فهرس الكتاب

- باب المشي إلى الجمعة

رقم الحديث 1554 [1554] حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ نَافِعٍ قَالَ "كَانَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى مَكَّةَ ادَّهَنَ بِدُهْنٍ لَيْسَ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، ثُمَّ يَأْتِي مَسْجِدَ الْحُلَيْفَةِ فَيُصَلِّي، ثُمَّ يَرْكَبُ.
وَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً أَحْرَمَ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَفْعَلُ".
وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن داود) بن حماد ( أبو الربيع) العتكيّ الزهراني قال: ( حدّثنا فليح) بضم الفاء وفتح اللام آخره حاء مهملة مصغرًا ابن سليمان الخزاعي المدني.
ويقال: فليح لقب واسمه عبد الملك من طبقة مالك احتج به البخاري وأصحاب السنن وروى له مسلم حديث الإِفك فقط وضعفه يحيى بن معين والنسائي وأبو داود.
وقال الساجي: هو من أهل الصدق وكان يهم.
وقال الدارقطني: مختلف فيه ولا بأس به.
وقال ابن عديّ: له أحاديث صالحة مستقيمة وغرائب وهو عندي لا بأس به اهـ.
ولم يعتمد عليه البخاري اعتماده على مالك وابن عيينة وأضرابهما، وإنما أخرج له أحاديث أكثرها في المتابعات وبعضها في الرقائق.
( عن نافع) مولى ابن عمر ( قال) : ( كان ابن عمر) بن الخطاب ( -رضي الله عنهما- إذا أراد الخروج إلى مكة ادّهن بدهن ليس له رائحة طيبة، ثم يأتي مسجد الحليفة) ولأبي ذر: مسجد ذي الحليفة ( فيصلّي) الغداة ( ثم يركب) راحلته ( وإذا) وفي نسخة: فإذا ( استوت به راحلته قائمة أحرم ثم قال: هكذا رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يفعل) لم يقع في رواية فليح هذه التصريح باستقبال القبلة لأنه من لازم استواء الراحلة عند الأخذ في السير استقبالها القبلة لأن مكة أمامه فهو مستقبل القبلة ضرورة، وقد صرح بالاستقبال في الرواية الأولى وهما حديث واحد، وإنما احتاج إلى رواية فليح لما فيها من زيادة ذكر الدهن الذي ليست له رائحة طيبة، قال المهلب: وإنما كان ابن عمر يدهن ليمنع القمل عن شعره ويجتنب ما له رائحة طيبة صيانة للإحرام.
30 - باب التَّلْبِيَةِ إِذَا انْحَدَرَ فِي الْوَادِي ( باب التلبية إذا انحدر) المحرم ( في الوادي) .
1555 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ "كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-، فَذَكَرُوا الدَّجَّالَ أَنَّهُ قَالَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: كَافِرٌ.
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ أَسْمَعْهُ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: أَمَّا مُوسَى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ إِذِ انْحَدَرَ فِي الْوَادِي يُلَبِّي".
[الحديث 1555 - طرفاه في: 3355، 5913] .
وبالسند قال: ( حدّثنا محمد بن المثنى) المعروف بالزمن ( قال: حدثني) بالإفراد ( ابن أبي عدي) بفتح العين وكسر الدال المهملتين ثم المثناة التحتية المشددة وهو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي ( عن ابن عون) بفتح العين وسكون الواو عبد الله ( عن مجاهد) هو ابن جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة المخزومي مولاهم المكي إمام في التفسير ( قال: كنا عند ابن عباس -رضي الله عنهما- فذكروا الدجال أنّه) أي الدجال والهمزة مفتوحة ( قال: مكتوب بين عينيه: كافر) في موضع رفع خبر إن وكافر رفع بقوله مكتوب واسم المفعول يعمل عمل فعله كاسم الفاعل، ( فقال ابن عباس: لم أسمعه) ، عليه الصلاة والسلام زاد في باب الجعد من كتاب اللباس قال ذلك ( ولكنه قال:) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
( أما موسى كأني أنظر إليه) رؤيا حقيقية بأن يجعل الله لروحه مثالاً يرى في اليقظة كما يرى في النوم كليلة الإسراء والأنبياء أحياء عند ربهم يرزقون، وقد رأى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- موسى قائمًا في قبره يصلّي كما رواه مسلم عن أنس أو أنه عليه الصلاة والسلام نظر ذلك في المنام، وبذلك صرح موسى بن عقبة في روايته عن نافع.
