فهرس الكتاب

- باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة

رقم الحديث 144 [144] حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ فَلاَ يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلاَ يُوَلِّهَا ظَهْرَهُ، شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا».
[الحديث طرفه في: 394] .
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس ( قال: حدّثني ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحرث نسبه إلى جدّ جدّه لشهرته به ( قال: حدْثني) بالإفراد وفي نسخة بالجمع ( الزهري) محمد بن مسلم ( عن عطاء بن يزيد) من الزيادة ( الليثي) ثم الجندعي بضم الجيم وسكون النون وضم الدال المهملة المدني التابعي، المتوفى سنة سبع أو خمس ومائة ( عن أبي أيوب) خالد بن زيد بن كليب ( الأنصاري) رضي الله عنه وكان من كبار الصحابة شهد بدرًا ونزل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين قدم المدينة عليه.
وتوفي غازيًا بالروم سنة خمسين، وقيل: بعدها له في البخاري سبعة أحاديث ( قال) : ( قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا أتى) أي جاء ( أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة) بكسر اللام على النهي وبضمها على النفي ( ولا يولها ظهره) جزم بحذف الياء على النهي أي لا يجعلها مقابل ظهره، وفي رواية مسلم ولا يستدبرها ببول أو غائط، والظاهر منه اختصاص النهي بخروج الخارج من العورة ويكون مثاره إكرام القبلة عن المواجهة بالنجاسة، وقيل: مثال النهي كشف العورة، وحينئذ فيطرد في كل حالة تكشف فيها العورة كالوطء مثلاً، وقد نقله ابن شاس من المالكية قولاً في مذهبهم وكأن قائله تمسك برواية في الموطأ: لا تستقبلوا القبلة بفروجكم ولكنها محمولة على قضاء الحاجة جميعًا بين الروايتين ( شرقوا أو غربوا) أي خذوا في ناحية المشرق أو ناحية المغرب، وفيه الالتفات من الغيبة إلى الخطاب وهو لأهل المدينة ومن كانت قبلتهم على سمتهم، أما من كانت قبلته إلى جهة المشرق أو المغرب فإنه ينحرف إلى جهة الجنوب أو الشمال، ثم إن هذا الحديث يدل على عموم النهي في الصحراء والبنيان، وهو مذهب أبي حنيفة ومجاهد وإبراهيم النخعي وسفيان الثوري وأحمد في رواية عنه لتعظيم القبلة وهو موجود فيهما، فالجواز في البنيان إن كان لوجود الحائل فهو موجود في الصحراء كالجبال والأودية، وخصّ الشافعية والمالكية وإسحاق وأحمد في رواية هذا العموم بحديث ابن عمر الآتي الدالّ على جواز الاستدبار في الأبنية، وجائز عند أحمد وأبي داود وابن خزيمة الدال على جواز الاستقبال فيها، ولولا ذلك كان حديث أبي أيوب لا يخص من عمومه بحديث ابن عمر.
إلا جواز الاستدبار فقط ولا يلحق به الاستقبال قياسًا لأنه لا يصح، وقد تمسك به قوم فقالوا بجواز الاستدبار دون الاستقبال.
وحكى عن ابن حنيفة وأحمد وهو قول أبي يوسف وهل جوازهما في البنيان مع الكراهة أم لا؟ فقيل: يكره وفافًا للمجموع وجزم في التذنيب تبعًا للمتوليّ بالكراهة، واختار في المجموع بقاء الكراهة في استقبال بيت المقدس واستدباره، وذهب عروة بن الزبير وربيعة الرأي وداود إلى جواز الاستقبال والاستدبار مطلقًا جاعلين حديث ابن عمر منسوخًا بحديث جابر عند أبي داود والترمذي وأبناء ماجة وخزيمة وحبان نهانا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن نستقبل القبلة أو نستدبرها ببول، ثم رأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها وقد ضعفوا دعوى النسخ بأنه لا يصار إليه إلا عند تعذر الجمع، وحملوا حديث جابر هذا على أنه رآه في بناء أو نحوه لأن ذلك هو المعهود من حاله عليه السلام لمبالغته في التستر، ويستثنى من القول بالحرمة في الصحراء ما لو كان الريح يهب على يمين القبلة أو شمالها فإنهما لا يحرمان للضرورة قاله القفال في فتاويه، والاعتبار في الجواز في البنيان والتحريم في الصحراء بالساتر وعدمه، فحيث كان في الصحراء ولم يكن بينه وبينها ساتر أو كان وهو قصير - لا يبلغ ارتفاعه ثلثي ذراع أو بلغ ذلك وبعد عنه أكثر من ثلاثة أذرع حرم وإلاّ فلا، في البنيان يشترط الستر كما ذكرنا وإلاّ فيحرمان إلا فيما بني لذلك وهذا التفصيل للخراسانيين وصحّحه في المجموع.
12 - باب مَنْ تَبَرَّزَ عَلَى لَبِنَتَيْنِ هذا ( باب من تبرز) أي تغوّط جالسًا ( على لبنتين) تثنية لبنة بفتح اللام وكسر الموحدة وتسكن مع فتح اللام وكسرها واحدة الطوب النيء.
145 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إِذَا قَعَدْتَ عَلَى حَاجَتِكَ فَلاَ تَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلاَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ.
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَقَدِ ارْتَقَيْتُ يَوْمًا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلاً بَيْتَ الْمَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ.
.

