فهرس الكتاب

- باب إذا لم يتم السجود

رقم الحديث 524 [524] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.
[انظر الحديث 57 - وأطرافه] .
وبالسند قال: ( حدّثنا محمد بن المثنى) بتشديد النون المفتوحة ( قال: حدّثنا يحيى) القطان ( قال: حدّثنا إسماعيل) بن أبي خالد ( قال: حدّثنا قيس) هو ابن أبي حازم بالمهملة والزاي البلخي الكوفي التابعي المخضرم ( عن جرير بن عبد الله) بفتح الجيم البجلي، المتوفى سنة إحدى وخمسين ( قال) : ( بايعت رسول الله) وللأصيلي النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على إقام الصلاة) المكتوبة ( وإيتاء الزكاة) المفروضة ( والنصح لكل مسلم) بالجر عطفًا على السابق، وخصّ مبايعة جرير بالنصيحة لأنه كان سيد بجيلة وقائدهم فأرشده إلى النصيحة لأن حاجته إليها أمسّ، بخلاف وفد عبد القيس ذكر لهم أداء الخمس لكونهم أهل محاربة مع من يليهم من كفار مضر، فذكر لكل قوم الأهم مما يحتاجون إليه ويخاف عليهم من جهته، وقد تقدمت مباحث الحديث في باب الدين النصيحة آخر كتاب الإيمان.
4 - باب الصَّلاَةُ كَفَّارَةٌ هذا ( باب) بالتنوين ( الصلاة كفارة) للخطايا، ولأبي ذر والمستملي وفي نسخة للأصيلي باب تكفير الصلاة لإضافة باب لتاليه.
525 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: حَدَّثَنِي شَقِيقٌ قَالَ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ قَالَ: "كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ -رضي الله عنه- فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْفِتْنَةِ؟ قُلْتُ: أَنَا، كَمَا قَالَهُ، قَالَ: إِنَّكَ عَلَيْهِ! أَوْ عَلَيْهَا -لَجَرِيءٌ.
قُلْتُ: فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ وَالنَّهْيُ.
قَالَ: لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ، وَلَكِنِ الْفِتْنَةُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ.
قَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا.
قَالَ: يُكْسَرُ أَمْ يُفْتَحُ؟ قَالَ: يُكْسَرُ.
قَالَ: إِذَنْ لاَ يُغْلَقَ أَبَدًا.
قُلْنَا: أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
كَمَا أَنَّ دُونَ الْغَدِ اللَّيْلَةَ.
إِنِّي حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ.
فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ، فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: الْبَابُ عُمَرُ".
[الحديث 525 - أطرافه في: 1435، 1895، 3586، 7096] .
وبالسند قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( قال: حدّثنا يحيي) القطان ( عن الأعمش) سليمان بن مهران ( قال: حدّثني) بالإفراد ( شقيق) أبو وائل بن سلمة الأسدي ( قال: سمعت حذيفة) بن اليمان، وللمستملي حدّثني بالإفراد حذيفة رضي الله عنه حال كونه ( قال) : ( كنّا جلوسًا) أي جالسين ( عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: أيّكم يحفظ قول رسول الله) ولأبي ذر والأصيلي النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الفتنة) المخصوصة وهي في الأصل الاختبار والامتحان.
قال حذيفة رضي الله عنه: ( قلت: أنا) أحفظ ( كما قاله) أي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والكاف في كما زائدة للتأكيد ( قال) عمر لحذيفة: ( إنك عليه) أي على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( أو عليها) على المقالة ( لجريء) بوزن فعيل من الجرأة أي جسور مقدام قاله على جهة الإنكار والشك من حذيفة أو من غيره من الرواة.
قال حذيفة: ( قلت) هي ( فتنة الرجل في أهله) بأن يأتي من أجلهم بما لا يحل من القول والفعل.
