرَامًا كَمَا أَنْتَ".
وبه قال: (حدّثنا الحسن بن علي الخلال) بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام الأولى (الهذلي) بضم الهاء وفتح الذال المعجمة نسبة إلى هذيل بن مدركة المتوفى سنة اثنتين وأربعين ومائتين قال: (حدّثنا عبد الصمد) بن عبد الوارث بن سعيد قال: (حدّثنا سليم بن حيان) بفتح السين وكسر اللام وحيان بفتح الحاء المهملة وتشديد المثناة التحتية (قال سمعت مروان الأصفر) بالصاد المهملة والفاء أبو خليفة البصري قيل اسم أبيه خاقان وقيل سالم (عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قدم علي -رضي الله عنه- على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مكة (من اليمن فقال:) عليه الصلاة والسلام له: (بما أهللت؟) أي أحرم وأثبت ألف ما الاستفهامية مع دخول الجار عليها وهو قليل، ولأبي ذر: بم بحذفها على الكثير الشائع نحو فيم أنت من ذكراها عم يتساءلون (قال:) علي -رضي الله عنه- (بما أهل) أي بالذي أحرم (به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال:) عليه الصلاة والسلام (لولا أن معي الهدي لأحللت) من الإحرام وتمتعت لأن صاحب الهدي لا يتحلل حتى يبلغ الهدي محله وهو يوم النحر، واللام في لأحللت للتأكيد.
وأخرج هذا الحديث مسلم والترمذي في الحج.
(وزاد محمد بن بكر) بفتح الموحدة وسكون الكاف البرساني بضم الموحدة وفتح السين المهملة مما وصله الإسماعيلي من طريق محمد بن بشار وأبو عوانة في صحيحيه عن عمار كلاهما عنه (عن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (قال له النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (بما أهللت يا علي)؟ (قال: بما أهل به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قال) (فأهد) بهمزة قطع مفتوحة (وامكث) بهمزة وصل أي البث حال كونك (حرامًا) أي محرمًا (كما أنت) أي على ما أنت عليه من الإحرام إلى الفراغ من الحج، وما: موصولة وأنت مبتدأ حذف خبره أو خبر حذف مبتدؤه أي كالذي هو أنت أو ما زائدة ملغاة والكاف جارة وأنت ضمير مرفوع أنيب عن المجرور كقولهم ما أنا كأنت، والمعنى كن فيما يستقبل مماثلاً لنفسك فيما مضى أو ما كافة وأنت مبتدأ حذف خبره أي عليه أو كائن.
قال البرماوي كالكرماني: وفي الحديث أن عليًا كان قارنًا لأن الدم إما على متمتع أو قارن وليس متمتعًا لأن قوله أمكث يدل على عدمه.
1559 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي مُوسَى -رضي الله عنه- قَالَ "بَعَثَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى قَوْمٍ بِالْيَمَنِ.
فَجِئْتُ وَهْوَ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ: بِمَا أَهْلَلْتَ؟.

قُلْتُ أَهْلَلْتُ كَإِهْلاَلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ: هَلْ مَعَكَ مِنْ هَدْيٍ؟ قُلْتُ: لاَ.
فَأَمَرَنِي فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.
ثُمَّ أَمَرَنِي فَأَحْلَلْتُ، فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي فَمَشَطَتْنِي أَوْ غَسَلَتْ رَأْسِي.
فَقَدِمَ عُمَرُ -رضي الله عنه- فَقَالَ: إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ، قَالَ اللَّهُ: { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} [البقرة: 196] .
وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ".
[الحديث 1559 - أطرافه في: 1565، 1724، 1795، 4346، 4397] .
وبه قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) بن واقد الفريابي قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن قيس بن مسلم) بضم الميم وسكون السين الجدلي بفتح الجيم والدال الكوفي (عن طارق بن شهاب) البجلي وفي المغازي من رواية أيوب بن عائذ عن قيس بن مسلم سمعت طارق بن شهاب (عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري (-رضي الله عنه- قال: بعثني -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في العاشرة من الهجرة قبل حجة الوداع (إلى قوم باليمن) ولأبي ذر: إلى قومي بياء الإضافة (فجئت وهو بالبطحاء) أي بطحاء مكة زاد في باب متى يحل المعتمر من رواية شعبة عن قيس وهو منيخ أي نازل بها (فقال:) عليه الصلاة والسلام.
(بما أهللت؟) بإثبات ألف ما الاستفهامية على القليل.
قال أبو موسى (قلت: أهللت) وفي رواية شعبة: قلت لبيك بإهلال (كإهلال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال): (هل معك من هدي) (قلت: لا فأمرني فطفت بالبيت وبالصفا والمروة ثم أمرني فأحللت) من إحرامي (فأتيت امرأة من قومي) لم تسم المرأة.
