فهرس الكتاب

- باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكر، ولا يعيد إلا تلك الصلاة

رقم الحديث 1241 [1241] أطرافه في: 3667، 3669، 4452، 4455، 5710] ، [الحديث 1242 - أطرافه في: 3668، 3670، 4453، 4454، 4457، 5711] .
وبالسند قال: ( حدّثنا بشر بن محمد) بكسر الموحدة وسكون المعجمة، السختياني المروزي ( قال: أخبرنا عبد الله) بن المبارك ( قال: أخبرني) بالإفراد ( معمر) هو ابن ( راشد ويونس) بن يزيد، كلاهما ( عن) ابن شهاب ( الزهري، قال: أخبرني) بالإفراد ( أبو سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف ( أن عائشة رضي الله عنها، زوج النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ، وسقط في رواية أبي ذر: زوج النبي.
الخ ... ( أخبرته، قالت: أقبل أبو بكر) الصديق ( رضي الله عنه، على فرسه من مسكنه بالسنح) بضم المهملة والنون، وتسكن.
وبالحاء المهمة، منازل بني الحرث بن الخزرج بالعوالي ( حتى نزل) عن فرسه ( فدخل المسجد) النبوي، ( فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة، رضي الله عنها، فتيمم) أي: قصد ( النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-وهو مسجى) بضم الميم وفتح السين والجيم المشددة، أي: مغطى ( ببرد حبرة-) كعنبة، بإضافة برد، أو بوصفه: ثوب يماني مخطط أو أخضر ( فكشف عن وجهه) الشريف، ( ثم أكبّ عليه) لازم وثلاثيه: كب، متعد عكس ما هو مشهور من قواعد التصريف، فهو من النوادر ( فقبله) بين عينيه ( ثم بكى) اقتداء به، عليه الصلاة والسلام، حيث دخل على عثمان بن مظعون وهو ميت، فأكب عليه وقبله، ثم بكى حتى سالت دموعه على وجنتيه، رواه الترمذي.
( فقال: بأبي أنت وأمي) الباء في بأبي تتعلق بمحذوف اسم أي: أنت مفدى بأبي، فيكون مرفوعًا مبتدأ وخبرًا، أو فعل فيكون ما بعده نصبًا، أي فديتك بأبي ( يا نبي الله، لا يجمع الله) برفع يجمع ( عليك موتتين) في الدنيا.
أشار به إلى الرد على من زعم أنه: يحيا فيقطع أيدي رجال.
لأنه لو صح ذلك لزم أن يموت موتة أخرى، فأخبر أنه أكرم على الله من أن يجمع عليه موتتين، كما جمعهما على غيره، كالذي مرّ على قرية، أو لأنه يحيا في قبره ثم لا يموت.
( أما الموتة التي كتبت عليك) بصيغة المجهول، وللحموي والمستملي: كتب الله عليك ( فقد متها) .
( قال أبو سلمة) بن عبد الرحمن: ( فأخبرني ابن عباس، رضي الله عنهما) : ( أن أبا بكر، رضي الله عنه، خرج وعمر، رضي الله عنه، يكلم الناس، فقال) له ( اجلس فأبى) أن يجلس لما حصل له من الدهشة والحزن ( فقال: أجلس.
فأبى.
فتشهد أبو بكر، رضي الله عنه، فمال إليه الناس، وتركوا عمر)
رضي الله عنه، ( فقال) أبو بكر: ( أما بعد، فمن كان منكم يعبد محمدًا فإن محمدًا، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قد مات.
ومن كان يعبد الله، فإن الله حي لا يموت.
قال الله تعالى: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} إلى { الشَّاكِرِينَ} )
[آل عمران: 144] قرأها تعزيًا وتصبرًا، ولأبي ذر، والأصيلي { إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} .
( والله) ، ولأبي ذر: فوالله ( لكأن الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزل الأية) ولأبي الوقت، والأصيلي: أنزلها، يعني هذه الآية، ( حتى تلاها أبو بكر، رضي الله عنه، فتلقاها منه الناس، فما يُسمع بشر إلا يتلوها) .
ورواة هذا الحديث ما بين: مروزي وبصري وأيلي ومدني، وفيه: رواية تابعي عن تابعي عن تابعي عن صحابية، والتحديث والإخبار والقول، وأخرجه أيضًا في: المغازي، وفي: فضل أبي بكر، النسائي في: الجنائز، وكذا ابن ماجة.
1243 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ أُمَّ الْعَلاَءِ -امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ بَايَعَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-- أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ اقْتُسِمَ الْمُهَاجِرُونَ قُرْعَةً، فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فَأَنْزَلْنَاهُ فِي أَبْيَاتِنَا، فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَثْوَابِهِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقُلْتُ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَهُ؟ فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ؟ فَقَالَ: أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ.
وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي -وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ- مَا يُفْعَلُ بِي.
قَالَتْ: فَوَاللَّهِ لاَ أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا".
وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة، قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن عقيل) بضم العين ( عن ابن شهاب) الزهري ( قال: أخبرني) بالإفراد ( خارجة بن زيد بن ثابت) أحد الفقهاء السبعة بالمدينة ( أن أم العلاء) بنت الحرث بن ثابت ( امرأة من الأنصار) عطف بيان أو رفع بتقدير: هي امرأة ( بايعت النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخبرته) في موضع رفع خبر أن: ( أنّه اقتسم المهاجرون قرعة) الهاء ضمير الشأن، واقتسم: بضم التاء مبنيًا للمفعول، وتاليه نائب الفاعل.
وقرعة نصب بنزع الخافض، أي: بقرعة.
أي: اقتسم الأنصار المهاجرين بالقرعة في نزولهم عليهم، وسكناهم في منازلهم، لما دخلوا عليهم المدينة ( فطار لنا عثمان بن مظعون) بالظاء المعجمة والعين المهملة، الجمحي القرشي، أي: وقع في سهمنا ( فأنزلناه في أبياتنا، فوجع وجعه الذي توفّيَ فيه، فلما توفيوغسل وكفن في أثوابه، دخل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) عليه ( فقلت: رحمة الله عليك يا أبا السائب) بالسين المهملة، وهي كنية عثمان ( فشهادتي عليك) أي: لك، ( لقد أكرمك الله) جملة من المبتدأ والخبر.
ومثل هذا التركيب يستعمل عرفًا، ويراد به معنى القسم، كأنها قالت: أقسم بالله لقد أكرمك الله.
( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : ( وما يدريك) بكسر الكاف، أي: من أين علمت ( أن الله كرمه) أي: عثمان، ولأبي ذر: أن الله قد أكرمه؟ ( فقلت: بأبي أنت) مفدى أو: أفديك به ( يا رسول الله، فمن يكرمه الله) إذا لم يكن هو من المكرمين، مع إيمانه وطاعته الخالصة؟ ( فقال) عليه السلام وللأصيلي: قال: ( أما هو) أي: عثمان ( فقد جاءه اليقين) أي: الموت ( والله إني لأرجو له الخير) وأما غيره فخاتمة أمره غير معلومة، أهو ممن يرجى له الخير عند اليقين أم لا ( والله ما أدري -وأنا رسول الله ما يفعل بي) ولا بكم، هو موافق لما في سورة الأحقاف.
وكان ذلك قبل نزول آية الفتح { لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] لأن الأحقاف مكية، والفتح مدنية بلا خلاف فيهما، وكان أولاً لا يدري لأن الله لم يعلمه، ثم درى بأن أعلمه الله بعد ذلك.
أو المراد: ما أدري ما يفعل بي، أي في الدنيا من نفع وضر، وإلاّ فاليقين القطعي بأنه خير البرية يوم القيامة، وأكرم الخلق.
قاله القرطبي، والبرماوي.
وقال البيضاوي، أي في الدارين على التفصيل، إذ لا علم بالغيب، ولا لتأكيد النفي المشتمل على ما يفعل بي و: ما، إما موصولة منصوبة، أو: استفهامية مرفوعة.
انتهى.
فأصل الإكرام معلوم، قال البرماوي: وكثير من التفاصيل: أي: معلوم أيضًا.
فالخفي بعض التفاصيل.
وأما قول البرماوي، كالكرماني والزركشي، وسيأتي في سورة الأحقاف: إنها منسوخة بأوّل سورة الفتح، تعقبه في المصابيح بأنه خبر، وهو لا يدخله النسخ، فلا يقال: فيه: منسوخ وناسخ.
