فهرس الكتاب

- النهي عن أكل لحوم لجلالة

رقم الحديث 5034 [5034] إِنَّ هَذَا الدِّينَ يُسْرٌ سَمَّاهُ يُسْرًا مُبَالَغَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَدْيَانِ قَبْلَهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَفَعَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْإِصْرَ الَّذِي كَانَ عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ وَمِنْ أَوْضَحِ الْأَمْثِلَةِ لَهُ أَنَّ تَوْبَتَهُمْ كَانَتْ بِقَتْلِ أَنْفُسِهِمْ وَتَوْبَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالْإِقْلَاعِ وَالْعَزْمِ وَالنَّدَمِ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أحد الا غَلبه قَالَ بن التِّينِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ فَقَدْ رَأَيْنَا وَرَأَى النَّاسُ قَبْلَنَا أَنَّ كُلَّ مُتَنَطِّعٍ فِي الدِّينِ يَنْقَطِع وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ طَلَبَ الْأَكْمَلِ فِي الْعِبَادَةِ فَإِنَّهُ مِنَ الْأُمُورِ الْمَحْمُودَةِ بَلْ مَنَعَ مِنْ الْإِفْرَاطِ الْمُؤَدِّي إِلَى الْمَلَالِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي التَّطَوُّعِ الْمُفْضِي إِلَى تَرْكِ الْأَفْضَلِ أَوْ إِخْرَاجِ الْفَرْضِ عَنْ وَقْتِهِ كَمَنْ بَاتَ يُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ وَيُغَالِبُ النَّوْمَ إِلَى أَنْ غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ فَنَامَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَسَدِّدُوا أَيِ الْزَمُوا السَّدَادَ وَهُوَ الصَّوَابُ مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ وَلَا تَفْرِيطٍ وَقَارِبُوا أَيْ إِنْ لَمْ تَسْتَطِيعُوا الْأَخْذَ بِالْأَكْمَلِ فَاعْمَلُوا بِمَا يُقَرِّبُ مِنْهُ وَأَبْشِرُوا أَيْ بِالثَّوَابِ عَلَى الْعَمَلِ الدَّائِمِ وَإِنْ قَلَّ أَوِ الْمُرَادُ تَبْشِيرُ مَنْ عَجَزَ عَنِ الْعَمَلِ بِالْأَكْمَلِ بِأَنَّ الْعَجْزَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ صُنْعِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ نَقْصَ أَجْرِهِ وَأَبْهَمَ الْمُبَشَّرَ بِهِ تَعْظِيمًا لَهُ وَتَفْخِيمًا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ أَيِ اسْتَعِينُوا عَلَى مُدَاوَمَةِ الْعِبَادَةِ بإيقاعهافِي الْأَوْقَات المنشطة والغدوة بِالْفَتْحِ سَيْرُ أَوَّلِ النَّهَارِ.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِيُّ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَالرَّوْحَةُ بِالْفَتْحِ السَّيْرُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالدُّلْجَةُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ سَيْرُ آخِرِ اللَّيْلِ وَقِيلَ سَيْرُ اللَّيْلِ كُلِّهِ وَلِهَذَا عَبَّرَ فِيهِ بِالتَّبْعِيضِ وَلِأَنَّ عَمَلَ اللَّيْلِ أَشَقُّ مِنْ عَمَلِ النَّهَارِ فَهَذِهِ الْأَوْقَاتُ أَطْيَبُ أَوْقَاتِ الْمُسَافَرَةِ فَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاطَبَ مُسَافِرًا إِلَى مَقْصِدٍ فَنَبَّهَهُ عَلَى أَوْقَاتِ نَشَاطِهِ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا سَارَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ جَمِيعًا عَجَزَ وَانْقَطَعَ وَإِذَا تَحَرَّى السَّيْرَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الْمُنَشِّطَةِ أَمْكَنَتْهُ الْمُدَاوَمَةُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ وَحُسْنُ هَذِهِ الِاسْتِعَارَةِ أَنَّ الدُّنْيَا فِي الْحَقِيقَةِدَار نَقله إِلَى الْآخِرَة