فهرس الكتاب

- باب من رفع صوته بالعلم

رقم الحديث 62 [62] حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ، حَدِّثُونِي مَا هِيَ؟ قَالَ: فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ.
ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: هِيَ النَّخْلَةُ».
وبه قال: ( حدّثنا خالد بن مخلد) بفتح الميم وسكون الخاء أبو الهيثم القطواني بفتح القاف والطاء نسبة لموضع بالكوفة البجلي مولاهم الكوفي تكلم فيه.
وقال ابن عدي: لا بأس به المتوفى في المحوم سنة ثلاث عشرة ومائتين قال: ( حدّثنا سليمان) بن بلال أبو محمد التيمي القرشي المدني الفقيه المشهور، وكان بربريًّا حسن الهيئة وتوفي سنة اثنتين وسبعين ومائة في خلافة هارون الرشيد.
قال: ( حدّثنا عبد الله بن دينار عن ابن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما ( عن النبي) أنه ( قال) : ( إن من الشجر شجرة) زاد المؤلف في باب الفهم في العلم قال: صحبت ابن عمر إلى المدينة فقال: كنا عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأُتي بجمارة فقال: إن من الشجر شجرة ( لا يسقط ورقها وإنها مثل) بكسر الأوّل وسكون الثاني وبفتحهما على ما مرّ أي شبه ( المسلم، حدّثوني) كذا في الرواية بغير فاء على الأصل ( ما هي؟ قال: فوقع الناس في شجر البوادي) أي ذهبت أفكارهم إليها دون النخلة، وسقطت لفظة قال من الرواية الأولى ( قال عبد الله) بن عمر رضي الله عنهما: ( فوقع في نفسي) وفي الرواية السابقة ووقع في نفسي ( أنها النخلة) .
وفي صحيح أبي عوانة قال: فظننت أنها النخلة من أجل الجمار الذي أُتي به.
زاد في رواية أبي ذر عن المستملي وأبي الوقت والأصيلي فاستحييت.
قال في رواية مجاهد عند المؤلف في باب الفهم في العلم: فأردت أن أقول هي النخلة فإذا أنا أصغر القوم وعنده في الأطعمة فإذا أنا عاشر عشرة أنا أحدثهم، وفي رواية نافع: ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان فكرهت أن أتكلم.
( ثم قالوا: حدّثنا) المراد منه الطلب والسؤال ( ما هي يا رسول الله؟ قال: هي النخلة) ولابن عساكر حدّثنا يا رسول الله.
قال: هي النخلة، وللأصيلي ثم قالوا: حدّثنا يا رسول الله.
ووجه الشبه بين النخلة والمسلم من جهة عدم سقوط الورق كما رواه الحرث بن أبي أسامة في هذا الحديث كنا ذكره السهيلي في التعريف.
وقال زاد زيادة تساوي رحلة ولفظه عن ابن عمر قال: كنا عند رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات يوم فقال: إن مثل المؤمن كمثل شجرة لا يسقط لا أبلمة أتدرون ما هي؟ قالوا: لا.
قال: هي النخلة لا يسقط لها أبلمة ولا يسقط لمؤمن دعوة فبيّن وجه الشبه.
قال ابن حجر: وعند المؤلف في الأطعمة من حديث ابن عمر بينما نحن عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذ أُتي بجمارة فقال: إن من الشجر لا بركته كبركة السلم وهذا أعمّ من الذي قبله.
وبركة النخلة موجودة في جميع أجزائها تستمر في جميع أحوالها من حين تطلع إلى حين تيبس تؤكل أنواعًا ثم ينتفع بجميع أجزائها حتى النوى في علف الدواب والليف في الحبال وغير ذلك مما لا يخفى، وكذلك بركة السلم عامة في جميع الأحوال ونفعه مستمر له ولغيره.
وأما من قال: إن وجه الشبه كون النخلة خلقت من فضل طينة آدم فلم يثبت الحديث بذلك، وفائدة إعادته لهذا الحديث اختلاف السند المؤذن بتعداد مشايخه واتساع روايته مع استفادة الحكم المترتب عليه المقتضي لدقّة نظره في تصرفه في تراجم أبوابه، والله الموفق والمعين.
6 - باب مَا جَاءَ فِي الْعِلْمِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: { وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} بَابُ الْقِرَاءَةُ وَالْعَرْضُ عَلَى الْمُحَدِّثِ.
