فهرس الكتاب

- باب رفع العلم وظهور الجهل

رقم الحديث 84 [84] حدّثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ قَالَ: حدّثنا وُهَيْبٌ قَالَ: حدّثنا أيُّوبُ عنْ عِكْرِمَةَ عَن ابْنعَبَّاسٍ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ فِي حَجَّتِهِ فَقَالَ: ذَبَحْتُ قَبْلَ أنْ أرْمِيَ، فَأْوَمَأ بِيدِهِ قَالَ: ( وَلَا حَرَجَ) .
قَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أنْ أذْبَحَ، فَأوْمأ بِيَدِهِ ولاَ حَرَجَ.. مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ الْإِشَارَة بِالْيَدِ فِي جَوَاب الْفتيا، وَهُوَ قَوْله: ( فاومأ بِيَدِهِ) فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة.
الأول: مُوسَى بن إِسْمَاعِيل أَبُو سَلمَة، بِفَتْح اللَّام: التَّبُوذَكِي الْحَافِظ الْبَصْرِيّ.
وَقد مر ذكره.
الثَّانِي: وهيب، بِضَم الْوَاو وَفتح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة: ابْن خَالِد الْبَاهِلِيّ الْبَصْرِيّ.
الثَّالِث: أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ الْبَصْرِيّ.
الرَّابِع: عِكْرِمَة، مولى ابْن الْعَبَّاس.
الْخَامِس: عبد اللَّه بن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا.
بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والعنعنة.
وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كلهم بصريون.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ.
بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْحَج عَن عَليّ بن مُحَمَّد الطنافسي عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أَيُّوب بِهِ نَحوه.
وَأخرجه أَيْضا فِي الْحَج عَن مُوسَى ابْن إِسْمَاعِيل عَن وهيب عَن عبد اللَّه بن طَاوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس.
وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن مُحَمَّد بن حَاتِم عَن بهز بن أَسد عَن وهيب عَنهُ بِهِ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ أَيْضا عَن عَمْرو بن مَنْصُور عَن الْمُعَلَّى بن أَسد عَن وهيب بِهِ.
بَيَان اللُّغَات وَالْإِعْرَاب: قَوْله ( فَأَوْمأ) أَي: أَشَارَ، وثلاثيه: ومأت إِلَيْهِ أميء ومأً، وأَومأت إِلَيْهِ وأومأته أَيْضا، وومأت تومئة: اشرت.
قَوْله: ( سُئِلَ) ، بِضَم السِّين.
قَوْله: ( فَقَالَ) أَي السَّائِل: ذبحت قبل أَن أرمي، أَي: فَمَا حكمك فِيهِ هَل يَصح؟ وَهل عَليّ فِيهِ حرج؟ قَوْله: ( فَأَوْمأ) أَي: رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بِيَدِهِ.
قَوْله: ( قَالَ: وَلَا حرج) : أَي: قَالَ النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: وَلَا حرج عَلَيْك.
فَإِن قلت: مَا مَحل: قَالَ، من الْإِعْرَاب؟ قلت: مَحَله النصب على الْحَال.
أَي: فَأَوْمأ بِيَدِهِ حَال كَونه قد قَالَ: وَلَا حرج عَلَيْك، وَالْأَحْسَن أَن يكون بَيَانا لقَوْله: ( فَأَوْمأ) ، وَلِهَذَا ذكر بِدُونِ الْوَاو العاطفة حَيْثُ لم يقل: فَأَوْمأ بِيَدِهِ،.

