فهرس الكتاب

- باب: هل يغمز الرجل امرأته عند السجود لكي يسجد؟

رقم الحديث 901 [901] حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ صَاحِبُ الزِّيَادِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ ابْنُ عَمِّ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: "ابْنُ عَبَّاسٍ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ: إِذَا قُلْتَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَلاَ تَقُلْ حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ، قُلْ: صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ.
فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا، قَالَ: فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُخْرِجَكُمْ فَتَمْشُونَ فِي الطِّينِ وَالدَّحْضِ".
وبالسند قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( قال: حدّثنا إسماعيل) بن علية ( قال: أخبرني) يالإفراد ( عبد الحميد) بن دينار ( صاحب الزيادي، قال: حدّثنا عبد الله بن الحرث، ابن عمّ محمد بن سبرين) .
قال الدمياطي: ليس ابن عمه، وإنما كان زوج بنت سيرين، فهو صهره.
قال في الفتح: لا مانع أن يكون بينهما أخوة من الرضاع، ونحوه.
فلا ينبغي تغليط الرواية الصحيحة مع وجود الاحتمال المقبول.
( قال ابن عباس لمؤذنه في يوم مطير: إذا قلت أشهد أن محمدًا رسول الله، فلا تقل حيّ على الصلاة) بل ( قل: صلوا في بيوتكم) بدل الحيعلة، منع إتمام الأذان.
( فكأن الناس استنكروا) قوله: فلا تقل: حيّ على الصلاة، قل صلوا في بيوتكم، ( قال) ابن عباس ولأبي ذر وابن عساكر: فقال ( فعله) أي الذي قلته للمؤذن، ( من له خير مني) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( إن الجمعة عزمة) بفتح العين وسكون الزاي، أي واجبة، فلو تركت المؤذن يقول: حيّ على الصلاة لبادر من سمعه إلى المجيء في المطر، فيشق عليه، فأمرته أن يقول: صلوا في بيوتكم، ليعلموا أن المطر من الأعذار التي تصير العزيمة رخصة.
وهذا مذهب الجمهور.
لكن عند الشافعية والحنابلة مقيد بما يؤذن ببل الثوب، فإن كان خفيفًا، أو وجد كنًّا يمشي فيه، فلا عذر.
وعن مالك رحمه الله: لا يرخص في تركها بالمطر، والحديث حجة عليه.
( إني كرهت أن أحرجكم) بضم الهمزة وسكون الحاء المهملة، من الحرج، ويؤيده الرواية السابقة: أؤثمكم، أي أن أكون سببًا في إكسابكم الإثم عند حرج صدوركم: فربما يقع تسخط أو كلام غير مرضي، وفي بعض النسخ: أخرجكم، بالخاء المعجمة من الخروج ( فتمشون في الطين والدحض) بفتح الدال المهملة وسكون الحاء المهملة، وقد تفتح آخره معجمة، أي الزلق.
وسبق الحديث بمباحثه في الأذان.
15 - باب مِنْ أَيْنَ تُؤْتَى الْجُمُعَةُ، وَعَلَى مَنْ تَجِبُ؟ لِقَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ: { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] وَقَالَ عَطَاءٌ إِذَا كُنْتَ فِي قَرْيَةٍ جَامِعَةٍ فَنُودِيَ بِالصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَحَقٌّ عَلَيْكَ أَنْ تَشْهَدَهَا، سَمِعْتَ النِّدَاءَ أَوْ لَمْ تَسْمَعْهُ.
وَكَانَ أَنَسٌ -رضي الله عنه- فِي قَصْرِهِ أَحْيَانًا يُجَمِّعُ، وَأَحْيَانًا لاَ يُجَمِّعُ، وَهْوَ بِالزَّاوِيَةِ عَلَى فَرْسَخَيْنِ.
هذا ( باب) بالتنوين ( من أين تؤتى الجمعة) بضم المثناة الأولى وفتح الثانية، مبنيًّا للمفعول من الإتيان وأين استفهام عن المكان ( وعلى من تجب) الجمعة.