وَرَأَى الْحَسَنُ وسُفيانُ وَمَالِكٌ الْقِرَاءَةَ جَائِزَةً.
وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الْعَالِمِ بِحَدِيثِ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ؟ قَالَ «نَعَمْ».
قَالَ: فَهَذِهِ قِرَاءَةٌ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرَ ضِمَامٌ قَوْمَهُ بِذَلِكَ فَأَجَازُوهُ.
وَاحْتَجَّ مَالِكٌ بِالصَّكِّ يُقْرَأُ عَلَى الْقَوْمِ فَيَقُولُونَ أَشْهَدَنَا فُلاَنٌ: وَيُقْرَأُ ذَلِكَ قِرَاءَةً عَلَيْهِمْ، وَيُقْرَأُ عَلَى الْمُقْرِئِ فَيَقُولُ الْقَارِئُ: أَقْرَأَنِي فُلاَنٌ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْوَاسِطِيُّ عَنْ عَوْفٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لاَ بَأْسَ بِالْقِرَاءَةِ عَلَى الْعَالِمِ عُبَيْدُ اللَّهِ.
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرَبْرِيُّ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: إِذَا قُرِئَ عَلَى الْمُحَدِّثِ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَقُولَ: حَدَّثَنِي.
قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ يَقُولُ عَنْ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ: الْقِرَاءَةُ عَلَى الْعَالِمِ وَقِرَاءَتُهُ سَوَاءٌ.
( باب ما جاء في العلم وقول الله تعالى: وقل رب زدني علمًا) أي سل الله تعالى زيادة العلم وهذا ساقط في رواية ابن عساكر والأصيلي وأبوي ذر والوقت، والباب التالي له ساقط عند الأصيلي وأبي ذر وابن عساكر.
( باب القراءة والعرض على المحدث) وفي نسخة القراءة والعرض على المحدث بحذف الباب أي بأن يقرأ عليه الطالب من حفظه أو كتاب أو يسمعه عليه بقراءة غيره من كتاب أو حفظ والمحدّثحافظ للمقروء أو غير حافظ، لكن مع تتبع أصله بنفسه أو ثقة ضابط غيره واحترز به عن عرض المناولة وهو العاري عن القراءة.
وصورته: أن يعرض الطالب مروي شيخه اليقظ العارف عليه فيتأمله الشيخ ثم يعيده عليه ويأذن له في روايته عنه.
( ورأى الحسن) البصري ( وسفيان) الثوري ( ومالك) أي ابن أنس إمام الأئمة ( القراءة) على المحدّث ( جائزة) في صحة النقل عنه خلافًا لأبي عاصم النبيل وعبد الرحمن بن سلام الجمحي ووكيع.
والمعتمد الأوّل، بل صرح القاضي عياض بعدم الخلاف في صحة الرواية بها، وقد كان الإمام مالك يأبى أشد الإباء على المخالف ويقول: كيف لا يجزيك هذا في الحديث ويجزيك في القرآن والقرآن أعظم.
وقال بعض أصحابه: صحبته سبع عشر سنة فما رأيته قرأ الموطأ على أحد بل يقرؤون عليه، وفي رواية غير الأصيلي وأبي الوقت وابن عساكر.
قال أبو عبد الله أي المؤلف سمعت أبا عاصم يذكر عن سفيان الثوري ومالك الإمام أنهما كانا يريان القراءة والسماع جائزًا وفي رواية أبي ذر جائزة أي القراءة لأن السماع لا نزاع فيه، ولغير أبي ذر حدّثنا عبيد الله بن موسى عن سفيان قال: إذا قرئ على المحدّث فلا بأس أن يقول حدّثني بالإفراد وسمعت.
( واحتجّ بعضهم) هو الحميدي شيخ المؤلف أو أبو سعيد الحداد كما في المعرفة للبيهقي من طريق ابن خزيمة ( في القراءة على العالم) أي في صحة النقل عنه ( بحديث ضمام بن ثعلبة) بكسر الضاد المعجمة وثعلبة بالمثلثة ثم المهملة وبعد اللام موحدة.
زاد في رواية الأصيلي وأبي ذر أنه وسقطت لغيرهما كما في فرع اليونينية كهي ( قال للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: آلله) بهمزة الاستفهام مرفوع مبتدأ خبره قوله ( أمرك أن) أي بأن ( تصلي) بالمثناة الفوقية وفي فرع اليونينية أن نصلي بنون الجمع ( الصلوات) .
