فهرس الكتاب

- باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها

رقم الحديث 88 [88] حدّثنا مُحمَّدُ بنُ مُقاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ قَالَ: أخْبرنا عَبْدُ اللَّهِ قالَ: أخْبرنا عُمَرُ بنُ سَعِيدِ بن أبي حُسَيْنٍ قَالَ: حدّثني عَبْدُ اللَّهِ بنُ أبي مُلَيْكَةَ عنْ عُقْبَةَ بنِ الحارِثِ أنَّهُ تَزَوَّجَ ابنَةً لأبي إِهابِ بنِ عَزِيزِ، فَأتَتْهُ امْرَأةٌ فَقالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرضَعْتُ عُقْبَةَ والَّتِي تَزَوَّجَ، فقالَ لَهَا عُقْبَةُ: مَا أعْلَمُ أنَّكِ أرْضَعْتِنِي وَلا أخْبَرْتِنِي، فَرَكِبَ إِلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالمَدِينَة فَسَأَلَهُ، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( كَيْفَ وقَدْ قِيلَ) .
فَفارَقَها عُقْبَةُ ونَكَحَتْ زَوْجاً غَيَرَهُ.. مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فِي قَوْله: ( فَركب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُطَابق قَوْله: ( وَتَعْلِيم أَهله) وَإِنَّمَا يثبت بِالنسَاء المتمحضات.
.

     وَقَالَ  أَصْحَابنَا: يثبت الرَّضَاع بِمَا يثبت بِهِ المَال، وَهُوَ شَهَادَة رجلَيْنِ، أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ، وَلَا تقبل شَهَادَة النِّسَاء المنفردات، لِأَن ثُبُوت الْحُرْمَة من لَوَازِم الْملك فِي بَاب النِّكَاح، ثمَّ الْملك لَا يَزُول بِشَهَادَة النِّسَاء المنفردات، فَلَا تثبت الْحُرْمَة.
وَعند الشَّافِعِي: تثبت بِشَهَادَة أَربع نسْوَة.
وَعند مَالك بامرأتين.
وَعند أَحْمد بمرضعة.
.

     وَقَالَ  التَّيْمِيّ: معنى الحَدِيث: الْأَخْذ بالوثيقة فِي بَاب الْفروج، وَلَيْسَ قَول الْمَرْأَة الْوَاحِدَة شَهَادَة تجوز بهَا الحكم فِي أصل من الْأُصُول، وَفِي: ( كَيفَ وَقد قيل؟) الِاحْتِرَاز من الشُّبْهَة، وَمعنى: فَارقهَا: طَلقهَا.
فَإِن قلت: النِّكَاح مَا انْعَقَد صَحِيحا على تَقْدِير ثُبُوت الرَّضَاع، والمفارقة كَانَت حَاصِلَة، فَمَا معنى فَارقهَا؟ قلت: إِمَّا أَن يُرَاد بهَا الْمُفَارقَة الصورية، أَو يُرَاد الطَّلَاق فِي مثل هَذِه الْحَالة هُوَ الْوَظِيفَة ليحل للْغَيْر نِكَاحهَا قطعا.
27 - ( بَاب التَّناوُبِ فِي العِلْمِ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان التناوب فِي الْعلم، والتناوب: تفَاعل من نَاب لي يَنُوب نوباً ومناباً، أَي: قَامَ مقَامي.
وَمَعْنَاهُ: أَن تتناوب جمَاعَة لوقت مَعْرُوف يأْتونَ بالنوبة.
وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي الْبَاب الأول: الرحلة فِي طلب الْعلم.
وَهِي لَا تكون إلاَّ من شدَّة الْحِرْص فِي طلب الْعلم، وَفِي التناوب أَيْضا هَذَا الْمَعْنى، لأَنهم لَا يتناوبون إلاَّ لطلب الْعلم والباعث عَلَيْهِ شدَّة حرصهم.