فهرس الكتاب

- باب أبوال الإبل، والدواب، والغنم ومرابضها

رقم الحديث 242 [242] حدّثنا عليُّ بنُ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حدّثنا سُفْيَانُ قَالَ حدّثنا الزُّهْرِي عَنْ أبي سلمَةَ عنْ عائِشَةَ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَ كعملُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة بِالْجَرِّ الثقيل، وَكَانَ مَوْضِعه كتاب الْأَشْرِبَة، وَجه ذَلِك أَن الشَّرَاب إِذا كَانَ مُسكرا يكون شربه حَرَامًا، فَكَذَلِك لَا يجوز التَّوَضُّؤ بِهِ.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: لِخُرُوجِهِ عَن اسْم المَاء فِي اللُّغَة والشريعة، وَكَذَلِكَ النَّبِيذ غير الْمُسكر أَيْضا، هُوَ فِي معنى السكر من جِهَة أَنه لَا يَقع عَلَيْهِ إسم المَاء وَلَو جَازَ أَن يشمى النَّبِيذ مَاء، لِأَن فِيهِ مَاء، جَازَ أَن يُسمى الْخلّ مَاء، لِأَن فِيهِ مَاء انْتهى.
قلت: كَون النَّبِيذ الْغَيْر مُسكر فِي معنى الْمُسكر غير صَحِيح، لِأَن النَّبِيذ الَّذِي لَا يسكر إِذا كَانَ رَقِيقا وَقد ألقيت فِيهِ تُمَيْرَات لتخرج حلاوتها إِلَى المَاء لَيْسَ فِي معنى الْمُسكر أصلا وَلَا يلْزم أَن يكون النَّبِيذ الَّذِي كَانَ مَعَ ابْن مَسْعُود فِي معنى النَّبِيذ الْمُسكر، وَلم يقل بِهِ أحد، وَلَا يلْزم من عدم جَوَاز تَسْمِيَة الْخلّ مَاء عدم جَوَاز تَسْمِيَة النَّبِيذ الَّذِي ذكره ابْن مَسْعُود مَاء أَلا ترى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَيفَ قَالَ: ( تَمْرَة طيبَة وَمَاء طهُور) ، حِين سَأَلَ ابْن مَسْعُود: مَا فِي إدواتك؟ قَالَ: نَبِيذ، وَقد أطلق عَلَيْهِ المَاء وَوَصفه بالطهورية، فَكيف ذهل الْكرْمَانِي عَن هَذَا حَتَّى قَالَ مَا قَالَه ترويجاً لما ذهب إِلَيْهِ، وَالْحق أَحَق أَن يتبع.
الْإِدَاوَة، بِكَسْر الْهمزَة، إِنَاء صَغِير يتَّخذ من جلد للْمَاء كَمَا كَمَا السطيحة وَنَحْوهَا، وَجَمعهَا: أداوي.
ثمَّ قَالَ الْكرْمَانِي:.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَة إِمَام اللُّغَة، النَّبِيذ لَا يكون طَاهِرا، لِأَن الله تَعَالَى شَرط الطّهُور بِالْمَاءِ والصعيد وَلم يَجْعَل لَهما ثَالِثا والنبيذ لَيْسَ مِنْهُمَا.
قلت: الْكَلَام مَعَ أبي عُبَيْدَة لِأَنَّهُ إِن أَرَادَ بِهِ مُطلق النَّبِيذ فَغير مُسلم لِأَن فِيهِ مصادمة الحَدِيث النَّبَوِيّ، وَإِن أَرَادَ بِهِ النَّبِيذ الْخَاص وَهُوَ الغليظ الْمُسكر فَنحْن أَيْضا نقُول بِمَا قَالَه.
بَيَان رِجَاله وهم خَمْسَة الأول: عَليّ بن عبد الله الْمدنِي، وَقد تقدم غير مرّة.
الثَّانِي: سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَقد تقدم غير مرّة.
الثَّالِث: مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.
الرَّابِع: أَبُو سَلمَة.
بِفَتْح اللَّام، عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَقد تقدم فِي كتاب الْوَحْي.
الْخَامِس: عَائِشَة الصديفة أم الْمُؤمنِينَ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
بَيَان لطائف إِسْنَاده وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين مديني ومكي.
وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ.
بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ هَاهُنَا عَن عَليّ عَن سُفْيَان، وَفِي الْأَشْرِبَة عَن عبد الله ابْن يُوسُف عَن مَالك، وَعَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب، ثَلَاثَتهمْ عَن الزُّهْرِيّ بِهِ وَأخرجه مُسلم فِي الْأَشْرِبَة عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك بِهِ، وَعَن يحيى بن يحيى وَأبي بكر بن أبي شيبَة وَعمر والناقد وَزُهَيْر بن حَرْب وَسَعِيد بن مَنْصُور، خمستهم عَن سُفْيَان بِهِ، وَعَن حَرْمَلَة بن يحيى عَن أبي وهب عَن يُونُس وَعَن حسن الْحلْوانِي وَعبد بن حميد، كِلَاهُمَا عَن يَعْقُوب، وَعَن إِسْحَاق ابْن إِبْرَاهِيم وَعبد بن حميد كِلَاهُمَا عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر، ثَلَاثَتهمْ عَن الزُّهْرِيّ بِهِ وَفِي حَدِيث معمر: ( كل شراب مُسكر حرَام) وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَفِيه عَن القعني عَن مَالك بِهِ، وَعَن يزِيد بن عبد ربه.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ عَن إِسْحَاق بن مُوسَى عَن معن عَن مَالك بِهِ وَعَن يزِيد بن عبد ربه.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ عَن إِسْحَاق بن مُوسَى عَن معن عَن مَالك بِهِ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن سُوَيْد بن نصر عَن ابْن الْمُبَارك، وَعَن قُتَيْبَة بن سعيد، كِلَاهُمَا عَن مَالك بِهِ، وَعَن ابْن قُتَيْبَة عَن سُفْيَان بِهِ، وَعَن عَليّ بن مَيْمُونَة عَن بشر بن السّري عَن عبد الرَّزَّاق، وَفِيه وَفِي الْوَلِيمَة عَن سُوَيْد بن نصر عَن عبد الله بن الْمُبَارك عَن معمر بِهِ وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَشْرِبَة عَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن سُفْيَان بِهِ.
بَيَان مَعْنَاهُ وَحكمه قَوْله: ( كل شراب) أَي: كل وَاحِد من أَفْرَاد الشَّرَاب الْمُسكر حرَام وَذَلِكَ لِأَن كلمة، كل إِذا أضيفت إِلَى النكرَة تَقْتَضِي عُمُوم الْإِفْرَاد، وَإِذا أضيفت إِلَى الْمعرفَة تَقْتَضِي عُمُوم الْإِجْزَاء.