ورؤيا الأنبياء حق ووحي أو أنه مثلت له حالة موسى عليه السلام التي كان عليها في الحياة، وكيف يحج ويلبي، أو أنه عليه الصلاة والسلام أخبر بالوحي عن ذلك فلشدة قطعه به قال: كأني أنظر إليه ( إذ انحدر في الوادي) وادي الأزرق ( يلبي) بحذف الألف بعد الذال، ولأبي ذر: إذا بإثباتها، وأنكرهابعضهم فغلط راويها كما حكاه عياض.
قال: وهو غلط منه إذ لا فرق بين إذا وإذ هنا لأنه وصفة حالة انحداره فيما مضى، وقوله: كأني أنظر إليه جواب أما والأصل فكأني فحذف الفاء وهو حجة على من قال من النحاة أنه لا يجوز حذفها، لكن قد يقال: إن حذفه وقع من الراوي، وقد جوّز ابن مالك حذفها في السعة وخصه بعضهم بالضرورة، وقد اعترض المهلب قوله موسى وقال: إنه وهم من بعض الرواة، وصوّب أنه عيسى لأنه حي، واستدلّ بقوله في الحديث الآخر ليهلن ابن مريم بفج الروحاء.
وأجيب: بأنه لا فرق بين موسى وعيسى لأنه لم يثبت أن عيسى منذ رفع نزل إلى الأرض وإنما ثبت أنه سينزل عند أشراط الساعة، وقد أخرج مسلم الحديث من طريق أبي العالية عن ابن عباس بلفظ: كأني أنظر إلى موسى من الثنية واضعًا إصبعيه في أذنيه مارًا بهذا الوادي وله جوار إلى الله تعالى بالتلبية قاله لما مرّ بوادي الأزرق، وقد زاد في باب: الجعد من كتاب اللباس ذكر إبراهيم ولفظه قال ابن عباس: لم أسمعه قال ذلك، ولكنه قال: أما إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم، وأما موسى فرجل آدم جعد على جمل أحمر مخطوم بخلب كأني أنظر إليه إذا انحدر في الوادي يلبي.
أفيقال: أن الراوي غلط فزاد إبراهيم، وفي الحديث أن التلبية في بطون الأودية من سنن المرسلين وأنها تتأكد عند الهبوط كما تتأكد عند الصعود.
وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في اللباس وفي أحاديث الأنبياء، ومسلم في الإيمان.
31 - باب كَيْفَ تُهِلُّ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ؟ أَهَلَّ: تَكَلَّمَ بِهِ، وَاسْتَهْلَلْنَا وَأَهْلَلْنَا الْهِلاَلَ: كُلُّهُ مِنَ الظُّهُورِ.
وَاسْتَهَلَّ الْمَطَرُ: خَرَجَ مِنَ السَّحَابِ.
{ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3] وَهْوَ مِنِ اسْتِهْلاَلِ الصَّبِيِّ.
هذا ( باب) بالتنوين ( كيف تهلّ) أي تحرم ( الحائض والنفساء) ؟ يقال: ( أهلّ) الرجل بما في قلبه إذا ( تكلم به.
واستهللنا وأهللنا الهلال:)
بالنصب على المفعولية أي طلبنا ظهوره، ولأبي ذر: الهلال بالرفع أي استهل الهلال على صيغة المعلوم أي تبين.
قال المجد الشيرازي كالجوهري، ولا يقال أهل ويقال أهللنا عن ليلة كذا ولا يقال أهللنا فهل كما يقال أدخلناه فدخل وهو قياسه ( كله) أي ما ذكر من هذه الألفاظ مأخوذ ( من) معنى ( الظهور.
و)
من الظهور أيضًا ( استهل المطر:) أي ( خرج من السحاب) ومنه أيضًا قوله تعالى: ( { وما أهل لغير الله به} ) [المائدة: 3] أي نودي عليه بغير اسم الله وأصله رفع الصوت ( وهو من استهلال الصبي) أي رفع صوته بِالصياح عند الولادة.
قال في الفتح: وهذا في رواية المستملي والكشميهني وليس مخالفًا لما سبق من أصل الاستهلال رفع الصوت لأن الصوت يقع بذكر الشيء عند ظهوره.