فهرس الكتاب

- باب الصلاة خلف النائم

رقم الحديث 887 [887] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي -أَوْ عَلَى النَّاسِ- لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ».
[الحديث طرفه في: 7240] .
وبالسند إلى البخاري قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي ( قال: أخبرنا مالك) هو ابن أنس ( عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة، رضي إلته عنه، أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) : ( لولا) مخافة ( أن أشق على أمتي -أو على الناس-) شك من الراوي، ولأبي ذر "أو لولا أن أشق على الناس".
بإعادة: لولا أن أشق.
وقد أخرجه الدارقطني في الموطآت من طريق الموطأ لعبد الله بن يوسف، شيخ البخاري، فيه بهذا الإسناد، فلم يعد: لولا أن أشق ... ، وكذا رواه كثير من رواة الموطأ، ورواه أكثرهم بلفظ: المؤمنين، بدل: أمتي.
وأن في قوله: لولا أن أشق، مصدرية في محل رفع على الابتداء، والخبر محذوف وجوبًا.
أي: لولا المشقّة موجودة ( لأمرتهم) أمر إيجاب ( بـ) استعمال ( السواك مع كل صلاة) فرضًا أو نفلاً.
فهو عام يندرج في الجمعة، بل هي أول لما اختصت به من طلب تحسين الظاهر من الغسل والتنظيف والتطيب، خصوصًا تطييب الفم الذي هو محل الذكر والمناجاة، وإزالة ما يضرّ بالملائكة وبني آدم من تغير الفم.
وفي حديث علي عند البزار، "أن الملك لا يزال يدنو من المصلي يستمع القرآن حتى يضع فاه على فيه ... " الحديث.
ولأحمد وابن حبان: "السواك مطهرة للفم مرضاة للرب"، وله وابن خزيمة: "فضل الصلاة التي يستاك لها، على الصلاة التي لا يستاك لها سبعون ضعفًا".
فإن قلت: قوله: "لولا أن أشق على أمتي".
في ظاهره إشكال، لأن: لولا، كلمة لربط امتناع الثاني لوجود الأولى، نحو: لولا زيد لأكرمتك، أي: لولا زيد موجود.
وهاهنا العكس، فإن الممتنع المشقّة، والموجود الأمر، إذ قد ثبت أمره بالسواك، كحديث ابن ماجة عن أبي أمامة مرفوعًا: ( تسوّكوا) ، ونحوه لأحمد عن العباس، وحديث الموطأ: "عليكم بالسواك ... ".
أجيب بأن التقدير: لولا مخافة أن أشق لأمرتكم ... أمر إيجاب، كما مر تقديره، ففيه نفي الفرضية.
وفي غير من الأحاديث إثبات الندبية، كحديث مسلم، عن عائشة رضي تعالى عنها: عشر من الفطرة ... فذكر منها: السواك.
وقال إمامنا الشافعي، رحمه الله، في حديث الباب: فيه دليل على أن السواك ليس بواجب لأنه لو كان واجبًا لأمرهم به، شق أو لم يشق.
اهـ.
وقال الشيخ أبو إسحاق، في اللمع: فيه دليل على أن الاستدعاء على جهة الندب ليس بأمر حقيقة، لأن السواك عند كل صلاة مندوب، وقد أخبر الشارع أنه لم يأمر به.
اهـ.
والمرجح في الأصول أن المندوب مأمور به.
888 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَكْثَرْتُ عَلَيْكُمْ فِي السِّوَاكِ».
وبه قال: ( حدّثنا أبو معمر) بميمين مفتوحتين بينهما عين مهملة ساكنة، عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج، واسمه ميسرة التميمي البصري ( قال: حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد ( قال: حدّثنا شعيب بن الحبحاب) بفتح الحاءين المهملتين بينهما موحدة ساكنة وبعد الألف أخرى، البصري، وسقط لفظ: ابن الحبحاب في رواية ابن عساكر ( قال: حدّثنا أنس) هو ابن مالك رضي الله عنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( أكثرت عليكم في) استعمال( السواك) أي: بالغت في تكرير طلبه منكم، أو في إيراد الترغيب فيه.
ومطابقة الترجمة من جهة أن الإكثار في السواك، والحثّ عليه يتناول الفعل عند كل الصلوات، والجمعة أولاها، لأنه يوم ازدحام، فشرع فيه تنظيف الفم تطيبًا للنكهة الذي هو أقوى من الغسل على ما لا يخفى.


رقم الحديث 889 [889] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ وَحُصَيْنٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ".