     وَقَالَ  بَعضهم: قَوْله: ( كل شراب أسكر) أَي: كَانَ من شَأْنه الْإِسْكَار سَوَاء حصل بشربه الْإِسْكَار أم لَا.
قلت: لَيْسَ مَعْنَاهُ كَذَا، لِأَن الشَّارِع أخبر بِحرْمَة الشَّرَاب عِنْد اتصافه بالإسكار، وَلَا يدل ذَلِك على أَنه يحرم إِذا كَانَ يسكر فِي المستقل، ثمَّ نقل عَن الْخطابِيّ، فَقَالَ: قَالَ الْخطابِيّ: فِيهِ دَلِيل على أَن قَلِيل الْمُسكر وَكَثِيره حرَام من أَي نوع كَانَ لِأَنَّهَا صِيغَة عُمُوم أُشير بهَا ألى جنس الشَّرَاب الَّذِي يكون مِنْهُ السكر، فَهُوَ كَمَا قَالَ: كل طَعَام أشْبع فَهُوَ حَلَال، فَإِنَّهُ يكون دَالا على حل كل طَعَام من شَأْنه الإشباع، وَإِن لم يحصل الشِّبَع بِهِ لبَعض.
قلت: قَوْله، قَلِيل الْمُسكر وَكَثِيره حرَام من أَي نوع كَانَ لَا يمشي فِي كل شراب، وَإِنَّمَا ذَلِك فِي الْخمر لما رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس،رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، مَوْقُوفا وَمَرْفُوعًا ( إِنَّمَا حرمت الْخمْرَة بِعَينهَا والمسكر من كل شراب) فَهَذَا يدل على أَن الْخمر حرَام قليلها وكثيرها أسكرت أَو لَا، وعَلى أَن غَيرهَا من الْأَشْرِبَة إِنَّمَا يحرم عِنْد الْإِسْكَار وَهَذَا ظَاهر.
قلت: ورد عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( كل مُسكر خمر وكل مُسكر حرَام) قلت: طعن فِيهِ يحيى بن معِين وَلَئِن سلم فَالْأَصَحّ أَنه مَوْقُوف على ابْن عمر، وَلِهَذَا رَوَاهُ مُسلم بِالظَّنِّ، فَقَالَ: لَا أعلمهُ إلاّ مَرْفُوعا وَلَئِن سلم فَمَعْنَاه كل مَا أسكر كَثِيره فَحكمه حكم الْخمر.
72 - ( بابُ غَسْلِ المَرّأةِ أَبَاهَا الدَّمَ عنْ وَجْهِهِ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان غسل الْمَرْأَة الدَّم عَن وَجهه فَقَوله: ( أَبَاهَا) مَنْصُوب لِأَنَّهُ مفعول الْمصدر أَعنِي: غسل المرإة، والمصدر مُضَاف إِلَى فَاعله.
قَوْله: ( الدَّم) مَنْصُوب بدل من أَبَاهَا الاشتمال، وَيجوز أَن يكون مَنْصُوبًا بالاختصاص، تَقْدِيره: أَعنِي الدَّم، وَفِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر: بَاب غسل الْمَرْأَة عَن وَجه أَبِيهَا، وَهَذَا هُوَ الأجو،.
قَوْله: ( عَن وَجهه) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ( من وَجهه) وَالْمعْنَى فِي رِوَايَة.