انتهى.
ولأبي ذر، عن الكشميهني: ما يفعل به أي: بعثمان.
قال في الفتح وهو غلط منه، فإن المحفوظ في رواية الليث هذا، ولذا عقبه المصنف برواية نافع بن يزيد عن عقيل التي لفظها: ما يفعل به.
( قالت: فوالله لا أزكي أحدًا بعده أبدًا) .
وفي الحديث أنه لا يجزم في أحد بأنه من أهل الجنة إلا إن نص عليه الشارع كالعشرة، لا سيما والإخلاص أمر قلبي لا يطلع عليه.
ورواته ما بين: مصري بالميم، وأيلي، ومدني.
وفيه: التحديث والإخبار، والعنعنة، وتابعي عن تابعي عن صحابية.
وأخرجه أيضًا في: الجنائز، والشهادات، والتفسير، والهجرة، والتعبير، والنسائي في الرؤيا.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ... مِثْلَهُ.
.

     وَقَالَ  نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عُقَيْلٍ "مَا يُفْعَلُ بِهِ".
وَتَابَعَهُ شُعَيْبٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَمَعْمَرٌ.
[الحديث 1243 - أطرافه في: 2687، 3929، 7003، 7004، 7018] .
وبه قال: ( حدّثنا سعيد بن عفير) بضم العين وفتح الفاء وسكون التحتية ثم راء، نسبة لجدّه، واسم أبيه: كثير المصري ( قال: حدّثنا الليث) ابن سعد ( مثله) أي: مثل الحديث المذكور.
( وقال نافع بن يزيد) مولى شرحبيل بن حسنة القرشي المصري، مما وصله الإسماعيلي ( عن عقيل) بضم العين وفتح القاف: ( ما يفعل به) بالهاء بدل الياء، أي: بعثمان، لأنه لا يعلم من ذلك إلا ما يوحى إليه، واكتفى المؤلّف بهذا القدر، إشارة إلى أن باقي الحديث متفق عليه.
( وتابعه شعيب) هو: ابن أبي حمزة، مما وصله المؤلّف في الشهادات ( وعمرو بن دينار) بفتح العين، مما وصله ابن أبي عمر في مسنده، عن ابن عيينة عنه، ( ومعمر) مما وصله المؤلّف في باب العين الجارية من: كتاب التعبير، من طريق ابن المبارك عنه.


رقم الحديث 1244 [1244] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: "لَمَّا قُتِلَ أَبِي جَعَلْتُ أَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ أَبْكِي، وَيَنْهَوْنِي عَنْهُ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ يَنْهَانِي، فَجَعَلَتْ عَمَّتِي فَاطِمَةُ تَبْكِي، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: تَبْكِينَ أَوْ لاَ تَبْكِينَ، مَا زَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ" تَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرًا -رضي الله عنه-.
[الحديث أطرافه في: 1293، 2816، 48] .
وبه قال: ( حدّثنا محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة ( قال: حدّثنا غندر) بضم الغين المعجمة، محمد بن جعفر البصري، ( قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( قال: سمعت محمد بن المنكدر، قال: سمعت جابر بن عبد الله) الأنصاري ( رضي الله عنهما، قال) : ( لما قتل أبي) عبد الله بن عمرو يوم أحد، في شوال سنة ثلاث من الهجرة، وكان المشركون مثلوا به، جدعوا أنفه وأذنيه ( جعلت أكشف الثوب عن وجهه) حال كوني ( أبكي) عليه ( وينهوني) وللكشميهني والأصيلي، وأبي الوقت: ينهونني، بزيادة نون ثانية بعد الواو على الأصل ( عنه) أي: عن البكاء، ولفظة عنه، ساقطة لأبي ذر، ( والنبي، -صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا ينهاني) عنه ( فجعلت عمتي) شقيقة أبي عبد الله بن عمرو ( فاطمة تبكي، فقال النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،) معزيًا لها، ومخبرًا لها بما آل إليه من الخير.
( تبكين أو لا تبكين، ما) ولأبوي: ذر والوقت، والأصيلي: فما ( زالت الملائكة تظله بأجنحتها) مجتمعين عليه، متزاحمين على المبادرة لصعودهم بروحه، وتبشيره بما أعد الله له من الكرامة، أو: أظلوه من الحر لئلا يتغير، أو: لأنه من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: و: أو، ليست للشك، بل من كلامه عليه الصلاة والسلام، للتسوية بين البكاء وعدمه.
أي: فوالله إن الملائكة تظله، سواء تبكين أم لا.
( حتى رفعتموه) من مقتله، وهذا قاله عليه الصلاة والسلام بطريق الوحي، فلا يعارضه ما في حديث أم العلاء السابق، لأنه أنكر عليها قطعها، إذ لم تعلم هي من أمره شيئًا.
وقد أخرج هذا الحديث المؤلّف أيضًا في: الفضائل، والنسائي في الجنائز، والمناقب.
ومطابقته للترجمة في قوله: اجعلت أكشف الثوب عن وجهه، لأن الثوب أعم من أن يكون الذي سجوه به ومن الكفن.
( تابعه) أي تابع شعبة ( ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز، قال: ( أخبرني) بالإفراد ( ابن المنكدر) ولأبوي: ذر، والوقت، وابن عساكر في نسخة: أخبرني محمد بن المنكدر أنه ( سمع جابرًا، رضي الله عنه) .
وهذا وصله مسلم من طريق عبد الرزاق عنه، وأوله: جاء قومي بأبي قتيلاً يوم أحد ... وذكر المؤلّف هذه المتابعة لينفي ما وقع في ابن ماهان، من صحيح مسلم، عن عبد الكريم، عن محمد بن علي بن حسين، عن جابر: فجعل محمد بن علي، بدل: محمد بن المنكدر، فبين البخاري أن الصواب: محمد بن المنكدر، كما رواه شعبة.
4 - باب الرَّجُلِ يَنْعَى إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ بِنَفْسِهِ ( باب الرجل ينعى) الميت، حذف مفعول ينعى: وهو الميت، لدلالة الكلام عليه.
وذكر المفعول الآخر الذي عدي له بحرف الجر.
أي: يظهر خبر موته ( إلى أهل الميت بنفسه) ولا يستنيب فيه أحدًا، ولو كان رفيعًا.
والتأكيد، أي في قوله: بنفسه، للضمير المستكن في ينعى، فهو عائد إلى الناعي لا المنعي، أو يرجع الضمير إلى المنعي وهو الميت، أي ينعى إلى أهل الميت نفس الميت، أو بسبب ذهاب نفسه.
وفائدة الترجمة بذلك دفع توهم أن هذا من إيذاء أهل الميت، وإدخال المساءة عليهم، والإشارة إلى أنه مباح.
بل صرح النووي، في: المجموع، باستحبابه، لحديث الباب.
ولنعيه جعفر بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة، ولما يترتب عليه من المبادرة لشهود جنازته، وتهيئة أمره للصلاة عليه، والدعاء والاستغفار له، وتنفيذ وصاياه، وغير ذلك.
نعم، يكره نعي الجاهلية للنهي عنه، رواه الترمذي، وحسنه وصححه، وهو: النداء بموت الشخص، وذكر مآثره ومفاخره.
قال المتولي وغيره: ويكره مرثية الميت، وهي: عدّ محاسنه، للنهي عن المراثي.
انتهى.
والوجه حمل تفسيرها بذلك على غير صيغة الندب الآتي بيانها إن شاء الله تعالى، وإلا فيلزم اتحادها معه.
وقد أطلقها الجوهري على عدّ محاسنه مع البكاء وعلى نظم الشعر فيه، فيكره كل منهما لعموم النهي عن ذلك، والأوجه حمل النهي عن ذلك، على ما يظهر فيه تبرم، أو: على فعله مع الاجتماع له، أو: على الإكثار منه، أو: على ما يجدد الحزن دون ما عدا ذلك، فما زال كثير من الصحابة وغيرهم من العلماء يفعلونه.
وقد قالت فاطمة بنت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيه: ماذا على من شم تربة أحمد ... أن لا يشم مدى الزمان غواليا صبت عليّ مصائب لو أنها ... صبت على الأيام عدن لياليا وللكشميهني: نفسه، بحذف حرف الجر أي: ينعي نفس الميت، إلى أهله.
وللأصيلي، حذف لفظ أهله وليس له وجه.