فهرس الكتاب

- باب البول في الماء الدائم

رقم الحديث 244 [244] حدّثنا أبُو النُّعْمانِ قَالَ حدّثنا حَمَّادْ بنْ زَيْدٍ عنْ غَيْلانَ بن جَرِيرٍ عنْ أبي بُرْدَةَ عنْ أبيهِ قَالَ أتَيْتُ النَّبيِّ لله فَوَجَدْتَهُ يَسْتَنُّ بِسِوَاكٍ بِيَدِهِ يَقُولُ اعْ أُعْ والسِّوَاكُ فِي فِيهِ كأَنَّهُ يَتَهَوَّعُ.
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
بَيَان رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: أَبُو النُّعْمَان، بِضَم النُّون.
مُحَمَّد بن الْفضل الْمَشْهُور بعارم، تقدم فِي آخر كتاب الْإِيمَان.
الثَّانِي: حَمَّاد بن زيد، تقدم فِي بَاب الْمعاصِي من أَمر الْجَاهِلِيَّة.
الثَّالِث: غيلَان، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة، وَسُكُون الْيَاء آخرالحروف.
ابْن جرير، بِفَتْح الْجِيم وبالراء الْمَكْسُورَة المكررة، المعولي، بِسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْوَاو، وَأما الْمِيم فَقَالَ الغسائي: بِفَتْحِهَا مَنْسُوبا إِلَى بطن من الأزد،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير بِكَسْرِهَا، مَاتَ سنة تسع وَعشْرين وَمِائَة.
الرَّابِع: أَبُو بردة، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة واسْمه عَامر.
الْخَامِس: أَبوهُ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ ابْن عبد الله بن قيس، وَقد تقدم ذكرهمَا فِي بَاب: أَي الْإِسْلَام أفضل.
بَيَان لطائف إِسْنَاده فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين والعنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي وكوفي، وَأَبُو بردة الْكُوفِي القَاضِي بكوفة، وَقيل: اسْمه الْحَارِث.
بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره.
أخرجه البُخَارِيّ هُنَا، وَقَوله: ( أعْ أُعْ) من أَفْرَاد البُخَارِيّ.
وَأخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن يحيى بن حبيب، وَأَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُسَدّد وَأبي الرّبيع وَالنَّسَائِيّ فِيهِ عَن أَحْمد بن عَبدة، خمستهم عَن حَمَّاد بن زيد.
بَيَان لغته وَإِعْرَابه وَتَفْسِير: الاستنان، قد مر قَوْله: ( أَعْ أُعْ) ، بِضَم الْهمزَة وبالعين الْمُهْملَة، كَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَذكر ابْن التِّين أَن غَيره رَوَاهُ بِفَتْح الْهمزَة، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة عَن أَحْمد بن عَبدة عَن حَمَّاد بِتَقْدِيم الْعين على الْهمزَة، وَكَذَا أخرجه الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق إِسْمَاعِيل القَاضِي عَن عَارِم شيخ البُخَارِيّ فِيهِ، وَعَن أبي دَاوُد ( أَهْ أُهْ) ، بِضَم الْهمزَة وَقيل: بِفَتْحِهَا وَالْهَاء سَاكِنة وَعند ابْن خُزَيْمَة ( عاعا) وَفِي ( صَحِيح الجوزقي) ( أَحْ أُحْ) بِكَسْر الْهمزَة وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة، وَفِي ( مُسْند أَحْمد) ( وَاضع طرف السِّوَاك على لِسَانه يستن إِلَى فَوق) فوصفه حَمَّاد ( كَانَ يرفع لِسَانه) ووضفه غيلَان ( كَانَ يستن طولا) وَكلهَا عبارَة عَن إبلاغ السِّوَاك إِلَى أقْصَى الْحلق، اع فِي الأَصْل حِكَايَة الصَّوْت، وَفِي بعض النّسخ: بالغين الْمُعْجَمَة، قَالَ الْكرْمَانِي: قَوْله: ( يتهواع) أَي: يتقيأ، وَهُوَ من بَاب التفعل الَّذِي للتكلف، يُقَال: هاع يهوع إِذا قاء من غير تكلّف، فَإِذا تكلّف يُقَال تهوع.
وَفِي ( الموعب) هاع الرجل يهوع هوعاً وهواعاً، جَاءَ القييء من غير تكلّف، وَأنْشد: ( مَا هاعَ عمروٌ حِين أَدخل حلقه ... يَا صَاح، ريش حمامة، بل قاءَ) وَالَّذِي يخرج من الْحلق يُسمى هواعةٍ، وهوعت مَا أَكلته إِذا استخرجته من حلقك.
وَعَن إِسْمَاعِيل: الهوعاء، مثل.
عشراء، من التهوع.
وَعَن قطرب: الهيعوعة من الهواع.

