فهرس الكتاب

- باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم علمه الكتاب»

رقم الحديث 79 [79] حدّثنا مُحمَّدُ بنُ العَلاءِ قَالَ: حدّثنا حَمَّادُ بنُ أُسامةَ عنْ بُريْدِ بن عبد اللَّه عنْ أبي بُرْدَةَ عنْ أبي مُوسى عَن النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( مَثَلُ مَا بَعثَنِي الله بِهِ مِنَ الهُدَى والعِلْمِ كَمَثَلِ الغَيْثِ الكَثِيرِ أصابَ أرْضاً، فَكانَ مِنْها نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ الماءَ فَأنْبَتَتِ الكَلأ والعُشْبَ الكَثِيرَ، وكانَتْ مِنْها أجادبُ أمْسَكَتِ الماءَ فَنَفَعَ الله بِها النَّاسَ فَشَربُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأصابَتْ مِنْها طائِفَةٌ أخْرَى إِنَّما هِيَ قِيعانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاء وَلَا تُنْبِتُ كَلأ، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دينِ الله ونَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي الله بِهِ فَعَلِمَ وعَلَّمَ.
وَمَثَلُ مَنْ لَم يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْساً وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى الله الَّذِي أُرْسِلْتُ بهِ)
.
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لِأَن الْبَاب مَعْقُود على قَوْله فِي الحَدِيث: فَعلم وَعلم، وَفضل من بَاشر الْعلم والتعليم ظَاهر مِنْهُ، لِأَنَّهُ فِي معرض الْمَدْح على سَبِيل التَّمْثِيل على مَا نبينه عَن قريب، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
بَيَان رِجَاله: وهم خسمة: الأول: مُحَمَّد بن الْعَلَاء، بِالْمُهْمَلَةِ وبالمد، ابْن كريب الْهَمدَانِي، بِسُكُون الْمِيم وَالدَّال الْمُهْملَة، المكنى بِأبي كريب، بِضَم الْكَاف، مصغر كرب، بِالْمُوَحَّدَةِ.
وشهرته بالكنية أَكثر.
روى عَنهُ الْجَمَاعَة وَآخَرُونَ، وَهُوَ صَدُوق لَا بَأْس بِهِ، وَهُوَ مكثر.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس بن سعيد: ظهر لَهُ بِالْكُوفَةِ ثَلَاثَة مائَة ألف حَدِيث، مَاتَ سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: أَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة بن زيد الْهَاشِمِي الْقرشِي الْكُوفِي، مولى الْحسن بن عَليّ أَو غَيره، وشهرته بكنيته أَكثر.
روى عَن بريد وَغَيره، وَأكْثر عَن هِشَام ابْن عُرْوَة، لَهُ عَنهُ سِتّمائَة حَدِيث، وَعنهُ الشَّافِعِي وَأحمد وَغَيرهمَا، وَكَانَ ثِقَة ثبتاً صَدُوقًا حَافِظًا حجَّة اخبارياً، رُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ: كتبت بإصبعي هَاتين مائَة ألف حَدِيث، مَاتَ سنة إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ سنة، فِيمَا قيل، وَلَيْسَ فِي ( الصَّحِيحَيْنِ) من هُوَ بِهَذِهِ الكنية سواهُ، وَفِي النَّسَائِيّ أَبُو أُسَامَة الرقي النَّخعِيّ زيد بن عَليّ بن دِينَار، صَدُوق، وَلَيْسَ فِي الْكتب السِّتَّة من اشْتهر بِهَذِهِ الكنية سواهُمَا، روى لَهُ الْجَمَاعَة.
الثَّالِث: بريد، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالدال الْمُهْملَة: ابْن عبد اللَّه بن أبي بردة ابْن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، والمكنى بِأبي بردة الْكُوفِي وَقد تقدم.
الرَّابِع: أَبُو بردة، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء: عَامر بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَقد تقدم.
الْخَامِس: أَبُو مُوسَى عبد اللَّه بن قيس الْأَشْعَرِيّ، وَقد تقدم.
بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا أَن فِيهِ التحديث والعنعنة.
وَمِنْهَا: أَن بريداً يروي عَن جده، وجده عَن أَبِيه، وَهَذِه لَطِيفَة.
قَالَ الْفُقَهَاء: لزم معِين الْبَلَد للْقَضَاء طلبه لحَاجَة إِلَى رزقة من بَيت المَال أَو لخمول ذكره وَعدم شهرة فضيلته، يَعْنِي: إِذا ولي الْقَضَاء انْتَشَر علمه.
فَإِن قلت: مَا حَال هَذَا التَّعْلِيق؟ قلت: قد علم أَن مَا يذكر البُخَارِيّ بِصِيغَة الْجَزْم يدل على صِحَّته عِنْده، وَمَا يذكرهُ بِصِيغَة التمريض يدل على ضعفه.
وَهَذَا بِصِيغَة الْجَزْم وَوَصله الْخَطِيب فِي ( الْجَامِع) وَالْبَيْهَقِيّ فِي ( الْمدْخل) من طَرِيق عبد الْعَزِيز الأويسي عَن مَالك عَن ربيعَة.