فهرس الكتاب

- باب فضل الجمعة

رقم الحديث 1535 [1535] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ -رضي الله عنه- "عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ رُئِيَ وَهُوَ فِي مُعَرَّسٍ بِذِي الْحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الْوَادِي قِيلَ لَهُ: إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ، وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ يَتَوَخَّى بِالْمُنَاخِ الَّذِي كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُنِيخُ يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَهُوَ أَسْفَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِبَطْنِ الْوَادِي، بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ وَسَطٌ مِنْ ذَلِكَ".
وبه قال: ( حدّثنا محمد بن أبي بكر) المقدمي قال: ( حدّثنا فضيل بن سليمان) بضم الفاء والسين فيهما النمري قال: ( حدّثنا موسى بن عقبة) الأسدي ( قال: حدثني) بالإفراد ( سالم بن عبد الله) بن الخطاب ( عن أبيه -رضي الله عنه-، عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .
( أنه رئي) بتقديم الراء المضمومة على الهمزة المكسورة أي رآه غيره لكن في نسختين من فروع اليونينية رئي بتشديد الهمزة المكسورة بل رأيته كذلك فيها ولأبي ذر: أري بتأخير الراء مكسورة وضم الهمزة أي في المنام "وهو معرس" بكسر الراء على لفظ اسم الفاعل من التعريس، والجملة حالية كذا للحموي والمستملي، وفي رواية الكشميهني: وهو في معرس بزيادة "في" وفتح الراء لأنه اسم مكان "بذي الحليفة ببطن الوادي" أي وادي العقيق كما دل عليه حديث ابن عمر السابق ( قيل له) : عليه الصلاة والسلام ( إنك ببطحاء مباركة) .
قال موسى بن عقبة: ( وقد أناخ بنا سالم يتوخى بالمناخ) بضم الميم وبالخاء فيهما أي يقصد المبرك ( الذي كان عبد الله) بن عمر ( ينيخ) فيه راحلته حال كونه ( يتحرى) بالحاء المهملة وتشديد الراء يقصد ( معرس رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ، بفتح راء معرس لأنه اسم مكان ( وهو أسفل) بالرفع خبر وهو كذا في فرعين لليونينية كهي، لكن قال في اللامع كالكواكب الرواية بالنصب، وكذا رأيته في بعض الأصول المعتمدة وهو ظاهر كلام فتح الباري ( من المسجد الذي) كان هناك في ذلك الزمان ( ببطن الوادي بينهم) أي بين المعرسين بكسر الراء كذا للحموي والكشميهني، وللمستملي والكشميهني أيضًا: بينه أي بين العرس ( وبين الطريق) خبر ثان ( وسط) بفتح السين أي متوسط بين بطن الوادي وبين الطريق خبر ثالث أو بدل، ولأبي ذر؛ وسطًا بالنصب أي حال كونه متوسطًا ( من ذلك) وأتى بقوله "وسطًا" بعد قوله "بين" وإن كان معلومًا منه ليبين أنه في حاق الوسط من قرب لأحد الجانبين.
17 - باب غَسْلِ الْخَلُوقِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِنَ الثِّيَابِ ( باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب) بفتح الخاء وضم اللام مخففة وآخره قاف ضرب من الطيب يعمل فيه زعفران.
1536 - قَالَ أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى أَخْبَرَهُ "أَنَّ يَعْلَى قَالَ لِعُمَرَ -رضي الله عنه-: أَرِنِي النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ يُوحَى إِلَيْهِ.
قَالَ: فَبَيْنَمَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْجِعْرَانَةِ -وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ -جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَهْوَ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاعَةً، فَجَاءَهُ الْوَحْيُ، فَأَشَارَ عُمَرُ -رضي الله عنه- إِلَى يَعْلَى، فَجَاءَ يَعْلَى -وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَوْبٌ قَدْ أُظِلَّ بِهِ- فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُحْمَرُّ الْوَجْهِ وَهُوَ يَغِطُّ، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ: أَيْنَ الَّذِي سَأَلَ عَنِ الْعُمْرَةِ؟ فَأُتِيَ بِرَجُلٍ فَقَالَ: اغْسِلِ الطِّيبَ الَّذِي بِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَانْزِعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجَّتِكَ".
.

قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَرَادَ الإِنْقَاءَ حِينَ أَمَرَهُ أَنْ يَغْسِلَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ؟ قَالَ: "نَعَمْ".
