فهرس الكتاب

- باب من استوى قاعدا في وتر من صلاته ثم نهض

رقم الحديث 1486 [1486] حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قال سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - "نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا".
وَكَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلاَحِهَا قَالَ: "حَتَّى تَذْهَبَ عَاهَتُهُ".
[الحديث أطرافه في: 2183، 2194، 2199، 2247، 2249] .
وبه قال: ( حدّثنا حجاج) هو ابن منهال قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: ( أخبرني) بالإفراد ( عبد الله بن دينار قال: سمعت ابن عمر) بن الخطاب ( -رضي الله عنهما-) يقول ( نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن بيع الثمرة حتى يبدو) بالواو من غير همز يظهر ( صلاحها وكان) أي ابن عمر كما في مسلم ( إذا سئل عن صلاحها قال) : ( حتى تذهب عاهته) أي آفته والتذكير باعتبار الثمر، ولأبي ذر عن الكشميهني: عاهتها أي الثمرة أي فتصير على الصفة المطلوبة كظهور النضج ومبادئ الحلاوة بأن يتلوّن ويلين أو يتلون بحمرة أو صفرة أو سواد أو نحوه فإنه حينئذ يأمن من العاهة وقبل ذلك ربما يتلف لضعفه فلم يبق شيء في مقابلة الثمن فيكون من أكل أموال الناس بالباطل، لكن يخص من عموم ذلك ما إذا شرط القطع فإنه جائز إجماعًا.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في البيوع، وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وهو من رباعيات البخاري.
1487 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- "نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا".
[الحديث 1487 - أطرافه في: 2189، 2196، 2381] .
وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي ( قال: حدّثني) بالإفراد ( الليث) بن سعدالإمام ( قال: حدّثني) بالإفراد أيضًا ( خالد بن يزيد) من الزيادة ( عن عطاء بن أبي رباح) بفتح الراء والموحدة آخره مهملة ( عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-) قال: ( نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن بيع الثمار حتى يبدو) يظهر ( صلاحها) .


رقم الحديث 1488 [1488] حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ.
قَالَ حَتَّى تَحْمَارَّ".
[الحديث أطرافه في: 2195، 2197، 2198، 228] .
وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد الثقفي (عن مالك) هو ابن أنس الإمام (عن حميد) الطويل (عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى عن بيع الثمار حتى تزهي) بضم أوله وكسر الهاء (قال: حتى تحمار) بفتح المثناة الفوقية وسكون المهملة وبعد الميم ألف ثم راء مشدّدة.
قال في القاموس: زهى النخل طال كأزهى والبسر تلوّن كأزهى وزهي.
وقال غيره: زهي النخل ظهرت ثمرته وأزهى احمر أو اصفر.
وقال الأصمعي: لا يقال أزهى بل زهي.
وقال الجوهري: وأزهى لغة حكاها أبو زيد ولم يعرفها الأصمعي.
وقال ابن الأثير: منهم من أنكر يزهى ومنهم من أنكر يزهو.
وقال الكرماني: الحديث الصحيح يبطل قول من أنكر الإزهاء وقوله تحمار أي أو تصفر أو تسود فهو للتمثيل.
59 - باب هَلْ يَشْتَرِي صَدَقَتَهُ؟ وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ صَدَقَتَهُ غَيْرُهُ لأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا نَهَى الْمُتَصَدِّقَ خَاصَّةً عَنِ الشِّرَاءِ وَلَمْ يَنْهَ غَيْرَهُ هذا (باب) بالتنوين (هل يشتري) الرجل (صدقته) فيه خلاف (ولا بأس أن يشتري صدقته غيره) ولأبي ذر: صدقة غيره (لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما نهى المتصدق خاصة عن الشراء ولم ينه غيره) هذا يوضحه حديث بريرة: هو لها صدقة ولنا هدية لأنه إذا كان هذا جائزًا مع خلوّه من العوض فبالعوض أولى بالجواز.
1489 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- كَانَ يُحَدِّثُ "أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ تَصَدَّقَ بِفَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَأْمَرَهُ فَقَالَ: لاَ تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ.
فَبِذَلِكَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- لاَ يَتْرُكُ أَنْ يَبْتَاعَ شَيْئًا تَصَدَّقَ بِهِ إِلاَّ جَعَلَهُ صَدَقَةً".
[الحديث 1489 - أطرافه في: 2775، 2971، 32] .
وبالسند قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير المصري.
قال ابن عدي: هو أثبت الناس في الليث، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وقال مسلمة: تكلم في سماعه عن مالك وضعفه النسائي مطلقًا.
وقال البخاري في تاريخه الصغير ما روى يحيى بن بكير عن أهل الحجاز في التاريخ فإني انتقيته، وهذا الحديث يدل على أنه ينتقي حديث شيوخه، ولهذا ما أخرج له عن مالك سوى خمسة أحاديث مشهورة متابعة.
ومعظم ما أخرج له عن الليث قال: (حدّثنا الليث) بن سعد (عن عقيل) بضم العين وفتح القاف مصغرًا هو ابن خالد (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن سالم أن) أباه (عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، كان يحدث: (أن) أباه (عمر بن الخطاب تصدق بفرس) أي حمل عليه رجلاً في الغزو، والمعنى أنه ملكه له ليغزو عليه (في سبيل الله) وليس المراد أنه وقفه بدليل قوله: (فوجده) أي أصابه حال كونه (يباع)، بضم الياء مبنيًا للمفعول إذ لو وقفه لما صح أن يبتاعه (فأراد أن يشتريه): بإثبات ضمير المفعول، ولأبي ذر عن الكشميهني: أن يشتري (ثم أتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاستأمره) أي استشاره (فقال) له عليه الصلاة والسلام: (لا تعد) أي لا ترجع (في صدقتك) واقطع طمعك منها ولا ترغب فيها (فبذلك) أي فبسبب ذلك (كان ابن عمر) عبد الله (-رضي الله عنهما- لا يترك أن يبتاع شيئًا تصدّق به إلا جعله صدقة) أي إذا اتفق له أن يشتري شيئًا مما تصدق به لا يتركه في ملكه حتى يتصدق به ثانيًا، فكأنه فهم أن النهي عن شراء الصدقة إنما هو لمن أراد أن يتملكها لا لمن يردها صدقة.
وقال الكرماني وتبعه البرماوي والعيني: الترك بمعنى التخلية وكلمة من مقدرة أي لا يخلو الشخص من أن يبتاعه في حال الصدقة أو لغرض من أغراض الصدقة اهـ.
وهذه رواية أبي ذر كما قاله في فتح الباري وغيره، ولغير أبي ذر: بحذف حرف النفي.
149 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ -رضي الله عنه- يَقُولُ: "حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ -وَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ بِرُخْصٍ- فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: لاَ تَشْتَرِ، وَلاَ تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ".
[الحديث 149 - أطرافه في: 2623، 2636، 297، 33] .
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك بن أنس) الإمام، وسقط لأبي ذر ابن أنس (عن زيد بن أسلم) العدوي المدني (عن أبيه) أسلم المخضرم مولى عمر المتوفى سنة ستين وهو ابن أربع عشرة ومائة سنة (قال: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول حملت) رجلاً (على فرس في سبيل الله)، أي جعلته حمولة من لم تكن له حمولة من المجاهدين ملكه إياه، وكان اسم الفرس فيما ذكره ابن سعد في الطبقات الورد وكان لتميم الداري فأهداه للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأعطاه لعمر ولم يعرف الحافظ ابن حجر اسم الرجل (فأضاعه) الرجل (الذيكان عنده)، بترك القيام عليه بالخدمة والعلف والسقي وإرساله للرعي حتى صار كالشيء الهالك، (فأردت أن أشتريه فظننت) وفي نسخة: وظننت بالواو بدل الفاء: (أنّه يبيعه برخص فسألت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) عن ذلك (فقال): (لا تشتر) بحذف ضمير المفعول، ولأبي ذر، وابن عساكر: لا تشتره بإثباته، ولابن عساكر: لا تشتريه بإشباع كسرة الراء والياء، وظاهر النهي التحريم لكن الجمهور على أنه للتنزيه فيكره لمن تصدق بشيء أو أخرجه فى زكاة أو كفارة أو نذر أو نحو ذلك من القربات أن يشتريه ممن دفعه هو إليه أو يتهبه أو يتملكه باختياره منه، فأما إذا ورثه منه كراهة فيه.
