فهرس الكتاب

- باب مسح الرأس مرة

رقم الحديث 201 [201] حدّثنا أبُو نعَيْمٍ قالَ حدّثنا مِسْعَرٌ قالَ حدّثنى ابنُ جَبْرٍ قالَ سَمِعْتُ أنَساً يَقُولُ كَانَ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَغْسِلُ أوْ كانَ يغْتسِلُ بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أمْدَادٍ وَيَتَوَضَّأُ بالمُدِّ.
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
بَيَان رِجَاله وهم أَرْبَعَة الأول: أَبُو نعيم، بِضَم النُّون: هُوَ الْفضل بن دُكَيْن، تقدم فِي بَاب فضل من اسْتَبْرَأَ لدينِهِ فِي كتاب الْإِيمَان.
الثَّالِث: مسعر، بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْعين الْمُهْملَة: ابْن كدام، بِكَسْر الْكَاف وبالدال الْمُهْملَة.
.

     وَقَالَ  أَبُو نعيم: كَانَ مسعر شكاكاً فِي حَدِيثه.
.

     وَقَالَ  شُعْبَة: كُنَّا نسمي مسعرَ المصحفَ لصدقه.
.

     وَقَالَ  إِبْرَاهِيم بن سعد: كَانَ شُعْبَة وسُفْيَان إِذا اخْتلفَا فِي شَيْء.
قَالَ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى الْمِيزَان: مسعر.
مَاتَ سنة خمس وَخمسين وَمِائَة.
الثَّالِث: ابْن جبر، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة، وَالْمرَاد بِهِ: سبط جبر لِأَنَّهُ عبد الله بن عبد الله جبر بن عتِيك، تقدم فِي بَاب عَلامَة الايمان حب الْأَنْصَار، وَمن قَالَ بِالتَّصْغِيرِ فقد صحف، لِأَن ابْن جُبَير، وَهُوَ ابْن سعيد لَا رِوَايَة لَهُ عَن أنس فِي هَذَا الْكتاب، وَقد روى هَذَا الحَدِيث الاسماعيلي من طَرِيق ابي نعيم، شيخ البُخَارِيّ، قَالَ: حَدثنَا مسعر، قَالَ: حَدثنِي شيخ من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ: ابْن جبر، وَيُقَال لَهُ: جَابر ابْن عتِيك.
الرَّابِع: أنس بن مَالك، رَضِي الله عَنهُ.
بَيَان لطائف اسناده مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع وَالسَّمَاع.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ كوفيان: أَبُو نعيم ومسعر، وبصريان: ابْن جبر وَأنس.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ من ينْسب إِلَى جده.
بَيَان اللُّغَات وَالْمعْنَى قَوْله: ( أنسا) بِالتَّنْوِينِ، لِأَنَّهُ منصرف وقعع مَفْعُولا.
قَالَ الْكرْمَانِي فِي بَعْضهَا: أنس، بِدُونِ الْألف، وَجوز حذف الْألف مِنْهُ فِي الْكِتَابَة للتَّخْفِيف.
قلت: لَا بُد من التَّنْوِين وَإِن كَانَت الْألف لَا تكْتب.
قَوْله: ( يغسل) أَي: يغسل جسده.
قَوْله: ( أَو يغْتَسل) شكّ من الرَّاوِي.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الشَّك من ابْن جبر أَنه ذكر لفظ النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَو لم يذكر، وَفِي أَنه قَالَ: يغسل أَو يغْتَسل، من بَاب الافتعال، وَالْفرق بَين الْغسْل والاغتسال مثل الْفرق بَين الْكسْب والاكتساب.
.

