فهرس الكتاب

- باب: الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم

رقم الحديث 1350 [1350] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: "أَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ، فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَانَ كَسَا عَبَّاسًا قَمِيصًا.
قَالَ سُفْيَانُ.

     وَقَالَ  أَبُو هَارُونَ: وَكَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَمِيصَانِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلْبِسْ أَبِي قَمِيصَكَ الَّذِي يَلِي جِلْدَكَ.
قَالَ سُفْيَانُ: فَيُرَوْنَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَلْبَسَ عَبْدَ اللَّهِ قَمِيصَهُ مُكَافَأَةً لِمَا صَنَعَ".
وبالسند قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني، قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( قال عمرو) بفتح العين، هو: ابن دينار: ( سمعت جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، قال) : ( أتى رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عبد الله بن أبي) بضم الهمزة وفتح الموحدة وتشديد المثناة التحتية ( بعدما أدخل حفرته) أي: قبره، وكان رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قد عاده في مرضه، فقال له: يا رسول الله، إن مت فاْحضر غسلي وأعطني قميصك الذي يلي جسدك، فكفني فيه، وصلِّ علي واستغفر لي.
( فأمر به) رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ-، ( فأخرج) من قبره ( فوضعه) عليه الصلاة والسلام ( على ركبتيه) بالتثنية ( ونفث عليه) وللحموي والمستملي: ونفث فيه ( من ريقه) .
والنفث، بالمثلثة شبيه بالنفخ.
وهو أقل من التفل، قاله في الصحاح، والمحكم، زاد ابن الأثير في نهايته: لأن التفل لا يكون إلا ومعه شيء من الريق، وقيل: هما سواء أي: يكون معهما ريق.
( وألبسه قميصه، فالله أعلم) .
وفي نسخة: والله أعلم، بالواو، جملة معترضة: أي فالله أعلم بسبب إلباس رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إياه قميصه، لأن مثل هذا لا يفعل إلا مع مسلم.
وقد كان يظهر من عبد الله هذا ما يقتضي خلاف ذلك، لكنه عليه الصلاة والسلام، اعتمد ما كان يظهر منه من الإسلام، وأعرض عما كان يتعاطاه، مما يقتضي خلاف ذلك.
حتى نزل قوله تعالى: { وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84] كما سبق.
( وكان) عبد الله ( كسا عباسًا) عم النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( قميصًا) وللكشميهني: قميصه لما أسر في بدر، ولم يجدوا له قميصًا يصلح له، لأنه كان طويلاً، إلا قميص ابن أبي.
( قال سفيان) بن عيينة ( وقال أبو هريرة) كذا في كثير من الروايات، ومستخرج أبي نعيم وهو تصحيف، وفي رواية أبي ذر وغيرها: وقال أبو هارون، وهو كذلك عند الحميدي، في الجمع بين الصحيحين، وجزم المزي بأنه: موسى بن أبي عيسى الحناط، بمهملة ونون المدني الغفاري، واسم أبيه: ميسرة، وقمِل: هو الغنوي، واسمه إبراهيم بن العلاء من شيوخ البصرة، وكلاهما من أتباع التابعين.
فالحديث معضل.
( وكان على رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قميصان.
فقال له)
أي للنبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( ابن عبد الله) هو عبد الله أيضًا، سماه به النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وكان اسمه: الحباب: ( يا رسول الله، ألبس) بفتح الهمزة وكسر الموحدة ( أبي) عبد الله بن أبي ( قميصك الذي يلي جلدك) .
( قال سفيان) بن عيينة مما وصله المؤلّف في كسوة الأسارى من أواخر الجهاد: ( فيرون) بضم المثناة التحتية ( أن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ألبس عبد الله) بن أبي ( قميصه مكافأة) بغير همزة في اليونينية ( لما صنع) مع عمه العباس، فجازاه من جنس فعله.