[الحديث 1536 - أطرافه في: 1789، 1847، 4329، 4985] .
وبالسند قال: ( قال أبو عاصم) الضحاك بن مخلد النبيل كذا أورده بصيغة التعليق، وبه جزم الإسماعيلي وأبو نعيم، وقيل: إنه وقع في نسخة أو رواية حدّثنا أبو عاصم قال: ( أخبرنا ابن جريج) عبد الملك قال: ( أخبرني) بالإفراد ( عطاء) هو ابن أبي رباح ( أن صفوان بن يعلى أخبره أن) أباه ( يعلى) بن أمية التميمي المعروف بابن منية بضم الميم وسكون النون وفتح التحتية وهي أمه وقيل جدته ( قال لعمر:) بن الخطاب ( -رضي الله عنه- أرني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين يوحى إليه.
قال: فبينما النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالجعرانة)
بكسر الجيم وإسكان العين وتخفيف الراء كما ضبطه جماعة من اللغويين ومحققي المحدّثين، ومنهم من ضبطه بكسر العين وتشديد الراء وعليه أكثر المحدّثين.
قال صاحب المطالع: أكثر المحدّثين يشددونها وأهل الأدب يخطئونهم ويخففونها وكلاهما صواب ( ومعه) عليه الصلاة والسلام ( نفر من أصحابه) جماعة منهم والواو للحال وكان ذلك في سنة ثمان وجواب بينما قوله: ( جاءه رجل) قال الحافظ ابن حجر: لم أعرف اسمه، لكن ذكر ابن فتحون في الذيل عن تفسير الطرطوشي أن اسمه عطاء ابن منية.
قال ابن فتحون: فإن ثبت ذلك فهو يعلى الراوي ( فقال: يا رسول الله، كيف ترى في رجل أحرم بعمرة وهو متضمخ) بالضاد والخاء المعجمتين أي متلطخ ( بطيب؟ فسكت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ساعة فجاءه الوحي، فأشار عمر -رضي الله عنه- إلى يعلى فجاء يعلى وعلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثوب قد أظل به) بضم الهمزة وكسر الظاء المعجمة مبنيًا للمفعول والنائب عن الفاعل ضمير يعود على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي: جعل الثوب له كالظلة يستظل به ( فأدخل) يعلى ( رأسه) ، ليراه عليه الصلاة والسلام حال نزول الوحي وهو محمول على أن عمر ويعلى علما أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يكره الإطلاع عليه في ذلك الوقت لأن فيه تقوية الإيمان بمشاهدة حال الوحي الكريم، ( فإذا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- محمّر الوجه وهو يغط) ، بغين معجمة مكسورة وطاء مهملة مشدّدة من الغطيط وهو صوت النفس المتردد من النائم من شدة ثقل الوحي، ( ثم سري عنه) عليه الصلاة والسلام بسين مهملة مضمومة وراء مشددة أي كشف عنه شيئًا فشيئًا.
وروي بتخفيف الراء أي كشف عنه ما يتغشاه من ثقل الوحي، يقال: سروت الثوب وسريته نزعته والتشديد أكثر لإفادة التدريج ( فقال) : "أين الذي سأل عن العمرة" ( فأتي برجل فقال) : عليه الصلاة والسلام ( اغسل الطيب الذي بك ثلاث مرات) استدلّ به على منع استدامة الطيب بعد الإِحرام للأمر بغسل أثره من الثوب والبدن لعموم قوله: اغسل الطيب الذي بك وهو قول مالك ومحمد بن الحسن.
وأجاب الجمهور بأن قصة يعلى كانت بالجعرانة سنة ثمان بلا خلاف كما مرّ وقد ثبت عن عائشة أنها طيبته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حجة الوداع سنة عشر بلا خلاف وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من الأمر، والظاهر أن العامل في ثلاث مرات أقرب الفعلين إليه وهو: اغسل وعليه فيكون قوله ثلاث مرات من جملة مقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو نص في تكرر الغسل، ويحتمل أن يكون العامل فيه قال أي قال له النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثلاث مرات اغسل الطيب، فلا يكون فيه تنصيص على أمره بثلاث غسلات إذ ليس في قوله اغسل الطيب تصريح بالغسلات الثلاث لاحتمال كون المأمور به غسلة واحدة، لكنه أكد في شأنها وعلى الأول فهمه ابن المنير فإنه قال في الحديث ما يدل على أن المعتبر في هذا الباب ذهاب الجرم الظاهر لا الأثر بالكلية، لأن الصباغ لا يزول لونه ولا رائحته بالكلية بثلاث مرات، فعلى هذا من غسل الدم من ثوبه لم يضره بقاء طبعه انتهى.