وبه قال: (حدّثنا محمد بن كثير) بالمثلثة (قال: أخبرنا سفيان) الثوري (عن منصور) هو ابن المعمر (وحصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين، ابن عبد الرحمن، كلاهما (عن أبي وائل) بالهمزة، شقيق بن سلمة الكوفي (عن حذيفة) بن اليمان رضي الله عنه (قال: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا قام من الليل) للتهجد (يشوص فاه) بفتح أوّله وضم الشين المعجمة آخره صاد مهملة، أي: يدلك أسنانه، أو يغسلها.
وإذا كان السواك شرع ليلاً لتجمّل الباطن، فللجمعة أحرى وأولى، لشروعية التجمّل ظاهرًا وباطنًا.
ورواة الحديث كوفيون إلا شيخ المؤلّف فبصري، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة، ورواية واحد عن اثنين، وسبقت مباحثه في باب السواك من كتاب الوضوء.
9 - باب مَنْ تَسَوَّكَ بِسِوَاكِ غَيْرِهِ (باب من تسوّك بسواك غيره) ولابن عساكر: من يتسوك بسواك غيره.
89 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ: قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقُلْتُ لَهُ: أَعْطِنِي هَذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَأَعْطَانِيهِ، فَقَصَمْتُهُ ثُمَّ مَضَغْتُهُ، فَأَعْطَيْتُهُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَنَّ بِهِ وَهْوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِي".
[الحديث 89 - أطرافه في: 1389، 31، 3774، 4438، 4446، 4449، 445، 4451، 5217، 651] .
وبالسند قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس (قال: حدّثني) بالإفراد (سليمان بن بلال.
قال: قال هشام بن عروة: أخبرني) بالإفراد (أبي) عروة بن الزبير بن العوام (عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: دخل) أخي (عبد الرحمن بن أبي بكر) الصديق، رضي الله عنه، حجرتي في مرضه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، (و) الحال أنه (معه سواك) حال كونه (يستن) أي: يستاك (به فنظر، إليه) أي: إلى عبد الرحمن (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) قالت عائشة: (فقلت له) أي: لعبد الرحمن (أعطني هذا السواك يا عبد الرحمن، فأعطانيه) فأخذته (فقصمته) بفتح القاف والصاد المهملة عند الأكثرين، أي كسرته، فأبنت منه الموضع الذي كان عبد الرحمن يستن منه، وللأصيلي وابن عساكر، كما في فرع اليونينية، وعزاها العيني، كالحافظ ابن حجر، لكريمة وابن السكن، زاد العيني والحموي والمستملي: فقضمته، بالضاد المعجمة المكسورة، من القضم.
وهو الأكل بأطراف الأسنان.
وقال في المطالع: أي مضعته بأسناني ولينته، وفي رواية: فقضمته، بالفاء بدل القاف، وبالصاد المهملة أي: كسرته من غير إبانة (ثم مضغته) بالضاد والغين المعجمتين (فأعطيته رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فاستنّ به وهو مستند إلى صدري) بسينين مهملتين بينهما مثناة فوقية وبعد الثانية نون من باب الاستفعال، والجملة اسمية وقعت حالاً، وفي رواية مستند بسين واحدة.
ورواته مدنيون، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والقول، وأخرجه أيضًا في الجنائز، والفضائل، والخمس، والمغازي، ومرضه عليه الصلاة والسلام، وفضل عائشة، وكذا أخرجه مسلم في فضلها أيضًا.
1 - باب مَا يُقْرَأُ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ (باب ما يقرأ بضم المثناة التحتية، مبنيًّا للمفعول، وفي رواية: يقرأ، بفتحها مبنيًّا للفاعل، أي: الذي يقرؤه الرجل (في صلاة الفجر يوم الجمعة)، سقط في أكثر النسخ قوله: يوم الجمعة وهو مراد، وثبت في الفرع.
891 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -هُوَ ابْنُ هُرْمُزَ- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ { الم * تَنْزِيلُ} السَّجْدَةَ وَ { هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ} ".
[الحديث 891 - طرفه في: 168] .
وبالسند قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين، وبهامش الفرع وأصله، وضبب عليه: حدّثنا محمد بن يوسف، أي الفريابي، وعزاه في الفتح وغيره لنسخة من رواية كريمة، وذكر في بعض النسخ جميعًا (قال: حدّثنا سفيان) الثوري (عن سعيد بن إبراهيم) بسكون العين، ابن عبد الرحمن بن عوف التابعي الصغير، وللأصيلي: هو ابن إبراهيم، (عن عبد الرحمن، هو ابن هرمز الأعرج) التابعي الكبير، وسقط لفظ: هو من رواية الأربعة والأعرج، من غير رواية أبي ذر (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرأ في الفجر، يوم الجمعة) كذا لأبي ذر وابن عساكر، وفي رواية كريمة والأصيلي: في الجمعة في صلاة الفجر: ({ ألم تنزيل} ) في الركعة الأولى، ولام: تنزيل، بالضم على الحكاية.