رقم الحديث 1351 [1351] حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعَانِي أَبِي مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: مَا أُرَانِي إِلاَّ مَقْتُولاً فِي أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَإِنِّي لاَ أَتْرُكُ بَعْدِي أَعَزَّ عَلَىَّ مِنْكَ، غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَإِنَّ عَلَىَّ دَيْنًا، فَاقْضِ، وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا.
فَأَصْبَحْنَا، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ، وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً، غَيْرَ أُذُنِهِ".
[الحديث طرفه في: 1352] .
وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو: ابن مسرهد قال: ( أخبرنا) ولأبي الوقت: حدّثنا ( بشر بن المفضل) بكسر الموحدة، وسكون المعجمة في الأول، وضم الميم وفتح الفاء وتشديد الضاد المعجمة في الآخر، قال: ( حدّثنا حسين المعلم عن عطاء) هو: ابن أبي رباح ( عن جابر) هو: ابن عبد الله ( رضي الله عنه) كذا أخرجه المؤلّف: عن مسدد، عن بشر بن المفضل، عن حسين.
إلا أبا علي بن السكن وحده، فإنه قال في روايته: عن شعبة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن جابر.
وأخرجه أبو نعيم من طريق أبي الأشعث، عن بشر بن المفضل، فقال: سعيد بن يزيد عن أبي نضرة، عن جابر.
وقال بعده: ليس أبو نضرة من شرط البخاري.
قال: وروايته عن حسين، عن عطاء عزيزة جدًّا وأخرجه أبو داود، وابن سعد، والحاكم، والطبراني من طريقه، عن أبي نضرة عن جابر.
وأبو نضرة هو: المنذر بن مالك العبدي.
ولفظ رواية أبي داود: حدّثنا سليمان بن حرب، حدّثنا حماد بن زيد، عن سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن جابر، قال: دفن مع أبي رجل، وكان في نفسي من ذلك حاجة، فأخرجته بعد سبعة أشهر، فما أنكرت منه شيئًا إلا شعرات كن في لحيته مما يلي الأرض.
( قال) جابر: ( لما حضر أحد) أي: وقعته في سنة ثلاث من الهجرة ( دعاني أبي) عبد الله ( من الليل، فقال: ما أراني) بضم الهمزة، أي: ما أظنني، أي ما أظن نفسي ( إلا مقتولاً في أول من يقتل من أصحاب النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ، وفي المستدرك للحاكم، عن الواقدي: أن سبب ظنه ذلك منام رآه، وذلك أنه رأى مبشر بن عبد المنذر، وكان ممن استشهد ببدر يقول له: أنت قادم علينا في هذه الأيام، فقصها على النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال هذه شهادة.
( وإني لا أترك بعدي أعز علي منك، غير نفس رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فإن علي) بالفاء، ولأبوي ذر، والوقت، وإن علي ( دينًا فاقض) بحذف ضمير المفعول وفي رواية الحاكم: فاقضه، ( واستوص) أي: اطلب الوصية ( بأخواتك خيرًا) وكان له تسع أخوات ( فأصبحنا، فكان) أبي ( أول قتيل) قتل ودفن ( ودفن معه آخر) هو: عمرو بن الجموح بن زيد الأنصاري، وكان صديق عبد الله، والد جابر، ولأبي ذر: ودفنت بفتح الدال أي: دفنته ودفنت معه رجلاً آخر، بالنصب على المفعول ( في قبر) واحد، ولأبوي الوقت، وذر: في قبره ( ثم لم تطب نفسي أن أتركه) أن مصدرية، أي: لم تطب نفسي بتركه ( مع الآخر) وهو: عمرو بن الجموح، كما مر، ولأبي الوقت: مع آخر، بالتنكير ( فاستخرجته) من قبره ( بعد ستة أشهر) من يوم دفنه ( فإذا هو كيوم وضعته) فيه ( هنية) بضم الهاء وفتح النون وتشديد المثناة التحتية.
قال في القاموس: مصغرة هنة، أي: شيء يسير.
قال: ويروى بإبدال الياء هاء.
( غير أذنه) قال في المشارق: كذا في رواية أبي ذر، والجرجاني، والمروزي: هنية غير أذنه، بالتقديم والتأخير، وهو تغيير، وصوابه ما جاء في رواية ابن السكن، والنسفي: غير هنية في أذنه بتقديم غير، وزيادة: في.
