فهرس الكتاب

- باب: علامة الإيمان حب الأنصار

رقم الحديث 19 [19] حدّثنا عَبْدُ اللَّهِ بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مالِكٍ عنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أبي صَعْصَعَةَ عنْ أبِيهِ عَن أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أنَّهُ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوشِكُ أَن يَكُونَ خَيْرَ مالِ المُسِلِم غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الجِبالِ ومَوَاقِعَ القَطْرِ يَفِرُّ بدِينِهِ مِنَ الفِتَنِ.
الْمُطَابقَة بَين الحَدِيث والترجمة ظَاهِرَة على مَا ذكرنَا.
( بَيَان رِجَاله) : وهم خَمْسَة.
الأول: عبد الله بن مسلمة، بِفَتْح الْمِيم وَاللَّام وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة، ابْن قعنب أَبُو عبد الرَّحْمَن الْحَارِثِيّ الْبَصْرِيّ، وَكَانَ مجاب الدعْوَة، روى عَن: مَالك وَاللَّيْث بن سعد ومخرمة بن بكير وَابْن أبي ذِئْب، وَسمع من أَحَادِيث شُعْبَة حَدِيثا وَاحِدًا اتّفق على توثيقه وجلالته، وَأَنه حجَّة ثَبت رجل صَالح، وَقيل لمَالِك: إِن عبد الله قدم، فَقَالَ: قومُوا بِنَا إِلَى خير أهل الأَرْض.
روى عَنهُ: البُخَارِيّ وَمُسلم وأكثرا، وروى التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن رجل عَنهُ، وروى مُسلم عَن عبد بن حميد عَنهُ حَدِيثا وَاحِدًا فِي الْأَطْعِمَة، مَاتَ سنة إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ بِمَكَّة.
الثَّانِي: مَالك بن أنس إِمَام دَار الْهِجْرَة.
الثَّالِث: عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة، واسْمه عَمْرو بن زيد بن عَوْف بن منذول بن عَمْرو بن غنم بن مَازِن بن النجار بن ثَعْلَبَة بن عَمْرو بن الْخَزْرَج الْأنْصَارِيّ الْمَازِني الْمدنِي، ذكره ابْن حبَان فِي ( الثِّقَات) مَاتَ سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة، روى لَهُ البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه.
.

     وَقَالَ  الْخَطِيب فِي كِتَابه ( رَافع الارتياب) : إِن الصَّوَاب عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أبي صعصعة، قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: وَوهم ابْن عُيَيْنَة حَيْثُ قَالَ: عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة.
.