وزاد في رواية كريمة: السجدة بالنصب عطف بيان، و { هل أتى على الإنسان} [الإنسان:1] ، في الركعة الثانية بكمالهما، ويسجد كما في المعجمالصغير للطبراني، من حديث علي: أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سجد في صلاة الصبح في { تنزيل} السجدة، لكن في إسناد ضعف.
وزاد الأصيلي { حين من الدهر} .
والحكمة في قراءتهما، الإشارة إلى ما فيهما من ذكر خلق آدم وأحوال يوم القيامة، لأن ذلك كان ويكون في يوم الجمعة، والتعبير: بكان يُشعِر بمواظبته عليه الصلاة والسلام على القراءة بهما فيها، وعورض بأنه ليس في الحديث ما يقتضي فعل ذلك دائمًا اقتضاء قومًا، وأكثر العلماء على أن: كان لا تقتضي الداومة.
وأجيب: بأنه ورد في حديث ابن مسعود التصريح بمداومته عليه الصلاة والسلام على ذلك؛ أخرجه الطبراني بلفظ: -"يديم ذلك"، وأصله في ابن ماجة بدون هذه الزيادة، ورجاله ثقات، لكن صوّب أبو حاتم إرساله.
وبالجملة فالزيادة نص في ذلك، فدلّ على السنية، وبه أخذ الكوفيون، والشافعي، وأحمد وإسحاق، وقال به أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين.
وكره مالك رحمه الله في المدوّنة للإمام أن يقرأ بسورة فيها سجدة خوف التخليط على المصلين، ومن ثم فرق بعضهم بين الجهرية والسرية، لأن الجهرية يؤمن معها التخليط.
وأجيب: بأنه صح من حديث ابن عمر عند أبي داود أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قرأ بسورة فيها سجدة في صلاة الظهر، فسجد بهم، فبطلت التفرقة.
وعلله بعض أصحابه بأن سجدات الصلاة محصورة، فزيادة سجدة خلاف التحديد.
قال القرطبي: وهو تعليل فاسد بشهادة هذا الحديث.
وقيل: تجوز قراءتها في صلاة الجهر لهذا الحديث، ورواه ابن وهب.
وقال أشهب: إذا قلت الجماعة قرأها وإلا فلا، وقيل: العلة خشية اعتقاد العامي وجوبها، وحينئذٍ فتترك أحيانًا لتندفع الشبهة، وبمثله قال صاحب المحيط من الحنفية.
وهل يقرأ سورة فيها سجدة غير { الم} منع منه ابن عبد السلام، وقال: إنه مبطل للصلاة.
وقال النووي رحمه الله في زيادات الروضة: لم أر فيه كلامًا لأصحابنا، وقياس مذهبنا أنه يكره في الصلاة إذا قصده.
اهـ.
ومقتضاه عدم البطلان.
وفي المهمات، مقتضى كلام القاضي الحسين: الجواز، وفي فوائد المهذّب للفارقيّ: لا تستحب قراءة سجدة غير { تنزيل} فإن ضاق الوقت عن قراءتها قرأ بما أمكن منها، ولو بآية السجدة منها، ووافقه ابن أبي عصرون في كتاب الانتصار.
اهـ.
وعند ابن أبي شيبة، بإسناد قوي عن إبراهيم النخعي، أنه قال: يستحب أن يقرأ في صبح الجمعة بسورة فيها سجدة.
قال: وسألت محمد بن سيرين عنه فقال: لا أعلم به بأسًا.
ورواة حديث الباب ما بين كوفي ومدني، وفيه رواية التابعي عن التابعي، والتحديث، والعنعنة، وأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة في الصلاة.
11 - باب الْجُمُعَةِ فِي الْقُرَى وَالْمُدْنِ (باب) حكم الصلاة (الجمعة في القرى) والقرية: واحدة القرى، كل مكان اتصلت فيه الأبنية واتخذ قرارًا، ويقع ذلك على المدن وغيرها، والأمصار المدن الكبار، واحدها مصر، والكفور القرى الخارجة عن المصر، وأحدها كفر.
بفتح الكاف (والمدن) بضم الميم وسكون الدال، جمع مدينة.
وقد تضم الدال.
وللأصيلي: والمدائن، بفتح الميم والدال، جمع مدينة أيضًا، قال أبو علي الفسوي: بالهمزة إن كان من: مدن، وبتركه إن كان من: دين أي ملك.