لكن حكى السفاقسي أن بعضهم ضبطه: هيئته، بفتح الهاء وسكون التحتية بعدها همزة ثم مثناة فوقية منصوبة ثم هاء الضمير أي: على حالته.
قال: وبعضهم ضبطه بضم الهاء، ثم الياء المشددة تصغير: هنا، أي: قريبًا.
قال في المصابيح: وهو وجه يستقيم الكلام به، ولا تقديم ولا تأخير اهـ.
وقوله، هو، مبتدأ خبره: كيوم وضعته، والكاف بمعنى: المثل، واليوم بمعنى: الوقت، وانتصاب: هنية على الحال، والمعنى: استخرجت أبي من قبره، فإذا هو مثل الوقت الذي وضعته فيه، لم يتغير فيه شيء غير شيء يسير في أذنه، أسرع إليه البلاء، فتغير عن حاله.
وقد أخرجه ابن السكن من طريق شعبة، عن أبي سلمة، بلفظ: غير أن طرف أذن أحدهم تغير، ولابن سعد، من طريق أبي هلال، عن أبي سلمة: إلا قليلاً من شحمة أذنه.
ولأبي داود من طريق حماد بن زيد، عن أبي سلمة: إلا شعيرات كن من لحيته مما يلي الأرض.
ويجمع بين هذه الرواية وغيرها بأن المراد الشعيرات التي تتصل بشحمة الأذن.
ووقع في رواية الكشميهني: كيوم وضعته هنية عند أذنه، بلفظ: عند بالدال بدل: غير، لكن يبقى في الكلام نقص، وبينه ما في رواية ابن أبي خيثمة، والطبراني من طريق غسان بن نصر، عن أبي سلمة بلفظ: وهو كيوم دفنته إلا هنية عند أذنه.
وعند أبي نعيم من طريق الأشعث: غير هنية عند أذنه، فجمع بين لفظ: غير، ولفظ: عند، وفي الكواكب، وفي بعضها: هيئة بالهمزة أي صورة.


رقم الحديث 1352 [1352] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ، فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْتُهُ، فَجَعَلْتُهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ".
وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني، قال: ( حدّثنا سعيد بن عامر) الضبعي ( عن شعبة، عن ابن أبي نجيح) بفتح النون وكسر الجيم آخره حاء مهملة بينهما مثناة تحتية ساكنة، عبد الله، واسم أبي نجيح: يسار، بمثناة تحتية ومهملة مخففة ( عن عطاء) هو: ابن أبي رباح ( عن جابر) الأنصاري ( رضي الله عنه) كذا في رواية الأكثرين، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء.
وحكى الجياني: أنه وقع عند ابن السكن: عن مجاهد بدل عطاء، قال: والذي رواه غيره أصح، وكذا رواه النسائي، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن جابر، رضي الله عنه ( قال) : ( دفن مع أبي) عبد الله ( رجل) يسمى: عمرو بن الجموح في قبر واحد ( فلم تطب نفسي) أن أتركه مع الآخر ( حتى أخرجته) من ذلك القبر ( فجعلته في قبر على حدة) بكسر الحاء المهملة وتخفيف الدال المفتوحة بوزن عدة أي: على حياله منفردًا.
79 - باب اللَّحْدِ وَالشَّقِّ فِي الْقَبْرِ ( باب اللحد والشق) الكائنين ( في القبر) .
1353 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَجْمَعُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ ثُمَّ يَقُولُ: أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ فَقَالَ: أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
فَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ".
وبالسند قال: ( حدّثنا عبدان) بفتح العين المهملة وسكون الموحدة، لقب عبد الله بن عثمان المروزي، قال: ( أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي، قال: ( أخبرنا الليث بن سعد) الإمام ( قال: حدّثني) بالإفراد ( ابن شهاب) الزهري ( عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، قال) : ( كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يجمع بين الرجلين) بالتعريف، ولغير أبوي ذر، والوقت: رجلين ( من قتلى) غزوة ( أُحد) في ثوب واحد، أو يشقه بينهما ( ثم يقول: أيهم) أي: أي القتلى ( أكثر أخذًا للقرآن فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد، فقال: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة فأمر بدفنهم بدمائهم، ولم يغسلهم) .