( لقول الله تعالى { إذا نودي} ) أذن ( { للصلاة من يوم الجمعة} ) والإمام على المنبر، ( { فاسعوا إلى ذكر الله} ) [الجمعة: 9] .
أوردها استدلالاً للوجوب، كالشافعي في الأم، لأن الأمر بالسعي لها يدل عليه، أو هو من مشروعية النداء لها، لأنه من خواص الفرائض، وسقط في غير رواية أبي ذر والأصيلي: { فاسعوا إلى ذكر الله} .
( وقال عطاء) هو ابن أبي رباح، مما وصله عبد الرزاق، عن ابن جريج، عنه: ( إذا كنت في قرية جامعة فنودي) بالفاء، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: نودي، أي: أذن ( بالصلاة من يوم الجمعة، فحق عليك أن تشهدها، سمعت النداء أو لم تسمعه) أي: إذا كنت داخلها، كما صرح به أحمد.
ونقل النووي أنه لا خلاف فيه، وزاد عبد الرزاق فيه، عن ابن جريح، قلت لعطاء: ما القرية الجامعة؟ قال: ذات الجماعة، والأمير، والقاضي، والدور المجتمعة الآخذ بعضها ببعض، مثل جدّة.
( وكان أنس) هو ابن مالك ( رضي الله عنه) مما وصله مسدد في مسنده الكبير، ( في قصره أحيانًا) نصب على الظرفية، أي في بعض الأوقات ( يجمع) أي يصلّي بمن معه الجمعة، أو يشهد الجمعة بجامع البصرة ( وأحيانًا لا يجمع، وهو) أي القصر ( بالزاوية) بالزاي، موضع بظاهر البصرة معروف ( على فرسخين) من البصرة، وهو ستة أميال، فكان أنس يرى أن التجميع ليس بحتم لبعد المسافة.
902 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: "كَانَ النَّاسُ يَنْتَابُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَالْعَوَالِي فَيَأْتُونَ فِي الْغُبَارِ يُصِيبُهُمُ الْغُبَارُ وَالْعَرَقُ، فَيَخْرُجُ مِنْهُمُ الْعَرَقُ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنْسَانٌ مِنْهُمْ -وَهْوَ عِنْدِي- فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا".
وبالسند قال: ( حدّثنا أحمد) غير منسوب، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي، ووافقهما ابن السكن: أحمد بن صالح، أي المصري وليس هو ابن عيسى، وإن جزم به أبو نعيم في مستخرجه، ( قال: حدّثنا عبد الله بن وهب) المصري ( قال: أخبرني) بالإفراد، ولابن عساكر: أخبرنا ( عمرو بن الحرث، عنعبيد الله) بالتصغير ( ابن أبي جعفر) القرشي الأموي المصري ( أن محمد بن جعفر بن الزبير) بن العوّام القرشي ( حدّثه، عن عروة بن الزبير) بن العوام ( عن عائشة زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قالت: كان الناس ينتابون الجمعة) بفتح المثناة التحتية وسكون النون وفتح المثناة الفوقية، يفتعلون من النوبة، أي يحضرونها نوبًا.
وفي رواية: يتناوبون، بمثناة تحتية فأخرى فوقية، فنون بفتحات.
ولغير أبي ذر وابن عساكر: يوم الجمعة ( من منازلهم) القريبة من المدينة ( و) من ( العوالي) جمع عالية، مواضع وقرى شرقي المدينة، وأدناها من المدينة على أربعة أميال أو ثلاثة، وأبعدها ثمانية.
( فيأتون في الغبار) ، كذا في الفرع، وهو رواية الأكثرين، وعند القابسي: فيأتون في العباء، بفتح العين المهملة والمد، جمع عباءة ( يصبيهم الغبار والعرق، فيخرج منهم العرق، فأتى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنسان منهم) وللإسماعيلي: أناس منهم ( -وهو عندي-) جملة حالية ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( لو أنكم تطهرتم) ، لو: تختص بالدخول على الفعل، فالتقدير: لو ثبت تطهركم ( ليومكم) أي: في يومكم ( هذا) لكان حسنًا.
أو: لو، للتمني فلا تحتاج إلى تقدير جواب الشرط المقدّر هنا.
