فهرس الكتاب

- باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء

رقم الحديث 243 [243] حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ وَسَأَلَهُ النَّاسُ -وَمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَحَدٌ- بِأَىِّ شَىْءٍ دُووِيَ جُرْحُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَقَالَ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي: كَانَ عَلِيٌّ يَجِيءُ بِتُرْسِهِ فِيهِ مَاءٌ، وَفَاطِمَةُ تَغْسِلُ عَنْ وَجْهِهِ الدَّمَ.
فَأُخِذَ حَصِيرٌ فَأُحْرِقَ، فَحُشِيَ بِهِ جُرْحُهُ.
[الحديث أطرافه في: 2903، 2911، 3037، 4075، 5248، 5722] .
وبه قال: ( حدّثنا محمد) يعني ابن سلام كما لابن عساكر، وفي رواية البيكندي كما في بعض الأصول ( قال: أخبرنا) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي حدّثنا ( سفيان بن عيينة عن أبي حازم) بالحاء المهملة والزاي المكسورة سلمة بن دينار الأعرج المخزومي المدني الزاهد، المتوفى سنة خمس وثلاثين ومائة أنه ( سمع سهل بن سعد الساعدي) الأنصاري المدني رضي الله عنه، المتوفى سنة إحدى وتسعين وهو ابن مائة سنة له في البخاري أحد وأربعون حديثًا ( وسأله الناس) جملة من فعل ومفعول وفاعل محلها النصب على الحال ( وما بيني وبينه أحد) يعني عند السؤال ليكون أدل على صحة سماعه منه لقربه منه والجملة حالية أيضًا إما من مفعول سأل فهما متداخلتان واما من مفعول سمع فهما مترادفتان أو الجملة معترضة لا محل لها.
( بأي شيء) الجار متعلق بسأل والمجرور للاستفهام ( دووي) بواوين الأولى ساكنة والثانية مكسورة مبني للمفعول من المداواة وربما حذف في بعض الأصول إحدى الواوين كداود في الخط ( جرح النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) الذي أصابه في غزوة أُحُد لما شجّ رأسه وجرح وجهه؟ ( فقال) سهل ( ما بقي أحد) من الناس ( أعلم به منّي) برفع أعلم صفة لأحد وبالنصب على الحال: وإنما قال سهل ذلك لأنه كان آخر من بقي من الصحابة بالمدينة كما وقع عند المؤلف في النكاح ( كان علي) أي ابن أبي طالب ( يجيء بترسه فيه ماء وفاطمة) رضي الله عنها ( تغسل عن وجهه) الشريف ( الدم فأخذ حصير فأحرق فحشي به) بضم الهمزة والحاء فيهما على البناء للمفعول والضمير لما أحرق ( جرحه) بالرفع نائب عن الفاعل، وللمؤلف في الطب: فلما رأت فاطمة الدم يزيد على الماء كثرة عمدت إلى حصرها فأحرقتها وألصقتها على الجرح فرقأ الدم، وإنما فعلت ذلك لأن في رماد الحصير استمساك الدم.
وفيه إباحة التداوي وأنه لا ينافي التوكل والاستعانة في المداواة وجواز وقوع الابتلاء بالأنبياء ليعظم أجرهم، وليتحقق الناس أنهم مخلوقون له فلا يفتتنون بما ظهر على أيديهم من المعجزات كما افتتن النصارى بعيسى.
ورواة هذا الحديث الأربعة ما بين مكيّ ومدني وفيه التحديث والعنعنة والسماع، وفي رواية الأخبار في موضع التحديث، وأخرجه المؤلف في الجهاد والنكاح، ومسلم في المغازي، والترمذي وابن ماجة في الطب، وقال الترمذي: حسن صحيح.
73 - باب السِّوَاكِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِتُّ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَنَّ.
( باب السواك) بكسر السين وهو يطلق على الفعل والآلة وهو مذكر، وقيل: مؤنث وجمع السواك سوك ككتاب وكتب، ويجوز بالهمزة كما هو القياس في كل واو مضمومة ضمة لازمة كوقتت وأقتت وهو مشتق من ساك إذا دلك أو من جاءت الإبل تتساوك أي تتمايل هزالاً وهو من سنن الوضوء، فلذا ذكره المؤلف في بابه أو أن باب الطهارة يشمل الإزالة والسواك مطهرة للفم مرضاة لرب.
