فهرس الكتاب

- باب النوم قبل العشاء لمن غلب

رقم الحديث 937 [937] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ، وَبَعْدَ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ.
وَكَانَ لاَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ".
[الحديث أطرافه في: 1165، 1172، 1180] .
وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك) الإمام (عن نافع) مولى ابن عمر (عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب، رضي الله عنهما، ولابن عساكر: عن ابن عمر (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كان يصلّي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين في بيته، وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلّي بعد الجمعة حتى ينصرف) من المسجد إلى بيته (فيصلّي) فيه (ركعتين) لأنه لو صلاهما في المسجد ربما يتوهم أنهما اللتان حذفتا.
وصلاة النفل في الخلوة أفضل، ولم يذكر شيئًا في الصلاة قبلها، والظاهر أنه قاسها على الظهر.
وأقوى ما يستدل به في مشروعيتها، عموم ما صححه ابن حبان من حديث عبد الله بن الزبير، مرفوعًا: "ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان".
وأما احتجاج النووي في الخلاصة على إثباتها بما في بعض طرق حديث الباب، عند أبي داود وابن حبّان، من طريق أيوب، عن نافع، قال: كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة، ويصلّي بعدها ركعتين في بيته، ويحدث: أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يفعل ذلك.
فتعقب بأن قوله: كان يفعل ذلك، عائد على قوله: ويصلّي بعد الجمعة ركعتين في بيته.
ويدل له رواية الليث، عن نافع، عن عبد الله: أنه كان إذا صلّى الجمعة انصرف فسجد سجدتين في بيته.
ثم قال: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصنع ذلك.
رواه مسلم.
وأما قوله: كان يطيل الصلاة قبل الجمعة، فإن كان المراد بعد دخول الوقت فلا يصح أن يكون مرفوعًا، لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كان يخرج إذا زالت الشمس، فيشتغل بالخطبة، ثم بصلاة الجمعة، وإن كان المراد قبل دخول الوقت، فذاك مطلق نافلة، لا صلاة راتبة، فلا حجة فيه لسُنّة الجمعة التي قبلها، بل هو تنفل مطلق، قاله في الفتح.
وينبغي أن يفصل بين الصلاة التي بعد الجمعة وبينها، ولو بنحو كلام أو تحول، لأن معاوية أنكر على من صلّى سُنّة الجمعة في مقامها، وقال له: إذا صليت الجمعة فلا تصلّها بصلاة حتى تخرج؛ أو تتكلم، فإن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمرنا بذلك، أن لا نوصل صلاة بصلاة حتى نخرج أو نتكلم، رواه مسلم.
وقال أبو يوسف: يصلّي بعدها ستًّا، وقال أبو حنيفة ومحمد: أربعًا كالتي قبلها، له: أنه عليه الصلاة والسلام، كان يصلّي بعد الجمعة أربعًا، ثم يصلّي ركعتين إذا أراد الانصراف، ولهما، قوله عليه الصلاة والسلام، من شهد منكم الجمعة فليصل أربعًا قبلها، وبعدها أربعًا.
رواه الطبراني في الأوسط وفيه محمد بن عبد الرحمن السهمي، وهو ضعيف عند البخاري وغيره.
وقال المالكية: لا يصلّي بعدها في المسجد، لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كان ينصرف بعد الجمعة، ولم يركع في المسجد.
وقال صاحب تنقيح المقنع، من الحنابلة: ولا سُنّة لجمعة قبلها نصًّا، وما بعدها في كلامه.
وحديث الباب أخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة.
40 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} (باب قول الله تعالى: { فإذا قضيت الصلاة} أي: فرغتم من صلاة الجمعة ({ فانتشروا في الأرض} ) للتكسب والتصرف في حوائجكم ({ وابتغوا من فضل الله} ) [لجمعة: 10] .
أي: رزقه، أو تعليم العلم.
والأمر في الموضعين للإباحة بعد الحظر، وقول: إنه للوجوب في حق من يقدر على الكسب قول شاذ، ووهم من زعم أن الصارف للأمر عن الوجوب، هنا، كونهورد بعد الحظر، لأن ذلك لا يستلزم عدم الوجوب، بل الإجماع هو الدال على أن الأمر المذكور للإباحة.
والذي يترجح أن في قوله: انتشروا، وابتغوا، إشارة إلى استدراك ما فاتكم من الذي انفضضتم إليه، فلينحل إلى أنها قضية شرطية، أي: من وقع له في حال خطبة الجمعة وصلاتها، زمان يحصل فيه ما يحتاج إليه في أمر دنياه ومعاشه، فلا يقطع العبادة لأجله، بل يفرغ منها، ويذهب حينئذ ليحصل حاجته.
وقيل: هو في حق من لا شيء عنده ذلك اليوم، فأمره بالطلب، بأي صورة اتفقت، ليفرح عياله ذلك اليوم لأنه يوم عيد.
وعن بعض السلف: من باع أو اشترى بعد الجمعة بارك الله له سبعين مرة.
وفي حديث أنس مرفوعًا: { وابتغوا من فضل الله} ليس لطلب دنياكم، وإنما هو عيادة مريض، وحضور جنازة، وزيارة أخ في الله.