وهذا الحديث كان سببًا لغسل الجمعة، كما في رواية ابن عباس عند أو داود.
واستدلّ به على أن الجمعة تجب على من كان خارج المصر، وهو يرد على الكوفيين حيث قالوا بعدم الوجوب.
وأجيب: بأنه لو كان واجبًا على أهل العوالي ما تناوبوا، ولكانوا يحضرون جميعًا.
وقال الشافعية: إنما تجب على من يبلغه النداء.
وحكاه الترمذي عن أحمد، لحديث: الجمعة على من سمع النداء.
رواه أبو داود بإسناد ضعيف، لكن ذكر له البيهقي شاهدًا بإسناد جيد، والمراد به: من سمع نداء بلد الجمعة، فمن كان في قرية لا يلزم أهلها إقامة الجمعة لزمته إن كان بحيث يسمع النداء من صيت على الأرض، من طرف قريته الذي يلي بلد الجمعة مع اعتدال السمع، وهدوّ الأصوات، وسكون الرياح، وليس المراد من الحديث أن الوجوب متعلق بنفس السماع، وإلاّ لسقطت عن الأصم، وإنما هو متعلق بمحل السماع.
وقال المالكية على من بينه وبين النار ثلاثة أميال، أما من هو في البلد، فتجب عليه، ولو كان من المنار على ستة أميال.
رواه عليّ عن مالك.
وقال آخرون: تجب على من آواه الليل إلى أهله لحديث أبي هريرة مرفوعًا: الجمعة على من آواه الليل إلى أهله.
رواه الترمذي والبيهقي وضعفاه، أي: أنه إذا جمع مع الإمام أمكنه العود إلى أهله آخر النهار، قبل دخول الليل.
ورواة الحديث ما بين مصري ومدني، وفيه رواية الرجل عن عمه، والتحديث والإخبار والعنعنة والقول، وأخرجه مسلم وأبو داود في الصلاة.
16 - باب وَقْتُ الْجُمُعَةِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَعَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ رضي الله عنهم.
هذا ( باب) بالتنوين ( وقت الجمعة) أوّله ( إذا زالت الشمس) عن كبد السماء.
( وكذلك يروى) بضم أوّله وفتح الواو، ويروى في نسخة عن الأربعة: يذكر ( عن فضلاء الصحابة) : ( عمر) بن الخطاب، فيما وصله ابن أبي شيبة، وشيخ المؤلّف: أبو نعيم في كتاب الصلاة له، من رواية عبد الله بن سيدان بكسر المهملة وسكون المثناة التحتية وغيره ( وعلي) هو: ابن أبي طالب، مما رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، ( والنعمان بن بشير) مما رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح أيضًا، عم سماك بن حرب ( وعمر بن حريث) بفتح العين وسكون الميم في الأوّل، وبالتصغير في الثاني، مما وصله ابن أبي شيبة أيضًا، من طريق الوليد بن العيزار ( رضي الله عنهم) ، وهو مذهب عامّة العلماء.
وذهب أحمد إلى صحة وقوعها قبل الزوال، متمسكًّا بما روي عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، رضي الله عنهم: أنهم كانوا يصلون الجمعة قبل الزوال، من طريق لا تثبت.
وما روي أيضًا، من طريق عبد الله بن سلمة، بكسر اللام: أن عبد الله بن مسعود صلّى بهم الجمعة ضحى، وقال: خشيت عليكم الحر.
وأجيب: بأن عبد الله، وإن كان كبيرًا، لكنه تغير لا كبر.
قاله شعبة.
وقول بعض الحنابلة، محتجًّا بقوله عليه الصلاة والسلام: "إن هذا يوم جعله الله عيدًا للمسلمين"، فلما سماه عيدًا جازت الصلاة فيه في وقت العيد: كالفطر والأضحى، معارض بأنه لا يلزم من تسمية يوم الجمعة عيدًا أن يشتمل على جميع أحكام العيد، بدليل أن يوم العيد يحرم صومه مطلقًا، سواء صام قبله أو بعده، بخلاف يومالجمعة باتفاقهم.
اهـ.