فهرس الكتاب

- باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين: من القبل والدبر

رقم الحديث 185 [185] حدّثنا عَبْدُ اللَّهِ بنُ يُوسُفَ قالَ أخبرنَا مالِكٌ عَنْ عَمرِو بن يَحْيىَ المَازِنيِّ عَنْ أبِيهِ أنَّ رَجُلاً قالَ لَعْبدِ اللَّهِ بنِ زَيْدٍ وَهوَ جَدُّ عَمْرِو بنِ يَحْيىَ أتَسْتَطِيعُ أنْ تُرِيَنِي كَيْفَ كانَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتَوَضَّا فَقالَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ زَيْدٍ نَعَمْ فَدَعًّ بِماءٍ فَأفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلاثاً ثُمَّ غَسَلَ وجْهَهُ ثَلاثاً ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْن مَرَّتَيْنِ إلَى المِرْفَقَيْنِ ثُمَّ مَسَحَ رأْسَهُ بِيَدَيْهِ فأقْبَلَ بِهِمَا وَأدْبَرَ بَدَأَ بِمقَدَّم رَأْسِهِ حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا إلَى قَفَاهُ ثُمَّ رَدَّهُمَا إلَى المَكانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيهِ.. مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (ثمَّ مسح رَأسه) .
إِلَى آخِره.
بَيَان رِجَاله وهم سِتَّة.
الأول: عبد الله يُوسُف التنيسِي.
الثَّانِي: مَالك بن انس.
الثَّالِث: عَمْرو بن يحيى بن عمَارَة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم، وَقد تقدمُوا.
الرَّابِع: أَبوهُ يحيى بن عمَارَة بن أبي حسن، واسْمه تَمِيم بن عبد بن عَمْرو بن قيس، وَأَبُو حسن لَهُ صُحْبَة، وَكَذَا لعمارة فِيمَا جزم بِهِ ابْن عبد الْبر.
.

     وَقَالَ  أَبُو نعيم: فِيهِ نظر.
.

     وَقَالَ  الذَّهَبِيّ: عمَارَة بن أبي حسن الْأنْصَارِيّ الْمَازِني، لَهُ صُحْبَة، وَقيل: ابوه بَدْرِي وعقبي.
الْخَامِس: الرجل السَّائِل هُوَ عمر بن يحيى، وَإِنَّمَا قَالَ: جد عَمْرو بن يحيى تجوزاً لِأَنَّهُ عَم أَبِيه، وَسَماهُ جَداً لكَونه فِي مَنْزِلَته.
وَقيل: إِن المُرَاد بقوله هُوَ عبد الله بن زيد وَهَذَا وهم، لِأَنَّهُ لَيْسَ جَداً لعَمْرو بن يحيى لَا حَقِيقَة وَلَا مجَازًا، وَذكر فِي (الْكَمَال) فِي تَرْجَمَة عَمْرو بن يحيى أَنه ابْن بنت عبد الله بن زيد.
قَالُوا: إِنَّه غلط، وَقد ذكر مُحَمَّد بن سعد أَن أم عَمْرو بن يحيى هِيَ حميدة بنت مُحَمَّد بن إِيَاس بن بكير،.

     وَقَالَ  غَيره: هِيَ أم النُّعْمَان بنت أبي حَيَّة.
وَالله اعْلَم.
وَقد اخْتلف رُوَاة (الْمُوَطَّأ) فِي تعْيين هَذَا السَّائِل فأبهمه أَكْثَرهم.
قَالَ معن بن عِيسَى فِي رِوَايَته عَن عَمْرو عَن ابيه يحيى: إِنَّه سمع أَبَا مُحَمَّد بن حسن، وَهُوَ جد عَمْرو بن يحيى.
قَالَ لعبد الله بن زيد، وَكَانَ من الصَّحَابَة فَذكر الحَدِيث،.