لكن لو كان في الحديث ما يدل على أن الخلوق كان في الثوب أمكن ما قاله، ولكن ظاهره أن الخلوق كان في بدنه لا في ثيابه لقوله: وهو متضمخ بطيب.
وإذا كان الخلوق في البدن أمكن أن تزول رائحته ولونه بالكلية بغسله ثلاث مرات لأن علوق الطيب بالبدن أخف من علوقه بالثوب قاله في المصابيح.
( وانزع عنك الجبة، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجتك) وللكشميهني: ما تصنع في حجتك بإسقاط كاف كما وتاء حجتك وفيه دلالة على أنه كان يعرف أعمال الحج قبل ذلك، وعند مسلم والنسائي من طريق سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء في هذا الحديث فقال: ما كنت صانعًا في حجك: قال أنزع عني هذه الثياب وأغسل عني هذا الخلوق.
فقال: ما كنت صانعًا في حجك فاصنعه في عمرتك أي فلما ظن أن العمرة ليست كالحج قال له إنها كالحج في ذلك، وقد تبين أن المأمور به في قوله اصنع الغسل والنزع.
قال ابن جريج: ( قلت لعطاء: أراد) عليه الصلاة والسلام ( الإنقاء حين أمره) عليه الصلاة والسلام ( أن يغسل ثلاث مرات؟ قال: نعم) أراد الإنقاء وهو يؤيد الاحتمال الأول وهو أن يكون ثلاث مرات معمولاً لاغسل وأنه من كلام النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وقال الإسماعيلي: ليس في الخبر أن الخلوق كان على الثوب كما في الترجمة وإنما فيه أن الرجل كان متضمخًا ولا يقال لمن طيب ثوبه أو صبغه به متضمخ.
وقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اغسل الطيب الذي بك يبين أن الطيب لم يكن في ثوبه ولو كان على الجبة لكان في نزعها كفاية من جهة الإحرام انتهى يعني فليس بين الحديث والترجمة مطابقة.
وأجيب: بأن المؤلّف جرى على عادته أن يشير إلى ما وقع في بعض طرق الحديث الذي يورده، وقد أورده في محرمات الإحرام من وجه آخر بلفظ: عليه قميص فيه أثر صفرة والخلوق في العادة إنما يكون في الثوب، ولأبي داود الطيالسي في مسنده عن شعبة عن قتادة عن عطاء رأى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجلاً عليه جبة عليها أثر خلوق، ولمسلم مثله من طريق رباح ابن أبي معروف عن عطاء.
ورواة حديث الباب مكيون إلا شيخ المؤلّف عاصم النبيل فبصري وفي سنده انقطاع إلا أن كان صوان حضر مراجعة يعلى وعمر فيكون متصلاً لأنه قال: إن يعلى ولم يقل أن يعلى أخبره أنه قال لعمر.
وأخرجه أيضًا في فضائل القرآن والمغازي، ومسلم في الحج وكذا أبو داود والترمذي والنسائي.
18 - باب الطِّيبِ عِنْدَ الإِحْرَامِ، وَمَا يَلْبَسُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ، وَيَتَرَجَّلَ وَيَدَّهِنَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: يَشَمُّ الْمُحْرِمُ الرَّيْحَانَ، وَيَنْظُرُ فِي الْمِرْآةِ، وَيَتَدَاوَى بِمَا يَأْكُلُ الزَّيْتَ وَالسَّمْنَ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: يَتَخَتَّمُ وَيَلْبَسُ الْهِمْيَانَ.
وَطَافَ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- وَهُوَ مُحْرِمٌ وَقَدْ حَزَمَ عَلَى بَطْنِهِ بِثَوْبٍ وَلَمْ تَرَ عَائِشَةُ -رضي الله عنها- بِالتُّبَّانِ بَأْسًا لِلَّذِينَ يَرْحَلُونَ هَوْدَجَهَا.