     وَقَالَ  ابْن سَيّده: الهيعوعة من بَنَات، الْوَاو، وَلَا يتَوَجَّه اللَّهُمَّ إلاَّ أَن يكون محذوفاً قَوْله: ( يستن) جملَة فِي مَحل النصب على أَنَّهَا مفعول ثَان، لوحدته، ووحد من أَفعَال الْقُلُوب، لِأَن مَعْنَاهُ قَائِم بِالْقَلْبِ، وَيَأْتِي: وجد بِمَعْنى أصَاب أَيْضا، فَإِن جعل وجدته من هَذَا الْمَعْنى تكون الْجُمْلَة مَنْصُوبَة على الْحَال من الضَّمِير الْمَنْصُوب الَّذِي فِي وجدته، قَوْله: ( بِيَدِهِ) الْيَاء فِيهِ تتَعَلَّق بِمَحْذُوف تَقْدِيره، بسواك كَائِن بِيَدِهِ، وَنَحْو ذَلِك.
قَوْله: ( يَقُول) جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل فِي مَحل النصب على الْحَال.
وَقَوله: ( أَعْ أُعْ) فِي مَحل النصب على مقول القَوْل.
وَقَوله: ( والسواك فِي فِيهِ) أَي: فِي فَمه، وَمحل هَذِه الْجُمْلَة النصب على الْحَال.
بَيَان استنباط الحكم وَهُوَ: أَنه يدل على أَن السِّوَاك سنة مؤكذة لمواظبته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ لَيْلًا نَهَارا أَو قَامَ الْإِجْمَاع كَونه مَنْدُوبًا حَتَّى قَالَ الْأَوْزَاعِيّ: هُوَ شطر الْوضُوء، وَقد جَاءَ أَحَادِيث كَثِيرَة تدل على مواظبته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ، وَلَكِن أَكْثَرهَا فِيهِ كَلَام، وَأقوى مَا يدل على الْمُوَاظبَة وأصحه محافظته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ حَتَّى عِنْد وَفَاته، كَمَا جَاءَ فِي البُخَارِيّ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
قَالَت: ( دخل عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر، رَضِي الله عَنْهُمَا، على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا مسندته إِلَى صَدْرِي، وَمَعَ عبد الرَّحْمَن سواك رطب يستن بِهِ فأمده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ببصره، فَأخذت السِّوَاك فقضمته وطيبته ثمَّ دَفعته إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فاستن) .
الحَدِيث وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِيهِ فَقَالَ بَعضهم: إِنَّه من سنة الْوضُوء.

     وَقَالَ  آخَرُونَ: إِنَّه من سنة الصَّلَاة،.

     وَقَالَ  آخَرُونَ إِنَّه من سنة الدّين، وَهُوَ الْأَقْوَى، نقل ذَلِك عَن أبي حنيفَة.
وَفِي ( الْهِدَايَة) أَن الصَّحِيح اسْتِحْبَابه، وَكَذَا هُوَ عِنْد الشَّافِعِي،.

     وَقَالَ  ابْن حزم: هُوَ سنة وَلَو أمكن لكل صَلَاة لَكَانَ أفضل، وَهُوَ يَوْم الْجُمُعَة فرض لَازم وَحكى أَبُو حَامِد الإسفرائيني وَالْمَاوَرْدِيّ عَن أهل الظَّاهِر وُجُوبه، وَعَن إِسْحَاق أَنه وَاجِب إِنَّه تَركه عمدا بطلت صلَاته، وَزعم النَّوَوِيّ أَن هَذَا لم يَصح عَن إِسْحَاق وكيفيته عندنَا أَن يستاك عرضا لَا طولا عِنْد مضمضة الْوضُوء وَأخرج أَبُو نعيم من حَدِيث عَائِشَة قَالَت: ( كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستاك عرضا لَا طولا) وَفِي ( الْمُغنِي) ويستاك على أَسْنَانه وَلسَانه، وَلَا تَقْدِير فِيهِ، يستاك إِلَى أَن يطمئن قلبه بِزَوَال النكهة واصفرار السن، وَيَأْخُذ السِّوَاك باليمنى، وَالْمُسْتَحب فِيهِ ثَلَاث مياه، وَيكون فِي غلط الْخِنْصر وَطول الشبر وَالْمُسْتَحب أَن شَاك بِعُود من أَرَاك وبيابس قد ندى بِالْمَاءِ وَيكون لينًا محرما وَفِي ( الْمُحِيط) العلك للْمَرْأَة يقوم مقَام السِّوَاك، وَإِذا لم يجد السِّوَاك يعالج بإصبعه فِي حَدِيث أنس، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يجزىء من السِّوَاك الْأَصَابِع، وَضَعفه وفضائلة كَثِيرَة، وَقد ذكرنَا فِي ( شرحنا لمعاني الْآثَار) للطحاوي مَا ورد فِيهِ عَن أَكثر من خمسين صحابياً.


