فهرس الكتاب

- باب الاغتباط في العلم والحكمة

رقم الحديث 77 [77] حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: عَقَلْتُ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِي وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ دَلْوٍ.
[الحديث أطرافه في: 189، 839، 1185، 6354، 6422] .
وبه قال ( حدّثني) بالإفراد، وللأصيلي وأبي ذر وابن عساكر حدّثنا ( محمد بن يوسف) هو البيكندي كما جزم به البيهقي وغيره، وقيل: هو الفريابي وردّ بأنه لا رواية له عن أبي مسهر الآتي ( قال: حدّثنا أبو مسهر) بضم الميم وسكون السين المهملة وكسر الهاء وآخره راء عبد الأعلى بن ( قال: حدّثنا أبو مسهر) بضم الميم وسكون السين المهملة وكسر الهاء وآخره راء عبد الأعلى بن مسهر الغساني الدمشقي، المتوفى ببغداد سنة ثمان عشرة ومائتين، وقد لقيه المؤلف وسمع منه شيئًا يسيرًا لكنه حدّث عنه هنا بواسطة ( قال: حدّثني) بالإفراد، ولابن عساكر وأبي الوقت: حدّثنا ( محمد بن حرب) بفتح الحاء وسكون الراء المهملتين آخره موحدة الخولاني الحمصي، المتوفى سنة أربع وسبعين ومائة، وقد شارك أبا مسهر في رواية هذا الحديث عن محمد بن حرب هذا محمد بن المصفى كما عند النسائي وابن جوصى عن سلمة بن الخليل وابن التقي كلاهما عن محمد بن حرب كما في المدخل للبيهقي، فقد رواه ثلاثة غير أبي مسهر عن ابن حرب فاندفع دعوى تفرد أبي مسهر به عنه ( قال: حدّثني) بالإفراد ( الزبيدي) بضم الزاي وفتح الموحدة أبو الهزيل محمد بن الوليد بن عامر الشامي الحمصي، المتوفى بالشام سنة سبع أو ثمان وأربعين ومائة ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( عن محمود بن الرييع) بفتح الراء وكسر الموحدة ابن سراقة الأنصاري الخزرجي المدني، المتوفى ببيت المقدس سنة تسع وتسعين عن ثلاث وتسعين سنة أنه ( قال عقلت) بفتح القاف من باب ضرب يضرب أي عرفت أو حفظت ( من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مجة) بالنصب على المفعولية ( مجها) من فيه أي رمى بها حال كونها ( في وجهي وأنا ابن خمس سنين) جملة من المبتدأ والخبر وقعت حالاً إما من الضمير المرفوع في عقلتأو من الياء في وجهي ( من) ماء ( دلو) كان من بئرهم التي في دارهم، وكان فعله عليه الصلاة والسلام لذلك على جهة المداعبة أو التبريك عليه كما كان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يفعل مع أولاد الصحابة، ثم نقله لذلك الفعل المنزل منزلة السماع وكونه سُنّة مقصودة دليل لأن يقال لابن خمس سمع.
وقد تعقب ابن أبي صفرة المؤلف في كونه لم يذكر في هذه الترجمة حديث ابن الزبير في رؤيته إياه يوم الخندق يختلف إلى بني قريظة، ففيه السماع منه، وكان سنّه حينئذ ثلاث سنين أو أربعًا فهو أصغر من محمود، وليس في قصة محمود ضبطه لسماع شيء فكان ذكر حديث ابن الزبير أولى بهذين المعنيين.
وأجاب ابن المنير كما قاله في فتح الباري ومصابيح الجامع: بأن المؤلف إنما أراد نقل السنن النبوية لا الأحوال الوجودية، ومحمود نقل سنة مقصودة في كون النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مج مجة في وجهه، بل في مجرد رؤيته إياه فائدة شرعية ثبت بها كونه صحابيًّا، وأما قصة ابن الزبير فليس فيها نقل سُنّة من السُّنن النبوية حتى تدخل في هذا الباب، ولا يقال كما قاله الزركشي إن قصة ابن الزبير تحتاج إلى ثبوت صحتها على شرط البخاري أي حتى يتوجه الإيراد بأنه قد أخرجها في مناقب الزبير في كتابه هذا، فنفي الورود حينئذ لا يخفى ما فيه.
وفي هذا الحديث من الفقه جواز إحضار الصبيان مجالس الحديث.
واستدل به أيضًا على أن تعيين وقت السماع خمس سنين، وعزاه عياض في الإلماع لأهل الصنعة.
وقال ابن الصباغ: وعليه قد استقر عمل أهل الحديث المتأخرين فيكتبون لابن خمس فصاعدًا سمع ولمن لم يبلغها حضر أو أحضر.
وحكى القاضي عياض أن محمودًا حين عقل المجة كان ابن أربع، ومن ثم صحح الأكثرون سماع من بلغ أربعًا، لكن بالنسبة لابن العربي خاصة، أما ابن العجمي فإذا بلغ سبعًا قال في فتح الباري: وليس في الحديث ما يدل على تسميع من عمره خمس سنين، بل الذي ينبغي في ذلك اعتبار الفهم، فمن فهم الخطاب يسمع وإن كان دون خمس وإلاّ فلا.
19 - باب الْخُرُوجِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَرَحَلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ هذا ( باب الخروج في طلب العلم) أي السفر لأجل طلب العلم.
( ورحل جابر بن عبد الله) الأنصاري الصحابي رضي الله عنه ( مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس) بضم الهمزة مصغر الجهني، المتوفى بالشام سنة أربع وخمسين في خلافة معاوية رضي الله عنه ( في) أي لأجل ( حديث واحد) ذكره المؤلف في المظالم آخر هذا الصحيح بلفظ: ويذكر عن جابر عن عبد الله بن أنيس، سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "يحشر الله العباد فيناديهم بصوت" الحديث.
رواه أيضًا في الأدب المفرد موصولاً، وفيه: أن جابرًا بلغه عنه حديث سمعه من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاشترى بعيرًا ثم شدّ رحله وسار إليه شهرًا حتى قدم عليه وسمعه منه فذكره، ورواه كذلك أحمد وأبو يعلى.
لا يقال إن المؤلف نقض قاعدته حيث عبر هنا بقوله: ورحل بصيغة الجزم القتضية للتصحيح.
وفي باب المظالم بقوله: ويذكر بصيغة التمريض كما ذكره الزركشي، وحكاه عنه صاحب المصابيح من غير تعرض له، لأن المجزوم به هو الرحلة لا الحديث.
قال في فتح الباري: جزم بالارتحال لأن الإسناد حسن، واعتضد ولم يجزم بما ذكره من المتن لأن لفظ الصوت مما يتوقف في إطلاق نسبته إلى الرب، ويحتاج إلى تأويل فلا يكفي فيه مجيء الحديث من طرق مختلف فيها ولو اعتضدت انتهى.