( وقال ابن عباس) رضي الله عنهما مما وصله المؤلف في تفسير آل عمران مطوّلاً ( بتّ عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاستن) من الاستنان وهو دلك الأسنان وحكمها بما يجلوها مأخوذ من السنّ بفتح السين وهو إمرار ما فيه خشونة على آخر ليذهبها، وهذا التعليق ساقط من رواية المستملي.
244 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ غَيْلاَنَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَجَدْتُهُ يَسْتَنُّ بِسِوَاكٍ بِيَدِهِ يَقُولُ: «أُعْ، أُعْ»، وَالسِّوَاكُ فِي فِيهِ كَأَنَّهُ يَتَهَوَّعُ.
وبه قال: ( حدّثنا أبو النعمان) بضم النون محمد بن الفضل ويشهر بعارم ( قال: حدّثنا حماد بن زيد) بن درهم ( عن غيلان) بفتح المعجمة ( ابن جرير) بفتح الجيم وبالراء المكسورة المكررة المعولي بكسرالميم وبفتحها وسكون العين المهملة وفتح الواو، المتوفى سنة تسع وعشرين ومائة ( عن أبي بردة) بضم الموحدة عامر بن أبي موسى ( عن أبيه) أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه ( قال) : ( أتيت النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فوجدته يستن بسواك) كان ( بيده) جملة في موضع نصب مفعول ثانٍ لوجدته حال كونه ( يقول) أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مجازًا ( أع أع) بضم الهمزة والعين مهملة موضعه نصب على أنه مقول القول، وذكر ابن التين أن في رواية غير أبي ذر بفتح الهمزة، وفي هامش فرع اليونينية ما نصه عند الحافظ أبي القاسم أي ابن عساكر في أصله: أغ أغ بغين معجمة قال وفي نسخة العين المهملة اهـ.
ورواه ابن خزيمة والنسائي عن أحمد بن عبدة عن حماد بتقديم العين المهملة على الهمزة، وكذا أخرجه البيهقي من طريق إسماعيل القاضي عن عارم شيخ المؤلف فيه، وفي صحيح الجوزقي إخ إخ بكسر الهمزة وبالخاء المعجمة، وإنما اختلف الرواة الثقات لتقارب مخارج هذه الأحرف وكلها ترجع إلى حكاية صوته عليه الصلاة والسلام إذ جعل السواك على طرف لسانه كما عند مسلم، والمراد طرفه الداخل كما عند أحمد ليستن إلى فوق، ولذا قال هنا: ( والسواك في فيه كأنه يتهوع) أي يتقيأ يقال هاع يهوع إذا قاء بلا تكلف يعني أن له صوتًا كصوت المتقيئ على سبيل البالغة، ويفهم منه السواك على اللسان طولاً، أما الأسنان فالأحب أن يكون عرضًا لحديث "إذا استكتم فاستاكوا عرضًا" رواه أبو داود في مراسيله، والمراد عرض الأسنان قال في الروضة: كره جماعات من أصحابنا الاستياك طولاً أي لأنه يجرح اللثة وهو كما مرّ من سنن الوضوء لحديث "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء" أي أمر إيجاب.
رواه ابن خزيمة وغيره، وكذا من سنن الصلاة لحديث الشيخين "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" أي أمر إيجاب ويستحب عند قراءة القرآن والاستيقاظ من النوم وتغير الفم، وفي كل حال إلا للصائم بعد الزوال فيكره، وقال ابن عباس: فيه عشر خصال يذهب الحفر ويجلو البصر ويشد اللثة ويطيب الفم وينقي البلغم وتفرح له الملائكة ويرضي الرب تعالى ويوافق السُّنّة ويزيد في حسنات الصلاة ويصح الجسم، وزاد الترمذي الحكيم: ويزيد الحافظ حفظًا وينبت الشعر ويصفي اللون وليبلع ريقه في أول استياكه فإنه ينفع من الجذام والبرص وكل داء سوى الموت ولا يبلغ بعده شيئًا فإنه يورث النسيان.
ورواة الحديث ما بين بصري وكوفي وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي في الطهارة.