عَن إِمَّا أَن يكون بِمَعْنى من وَإِمَّا أَن يتَضَمَّن الْغسْل معنى الْإِزَالَة ومحيء، عَن، بِمَعْنى من، وَقع فِي كَلَام الله تَعَالَى: { وَهُوَ الَّذِي يقبل التَّوْبَة عَن عباده وَيَعْفُو عَن السَّيِّئَات} ( سُورَة الشورى: 25) وَهَاهُنَا سؤالان: الأول: فِي وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ؟ وَالثَّانِي: فِي وَجه إِدْخَال هَذَا الْبَاب فِي كتاب الْوضُوء.
قلت: أما الأول فَيمكن أَن يُقَال إِن كلاًّ مِنْهُمَا يشْتَمل على حكم شَرْعِي.
أما الأول: فَفِيهِ أَن اسْتِعْمَال النَّبِيذ لَا يجوز.
وأماالثاني: فَلِأَن ترك النَّجَاسَة على الْبدن لَا يجوز، فهما متساويات فِي عدم الْجَوَاز، وَهَذَا الْمِقْدَار كَاف وَأما الْجَواب عَن الثَّانِي فَهُوَ أَن النُّسْخَة إِن كَانَت كتاب الطَّهَارَة بدل كتاب الْوضُوء فَلَا خَفَاء فِيهِ، وَأَن كَانَ كتاب الْوضُوء فَالْمُرَاد مِنْهُ إِمَّا مَعْنَاهُ اللّغَوِيّ، فَإِنَّهُ مَأْخُوذ من الْوَضَاءَة وَهِي: الْحسن والنظافة، فَيتَنَاوَل حِينَئِذٍ رفع الْخبث، أَيْضا.
وَأما مَعْنَاهُ الاصطلاحي فَيكون ذكر الطَّهَارَة عَن الْخبث فِي هَذَا الْكتاب بالتبعية لطهارة الْحَدث والمناسبة بَينهمَا كَونهمَا من شَرَائِط الصَّلَاة، وَمن بَاب النَّظَافَة وَغير ذَلِك فَهَذَا حَاصِل مَا ذكره الْكرْمَانِي وَلَكِن أحسن فِيهِ، وَإِن كَانَ لَا يَخْلُو عَن بعض التعسف.
وَقَالَ أبُو العَالِيةِ امْسَحُوا عَلى رِجْلِي فَإِنَّها مَرِيضَةٌ مطاقة هَذَا الْأَثر للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّهَا متضمنة جَوَاز الإستغاثة فِي الْوضُوء وَإِزَالَة النَّجَاسَة.
وَأَبُو الْعَالِيَة هُوَ رفيع بن مهْرَان الرباحي.
وَقد تقدم عَن قريب، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن عَاصِم بن سُلَيْمَان قَالَ: ( دَخَلنَا على أبي الْعَالِيَة وَهُوَ وجع فوضؤه، فَلَمَّا بقيت غسل إِحْدَى رجلَيْهِ قَالَ: إمسحوا على هَذِه فَإِنَّهَا مَرِيضَة.
وَكَانَت بهَا جَمْرَة)
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة.

     وَقَالَ  بَعضهم وَزَاد بن أبي شيبَة أَنَّهَا كَانَت معصوبة قلت: لَيْسَ رِوَايَة ابْن أبي شيبَة هَكَذَا وَإِنَّمَا الْمَذْكُور فِي مضنفه: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن عَاصِم وَدَاوُد عَن أبي الْعَالِيَة أَنه اشْتَكَى رجله فعصبها وَتَوَضَّأ وَمسح عَلَيْهَا.

     وَقَالَ : إِنَّهَا مَرِيضَة.
وَهَذَا غير الَّذِي ذكره البُخَارِيّ، على مَا لَا يخفي، وَالله تَعَالَى أعلم.