رقم الحديث 245 [245] حدّثنا عُثْمَانُ بْنُ أبي شَيْبَةَ قَالَ جَرِيرٌ عنْ مَنْصُورِ عنْ أبي وَائِلٍ عنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قامِ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فاهُ بالِسِّوَاكِ.. هَذَا أَيْضا مُطَابق للتَّرْجَمَة.
بَيَان رِجَاله وهم خَمْسَة: عُثْمَان: بن أبي شيبَة أَخُو أبي بكر بن أبي شيبَة، وَجَرِير بن عبد الحميد، وَمَنْصُور بن الْمُعْتَمِر، وَأَبُو وَائِل شَقِيق الْحَضْرَمِيّ، تقدمُوا فِي بَاب: من جعل لأهل الْعلم أَيَّامًا، وَحُذَيْفَة بن الْيَمَان صَاحب سر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
بَيَان لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين: وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم كوفيون.
بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ هَاهُنَا عَن عُثْمَان، وَفِي الصَّلَاة عَن مُحَمَّد بن كثير، وَفِي صَلَاة اللَّيْل عَن حَفْص بن عمر.
وَأخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن أبي بكر بن أبي شيبَة، وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعَن ابْن نمير عَن أَبِيه وَأبي مُعَاوِيَة كِلَاهُمَا عَن الْأَعْمَش وَعَن أبي مُوسَى مُحَمَّد بن الْمثنى وَبُنْدَار كِلَاهُمَا عَن ابْن مهْدي عَن سُفْيَان.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُحَمَّد بن كثير بِهِ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن إِسْحَاق ابْن إِبْرَاهِيم وقتيبة، كِلَاهُمَا عَن جرير بِهِ وَفِي الصَّلَاة عَن عَمْرو بن عَليّ وَمُحَمّد بن الْمثنى، كِلَاهُمَا عَن ابْن مهْدي بِهِ، وَعَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، وَعَن مُحَمَّد بن سعيد وَعَن أَحْمد بن سُلَيْمَان وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الطَّهَارَة عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير بِهِ، وَعَن عَليّ بن مُحَمَّد عَن وَكِيع.
بَيَان لغته قَوْله: ( يشوص) بالشين الْمُعْجَمَة وَالصَّاد الْمُهْملَة: قَالَ ابْن سَيّده: شاص الشَّيْء مشوصاً غسله، وشاص فَاهبِالسِّوَاكِ شوصاً غسله وَقيل: امْرَهْ على أَسْنَانه من سفل إِلَى علو.
وَقيل: هُوَ أَن يطعن بِهِ فِيهَا وَقد شاصه شوصاً وشوصاناً وشاص الشَّيْء شوصاً دلكه وشاص الشَّيْء زعزعه وَفِي ( الْجَامِع) كل شَيْء غسلته فقدت شصته.
.

     وَقَالَ  أَبُو عبيد: شصته نقيته وَفِي ( الغريبين) كل شَيْء غسلته فقد شصته ومصته.
.

     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر هُوَ الحك.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: الشوص ذَلِك الْأَسْنَان عرضا وَقيل: الشوص غسل الشَّيْء فِي لين ورفق.
وَمِمَّا يستنبط من هَذَا مَا قَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد: فِيهِ: اسْتِحْبَاب السِّوَاك عِنْد الْقيام من النّوم، لِأَن النّوم مُقْتَض لتغير الْفَم لما يتصاعد إِلَيْهِ من أبخرة الْمعدة، والسواك آلَة تنظيفه فَيُسْتَحَب عِنْد مُقْتَضَاهُ،.

     وَقَالَ : ظَاهر قَوْله: ( من اللَّيْل) عَام فِي كل حَالَة، وَيحْتَمل أَن يخص بِمَا إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة انْتهى وَيدل على هَذَا الِاحْتِمَال رِوَايَة البُخَارِيّ فِي الصَّلَاة بِلَفْظ ( إِذا قَامَ للتهجد) وَلمُسلم نَحوه وَحَدِيث ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، يشْهد لَهُ.
74 - ( بابُ دَفْعُ السَّوَاكِ إِلَى الأكْبَرَ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان دفع السِّوَاك إِلَى الْأَكْبَر.
والمناسبة بِي الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة.