فهرس الكتاب

- باب: هل يمضمض من اللبن؟

رقم الحديث 219 [219] حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى أَعْرَابِيًّا يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: دَعُوهُ.
حَتَّى إِذَا فَرَغَ دَعَا بِمَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ.
[الحديث أطرافه في: 221، 6025] .
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي البصري ولابن عساكر بإسقاط لفظ ابن إسماعيل ( قال حدّثنا همام) هو ابن يحيى بن دينار العوذي بفتح العين المهملة وسكون الواو وبالذال المعجمة المتوفى سنة ثلاث وستين ومائة ( قال: أخبرنا) ولابن عساكر والأصيلي حدّثنا ( إسحاق) بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري ( عن أنس) هو ابن مالك رضي الله عنه.
( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى) أي أبصر ( أعرابيًا يبول) أي بائلاً ( في المسجد) فزجره الناس ( فقال) عليه الصلاة والسلام: ( دعوه) أي اتركوا الأعرابيّ وهو الأقرع بن حابس فيما حكاه أبو بكر التاريخي أو ذو الخويصرة اليماني فيما نقل عن أبي الحسن بن فارس فتركوه خوفًا من مفسدة تنجيس بدنه أو ثوبه أو مواضع أخرى من المسجد أو يقطعه فيتضرر به ( حتى إذا فرغ) أي من بوله كما للأصيلي وهذا كلام أنس وحتى للغاية أي فتركوه إلى أن فرغ منه فلما فرغ ( دعا) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( بماء) أي طلبه ( فصبّه عليه) أي أمر بصبه عليه، وللأصيلي فصبّ بحذف ضمير المفعول، واستدل به على أن الأرض إذا تنجست تطهر بصب الماء عليها أي قدر ما يغمرها حتى تستهلك فيه، وقيل إن كانت صلبة بضم الصاد وإسكان اللام يصب عليها من الماء سبعة أمثاله.
ونقل ذلك عن الشافعي رضي الله عنه من غير تقييد بصلابة، قيل: ولعله أخذ من نسبة بول الأعرابيّ في الحديث الآتي قريبًا إن شاء الله تعالى إلى الذنوب المصبوب عليه، وإن كانت الأرض رخوة تحفر إلى ما وصلت إليه النداوة وينقل التراب بناء على أن الغسالة نجسة لحديث أبي داود عن عبد الله بن معقل رضي الله عنه خذوا ما بال عليه من التراب فألقوه وأهريقوا على مكانه ماء، وهذا قوله أصحاب أبي حنيفة رضي الله عنهم وعن أبي حنيفة رضي الله عنه لا تطهر الأرض حتى تحفر إلى الموضع الذي وصلت إليه النداوة وينقل التراب، وقيل يشترط في تطهير الأرض أن يصب علي بول الواحد ذنوب وعلى بول الاثنين ذنوبان وهكذا، والأظهر هو الأوّل لحديث الباب ولاحقه إذ لم يأمر عليه الصلاة والسلام فيهما بقلع التراب.
وأما الحديث السابق الدال على قلعه فضعيف لأن إسناده غير متصل لأن ابن معقل لم يدرك النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفي الحديث أيضًا من الفقه الرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف إذا لم يكن ذلك منه عنادًا، ولا سيما إن كان ممن يحتاج إلى استئلافه وبقية ما يستفاد من الحديث تأتي قريبًا إن شاء الله سبحانه وتعالى، ورواته الأربعة ما بين بصري ومدني وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلف أيضًا في الباب التالي، وفي الأدب ومسلم في الطهارة والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجة، والله أعلم.
58 - باب صَبِّ الْمَاءِ عَلَى الْبَوْلِ فِي الْمَسْجِد ( باب) حكم ( صب الماء على البول فى المسجد) النبوي وغيره من سائر المساجد.
220 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «دَعُوهُ، وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ -أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ- فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ».
[الحديث 220 - طرفه في: 6128] .
وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع ( قال: أخبرنا شعيب) بن أبي حمزة ( عن الزهري) محمد بن مسلم أنه ( قال أخبرني) بالإفراد ( عبيد الله بن عبد الله) بتصغير الابن وتكبير الأب ( ابن عتبة) بضم العين وسكون المثناة الفوقية ( ابن مسعود) رضي الله عنه ( أن أبا هريرة) رضي الله عنه ( قال) : ( قام أعراب فبال) أي شرع في البول ( في المسجد) النبوي ولأبي ذر في السجد فبال ( فتناوله الناس) بألسنتهم لا بأيديهم، وفي رواية أنس الآتية فزجره الناس، ولمسلم فقال الصحابة: مه مه، وللبيهقي من طريق عبدان شيخ المؤلف فصاح الناس به، وكذا للنسائي من طريق ابن المبارك ( فقال لهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دعوه) يبول زاد الدارقطني في رواية له عسى أن يكون من أهل الجنة، ( وهريقوا) وعندهفي الأدب وأهريقوا ( على بوله سجلاً من ماء) بفتح المهملة وسكون الجيم الدلو الملأى ماء لا فارغة أو الدلو الواسعة، ( أو ذنوبًا من ماء) بفتح الذال المعجمة الدلو الملأى لا فارغة أو العظيمة وحينئذ فعلى الترادف أو الشك من الراوي، وإلا فهي للتخيير ( فإنما بعثتم) حال كونكم ( ميسرين ولم تبعثوا) حال كونكم ( معسرين) أكد السابق بنفي ضده تنبيهًا على المبالغة في اليسر، وأسند البعث إلى الصحابة رضي الله عنهم على طريق المجاز لأنه عليه الصلاة والسلام هو المبعوث حقيقة، لكنهم لما كانوا في مقام التبليغ عنه في حضوره وغيبته أطلق عليهم ذلك، وقد كان عليه الصلاة والسلام إذا بعث بعثًا إلى جهة من الجهات يقول: "يسروا ولا تعسروا" في قوله "إنما بعثتم ميسرين" إشارة إلى تضعيف وجوب حفر الأرض إذ لو وجب لزال معنى التيسير وصاروا معسرين.
ورواته الخمسة ما بين حمصي ومدني وبصري وفيه التحديث بالجمع والإخبار به بالتوحيد والعنعنة، وأما قوله: أخبرني عبيد الله فرواه كذلك أكثر الرواة عن الزهري، ورواه سفيان بن عيينة عنه عن سعيد بن المسيب بدل عبيد الله، وتابعه سفيان بن حسين قال في الفتح فالظاهر أن الروايتين صحيحتان.