وفي رواية أبوي الوقت وذر عن الكشميهني الصلاة بالإفراد ( قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( نعم) أمرنا أن نصلي.
قال الحميدي: ( فهذه قراءة على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وفي رواية الأصيلي كما في الفرع فهذه قراءة على العالم ( أخبر ضمام قومه بذلك فأجازوه) أي قبلوه من ضمام وليس في الرواية الآتية من حديث أنس في قصته أنه أخبر قومه بذلك.
نعم روي ذلك من طريق آخر عند أحمد من حديث ابن عباس قال: بعث بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة الحديث، وفيه أن ضمامًا قال لقومه عندما رجع إليهم: إن الله قد بعث رسولاً وأنزل عليه كتابًا وقد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه.
قال: فوالله ما أمسى من ذلك اليوم وفي حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلمًا.
( واحتج مالك) الإمام ( بالصك) بفتح المهملة وتشديد الكاف الكتاب فارسي معرب يكتب فيه إقرار المقر ( يقرأ على القوم) بضم المثناة التحتية مبنيًّا للمفعول ( فيقولون) أي الشاهدون لا القوم لأن المراد منهم من يعطي الصك وهم المقرون بالدّيون أو غيرها فلا يصح لهم أن يقولوا: ( أشهدنا فلان ويقرأ ذلك قراءة عليهم) وفي رواية أبوي ذر والوقت: وإنما ذلك قراءة عليهم فتسوغ الشهادة عليهم بقولهم نعم بعد قراءة المكتوب عليهم مع عدم تلفظهم بما هو مكتوب.
قال ابن بطال: وهذه حجة قاطعة لأن الإشهاد أقوى حالات الإخبار ( ويقرأ) بضم أوّله أيضًا ( على المقرئ) المعلم للقرآن ( فيقول القارئ) عليه ( أقرأني فلان) روى الخطيب البغدادي في كفايته من طريق ابن وهب قال: سمعت مالكًا رحمه الله وقد سئل عن الكتب التي تعرض: أيقول الرجل حدّثني؟ قال: نعم كذلك القرآن أليس الرجل يقرأ على الرجل فيقول أقرأني فلان، فكذلك إذا قرأ على العالم صحّ أن يروي عنه انتهى.
وبالسند السابق إلى المؤلف قال: ( حدّثنا محمد بن سلام) بتخفيف اللام البيكندي، قال: ( حدّثنا محمد بن الحسن) بفتح الحاء ابن عمران ( الواسطي) قاضيه المتوفى سنة تسع وثمانين ومائة وليس له في البخاري غير هذا ( عن عوف) بفتح العين آخره فاء هو ابن أبي جميلة الأعرابي ( عن الحسن) البصري ( قال: لا بأس) في صحة النقل عن المحدّث ( بالقراءة على العالم) أي الشيخ.
وبه قال المؤلف: ( حدّثنا عبيد الله) زاد في رواية أبوي ذر والوقت وابن عساكر ما هو ثابت في فرع اليونينية لا في أصلها إلا في الهامش وفوقه هـ س ط.
( وأخبرنا محمد بن يوسف الفربري، وحدّثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: حدّثنا عبيد الله) بضم العين وفتح الموحدة مصغر ( ابن موسى) بن باذام العبسي بالمهملتين ( عن سفيان) الثوري أنه ( قال: إذا قرئ) بضم القاف وكسر الراء وللأصيلي وابن عساكر: إذا قرأت، وفي رواية أبي الوقت: إذا قرأ ( على المحدّث لا بأس) على القارئ ( أن يقول حدّثني) كما جاز أن يقول أخبرني ( قال) أي المؤلف: ( وسمعت) وفي رواية س قال أبو عبد الله سمعت بغير واو ( أبا عاصم) هو الضحاك بن مخلد الشيباني البصري النبيل بفتح النون وكسر الموحدة وسكون المثناة التحتية المتوفى في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة ومائتين ( يقول عن مالك) إمام دار الهجرة ( و) عن ( سفيان) الثوري ( القراءة على العالم وقراءته سواء) في صحة النقل وجواز الرواية.
نعم استحب مالك القراءة على الشيخ، وروى عنه الدارقطني أنها أثبت من قراءة العالم والجمهور على أن قراءة الشيخ أرجح من قراءة الطالب عليه، وذهب آخرون إلى أنهما سواء كما تقدم عن مذهب المؤلف ومالك وغيرهما.