     وَقَالَ : لَعَلَّكَ مِنَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَى أَوْرَاكِهِمْ، فَقُلْتُ: لاَ أَدْرِي وَاللَّهِ.
قَالَ مَالِكٌ: يَعْنِي الَّذِي يُصَلِّي وَلاَ يَرْتَفِعُ عَنِ الأَرْضِ، يَسْجُدُ وَهُوَ لاَصِقٌ بِالأَرْضِ.
[الحديث 145 - أطرافه في: 148، 149، 3102] .
وبالسند إلى المؤلفقال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي ( قال: أخبرنا مالك) هو ابن أنس الإمام ( عن يحيى بن سعيد) الأنصاري المدني ( عن محمد بن يحيى بن حبان) بفتح الحاء المهملة وتشديد الموحدة الأنصاري النجاري بالجيم والنون المازني، المتوفى سنة إحدى وعشرين ومائة ( عن عمه واسع بن حبان) بفتح المهملة ابن منقذ له رؤية ولأبيه صحبة رضي الله عنهما ( عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما ( أنه) أي عبد الله بن عمر كما صرح به مسلم ( كان يقول) : ( إن ناسًا) كأبي هريرة وأبي أيوب الأنصاري ومعقل الأسدي وغيرهم ممن يرى عموم النهي في استقبال القبلة واستدبارها ( يقولون: إذا قعدت على حاجتك) كناية عن التبرّز ونحوه وذكر القعود لكونه الغالب وإلاّ فلا فرق بينه وبين حالة القيام ( فلا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس) بفتح الميم وسكون القاف وكسر الدال المخففة وبضم الميم وفتح القاف وتشديد الدال المفتوحة وبيت بالنصب عطفًا على القبلة والإضافة فيه إضافة الموصوف إلى صفته كمسجد الجامع ( فقال عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما: وهذا ليس جوابًا بالواسع بل الفاء سببية، لأن ابن عمر أورد القول الأوّل منكرًا له، ثم بين سبب إنكاره بما رواه عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكان يمكنه أن يقول فلقد ارتقيت الخ.
لكن الراوي عنه وهو واسع أراد التأكيد بإعادة قوله فقال عبد الله بن عمر والله: ( لقد ارتقيت) أي صعدت وفي بعض الأصول رقيت ( يومًا) بالنصب على الظرفية ولام لقد جواب قسم محذوف وسقط لابن عساكر لفظ يومًا ( على ظهر بيت لنا) وفي رواية تأتي إن شاء الله تعالى على ظهر بيتنا ( فرأيت) أي أبصرت ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كونه ( على لبنتين) وحال كونه ( مستقبلاً بيت المقدس لحاجته) أي لأجل حاجته أو وقت حاجته، وللترمذي الحكيم بسند صحيح فرأيته في كنيف.
قال في الفتح: وهذا يرد على من قال ممن يرى الجواز مطلقًا يحتمل أن يكون رآه في الفضاء وكونه على لبنتين لا يدل على البناء لاحتمال أن يكون جلس عليهما ليرتفع بهما عن الأرض، ويرد هذا الاحتمال أيضًا أن ابن عمر كان يرى المنع من الاستقبال في الفضاء إلا بستائر كما رواه أبو داود وغيره.
وهذا الحديث مع حديث جابر عند أبي داود وغيره مخصص لعموم حديث أبي أيوب السابق ولم يقصد ابن عمر رضي الله عنهما الإشراف على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في تلك الحالة وإنما صعد السطح لضرورة كما في الرواية الآتية إن شاء الله تعالى فحانت منه التفاتة كما في رواية البيهقي، نعم لما اتفق له رؤيته في تلك الحالة من غير قصد أحب أن لا يخلي ذلك من فائدة حفظ هذا الحكم الشرعي اهـ.
( وقال) أي ابن عمر لواسع ( لعلك من الذين يصلّون على أوراكهم) أي من الجاهلين بالسُّنّة في السجود من تجافي البطن عن الوركين فيه إذ لو كنت ممن لا يجهلها لعرفت الفرق بني الفضاء وغيره، والفرق بين استقبال الكعبة وبيت القدس قال: واسع ( فقلت لا أدري والله) أنا منهم أم لا أو لا أدري السّنة في استقبال الكعبة أبي بيت القدس.
( قال مالك) الإمام في تفسير الصلاة على الورك ( يعني الذي يصلي ولا يرتفع عن الأرض يسجد وهو لاصق بالأرض) .
13 - باب خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْبَرَازِ هذا ( باب خروج النساء إلى البراز) بفتح الموحدة الفضاء الواسع من الأرض وكني به عن الخارج من باب إطلاق اسم المحل على الحال.