فهرس الكتاب

- باب صب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءه على المغمى عليه

رقم الحديث 206 [206] حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَأَهْوَيْتُ لأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ: «دَعْهُمَا، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ».
فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا.
وبالسند قال: ( حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين ( قال: حدّثنا زكريا) ابن أبي زائدة الكوفي ( عن عامر) هو ابن شراحيل الشعبي التابعي.
قال الحافظ ابن حجر: وزكريا مدلس ولم أره من حديثه إلا بالعنعنة، لكن أخرجه الإمام أحمد عن يحيى القطان عن زكريا والقطان لا يحمل عن شيوخه المدلسين إلا ما كان مسموعًا لهم صرّح بذلك الإسماعيلي انتهى.
( عن عروة بن المغيرة عن أبيه) المغيرة بن شعبة رضي الله عنهم ( قال) : ( كنت مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سفر) في رجب سنة تسع في غزوة تبوك ( فأهويت) أي مددت يدي أو قصدت أو أشرت أو أومأت ( لأنزع خفّيه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقال: دعهما) أي الخفين ( فإني أدخلتهما) أي الرجلين حال كونهما ( طاهرتين) من الحدثين، وللكشميهني وهما طاهرتان جملة اسمية حالية، ولأبي داود فإني أدخلت القدمين الخفّين وهما طاهرتان الحديث.
ثم أحدث عليه الصلاة والسلام ( فمسح عليهما) ولابني خزيمة وحبّان أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أرخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يومًا وليلة إذا تطهر فلبس خفّيه أن يمسح عليهما أي من الحدث بعد اللبس لأن وقت المسح يدخل بابتداء الحدث على الراجح، فاعتبرت مدته منه، واختار في المجموع قول أبي ثور وابن المنذر أن ابتداء المدة من المسح لأن قوة الأحاديث تعطيه، وحديث ابني خزيمة وحبان هذا موافق لحديث الباب في الدلالة على اشتراط الطهارةالكاملة عند اللبس، فلو لبس قبل غسل رجليه وغسلهما فيه لم يجز المسح إلا أن ينزعهما من مقرهما ثم يدخلهما فيه، ولو أدخل إحداهما بعد غسلها ثم غسل الأخرى وأدخلها لم يجز المسح إلا أن ينزع الأولى من مقرها ثم يدخلها فيه، لأن الحكم المترتب على التثنية غير الحكم المترتب على الموحدة.
واستضعفه ابن دقيق العيد لأن الاحتمال باقٍ قال: ولكن إن ضم إليه دليل يدل على أن الطهارة لا تتبعض اتجه ولو ابتدأ اللبس بعد غسلهما ثم أحدث قبل وصولهما إلى موضع القدم لم يجز المسح، ولو غسلهما بنيّة الوضوء ثم لبسهما ثم أكمل باقي أعضاء الوضوء لم يجز له المسح عند الشافعي ومن وافقه على إيجاب الترتيب، وهذا الوضوء يجوز عند أبي حنيفة رضي الله عنه ومن وافقه على عدم وجوب الترتيب بناء على أن الطهارة لا تتبعض، ولم يخرج المصنف في هذا الكتاب ما يدل على توقيت المسح، وقد قال به الجمهور للحديث الذي قدمته وحديث مسلم وغيره، وخالف المالكية في المشهور عندهم فلم يجعلوا للمسح تأقيتًا بأيام مطلقًا بل يمسح عليه ما لم يخلعه أو يجب على الماسح غسل.
نعم روى أشهب أن المسافر يمسح ثلاثة أيام ولم يذكر للمقيم وقتًا، وروى ابن نافع أن المقيم يمسح من الجمعة إلى الجمعة قال القاضي أبو محمد: هذا يحتمل الاستحباب، ثم قال: بل هو مقصود ووجهه أنه يغتسل للجمعة، وعزي إلى مالك في الرسالة المنسوبة إليه أنه حدّ للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يومًا وليلة، وأنكرت الرسالة المنسوبة لمالك.
ورواة هذا الحديث كلهم كوفيون وفيه رواية التابعي الكبير عن التابعي والعنعنة والتحديث.
50 - باب مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ وَالسَّوِيق وَأَكَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ -رضي الله عنهم- لَحْمًا فَلَمْ يَتَوَضَّئُوا.
هذا ( باب من لم يتوضأ من) أكل ( لحم الشاة) ونحوها مما هو مثلها وما دونها ( و) من أكل ( السويق) وهو ما اتخذ من شعير أو قمح مقلو يدق فيكون كالدقيق إذا احتيج إلى أكله خلط بماء أو لبن أو ربّ ونحوه.
( وأكل أبو بكر) الصديق ( وعمر) الفاروق ( وعثمان) ذو النورين ( رضي الله عنهم فلم يتوضؤوا) كذا في رواية أبي ذر إلا عن الكشميهني بحذف المفعول وهو يعم كل ما مسّت النار وغيره، وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني والحموي والأصيلي، وأكل أبو بكر وعمر وعثمان لحمًا بإثباته، وعند ابن أبي شيبة عن محمد بن المنكدر قال: أكلت مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومع أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم خبرًا ولحمًا فصلّوا ولم يتوضؤوا، وكذا رواه الترمذي، وفي الطبراني في مسند الشاميين بإسناد حسن من طريق سليم بن عامر قال: رأيت أبا بكر وعمر وعثمان أكلوا مما مست النار ولم يتوضؤوا.