وكذا لو انتقل إلى ثالث ثم اشتراه منه المتصدق فلا كراهة.
وحكى الحافظ العراقي في شرح الترمذي كراهة شرائه من ثالث انتقل إليه من المتصدق به عليه عن بعضهم لرجوعه فيما تركه لله، كما حرم على المهاجرين سكنى مكة بعد هجرتهم منها لله تعالى، وأشار عليه الصلاة والسلام إلى العلة في نهيه عن الابتياع بقوله: (ولا تعد في صدقتك) أي لا تعد في صدقتك بطريق الابتياع ولا غيره فهو من عطف العام على الخاص (وإن أعطاكه بدرهم) متعلق بقوله: لا تشتره أي لا ترغب فيه البتة ولا تنظر إلى رخصه ولكن انظر إلى أنه صدقتك، وقد أورد ابن المنير هنا سؤالاً وهو أن الاغياء في النهي عادته أن يكون بالأخف أو الأدنى.
كقوله تعالى: { فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] ولا خفاء أن إعطاءه إياه بدرهم أقرب إلى الرجوع في الصدقة مما إذا باعه بقيمته وكلام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو الحجة في الفصاحة.
وأجاب: بأن المراد لا تغلب الدنيا على الآخرة وإن وفرها معطيها فإذا زهد فيها وهي موفرة فلأن يزهد فيها وهي مقترة أحرى وأولى وهذا على وفق القاعدة اهـ.
(فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه) الفاء للتعليل أي كما يقبح أن يقيء ثم يأكل كذلك يقبح أن يتصدق بشيء ثم يجره إلى نفسه بوجه من الوجوه.
وفي رواية للشيخين كالكلب يعود في قيئه فشبه بأخس الحيوان في أخس أحواله تصويرًا للتهجين وتنفيرًا منه.
قال في المصابيح: وفي ذلك دليل على المنع من الرجوع في الصدقة لما اشتمل عليه من التنفير التشديد من حيث شبه الراجع بالكلب والمرجوع فيه بالقيء والرجوع في الصدقة برجوع الكلب في قيئه اهـ.
وجزم بعضهم بالحرمة قال: لا نعلم القيء إلا حرامًا والصحيح أنه للتنزيه لأن فعل الكلب لا يوصف بتحريم إذ لا تكليف عليه فالمراد التنفير من العود بتشبيهه بهذا المستقذر.
6 - باب مَا يُذْكَرُ فِي الصَّدَقَةِ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (باب ما يذكر) من الحرمة (في الصدقة) مطلقًا الفرض والتطوّع (للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وهل تحريم الصدقة عليه من خصائصه دون الأنبياء أو الحكم شامل لهم أيضًا؟ ولأبي ذر زيادة: وآله أي تحرم عليهم الصدقة أيضًا لأنها مطهرة كما قال تعالى: { تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بها} [التوبة: 13] ولمسلم: إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد وآل محمد منزهون عن أوساخ الناس وصيانة لمنصبه الشريف لأنها تنبئ عن ذل الآخذ وعز المأخوذ منه لقوله عليه الصلاة والسلام: "اليد العليا خير من اليد السفلى" وأبدل بها الفيء الذي يؤخذ على سبيل القهر والغلبة المنبئ عن عز الآخذ وذل المأخوذ منه.
وتعقب ابن المنير التعليل بأنها مذلة بأن مقتضاه تحريم الهبة عليهم ولا قائل به ولأن الواهب أيضًا له اليد العليا.
وقد جاء في بعض الطرق: اليد العليا هي المعطية ولم يقل المتصدقة فتدخل الهبات، والأصح عند أصحابنا أن المحرم على الآل الفرض دون التطوّع لقول جعفر بن محمد عن أبيه أنه كان يشرب من سقايات بين مكة والمدينة فقيل له: أتشرب من الصدقة؟ فقال: إنما حرّم علينا الصدقة المفروضة.
رواه الشافعي والبيهقي وهو الصحيح عند الحنابلة، وبه قال الحنفية وأصبغ عن ابن القاسم في العتبية.