نعم في أبواب العمرة أنها امرأة من قيس، ويحتمل أن تكون محرمًا له (فمشطتني) بتخفيف الشين المعجمة أي سرحته بالمشط (أو غسلت رأسي) بالشك.
ولمسلم: وغسلت بواو العطف ولم يذكر الحلق إما لكونه معلومًا عندهم أو لدخوله في أمره بالإحلال (فقدم) بكسر الدال أي جاء (عمر) بن الخطاب (-رضي الله عنه-) أي زمان خلافته لا في حجة الوداع كما بين في مسلم واختصره المؤلّف، ولفظ مسلم: ثم أتيت امرأة من قيس فقلت رأسي ثم أهللت بالحجفكنت أفتي به الناس حتى كان في خلافة عمر -رضي الله عنه- فقال له رجل: يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس رويدك بعض فتياك فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعدك.
فقال: يا أيها الناس من كنا أفتيناه فُتيا فليتئد فإن أمير المؤمنين قادم عليكم فأتموا به.
قال: فقدم عمر فذكرت له ذلك (فقال: أن نأخذ بكتاب الله فإنه يأمرنا بالتمام)، أي بإتمام أفعالهما بعد الشروع فيهما (قال الله تعالى: { وأتموا الحج والعمرة لله} [البقرة: 196] قيل إتمامهما الإحرام بهما من دويرة أهله وهو مروي عن علي وابن عباس وسعيد بن جبير وطاوس وعند عبد الرزاق عن عمر من تمامهما أن يفرد كل واحد منهما من الآخر وأن يعتمر في غير أشهر الحج إن الله تعالى يقول الحج أشهر معلومات، (وأن نأخذ بسنة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإنه) عليه الصلاة والسلام (لم يحل) من إحرامه (حتى نحر الهدي) بمنى، وظاهر كلام عمر هذا إنكار فسخ الحج إلى العمرة وأن نهيه عن التمتع إنما هو من باب ترك الأولى لا أنه منع ذلك منع تحريم وابطال قاله عياض.
وقال النووي: والمختار أنه ينهى عن المتعة المعروفة التي هي الاعتمار في أشهر الحج ثم الحج من عامه وهو على التنزيه للترغيب في الإفراد ثم انعقد الإجماع على جواز التمتع من غير كراهة، وإنما أمر أبا موسى بالإحلال لأنه ليس معه هدي بخلاف علي حيث أمره بالبقاء لأن معه الهدي مع أنهما أحرما كإحرامه، لكن أمر أبا موسى بالإحلال تشبيهًا بنفسه لو لم يكن معه هدي، وأمر عليًّا تشبيهًا به في الحالة الراهنة.
وفي الحديث صحة الإحرام المعلق وهو موضع الترجمة وبه أخذ الشافعية كما مرّ أول الباب.
33 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى [البقرة: 197] : { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} ، [البقرة: 197] : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} .
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: أَشْهُرُ الْحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- "مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لاَ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ إِلاَّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ".
وَكَرِهَ عُثْمَانُ -رضي الله عنه- أَنْ يُحْرِمَ مِنْ خُرَاسَانَ أَوْ كَرْمَانَ.
(باب قول الله تعالى): ({ الحج أشهر} ) [البقرة: 197] أي وقت الحج أشهر فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه أي وقت الحج في أشهر لكن قال ابن عطية: من قدر الكلام في أشهر لزمه مع سقوط حرف الجر نصب الأشهر ولم يقرأ بنصبها أحد، وتعقبه أبو حيان بأنه لا يلزم نصب الأشهر مع سقوط حرف الجر كما ذكره لأنه يرفع على الاتساع وهذا لا خلاف فيه عند البصريين أعني أنه إذا كان ظرف الزمان نكرة خبرًا عن المصادر فإنه يجوز عندهم فيه الرفع والنصب، وسواء كان لحدث مستغرقًا للزمان أو غير مستغرق.
وأما الكوفيون فعندهم في ذلك تفصيل وهو أن الحدث إما أن يكون مستغرقًا للزمان فيرفع ولا يجوز فيه النصب أو غير مستغرق، فمذهب هشام أنه يجب فيه الرفع فتقول ميعادك يوم وثلاثة أيام.
وذهب الفراء إلى جواز النصب والرفع كالبصريين، ونقل عن الفراء في هذا الموضع أنه لا يجوز نصب الأشهر لأن أشهرًا نكرة غير محصورة وهذا النقل مخالف لما نقل عنه فيمكن أن يكون له قولان قول كالبصريين والآخر كهشام انتهى.