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ: لِمَ يخْتَلف على مَالك فِي اسْمه؟ قلت: فِي ( الثِّقَات) لِابْنِ حبَان خالفهم مَالك، فَقَالَ: عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة.
الرَّابِع: أَبوهُ عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَابْن حبَان، وروى لَهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد، وَكَانَ جده شهد أحدا وَقتل يَوْم الْيَمَامَة شَهِيدا مَعَ خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ، وَأَبوهُ عَمْرو مَاتَ فِي الْجَاهِلِيَّة، قَتله بردع بن زيد بن عَامر بن سَواد بن ظفر من الْأَوْس، ثمَّ أسلم بردع وَشهد أحدا.
الْخَامِس: أَبُو سعيد سعد بن مَالك بن سِنَان بن عبيد، وَقيل: عبد بن ثَعْلَبَة بن عبيد بن الأبجر، وَهُوَ خدرة بن عَوْف بن الْحَارِث بن الْخَزْرَج الْأنْصَارِيّ، وَزعم بَعضهم أَن خدرة هِيَ أم الأبجر، استصغر يَوْم أحد فرُدَّ، وغزا بعد ذَلِك اثْنَتَيْ عشرَة غَزْوَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَاسْتشْهدَ أَبوهُ يَوْم أحد، رُوِيَ لَهُ ألف حَدِيث وَمِائَة وَسَبْعُونَ حَدِيثا، اتفقَا مِنْهَا على سِتَّة وَأَرْبَعين، وَانْفَرَدَ البُخَارِيّ بِسِتَّة عشر، وَمُسلم بِاثْنَتَيْنِ وَخمسين.
روى عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة، مِنْهُم: الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة ووالده مَالك وَأَخُوهُ لأمه، قَتَادَة بن النُّعْمَان، وروى عَنهُ جمَاعَة من الصَّحَابَة.
مِنْهُم: ابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَخلق من التَّابِعين، توفّي بِالْمَدِينَةِ سنة أَربع وَسِتِّينَ، وَقيل: أَربع وَسبعين.
روى لَهُ الْجَمَاعَة، وَاعْلَم أَن مِنْهُم من قَالَ: إِن اسْم أبي سعيد هَذَا: سِنَان بن مَالك بن سِنَان، وَالأَصَح مَا ذَكرْنَاهُ انه: سعد بن مَالك بن سِنَان، وَفِي الصَّحَابَة أَيْضا: سعد بن أبي وَقاص مَالك وَسعد بن مَالك العذري قدم فِي وَفد عذرة.
( بَيَان الْأَنْسَاب) القعْنبِي: هُوَ عبد الله بن مسلمة، شيخ البُخَارِيّ، ونسبته إِلَى جده قعنب، والقعنب، فِي اللُّغَة: الشَّديد، وَمِنْه يُقَال للأسد، القعنب، وَيُقَال: القعنب: الثَّعْلَب الذّكر.
والمازن فِي قبائل، فَفِي قيس بن غيلَان: مَازِن بن مَنْصُور بن عِكْرِمَة بن حَفْصَة بن قيس بن غيلَان، وَفِي قيس بن غيلَان أَيْضا: مَازِن بن صعصعة.
وَفِي فَزَارَة: مَازِن بن فَزَارَة، وَفِي ضبة: مَازِن بن كَعْب، وَفِي مذْحج: مَازِن بن ربيعَة، وَفِي الْأَنْصَار: مَازِن بن النجار بن ثَعْلَبَة بن عَمْرو بن الْخَزْرَج، وَفِي تَمِيم: مَازِن بن مَالك، وَفِي شَيبَان بن ذهل: مَازِن بن شَيبَان، وَفِي هُذَيْل: مَازِن بن مُعَاوِيَة، وَفِي الأزد: مَازِن بن الأزد.
والخدري، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَةبِهَذِهِ الْآيَة على أَن الْإِيمَان بالْقَوْل وَحده لَا يتم.
قَوْله: ( بِمَا كسبت قُلُوبكُمْ) أَي: بِمَا عزمت عَلَيْهِ قُلُوبكُمْ وقصدتموه، إِذْ كسب الْقلب عزمه وَنِيَّته، وَفِي الْآيَة دَلِيل لما عَلَيْهِ الْجُمْهُور، أَن أَفعَال الْقُلُوب إِذا اسْتَقَرَّتْ يُؤَاخذ بهَا، وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: ( إِن الله تجَاوز لأمتي مَا حدثت بِهِ أَنْفسهَا مَا لم يتكلموا أَو يعملوا بِهِ) ، مَحْمُول على مَا إِذا لم يسْتَقرّ، وَذَلِكَ مَعْفُو عَنهُ بِلَا شكّ، لِأَنَّهُ لَا يُمكن الانفكاك عَنهُ بِخِلَاف الِاسْتِقْرَار.
فَإِن قلت: مَا حَقِيقَة الْمعرفَة؟ قلت: فِي اللُّغَة الْمعرفَة: مصدر عَرفته أعرفهُ، وَكَذَلِكَ الْعرْفَان، وَأما فِي اصْطِلَاح أهل الْكَلَام فَهِيَ معرفَة الله تَعَالَى بِلَا كَيفَ وَلَا تَشْبِيه.
وَالْفرق بَينهمَا وَبَين الْعلم: أَن الْمعرفَة عبارَة عَن الْإِدْرَاك الجزئي، وَالْعلم عَن الْإِدْرَاك الْكُلِّي.
وَبِعِبَارَة أُخْرَى: الْعلم إِدْرَاك المركبات، والمعرفة إِدْرَاك البسائط وَهَذَا مُنَاسِب لما يَقُوله أهل اللُّغَة من: أَن الْعلم يتَعَدَّى إِلَى مفعولين، والمعرفة إِلَى مفعول وَاحِد.
.

     وَقَالَ  إِمَام الْحَرَمَيْنِ: أجمع الْعلمَاء على وجوب معرفَة الله تَعَالَى، وَقد اسْتدلَّ عَلَيْهِ بقوله تَعَالَى: { فَاعْلَم أَنه لَا إِلَه إلاَّ الله} ( مُحَمَّد: 19) وَاخْتلف فِي أول وَاجِب على الْمُكَلف، فَقيل: معرفَة الله تَعَالَى، وَقيل: النّظر، وَقيل: الْقَصْد إِلَى النّظر الصَّحِيح.
.

     وَقَالَ  الإِمَام: الَّذِي أرَاهُ أَنه لَا اخْتِلَاف بَينهمَا، فَإِن أول وَاجِب خطابا ومقصوداً: الْمعرفَة، وَأول وَاجِب اشتغالاً واداءً: الْقَصْد فَإِن مَا لَا يتَوَصَّل إِلَى الْوَاجِب إلاَّ بِهِ فَهُوَ وَاجِب، وَلَا يتَوَصَّل إِلَى المعارف إلاَّ بِالْقَصْدِ.