فهرس الكتاب

- باب إذا صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها

رقم الحديث 380 [380] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ لَهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ: «قُومُوا فَلأُصَلِّ لَكُمْ».
قَالَ أَنَسٌ: فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ.
فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،وَصَفَفْتُ وَالْيَتِيمَ وَرَاءَهُ، وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا.
فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ.
[الحديث أطرافه في: 727، 860، 871، 874، 1164] .
وبالسند قال: ( حدّثنا عبد الله) أي التنيسي وللأربعة عبد الله بن يوسف ( قال: أخبرنا مالك) هو إمام الأئمة ( عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) زيد بن سهل الأنصاري، وللكشميهني والحموي عن إسحاق بن أبي طلحة فأسقط أباه ونسبه لجدّه ( عن أنس بن مالك) .
( أن جدّته) أي جدّة إسحاق لأبيه، وبه جزم ابن عبد البرّ وعياض وعبد الحق وصحّحه النووي واسمها ( مليكة) بضم الميم بنت مالك بن عدي وهي والدة أمّ أنس لأن أمه أم سليم أمها مليكة المذكورة أو الضمير في جدّتها يعود على أنس نفسه، وبه جزم ابن سعد وابن مندة وابن الحصار وهو مقتضى ما في النهاية لإمام الحرمين لحديث إسحاق بن أبي طلحة عن أنس عند أبي الشيخ في فوائد العراقيين.
قال: أرسلتني جدّتي ( دعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لطعام) أي لأجل طعام ( صنعته) مليكة جدّة إسحاق أو ابنتها أُم سليم والدة أنس ( له) عليه الصلاة والسلام ( فأكل منه ثم قال: قوموا فلأصلّي) بكسر اللام وضم الهمزة وفتح الياء على أنها لام كي والفعل بعدها منصوب بأن مضمرة، واللام ومصحوبها خبر مبتدأ محذوف أي قوموا فقيامكم لأن أصلي لكم، ويجوز أن تكون الفاء زائدة على رأي الأخفش واللام متعلقة بقوموا، وفي رواية فلأصلّي بكسر اللام على أنه لام كي وسكون الياء على لغة التخفيف أو لام الأمر، وثبتت الياء في الجزم إجراء للمعتل مجرى الصحيح، وللأربعة فلأصلّي بفتح اللام مع سكون الياء على أن اللام لام ابتداء للتأكيد أو هي لام الأمر فتحت على لغة بني سليم، وثبتت الياء في الجزم إجراء للمعتل مجرى الصحيح كقراءة قنبل: مَن يتّقي ويصبر، أو اللام جواب قسم محذوف والفاء جواب شرط محذوف أي إن قمتم فواللهلأصلّي لكم.
وتعقبه ابن السيد فقال: وغلط مَن توهّم أنه قسم لأنه لا وجه للقسم، ولو أُريد ذلك لقال لأصلينّ بالنون، وفي رواية الأصيلي: فالأصل بكسر اللام وحذف الياء على أن اللام للأمر والفعل مجزوم بحذفها، ولم يعزها في الفرع لأحد، وفي رواية حكاها ابن قرقول: فلنصل بكسر اللام وبالنون والجزم، وحينئذ فاللام للأمر وكسرها لغة معروفة.
وفي رواية قيل: إنها للكشميهني.
قال الحافظ ابن حجر، ولم أقف عليها في نسخة صحيحة فأصلّي بغير لام مع سكون الياء على صيغة الإخبار عن نفسه وهو خبر مبتدأ محذوف أي فأنا أصلي ( لكم) أي لأجلكم وإن كان الظاهر أن يقول بكم بالموحدة والأمر في قوله قوموا.
قال السهيلي فيما حكاه في فتح الباري بمعنى الخبر كقوله { فليمدد له الرحمن مدّا} [مريم: 75] أو هو أمر لهم بالائتمام، لكن أضافه إلى نفسه لارتباط تعليمهم بفعله اهـ.
فإن قلت: لَمِ بدأ في قصة عتبان بن مالك بالصلاة قبل الطعام وهنا بدأ به قبل الصلاة؟ أُجيب: بأنه بدأ في كلٍّ منهما بأصل ما دعي لأجله أو دعي لهما، ولعل مليكة كان غرضها الأعظم الصلاة، ولكنها جعلت الطعام مقدّمة لها.
( قال أنس) رضي الله عنه: ( فقمت إلى حصير لنا قد اسودّ من طول ما لبس) بضم اللام وكسر الباء الموحدة أي استعمل ولبس كل شيء بحسبه ( فنضحته) أي رششته ( بماء) تليينًا له أو تنظيفًا ( فقام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) على الحصير ( وصففت واليتيم) هو ضميرة بن أبي ضميرة بضم الضاد المعجمة وفتح الميم مولى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما في تجريد الصحابة للذهبي، وفي رواية غير المستملي والحموي.
وصففت أنا واليتيم بزيادة ضمير الرفع المنفصل لتأكيد المتصل ليصحّ العطف عليه نحو { اسكن أنت وزوجك الجنة} [البقرة: 35] ورواية المستملي والحموي جارية على مذهب الكوفيين في جواز عدم التأكيد واليتيم بالرفع في رواية أبي ذر عطفًا على الضمير المرفوع، وبالنصب في نفس متن الفرع مصحّحًا عليه على المفعول معه أي وصففت أنا مع اليتيم ( وراءه والعجوز) أي أُم سليم المذكورة ( من ورائنا فصلّى لنا) أي لأجلنا ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ركعتين ثم انصرف) من الصلاة وذهب إلى بيته.
وقد استنبط المالكية من هذا الحديث الحنث بافتراش الثوب المحلوف على لبسه.
وأجاب الشافعية وبأنه لا يسمى لبسًا عرفًا والأيمان منوطة بالعرف، وحمل اللبس هنا على الافتراش إنما هو للقرينة ولأنه المفهوم وفيه مشروعية تأخر النساء عن صفوف الرجال وقيام المرأة صفًا وحدها إذا لم يكن معها امرأة غيرها، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه المؤلّف في الصلاة وكذا مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
21 - باب الصَّلاَةِ عَلَى الْخُمْرَةِ ( باب الصلاة على الخمرة) بضم الخاء كما سبق.