وقال الشيخ أبو إسحاق في المهذّب: المراد وقت إحرام الحج لأن الحج لا يحتاج إلى أشهر فدل على أن المراد وقت الإحرام به والأشهر جمع شهر وليس المراد منه ثلاثة أشهر كوامل، ولكن المراد شهران وبعض الثالث فهو من إطلاق الكل وإرادة البعض كما حكى الفراء له اليوم يومان لم أرده قال وإنما هو يوم وبعض يوم آخر، وحكي عن العرب ما رأيته من خمسة أيام وإن كنت قد رأيته في اليوم الأول واليوم الخامس فلم يشمل الانتفاء خمسة الأيام جميعها، بل يجعل ما رأيته في بعضه وانتفت الرؤية في بعضه كأنه يوم كامل لم يره فيه أو أن اسم الجمع يشترك فيه ما وراء الواحد بدليل قوله تعالى: { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] قاله في الكشاف وتعقبه في البحر بأن ما ذكره الدعوى فيه عامة.
وهو أن اسم الجمع يشترك فيه ما وراء الواحد وهذا فيه النزاع والدليل الذي ذكره خاص وهذا لا خلاف فيه، ولإطلاق الجمع في مثل ذلك على التثنية شروط ذكرت في النحو وأنه ليس من باب فقد صغت قلوبكما فلا يمكن أن يستدل به عليه.
({ معلومات} ) أي معروفات عند الناس لا تشك عليهم ({ فمن فرض فيهن الحج} ) أوجبه على نفسه بالنية عند الشافعية وبالتلبية أو سوق الهدي عند أبي حنيفة، وهو دليل على ما ذهب إليه الشافعي أن من أحرم بالحج لزمه الإتمام ({ فلا رفث} ) فلا جماع أو فلا فحش من الكلام ({ ولا فسوق} ) ولا خروج عن حدود الشرع بالسيئاتوارتكاب المحظورات ({ ولا جدال} ) ولا مراء مع الخدم والرفقة ({ في الحج} ) [البقرة: 197] في أيامه الثلاثة.
وقرأ رفث وفسوق برفعهما منّونًا ابن كثير وأبو عمرو على جعل لا ليسية وهو خبر بمعنى النهي، أو على جعلهما جملتين حذف خبرهما، أو رفث مبتدأ وفسوق عطف عليه والخبر محذوف.
وقرأ الباقون بالنصب بلا تنوين مبنيين مع لا الجنسية والجمهور على بناء جدال على الفتح للعموم.
({ يسألونك} ) [البقرة: 189] ولأبي ذر: وقوله يسألونك (عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) جمع ميقات من الوقت والفرق بينه وبين المدة والزمان أن المدة المطلقة امتداد حركة الفلك من مبدئها إلى منتهاها والزمان مدة مقسومة والوقت الزمان المفروض لأمر.
(وقال ابن عمر:) بن الخطاب (-رضي الله عنهما-) مما وصله ابن جرير الطبري والدارقطني من طريق ورقاء عن عبد الله بن دينار عنه: (أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة) فيدخل يوم النحر، وهذا مذهب أبي حنيفة وأحمد.
وقال الشافعي: لا يدخل يوم النحر وهو المصحح المشهور عنه.
وقال مالك في المشهور عنه ذو الحجة بكماله لقوله تعالى: ({ الحج أشهر معلومات} ) وإنما تكون أشهرًا إذا كمل ذو الحجة، وليس المراد من كونها أشهر الحج باعتبار أن كل أفعاله جائزة فيها.
ألا ترى أن الوقوف وطواف الزيادة وغيرهما غير جائز في شوال بل باعتبار أن بعض أفعاله يعتدّ بها فيها دون غيرها كما أن الأفاقي إذا قدم في شوال وطاف طواف القدوم وسعى بعده ينوب هذا السعي عن السعي الواجب في الحج.
(وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-:) مما وصله ابن خزيمة والدارقطني والحاكم (من السنة) أي من الشريعة (أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج) فلو أحرم به في غير أشهره كرمضان انعقد عمرة عند الشافعية لأن الإحرام شديد التعلق واللزوم فإذا لم يقبل الوقت ما أحرم به انصرف إلى ما يقبله وهو العمرة.
وقال المالكية والحنفية: ينعقد حجًّا ولا يصح شيء من أفعاله إلا فيها لكنه يكره.
قال الحنفية: لأنه لا يأمن في التقديم وقوع محظور.
وقال المالكية: لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما أحرم به في أشهره.
(وكره عثمان) بن عفان (-رضي الله عنه- أن يحرم من خراسان) بضم الخاء المعجمة (أو كرمان) بكسر الكاف لأبي ذر وبفتحها لغيره وهذا وصله سعيد بن منصور ولفظه: حدّثنا هشيم يونس بن عبيد حدّثنا الحسن هو البصري أن عبد الله بن عامر أحرم من خراسان فلما قدم على عثمان لامه فيما صنع وكرهه، ولأبي أحمد بن سيار في تاريخ مرو قال: لما فتح عبد الله بن عامر خراسان قال: لأجعلن شكري لله أن أخرج من موضعي هذا محرمًا فأحرم من نيسابور، فلما قدم على عثمان لامه.
وفي تاريخ يعقوب بن أبي سفيان أن ذلك في السنة التي قتل فيها عثمان، ووجه الكراهة ما فيه من الحرج والضرر.