     وَقَالَ  غَيره: وَالشَّكّ فِيهِ من البُخَارِيّ، اَوْ من أبي نعيم لما حَدثهُ بِهِ، فقد رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ م طَرِيق ابي نعيم وَلم يشك، فَقَالَ: يغْتَسل.
قلت: الظَّاهِر أَن هَذَا من النَّاسِخ لِأَن الْإِسْمَاعِيلِيّ لم يروه بِالشَّكِّ، فنسبته إِلَى البُخَارِيّ، أَو إِلَى شَيْخه أَو إِلَى ابْن جبر تَرْجِيح بِلَا مُرَجّح، فَلم لَا ينْسب إِلَى مسعر.
قَوْله: ( بالصاع) قَالَ الْجَوْهَرِي: الصَّاع هُوَ الَّذِي يُكَال بِهِ، وَهُوَ: أَرْبَعَة أَمْدَادوَعند ابْن مَاجَه، بِسَنَد ضَعِيف عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل عَن أَبِيه عَن جده، قَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( يجزىء من الْوضُوء مد، وَمن الْغسْل صَاع) .
وَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي ( الْأَوْسَط) من حَدِيث ابْن عَبَّاس، وَعند أبي نعيم فِي ( معرفَة الصَّحَابَة) من حَدِيث أم سعد بنت زيد بن ثَابت ترفعه: ( الْوضُوء مد وَالْغسْل صَاع) .
.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي وَأحمد: لَيْسَ معنى الحَدِيث على التَّوْقِيت أَنه لَا يجوز أَكثر من وَلَا أقل، بل هُوَ قدر مَا يَكْفِي.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: قَالَ الشَّافِعِي وَغَيره من الْعلمَاء الْجمع بَين هَذِه الرِّوَايَات: إِنَّهَا كَانَت اغتسالات فِي أَحْوَال وجدفيها أَكثر مَا اسْتَعْملهُ وَأقله، فَدلَّ على أَنه لَا حدَّ فِي قدر مَاء الطَّهَارَة يجب اسْتِيفَاؤهُ.
قلت: الْإِجْمَاع قَائِم على ذَلِك، فالقلة وَالْكَثْرَة بِاعْتِبَار الْأَشْخَاص وَالْأَحْوَال.
فَافْهَم.
وَالْفرق، بِفَتْح الْفَاء وَالرَّاء،.

     وَقَالَ  ابو زيد: بِفَتْح الرَّاء وسكونها،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: الْفَتْح أفْصح، وَزعم الْبَاجِيّ أَنه الصَّوَاب، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، بل هما لُغَتَانِ.
.

     وَقَالَ  ابْن الاثير: الْفرق، بِالتَّحْرِيكِ: يسع سِتَّة عشر رطلا، وَهُوَ ثَلَاثَة أصوع.
وَقيل: الْفرق خَمْسَة أقساط، وكل قسط نصف صَاع.
وَأما الْفرق، بِالسُّكُونِ، فمائة وَعِشْرُونَ رطلا،.

     وَقَالَ  أَبُو دَاوُد: سَمِعت أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول: الْفرق سِتَّة عشر رطلا، والمكوك إِنَاء يسع الْمَدّ، مَعْرُوف عِنْدهم.
.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: المكوك: الْمَدّ، وَقيل: الصَّاع، وَالْأول أشبه، لِأَنَّهُ جَاءَ فِي الحَدِيث مُفَسرًا بِالْمدِّ.
.

     وَقَالَ  أَيْضا: المكوك اسْم للمكيال، وَيخْتَلف مِقْدَاره باخْتلَاف اصْطِلَاح النَّاس عَلَيْهِ فِي الْبِلَاد، وَيجمع على مكاكي بإبدال الْيَاء بِالْكَاف الاخيرة، ويجىء أَيْضا على مكاكيك.
الحكم الثَّانِي: أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يتَوَضَّأ بِالْمدِّ، وَهُوَ رطلان عِنْد أبي حنيفَة.
وَعند الشَّافِعِي: رَطْل وَثلث بالعراقي، وَقد ذَكرْنَاهُ، وَأما الصَّاع: فَعِنْدَ أبي يُوسُف خَمْسَة أَرْطَال وَثلث رَطْل عراقية، وَبِه قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد.
.

     وَقَالَ  ابو حنيفَة وَمُحَمّد: الصَّاع ثَمَانِيَة أَرْطَال، وَحجَّة أبي يُوسُف مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ عَنهُ، قَالَ: قدمت الْمَدِينَة، وَأخرج إِلَى من أَثِق بِهِ صَاعا،.

     وَقَالَ : هَذَا صَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَوَجَدته خَمْسَة أَرْطَال وَثلث،.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ: وَسمعت ابْن عمرَان يَقُول: الَّذِي أخرجه لأبي يُوسُف هُوَ مَالك.
.

     وَقَالَ  عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ: سَمِعت عَليّ بن الْمَدِينِيّ يَقُول: عبرت صَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوَجَدته خَمْسَة أَرْطَال وَثلث رَطْل، وَاحْتج أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد بِحَدِيث جَابر وَأنس، رَضِي الله عَنْهُمَا، وَقد ذَكرْنَاهُ فِي أول الْبَاب.
48 - ( بابُ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْن) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْمسْح على الْخُفَّيْنِ.
والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة، لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي حكمٍ من أَحْكَام الْوضُوء.