فهرس الكتاب

- باب من برك على ركبتيه عند الإمام أو المحدث

رقم الحديث 98 [98] حدّثنا سُلَيمانُ بنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ أيُّوبَ قَالَ: سَمِعْتُ عَطاءً قَالَ: سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاسٍ قَالَ: أشْهَدُ علَى النَّبيِّ أَو قَالَ عَطاءٌ: اشْهَدُ علَى ابنِ عَبَّاس، أنّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَرَجَ ومَعَهُ بِلالٌ، فَظَنَّ أنَّهُ لَمْ يُسْمِعِ النِّسَاءَ، فَوَعَظَهُنَّ وأمَرَهُنَّ بالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَت المَرْأةُ تُلْقِي القُرْطَ والخَاتَمَ وبِلالٌ يأْخُذُ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ.. وَجه مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فوعظهن) ، لِأَن الْوَعْظ يسْتَلْزم العظة، وَكَانَت الموعظة بقوله: ( إِنِّي رأيتكن أَكثر أهل النَّار لأنكن تكثرن اللَّعْن وتكفرن العشير) .
فَإِن قلت: أَيْن مطابقته لقَوْله: ( وتعليمهن) ؟ قلت: فِي قَوْله: ( وأمرهن بِالصَّدَقَةِ) .
وَلَا شكّ أَن فِي الْأَمر بِالصَّدَقَةِ التَّعْلِيم بهَا أَنَّهَا تكفر الْخَطَايَا وتدفع البلايا.
بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة.
الأول: سُلَيْمَان بن حَرْب الْأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ، وَقد تقدم.
الثَّانِي: شُعْبَة بن الْحجَّاج، وَقد تقدم.
الثَّالِث: أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، وَقد تقدم.
الرَّابِع: عَطاء ابْن أبي رَبَاح، وَاسم أبي رَبَاح: مُسلم الْمَكِّيّ الْقرشِي، مولى ابْن خَيْثَم الفِهري، وَابْن خَيْثَم عَامل عمر بن الْخطاب على مَكَّة،وَقَالَ إسْماعِيلُ: عنْ أيُّوبَ عنْ عَطَاءُ،.

     وَقَالَ  عنِ ابْن عَباسٍ: أشْهَدُ علَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
إِسْمَاعِيل هُوَ ابْن علية، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَعَطَاء هُوَ ابْن أبي رَبَاح، أَرَادَ بِهَذَا التَّعْلِيق أَن إِسْمَاعِيل روى عَن أَيُّوب عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس: أشهد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِالْجَزْمِ، لِأَن لَفْظَة: أشهد، من كَلَام ابْن عَبَّاس فَقَط.
وَكَذَا جزم بِهِ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي ( مُسْنده) ، وَكَذَا قَالَ وهيب عَن أَيُّوب: ذكره الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّه تَعْلِيق، لِأَن البُخَارِيّ لم يدْرك إِسْمَاعِيل بن علية، وَهُوَ مَاتَ فِي عَام ولادَة البُخَارِيّ سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَيحْتَمل أَن يكون معنى قَوْله: ( وَقَالَ إِسْمَاعِيل) عطفا على: ( قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة) ، فَيكون المُرَاد مِنْهُ حَدثنَا سُلَيْمَان قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، فَيخرج عَن التَّعْلِيق.
قلت: هَذَا لَا يَصح، لِأَن سُلَيْمَان بن حَرْب لَا رِوَايَة لَهُ عَن إِسْمَاعِيل أصلا، لَا لهَذَا الحَدِيث وَلَا لغيره، وَقد أخرجه البُخَارِيّ فِي كتاب الزَّكَاة مَوْصُولا عَن مُؤَمل بن هِشَام عَن إِسْمَاعِيل، كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
33 - ( بابُ الحِرْصِ علَى الحدِيثِ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْحِرْص على تَحْصِيل الحَدِيث، والْحَدِيث فِي اللُّغَة: الْجَدِيد، من حدث أَمر أَي: وَقع، وَهُوَ من بَاب: نصر ينصر.
وَيُقَال: أَخَذَنِي مَا قدُم وَمَا حدُث، لَا يضم: حدث، فِي شَيْء من الْكَلَام إلاَّ فِي هَذَا الْموضع، وَذَلِكَ لمَكَان: قدم، على الإزدواج.
والْحَدِيث: الْخَبَر يَأْتِي على الْقَلِيل وَالْكثير، وَيجمع على: أَحَادِيث، على غير قِيَاس.
قَالَ الْفراء: ترى أَن وَاحِد الْأَحَادِيث أحدوثة، ثمَّ جَعَلُوهُ جمعا للْحَدِيث، وَسمي حَدِيثا لِأَنَّهُ يحدث مِنْهُ الشَّيْء بعد الشَّيْء، والأحدوثة مَا يتحدث بِهِ.
وَقَوله تَعَالَى: { وجعلناهم أَحَادِيث} ( الْمُؤْمِنُونَ: 44) أَي: عبرا يتحدث بهلاكهم، وَالْحَدَث، والحدثى مثل: بشرى والحادثة والحدثان كُله بِمَعْنى، والحدثان أَيْضا: النَّاس.
وَالْجمع: الْحدثَان بِالْكَسْرِ، والتركيب يدل على كَون شَيْء لم يكن، والْحَدِيث فِي عرف الْعَامَّة: الْكَلَام، وَفِي عرف الشَّرْع: مَا يتحدث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَأَنَّهُ لوحظ فِيهِ مُقَابلَته لِلْقُرْآنِ لِأَنَّهُ قديم وَهَذَا حَدِيث، والْحَدِيث ضد الْقَدِيم، وَيسْتَعْمل فِي قَلِيل الْكَلَام وَكَثِيره، لِأَنَّهُ يحدث شَيْئا فَشَيْئًا كَمَا ذكرنَا.
فَإِن قلت: مَا وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ؟ قلت: من حَيْثُ إِن من الْمَذْكُور فِي الْبَاب الأول هُوَ التَّعْلِيم الْخَاص، وَكَذَلِكَ الْمَذْكُور فِي هَذَا الْبَاب هُوَ التَّعْلِيم الْخَاص، لِأَن النَّبِي، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، أجَاب أَبَا هُرَيْرَة فِيمَا سَأَلَهُ بِالْخِطَابِ إِلَيْهِ خَاصَّة، وَالْجَوَاب عَن سُؤال من لَا يعلم جَوَابه تَعْلِيم من الْمُجيب، فَافْهَم.