( باب) استحباب استعمال ( الطيب عند الإحرام) ، في البدن والثوب ولو للنساء ( وما يلبس) الشخص ( إذا أراد أن يحرم، ويترجل) بتشديد الجيم والرفع عطفًا على قوله وما يلبس وبالنصب بأن مقدرة وهو الذي في اليونينية لا غير كقوله: ولبس عباءة وتقر عيني.
أي: ويسرح شعره بالمشط ( ويدهن) بكسر الهاء مع تشديد الدال من الافتعال معطوف على سابقه أي يطلي بالدهن.
( وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-) .
فيما وصله سعيد بن منصور ( يشم المحرم الريحان) ، بفتح شين يشم على المشهور وحكي ضمها.
وروى الدارقطني عنه بسند صحيح المحرم يشم الريحان ويدخل الحمام وينزع ضرسه ويفقأ القرحة وإن انكسر ظفره أماط عنه الأذى، ومذهب الشافعية أنه يحرم شم الريحان الفارسي وهو الضميران بفتح المعجمة وضم الميم بالقياس على تحريم شم الطيب للمحرم لأن معظم الغرض منه رائحته الطيبة وكرهه مالك والحنفية وتوقف أحمد.
وقال أيضًا -رضي الله عنه- مما وصله ابن أبي شيبة: ( وينظر في المرآة) ، بكسر الميم وسكون الراء بوزن مفعال ونقل كراهته عن القاسم بن محمد.
وقال ابن عباس أيضًا مما وصله ابن أبي شيبة: ( ويتداوى بما يأكل الزيت والسمن) بالجر فيهما وصحح عليه ابن مالك بدلاً من الموصول المجرور وبالباء وبالنصب.
قال الزركشي وغيره: إنه المشهور وليس المعنى عليه فإن الذي يأكل هو الآكل لا المأكول انتهى.
قال في المصابيح: لم لا يجوز على النصب أن يكون بدلاً من العائد إلى ما الموصولة أي بما يأكله الزيت والسمن فالذي يأكله حينئذ هو المأكول لا الآكل، ثم قال فإن قلت: يلزم عليه حذف المبدل منه.
وأجاب: بأنه قد قيل به في قوله تعالى: { وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ} [النحل: 116] فقال قوم: إن الكذب بدل من مفعول تصف المحذوف أي لما تصفه وقيل به أيضًا في قوله تعالى: { كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ} [البقرة: 151] أي كما أرسلناه ورسولاً بدل من الضمير المحذوف.
قال: والزركشي -رحمه الله- ظن أن الزيت مفعول أكل فقال أن الذي يأكل الزيت مثلاً عبارة عن الآكل لا المأكول والمطلوب هو جواز التداوي بالمأكول فلا يتأتى المعنى المراد وقد استبان لك تأتيه بما قلنا اهـ.
( وقال عطاء) هو ابن أبي رباح مما وصله ابن أبي شيبة: ( يتختم) أي يلبس الخاتم ( ويلبس الهميان) بكسر الهاء وسكون الميم قال القزاز فارسي معرب يشبه تكة السراويل تجعل فيه الدراهم ويشد على الوسط.
( وطاف ابن عمر -رضي الله عنهما-) مما وصله الإمام الشافعي من طريق طاوس ( وهو محرم) الواو للحال ( وقد حزم) بفتح الحاء المهملة والزاي أي شد ( على بطنه بثوب ولم تر عائشة -رضي الله عنها-) فيما وصله سعيد بن منصور ( بالتبان بأسًا) بضم المثناة الفوقية وتشديد الموحدة سراويل قصير يستر العورة المغلظة يلبسه الملاحون ونحوهم ( للذين يرحلون) بضم أوله وفتح الراء وتشديد الحاء المهملة المكسورة،وفي نسخة: يرحلون بفتح الياء والحاء والراء ساكنة.
قال الجوهري: رحلت البعير أرحله بفتح أوله رحلاً، واستشهد البخاري في التفسير بقول الشاعر إذا ما قمت أرحلها بليل قال في الفتح: وعلى هذا فوهم من ضبطه هنا بتشديد الحاء المهملة وكسرها والمعنى يشدون ( هودجها) بفتح الهاء والدال المهملة والجيم والواو ساكنة مركب من مراكب النساء، وهذا كأنه رأي عائشة وإلاّ فالجمهور على أنه لا فرق بين التبان والسراويل في منعه للمحرم، وقد سقط للذين يرحلون هودجها في رواية ابن عساكر.