     وَقَالَ : وَأما الْوَاو فِي: ( وَلَا حرج) .
فَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وَغَيره، وَلَيْسَت بموجودة فِي رِوَايَة ابْن ذَر.
وَأما فِي ( وَلَا حرج) الثَّانِي فَهِيَ مَوْجُودَة عِنْد الْكل.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: لم ترك الْوَاو أَولا فِي: ( وَلَا حرج) : وَذكر ثَانِيًا فِيهِ؟ قلت: لِأَن الأول كَانَ فِي ابْتِدَاء الحكم، وَالثَّانِي عطف على الْمَذْكُور أَولا.
قلت: هَذَا إِنَّمَا يتمشى على رِوَايَة أبي ذَر على مَا لَا يخفى.
قَوْله: ( وَقَالَ: حلقت) أَي: قَالَ سَائل آخر، أَو ذَلِك السَّائِل بِعَيْنِه.
قَوْله: ( قبل أَن اذْبَحْ) أَن، فِيهِ مَصْدَرِيَّة أَي: قبل الذّبْح.
قَوْله: ( فَأَوْمأ) أَي: رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بِيَدِهِ وَلَا حرج.
وَلم يذكر هَهُنَا: قَالَ: وَلَا حرج.
وَإِنَّمَا قَالَ: فَأَوْمأ بِيَدِهِ وَلَا حرج.
وَلم يحْتَج إِلَى ذكر: قَالَ، هَهُنَا لِأَنَّهُ أَشَارَ بِيَدِهِ بِحَيْثُ فهم من تِلْكَ الْإِشَارَة أَنه لَا حرج، سِيمَا وَقد سُئِلَ عَن الْحَرج، أَو يقدر لَفْظَة قَالَ.
وَالتَّقْدِير: فَأَوْمأ بِيَدِهِ، قَالَ: وَلَا حرج، أَو قَائِلا: وَلَا حرج.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَفِي بعض النّسخ: ( فَأَوْمأ بِيَدِهِ أَن لَا حرج) ، ثمَّ قَالَ: ان، إِمَّا صلَة لقَوْله: ( أَوْمَأ) .
وَإِمَّا تفسيرية، إِذْ فِي الْإِيمَاء معنى القَوْل.


رقم الحديث 85 [85] حدّثنا المَكِّيُّ بنُ إبْراهِيمَ قَالَ: أخبرنَا خَنْظَلةُ بنُ أبي سُفْيانَ عنْ سالِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَن النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( يُقْبَضُ العِلْمُ وَيَظْهَرُ الجَهْلُ والفِتَنُ وَيَكْثُرُ الهَرْجُ) قِيلَ: يَا رَسُول الله! ومَا الهَرْجُ؟ فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ فَحَرَّفَها كأنَّهُ يُرِيدُ القَتْلَ.. مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ الْإِشَارَة بِالْيَدِ كَمَا فِي الحَدِيث السَّابِق.
بَيَان رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: الْمَكِّيّ بن إِبْرَاهِيم بن بشر، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الشين الْمُعْجَمَة وبالراء، ابْن فرقد أَبُو السكن الْبَلْخِي أَخُو إِسْمَاعِيل وَيَعْقُوب، سمع حَنْظَلَة وَغَيره من التَّابِعين، وَهُوَ أكبر شُيُوخ البُخَارِيّ من الخراسانيين لِأَنَّهُ روى عَن التَّابِعين، وروى عَنهُ أَحْمد وَيحيى بن معِين، وروى عَنهُ البُخَارِيّ فِي الصَّلَاة والبيوع وَغير مَوضِع، وَأخرج فِي الْبيُوع عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَنهُ عَن عبد اللَّه بن سعيد، وروى مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن رجل عَنهُ،.

     وَقَالَ  أَحْمد: ثِقَة.
.

     وَقَالَ  ابْن سعد: ثِقَة ثَبت،.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: مَحَله الصدْق.
.

     وَقَالَ  النَّسَائِيّ: لَا بَأْس بِهِ.
ولد سنة سِتّ وَعشْرين وَمِائَة، وَتُوفِّي سنة أَربع عشرَة وَمِائَتَيْنِ

رقم الحديث 86 [86] حدّثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ قَالَ: حدّثنا وُهَيْبٌ قَالَ: حدّثنا هِشامٌ عنْ فاطِمَةَ عنْ أسْماءَ قالَتْ: أَتيْتُ عائِشَةَ وَهْيَ تُصَلِّي فَقُلْتُ: مَا شأْنُ النَّاسِ؟ فَأشارَتْ إلَى السَّماءِ فَإذَا النَّاسُ قِيامٌ، فقالَتْ: سُبْحانَ الله! قُلْتُ: آيَةٌ؟ فَأشارَتْ بِرَأْسِها أيْ: نَعَمْ، فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلاَّنِي الغَشْيُ فَجَعَلْتُ أصُبُّ عَلَى رَأسِي الماءَ، فَحَمِدَ الله عزَّ وَجَلَّ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأثْنَى عَلِيْهِ ثُمَّ قَالَ: ( مَا مِنْ شَيْءِ لَمْ أكُنْ أرِيتُه إلاَّ رَأيْتُهُ فِي مَقامِي حَتَّى الجَنَّةُ وَالنَّارُ فأُوحِيَ إلَيَّ أنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ مِثْلَ أوْ قَرِيبَ، لَا أدْرِي أيَّ ذَلِكَ قالَتْ أسْماءُ.
مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، يُقالُ: مَا عِلْمُكَ بِهذَا الرَّجُلِ؟ فَأمَّا المُؤْمنُ)
أَو المُوقِنُ، لَا أدْرِي بِأيّهِما قالتْ أسْماءُ فَيَقولُ: ( هُوَ مُحمَّدٌ رسولُ الله جاءَنا بالبَيِّناتِ والهُدَى فَأجَبْنَا واتَّبَعْنا، هُوَ مُحمَّدٌ ثَلاثاً، فَيُقالُ: نَمْ صالِحاً قَد عَلِمْنا إنْ كُنْتَ لُموقِناً بِهِ، وأمَّا المُنَافِقُ) أَو المُرْتابُ، لَا أدْرِي أيَّ ذَلِكَ قالتْ أسْماءُ ( فَيَقولُ: لَا أدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئاً فَقُلْتُهُ) .. مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ الْإِشَارَة بِالرَّأْسِ، لكنه من فعل عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا،.

     وَقَالَ  بَعضهم: فَيكون مَوْقُوفا، لَكِن لَهُ حكم الْمَرْفُوع لِأَنَّهَا كَانَت تصلي خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ فِي الصَّلَاة يرى من خَلفه.
قلت: لَا يحْتَاج إِلَى هَذَا التَّكَلُّف، بل وجود شَيْء فِي حَدِيث الْبَاب مِمَّا هُوَ مُطَابق للتَّرْجَمَة كافٍ.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: هَذَا الحَدِيث لَا يدل إلاَّ على بعض التَّرْجَمَة، وَهُوَ الْإِشَارَة بِالرَّأْسِ، كَمَا أَن الْأَوَّلين لَا يدلان أَيْضا إلاَّ على الْبَعْض الآخر، وَهُوَ الْإِشَارَة بِالْيَدِ.
قلت: لَا يلْزم أَن يدل كل حَدِيث فِي الْبَاب على تَمام التَّرْجَمَة، بل إِذا دلّ الْبَعْض على الْبَعْض بِحَيْثُ دلّ الْمَجْمُوع على الْمَجْمُوع صحت التَّرْجَمَة، وَمثله مر فِي كتاب بَدْء الْوَحْي.
بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُوسَى بن إِسْمَاعِيل.
الثَّانِي: وهيب بن خَالِد، وَقد ذكرا الْآن.
الثَّالِث: هِشَام بن عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام، رَضِي الله عَنْهُم، وَقد تقدم.
الرَّابِع: فَاطِمَة بنت الْمُنْذر بن الزبير بن الْعَوام، وَهِي زَوْجَة هِشَام بن عُرْوَة، وَبنت عَمه.
رَوَت عَن جدَّتهَا أَسمَاء، روى عَنْهَا زَوجهَا هِشَام وَمُحَمّد بن إِسْحَاق.
.

     وَقَالَ  أَحْمد بن عبد اللَّه: تابعية ثِقَة، روى لَهَا الْجَمَاعَة.
الْخَامِس: أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق، زَوْجَة الزبير، رَضِي الله عَنْهُم، وَكَانَ عبد اللَّه بن أبي بكر شقيقها، وَعَائِشَة وَعبد الرَّحْمَن أَخَوَاهَا لأَبِيهَا، وَهِي ذَات النطاقين، ولدت قبل الْهِجْرَة بِسبع وَعشْرين سنة، وَأسْلمت بعد سَبْعَة عشر إنْسَانا، رُوِيَ لَهَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِتَّة وَخَمْسُونَ حَدِيثا، انْفَرد البُخَارِيّ بأَرْبعَة، وَمُسلم بِمِثْلِهَا، واتفقا على أَرْبَعَة عشر، توفيت بِمَكَّة فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَسبعين بعد قتل ابْنهَا عبد اللَّه بن الزبير، وَقد بلغت الْمِائَة وَلم يسْقط لَهَا سنّ وَلم يتَغَيَّر عقلهَا، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والعنعنة، وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة تابعية عَن صحابية مَعَ ذكر صحابية أُخْرَى.
وَمِنْهَا: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي ومدني.
بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الطَّهَارَة عَن إِسْمَاعِيل، وَفِي الْكُسُوف عَن عبد اللَّه بن يُوسُف، وَفِي الِاعْتِصَام عَن القعْنبِي، ثَلَاثَتهمْ عَن مَالك، وَفِي كتاب الْجُمُعَة فِي: بَاب من قَالَ فِي الْخطْبَة: أما بعد،.

     وَقَالَ  فِيهِ مَحْمُود: حَدثنَا أَبُو أُسَامَة، وَفِي كتاب الخسوف:.

     وَقَالَ  أَبُو أُسَامَة، وَفِي كتاب السَّهْو فِي: بَاب الْإِشَارَة فِي الصَّلَاة، عَن يحيى بن سُلَيْمَان عَن ابْن وهب عَن الثَّوْريّ مُخْتَصرا، وَفِي الخسوف مُخْتَصرا عَن الرّبيع بن يحيى عَن زَائِدَة وَعَن مُوسَى بن مَسْعُود عَن زَائِدَة مُخْتَصرا، وَتَابعه عَليّ عَن الدَّرَاورْدِي وَعَن مُحَمَّد الْمقدمِي عَن تَمام فِي الْعتَاقَة.
وَأخرجه مُسلم فِي الخسوف عَن أبي كريب عَن ابْن غير، وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَأبي كريب عَن أبي أُسَامَة كلهم عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن امْرَأَته فَاطِمَة.
بَيَان اللُّغَات: قَوْله: ( حَتَّى علاني) ، بِالْعينِ الْمُهْملَة، من: عَلَوْت الرجل غلبته، تَقول: علاهُ يعلوه علوا، وَعلا فِي الْمَكَان يَعْلُو علوا25 - ( بَاب تحْرِيضِ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى أنْ يَحْفَظُوا الإِيمانَ والعِلْمَ وَيُخْبِرُوا مَنْ وَرَاءَهُمْ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان تحريض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
والتحريض، بالضاد الْمُعْجَمَة، على الشَّيْء: الْحَث عَلَيْهِ.
قَالَ الْكرْمَانِي: والتحريص، بِالْمُهْمَلَةِ بِمَعْنَاهُ أَيْضا.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: من قَالَهَا بِالْمُهْمَلَةِ فقد صحف.
قلت: إِذا كَانَ كِلَاهُمَا يسْتَعْمل فِي معنى وَاحِد لَا يكون تصحيفاً، فَإِن أنكر هَذَا الْقَائِل اسْتِعْمَال الْمُهْملَة بِمَعْنى الْمُعْجَمَة فَعَلَيهِ الْبَيَان.
والوفد: هم الَّذين يقدمُونَ أَمَام النَّاس، جمع: وَافد، وَعبد الْقَيْس قَبيلَة.
وَقد مر تَفْسِير أَكثر مَا فِي هَذَا الْبَاب فِي: بَاب أَدَاء الْخمس من الْإِيمَان.
وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي الْبَاب الأول هُوَ السُّؤَال وَالْجَوَاب، وهما غَالِبا لَا يخلوان عَن التحريض لِأَنَّهُمَا تَعْلِيم وَتعلم، وَمن شَأْنهمَا التحريض.
وَقَالَ مالِكُ بنُ الحُوَيْرِثِ: قَالَ لنا النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( ارْجِعُوا إِلَى أهْلِيكُمْ فَعَلِّمُوهُمْ) .
الْكَلَام فِيهِ على أَنْوَاع.
الأول: أَن هَذَا التَّعْلِيق طرف من حَدِيث مَشْهُور أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّلَاة وَالْأَدب وَخبر الْوَاحِد كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا.
الثَّانِي: أَن مَالك بن الْحُوَيْرِث، مصغر الْحَارِث، بِالْمُثَلثَةِ: ابْن حشيش، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وبالشين الْمُعْجَمَة المكررة، وَقيل: بِضَم الْحَاء، وَقيل: بِالْجِيم: ابْن عَوْف بن جندع اللَّيْثِيّ، يكنى أَبَا سُلَيْمَان، قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سِتَّة من قومه فَأسلم وَأقَام عِنْده أَيَّامًا، ثمَّ أذن لَهُ فِي الرُّجُوع إِلَى أَهله، رُوِيَ لَهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَمْسَة عشر حَدِيثا، اتفقَا على حديثين، وَانْفَرَدَ البُخَارِيّ بِحَدِيث.
وَهَذَا أحد الْحَدِيثين الْمُتَّفق عَلَيْهِ، وَالْآخر فِي: الرّفْع وَالتَّكْبِير.
نزل الْبَصْرَة وَتُوفِّي بهَا سنة أَربع وَتِسْعين، روى لَهُ الْجَمَاعَة.
الثَّالِث: قَوْله: ( إِلَى أهليكم) جمع الْأَهْل، وَهُوَ يجمع مكسراً نَحْو: الأهال والأهالي، ومصححا بِالْوَاو وَالنُّون.
نَحْو: الأهلون، وبالألف وَالتَّاء نَحْو: الأهلات.
الرَّابِع: فعلموهم، وَفِي بعض النّسخ: فعظوهم.