( و) فتنته في ( ماله) بأن يأخذه من غير مأخذه ويصرفه في غير مصرفه، ( و) فتنته في ( ولده) بفرط المحبة والشغل به عن كثير من الخيرات أو التوغّل في الاكتساب من أجلهم من غير اتقاء المحرمات ( و) فتنته في ( جاره) بأن يتمنى مثل حاله إن كان متسعًا مع الزوال هذه كلها ( تكفرها الصلاة والصوم والصدقة والأمر) بالمعروف.
( والنهى) عن المنكر كما صرح به في الزكاة وكلها تكفر الصغائر فقط لحديث "إن الصلاة إلى الصلاة كفّارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر" ففيه تقييد لما أطلق.
فإن قلت: إذا كانت الصغائر مكفّرة باجتناب الكبائر فما الذي تكفره الصلوات الخمس؟ أجيب: بأنه لا يتم اجتناب الكبائر إلاّ بفعل الصلوات الخمسة فإن لم يفعلها لم يكن مجتنبًا للكبائر فتوقف التكفير على فعلها.
( قال) عمر رضي الله عنه ( ليس هذا) الذي ذكرته ( أريد، ولكن) الذي أريده ( الفتنة) بالنصب مفعول فعل مقدّر أي أريد الفتنة الكبرى الكاملة ( التي تموج كما يموج البحر) أي تضطرب كاضطرابه، وما مصدرية ( قال) حذيفة لعمر: ( ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين، وإن بينك وبينها بابًا) وللأربعة لبابًا ( مغلقًا) بالنصب صفة لسابقه اسم مفعول من أغلق رباعيًا أي لا يخرج شيء من الفتن في حياتك ( قال) عمر؛ ( أيكسر) هذا الباب ( أم يفتح؟ قال) حذيفة: ( يكسر.
قال)
عمر: ( إذا) جواب وجزاء أي إن انكسر ( لا يغلق أبدًا) فإن الإغلاق إنما يكون في الصحيح؛ وأما الكسر فهو هتك لا يجبر، ولذلك انخرق عليهم بقتل عثمان رضي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الفتن ما لا يغلق إلى يوم القيامة، وإذا حرف ناصب ولا يغلق منصوب بها لوجود ما اشترط في عملها وهو تصديرها، وكون الفعل مستقبلاً واتصاله بها وانفصاله عنها بالقسم أو بلا النافية لا يبطل عملها، وفي كتابة إذا بالنون خلافوللكشميهني لا يغلق بالرفع بتقدير نحو ب الباب أو هو قال شقيق.
( قلنا) لحذيفة ( أكان عمر) رضي الله عنه ( يعلم الباب؟ قال: نعم) يعلمه ( كما) يعلم ( أن دون الغد الليلة) أي أن الليلة أقرب من الغد قيل: وإنما علمه عمر رضي الله عنه لأنه عليه الصلاة والسلام كان على حراء هو والعمران وعثمان رضي الله عنهم فاهتز فقال عليه الصلاة والسلام: "إنما عليك نبي وصديق وشهيدان" قال.
حذيفة: ( اني حدّثته) أي عمر ( بحديث) صدق عن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( ليس بالأغاليط) بفتح الهمزة جمع أغلوطة بضمها.
قال شقيق: ( فهبنا) أي خفنا ( أن نسأل حذيفة) من الباب ( فأمرنا مسروقًا) هو ابن الأجدع أن يسأله ( فسأله، فقال) حذيفة: ( الباب) هو ( عمر) رضي الله عنه ولا تغاير بين "قوله" أولاً إن بينك وبينها بابًا مغلقًا، وبين قوله هنا: إنه هو الباب، لأن المراد بقوله بينك أي بين زمانك وزمان الفتنة وجود حياتك.
وعلم حذيفة بذلك مستند إلى الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقرينة السياق والسؤال والجواب، وقيل: إن عمر لما رأى الأمر كان يتغير سأل عن الفتنة التي تأتي بعده خوفًا أن يدركها مع أنه علم الباب الذي تكون الفتنة بعد كسره، لكنه من شدة الخوف خشي أن يكون نسي فسأل من ذكره.
ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين بصريين وكوفيين، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الصلاة وعلامات النبوّة والفتن والصوم، ومسلم والترمذي وابن ماجة في الفتن.