بضم أوله وتشديد ثالثه، ولأبي ذر:ولم يغسلهم، بفتح أوله وتخفيف ثالثه، وليس في الحديث ذكر: الشق، فاستشكلت المطابقة بينه وبين الترجمة.
وأجيب: بأن قوله: قدمه في اللحد، يدل على الشق، لأن تقديم أحد الميتين يستلزم تأخير الآخر غالبًا في الشق، لمشقة تسوية اللحد، لمكان اثنين، وتقديمه اللحد على الشق في الترجمة يفيد أفضلية اللحد لكونه أستر للميت، ولقول سعد بن أبي وقاص في مرض موته: الحدوا لي لحدًا وانصبوا عليّ اللبن نصبًا، كما فعل برسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
رواه مسلم وقد روى السلفي، عن أبي بن كعب، مرفوعا: ألحد آدم وغسل بالماء وترًا وقالت الملائكة: هذه سنة ولده من بعده.
وروى أبو داود: اللحد لنا والشق لغيرنا، قال التوربشتي، أي: اللحد، هو الذي نختاره والشق اختيار من كان قبلنا.
وقال الزين العراقي: المراد بغيرنا: أهل الكتاب، كما ورد مصرحًا به في بعض طرق حديث جرير في مسند الإمام أحمد، والشق لأهل الكتاب، لكن الحديث ضعيف وليس فيه النهي عن الشق، غايته تفضيل اللحد.
نعم، إذا كان المكان رخوًا فالشق أفضل خوف الانهيار، وقد أجمع العلماء، كما قاله في شرح المهذّب، على جوازهما.
8 - باب إِذَا أَسْلَمَ الصَّبِيُّ فَمَاتَ هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِيِّ الإِسْلاَمُ؟ وَقَالَ الْحَسَنُ وَشُرَيْحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَقَتَادَةُ: إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَالْوَلَدُ مَعَ الْمُسْلِمِ.
وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- مَعَ أُمِّهِ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَ أَبِيهِ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ.

     وَقَالَ : الإِسْلاَمُ يَعْلُو وَلاَ يُعْلَى.
( باب) بالتنوين ( إذا أسلم الصبي فمات) قبل البلوغ ( هل يصلّى عليه) أم لا؟ ( وهل يعرض على الصبي الإسلام) .
( وقال الحسن) البصري، ( وشريح) بضم الشين المعجمة مصغرًا، مما أخرجه البيهقي عنهما ( و) قال: ( إبراهيم) النخعي ( وقتادة) ، مما وصله عبد الرزاق عنهما، ( إذا أسلم أحدهما) أي: أحد الوالدين ( فالولد مع المسلم) منهما.
( وكان ابن عباس، رضي الله عنهما: مع أمه) لبابة بنت الحرث الهلالية ( من المستضعفين) ، وهذا وصله المؤلّف في الباب، بلفظ: كنت أنا وأمي من المستضعفين، وهم الذين أسلموا بمكة، وصدهم المشركون عن الهجرة، فبقوا بين أظهرهم مستضعفين، يلقون منهم الأذى الشديد.
( ولم يكن) أي ابن عباس ( مع أبيه على دين قومه) المشركين.
وهذا قاله المصنف تفقهًا، وهو مبني على أن إسلام العباس كان بعد وقعة بدر، والصحيح أنه أسلم عام الفتح، وقدم مع النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فشهد الفتح.
( وقال: الإسلام يعلو ولا يعلى) مما وصله الدارقطني مرفوعًا، من حديث ابن عباس، فليس هو معطوفًا على ابن عباس.
نعم، ذكره ابن حزم في المحلى، من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: إذا أسلمت اليهودية أو النصرانية يفرق بينهما، الإسلام يعلو ولا يعلى.