فهرس الكتاب

- باب: إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه

رقم الحديث 370 [370] حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الْمَوَالِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ مُلْتَحِفًا بِهِ وَرِدَاؤُهُ مَوْضُوعٌ.
فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْنَا: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ تُصَلِّي وَرِدَاؤُكَ مَوْضُوعٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَحْبَبْتُ أَنْ يَرَانِي الْجُهَّالُ مِثْلُكُمْ.
رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي هَكَذَا.
وبه قال: (حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) الأويسي (قال: حدّثنا ابن أبي الموالي) عبد الرحمن (عن محمد بن المنكدر قال): (دخلت على جابر بن عبد الله وهو يصلّي في ثوب) حال كونه (ملتحفًا به) أي بالثوب ويجوز ملتحف بالجرّ على الجوار أو صفة للثوب.
قال الحافظ ابن حجرة: وهو في نسختي عن الحموي والمستملي؟ وفي رواية أبي ذر ملتحف بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي هو ملتحف به (ورداؤه موضوع) على الأرض أو على المشجب ونحوه والجملة حالية اسمية، (فلما انصرف) من صلاته (قلنا يا أبا عبد الله) هي كنية جابر (تصليّ ورداؤك موضوع؟ قال: نعم) أي أصليّ وردائي موضوع (أحببت أن يراني الجهّال مثلكم) بالرفع صفة للجهّال وهي وإن كانت لا تتعرف بالإضافة فالموصوف وهو الجهّال قريب من النكرة لأن اللام فيه للجنس، وكون مثل مفردًّا وصف به جمع والتطابق بين الصفة الموصوف في الإفراد والجمع شرط فلأنه بمعنى المثيل على وزن فعيل يستوي فيه المذكر والمؤنث والإفراد والجمع، أو يقال أنه اكتسب الجمعية من المضاف إليه أو هو جنس يطلق على المفرد والمثنى والجمع، ويجوز النصب على الحال.
(رأيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي كذا)، وللكشميهني هكذا، وسبب إغلاظ جابر أنه فهم من السائل الإنكار وأنه يحب أن يراه الجهّال ليتنبهوا لإفادة الحكم.
12 - باب مَا يُذْكَرُ فِي الْفَخِذِ وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَرْهَدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الْفَخِذُ عَوْرَةٌ».
.

     وَقَالَ  أَنَسٌ: حَسَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ فَخِذِهِ.
وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَسْنَدُ، وَحَدِيثُ جَرْهَدٍ أَحْوَطُ، حَتَّى يُخْرَجَ مِنِ اخْتِلاَفِهِمْ.
.

     وَقَالَ  أَبُو مُوسَى: غَطَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رُكْبَتَيْهِ حِينَ دَخَلَ عُثْمَانُ.
.

     وَقَالَ  زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَثَقُلَتْ عَلَىَّ حَتَّى خِفْتُ أَنْ تُرَضَّ فَخِذِي.
(باب ما يذكر في) حكم (الفخذ) وللكشميهني من الفخذ (ويروى) بضم الياء مبنيًّا للمفعول تعليق بصيغة التمريض ولأبوي ذر والوقت قال أبو عبد الله أي البخاري: ويروي (عن ابن عباس) رضي الله عنهما مما وصله أحمد والترمذي بسند فيه أبو يحيى القتات وهو ضعيف، (و) عن (جرهد) بفتح الجيم والهاء الأسلمي مما وصله في الموطأ وحسنه الترمذي وصحّحه ابنحبّان (و) عن (محمد بن جحش) نسبة إلى جدّه لشُهرته به، وإلاّ فاسم أبيه عبد الله الأسدي وهو ابن أخي زينب أُم المؤمنين له ولأبيه صحبة، قال ابن حبّان: سمع من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ووصل حديثه هذا المؤلّف في تاريخه وأحمد والحاكم.
(عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الفخذ عورة.
وقال أنس) مما وصله المؤلّف قريبًا وللأصيلي وقال أنس بن مالك (حسر) بالهملات المفتوحة أي كشف (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن فخذه، وحديث أنس) ولابن عساكر قال أبو عبد الله أي المؤلّف: وحديث أنس (أسند) أي أقوى وأحسن سندًا من الحديث السابق.
(و) هو (حديث جرهد) وما معه لكن العمل به (أحوط) من حديث أنس أي أكثر احتياطًا في أمر الستر (حتى يخرج) بضم المثناة التحتية وفتح الراء، وفي رواية حتى يخرج بفتح المثناة التحتية وضمّ الراء كذا في الفرع، وقال الحافظ ابن حجر روايتنا بفتح النون وضم الراء (من اختلافهم) أي العلماء، فقال الجمهور من التابعين وأبو حنيفة ومالك في أصح أقواله، والشافعي وأحمد في أصح روايتيه، وأبو يوسف ومحمد الفخذ عورة.
وذهب ابن أبي ذئب وداود وأحمد في إحدى روايتيه والإصطخري من الشافعية وابن حزم إلى أنه ليس بعورة قال في المحلىّ لو كان عورة ما كشفها الله تعالى من رسوله المطهر المعصوم من الناس ولا رآها أن ولا غيره.
(وقال أبو موسى) الأشعري مما هو طرف من حديث موصول عند المؤلّف في مناقب عثمان رضي الله عنه: (غطى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ركبتيه) بالتثنية وفي رواية ركبته (حين دخل عثمان) رضي الله عنه أدبًا معه واستحياء، ولذا قال كما في مسلم والبيهقي ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة، وقد كان عليه الصلاة والسلام يفعل مع كل واحد من أصحابه ما هو الغالب عليه، فلما كان الغالب على عثمان رضي الله عنه الحياء عامله بذلك جزاءً وفاقًا، كشف ركبته عليه الصلاة والسلام قبل دخول عثمان رضي الله عنه دليل على أنها ليست بعورة مع أن ستر العورة واجب مطلقًا ولو في خلوة إلاّ عن نفسه ويكره نظره سوأتيه ويُباح كشفها لغسل ونحوه خاليًا، وعورة الرجل والصبي والأمة قنة أو مبعضة أو مكاتبة أو مدبرة أو مستولدة، والحرّة عند المحارم عند الشافعية ما بين السرّة والركبة لحديث عورة الرجل ما بين سرّته إلى ركبته ورواه الحرث بن أبي أُسامة، وقيس بالرجل الأمة بجامع مع أن رأس كلٍّ منهما ليس بعورة، وفي السُّنن أن عورتها ما بين معقد إزارها إلى ركبتها، نعم يجب ستر بعض السرّة والركبة ليحصل الستر، وقيل هما عورة، وقيل الركبة دون السرّة لحديث الدارقطني: عورة الرجل ما دون سرّته حتى يجاوز ركبتيه وهو مذهب الحنفية، وعورة الحرّة في الصلاة وعند الأجنبي جميع بدنها إلاّ الوجه والكفّين أي اليدين ظاهرًا وباطنًا إلى الكوعين كما فسّر به ابن عباس قوله تعالى: { إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] والخنثى كالأُنثى، فلو استتر كالرجل بأن اقتصر على ستر ما بين سرّته وركبته وصلّى لم تصحّ صلاته على الأصح في الروضة، والأفقه في المجموع للشك في الستر وصحّح في التحقيق صحتها، وأما في الخلوة فالذي يجب ستره فيها هو العورة الكبرى قاله الإمام، وقال أبو حنيفة في أصحّ الروايتين عنه: قدم المرأة ليس بعورة لأن المرأة مبتلاة بإبداء قدميها في مشيها إذ ربما لا تجد الخفّ.
(وقال زيد بن ثابت) الأنصاري البخاري، كتب الوحي لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وجمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه، وتعلّم كتاب يهود في نحو نصف شهر، والسريانية في سبعة عشر يومًا بأمره عليه الصلاة والسلام، وكان من علماء الصحابة.
وقال عليه الصلاة والسلام (أفرضكم زيد) رواه أحمد بإسناد صحيح، وتوفي سنة اثنتين أو ثلاث أو خمس وأربعين.
وقال أبو هريرة حين توفي: مات حبر هذه الأمة، وعسى الله أن يجعل في ابن عباش منه خلفًا.
وتعليقه هذا وصله المؤلّف في تفسير سورة النساء (أنزل الله) تعالى (على رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) قوله تعالى: { لا يستوي القاعدون من المؤمنين} الآية [النساء: 95) (وفخذه) بواو الحال ولأبي ذر عن الكشميهني فخذه (على فخذي فثقلت) بضمالقاف أي فخذه عليه الصلاة والسلام (عليّ حتى خفت أن ترضّ) بفتح المثناة الفوقية وتشديد المعجمة أي تكسر (فخذي) نصب بفتح مقدّر، ويجوز ترضّ فخذي بضم المثناة وفتح الراء وفخذي رفع بضمة مقدّرة.
قيل: لا وجه لإدخال المؤلّف هذا الحديث هنا لأنه لا دلالة فيه على حكم الفخذ نفيًا ولا إثباتًا.
وأُجيب بالحمل على المسّ من غير حائل لأنه الأصل، وهو يقتضي النفي لأن مسّ العورة بلا حائل حرام كالنظر، وتعقب بأنه لو كان فيه تصريح بعدم الحائل لدلّ على أنه ليس بعورة، وإذ لو كان عورة لما مكّن عليه الصلاة والسلام فخذه على فخذ زيد.