     وَقَالَ  مُحَمَّد بن الْحسن الشَّيْبَانِيّ: عَن مَالك حَدثنَا عَمْرو عَن أَبِيه يحيى أَنه سمع جده أَبَا حسن يسْأَل عبد الله بن زيد، وَكَذَا سَاقه سَحْنُون فِي (الْمُدَوَّنَة) .
.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي فِي (الْأُم) : عَن مَالك عَن عَمْرو عَن أَبِيه.
فَإِن قلت: هَل يُمكن أَن يجمع هَذَا الِاخْتِلَاف؟ قلت: يُمكن أَن يُقَال: اجْتمع عِنْد عبد الله بن زيد بن ابي حسن الْأنْصَارِيّ وَابْنه عَمْرو وَابْن ابْنه عمَارَة بن أبي حسن، فَسَأَلُوهُ عَن صفة وضوء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَتَوَلَّى السُّؤَال مِنْهُم لَهُ عمَارَة بن أبي حسن، فَحَيْثُ نسب إِلَيْهِ السُّؤَال كَانَ على الْحَقِيقَة، وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة سُلَيْمَان بن بِلَال عِنْد البُخَارِيّ فِي بَاب الْوضُوء من التور، قَالَ: حَدثنِي عَمْرو بن يحيى عَن أَبِيه قَالَ: كَانَ عمي، يعْنى عَمْرو بن أبي حسن، يكثر الْوضُوء، فَقَالَ لعبد الله ابْن زيد: أَخْبرنِي، فَذكره.
وَحَيْثُ نسب السُّؤَال إِلَى أبي حسن فعلى الْمجَاز لكَونه كَانَ الْأَكْبَر وَكَانَ حَاضرا، وَحَيْثُ نسب السُّؤَال ليحيى بن عمَارَة فعلى الْمجَاز أَيْضا لكَونه ناقل الحَدِيث، وَقد حضر السُّؤَال، وَكَانُوا كلهم متفقين على السُّؤَال،على النّصْف من رَأسه ثمَّ جرهما إِلَى مقدم رَأسه ثمَّ أعادهما إِلَى الْمَكَان الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ وجرهما إِلَى صدغيه) .
وَعند أبي دَاوُد من حَدِيث أنس: (أَدخل يَده من تَحت الْعِمَامَة فَمسح بِمقدم رَأسه) .
وَفِي كتاب ابْن السكن: (فَمسح بَاطِن لحيته وَقَفاهُ) .
وَفِي (مُعْجم) الْبَغَوِيّ وَكتاب ابْن ابي خَيْثَمَة: (مسح رَأسه إِلَى سالفته) .
وَفِي كتاب النَّسَائِيّ عَن عَائِشَة، ووصفت وضوءه، عَلَيْهِ السَّلَام، وَوضعت يَدهَا فِي مقدم رَأسهَا ثمَّ مسحت إِلَى مؤخره، ثمَّ مدت بِيَدَيْهَا بأذنيها، ثمَّ مدت على الْخَدين.
فَهَذِهِ أوجه كَثِيره يخْتَار المتوضىء أَيهَا شَاءَ، وَاخْتَارَ بعض أَصْحَابنَا رِوَايَة عبد الله بن زيد.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: فِي قَوْله: بَدَأَ بِمقدم رَأسه، حجَّة على من قَالَ: السّنة أَن يبْدَأ بمؤخر الرَّأْس الى ان يَنْتَهِي الى مقدمه.
قلت: لَا يُقَال: إِن مثل هَذَا حجَّة عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ ورد فِيهِ الْأَوْجه الَّتِي ذَكرنَاهَا الْآن، وَالَّذِي قَالَ: السّنة أَن يبْدَأ بمؤخر الرَّأْس اخْتَار الْوَجْه الَّذِي فِيهِ البداء بمؤخر الرَّأْس، وَله أَيْضا أَن يَقُول: هَذَا الْوَجْه حجَّة عَلَيْك أَيهَا الْمُخْتَار فِي الْبدَاءَة بالمقدم.
التَّاسِع: فِيهِ غسل الرجلَيْن إِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَالْكَلَام فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي الْمرْفقين.
الْعَاشِر: فِيهِ جَرَيَان التلطف بَين الشَّيْخ وتلميذه فِي قَوْله: (أتستطيع أَن تريني) إِلَى آخِره.
الْحَادِي عشر: فِيهِ جَوَاز الِاسْتِعَانَة فِي إِحْضَار المَاء من غير كَرَاهَة.
الثَّانِي عشر: فِيهِ التَّعْلِيم بِالْفِعْلِ.
الثَّالِث عشر: فِيهِ أَن الاغتراف من المَاء الْقَلِيل لَا يصير المَاء مُسْتَعْملا، لِأَن فِي رِوَايَة وهيب وَغَيره: ثمَّ أَدخل يَده.
الرَّابِع عشر: فِيهِ اسْتِيعَاب مسح الرَّأْس، وَلَكِن سنة لَا فرضا، كَمَا قَرَّرْنَاهُ.
الْخَامِس عشر: فِيهِ الِاقْتِصَار فِي مسح الرَّأْس على مرّة وَاحِدَة.
39 - (بابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ إلَى الكعْبَيْنِ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان غسل الرجلَيْن إِلَى الْكَعْبَيْنِ فِي الْوضُوء.
والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة.