فهرس الكتاب

- باب الفهم في العلم

رقم الحديث 75 [75] حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

     وَقَالَ : «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ».
[الحديث أطرافه في: 143، 3756، 7270] .
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا أبو معمر) بميمين مفتوحتين بينهما عين مهملة ساكنة آخره راء عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج البصري المقعد بضم الميم وفتح العين المنقري الحافظ القدري الموثق من ابن معين، المتوفى سنة تسع وعشرين ومائتين ( قال: حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد بن ذكوان التميمي العنبري أبو عبيدة البصرى، المتوفى فى المحرم سنة ثمانين ومائة.
( قال حدّثنا خالد) هو ابن مهران الحذاء ولم يكن حذاء، وإنما كان يجلس إليهم التابعي الموثق من يحيى وأحمد، المتوفى سنة إحدى وأربعين ومائة ( عن عكرمة) أبي عبد الله المدني المتكلم فيه لرأيه رأي الخوارج، نعم اعتمده البخاري في أكثر ما يصح عنه من الروايات، المتوفى سنة خمس أو ست أو سبع ومائة ( عن ابن عباس) عبد الله رضي الله عنهما ( قال) : ( ضمني رسول الله) وفي رواية لأبي ذر النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) إلى نفسه أو صدره كما في رواية مسدّد عن عبد الوارث ( وقال: اللهمَّ علّمه) أي عرفه ( الكتاب) بالنصب مفعول ثانٍ والأوّل الضمير أي القرآن، والمراد تعليم لفظه باعتبار دلالته على معانيه، وفي رواية عطاء عن ابن عباس عند الترمذي والنسائي أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دعا له أن يؤتى الحكمة مرتين.
وفي رواية ابن عمر عند البغوي في معجم الصحابة مسح رأسه وقال "اللهمّ فقّهه في الدين وعلّمه التأويل" وفي رواية طاوس مسح رأسه وقال: "اللهمّ علّمه الحكمة وتأويل الكتاب" وقد تحققت إجابته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقد كان ابن عباس بحر العلم وحبر الأمة ورئيس المفسرين وترجمان القرآن.
18 - باب مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ؟ هذا ( باب) بالتنوين ( متى يصح سماع الصغير) وللكشميهني الصبي، ومراده أن البلوغ ليس شرطًا في التحمل.
76 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ -وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الاِحْتِلاَمَ- وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَىْ بَعْضِ الصَّفِّ، وَأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ فَدَخَلْتُ الصَّفَّ، فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَىَّ.
[الحديث 76 - أطرافه في: 493، 861، 1857، 4412] .
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا إسماعيل بن أبي أُويس) كما في رواية كريمة ( قال: حدّثني) بالإفراد ( مالك) هو ابن أنس الإمام ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن عبيد الله) بتصغير العبد ( ابن عبد الله بن عتبة) بضم العين وسكون المثناة الفوقية وفتح الموحدة ( عن عبد الله بن عباس) رضي الله عنهما ( قال) : ( أقبلت) حال كوني ( راكبًا على حمار أتان) بفتح الهمزة وبالمثناة الفوقية الأُنثى من الحمير، ولما كان الحمار شاملاً للذكر والأُنثى خصّصه بقوله: أتان، وإنما لمن يقل حمارة، ويكتفى عن تعميم حمار ثم تخصيصه لأن التاء تحتمل الموحدة كذا قاله الكرماني، لكن تعقبه البرماوي بأن حمارًا مفرد لا اسم جنس جمعي كتمر.
وقال العيني: الأحسن في الجواب أن الحمارة قد تطلق على الفرس الهجين كما قاله الصغاني، فلو قال على حمارة لربما كان يفهم أنهأقبل على فرس هجين وليس الأمر كذلك، على أن الجوهري حكى أن الحمارة في الأُنثى شاذة وأتان بالجر والتنوين كسابقه على النعت أو بدل الغلط أو بدل بعض من كل، لأن الحمار يطلق على الجنس فيشمل الذكر والأنثى أو بدل كل من كل نحو شجرة زيتونة، ويروى بإضافة حمار إلى أتان أي حمار هذا النوع وهو الأتان.
قال البدر الدماميني، قال سراج بن عبد الملك: كذا وجدته مضبوطًا في بعض الأصول، واستنكرها السهيلي وقال: إنما يجوّزه من جوّز إضافة الشيء إلى نفسه إذا اختلف اللفظان، وذكر ابن الأثير أن فائدة التنصيص على كونها أُنثى الاستدلال بطريق الأولى على أن الأُنثى من بني آدم لا تقطع الصلاة لأنهنّ أشرف، وعورض بأن العلة ليست مجرد الأنوثة فقط بل الأُنوثة بقيد البشرية لأنها مظنة الشهوة.
( وأنا يومئذ قد ناهزت) أي قاربت ( الاحتلام ورسول الله -صلى اله عليه وسلم- يصلي بمنى) بالصرف وعدمه والأجود الصرف وكتابته بالألف وسميت بذلك لما يمنى أي يراق بها من الدماء ( إلى غير جدار) قال في فتح الباري: أي إلى غير سترة أصلاً قاله الشافعي، وسياق الكلام يدل عليه لأن ابن عباس أورده في معرض الاستدلال على أن المرور بين يدي المصلي لا يقطع صلاته، ويؤيده رواية البزار بلفظ: والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلي المكتوبة ليس شيء يستره ( فمررت بين يدي) أي قدام ( بعض الصف) فالتعبير باليد مجاز وإلا فالصف لا يد له ( وأرسلت الأتان ترتع) أي تأكل وترتع مرفوع، والجملة في محل نصب على الحال من الأتان وهي حال مقدّرة لأنه لم يرسلها في تلك الحال، وإنما أرسلها قبل مقدّرًا كونها على تلك الحال، وجوّز ابن السيد فيه أن يريد لترتع، فلما حذف الناصب رفع كقوله تعالى: { قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي} [الزمر: 64] قاله البدر الدماميني، وقيل ترتع تسرع في المشي والأوّل أصوب، ويدل عليه رواية المؤلف في الحج نزلت عنها فرتعت ( ودخلت الصف) وللكشميهني فدخلت بالفاء في الصف ( فلم ينكر) بفتح الكاف ( ذلك على) أي لم ينكره عليّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا غيره، واستدل المؤلف بسياق هذا على ما ترجم له، وهو أن التحمل لا يشترط فيه كمال الأهلية، وإنما يشترط عند الأداء، ويلحق بالصبي في ذلك العبد والفاسق والكافر، وأدخل المصنف هذا الحديث في ترجمة سماع الصبي وليس فيه سماع لتنزيل عدم إنكار المرور منزلة قوله إنه جائز، والمراد من الصغير غير البالغ، وذكره مع الصبي من باب التوضيح والبيان.