فهرس الكتاب

- باب البول عند صاحبه، والتستر بالحائط

رقم الحديث 233 [233] حدّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ قَالَ حدّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عنْ أيُّوبَ عنْ أبي قِلاَبَةَ عنْ أنَسٍ رَضِي الله عَنهُ قالَ قدِمَ انَاسٌ مِنْ عُكْلٍ أوْ عُرَيْنَةَ فَاجْتَوَوُا المَدِينَةَ فَأمَرَهُمُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بلِقاحٍ وأنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوالِها وأَلْبَانِها فانْطَلَقُوا فَلَمَّا صَحُّوا قتَلُوا رَاعِيَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واسْتَاقُوا النَّعَمَ فَجَاءَ الخَبَرُ فِي أوَّلِ النَّهارِ فَبَعَثَ فِي آثارِهِمْ فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهارُ جِىءَ بهِمْ فَأَمَرَ فَقَطَع أيْدِيْهُمْ وأرْجُلَهُمْ وسُمِر تْ أَعْيُنُهُمْ وَالْقُوافي الحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلاَ يُسْقَونَ.. مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي بَوْل الْإِبِل فَقَط، وَالْمَذْكُور فِيهَا أَرْبَعَة أَشْيَاء.
بَيَان رِجَاله وهم خَمْسَة كلهم قد ذكرُوا، فسليمان بن حَرْب فِي بَاب من كره أَن يعود فِي الْكفْر، وَحَمَّاد فِي بَاب الْمعاصِي من أَمر الْجَاهِلِيَّة، وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ التَّابِعِيّ فِي بَاب حلاوة الْإِيمَان، وَأَبُو قلَابَة، بِكَسْر الْقَاف: عبد الله، كَذَلِك.
وَكلهمْ أَعْلَام ائمة بصريون.
( بَيَان لطائف اسناده) فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد وَالْبَاقِي عنعنة فِي أبعة مَوَاضِع.
وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ.
وَفِيه: أَن الروَاة بصريون.
بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ فِي ثَمَانِيَة مَوَاضِع: هُنَا عَن سلمَان بن حَرْب، وَفِي الْمُحَاربين عَن قُتَيْبَة، وَفِي الْجِهَاد عَن مُعلى بن اسد، وَفِي الْمُحَاربين عَن مُوسَى بن اسماعيل، وَعَن عَليّ بن عبد الله، وَمُحَمّد بن الصَّلْت، وَفِي التَّفْسِير عَن عَليّ بن عبد الله، وَفِي الْمَغَازِي عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم، وَفِي الدِّيات عَن قُتَيْبَة.
وَأخرجه مُسلم فِي الْحُدُود عَن هَارُون بن عبد الله بن سُلَيْمَان بن حَرْب، وَعَن الْحسن بن أَحْمد، وَعَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن الصَّباح، وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى، وَعَن أَحْمد بن عُثْمَان النَّوْفَلِي.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الطَّهَارَة عَن سُلَيْمَان بن حَرْب، وَعَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، وَعَن مُحَمَّد بن الصَّباح، وَعَن عَمْرو بن عُثْمَان، وَعَن مُحَمَّد بن قدامَة.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْمُحَاربَة عَن احْمَد بن سُلَيْمَان، وَعَن عَمْرو بن عُثْمَان، وَعَن إِسْحَاق بن مَنْصُور، وَعَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود، وَأعَاد حَدِيث عَمْرو بن عُثْمَان فِي التَّفْسِير، وَفِي رِوَايَة مُسلم أَدخل بَين أَيُّوب وَأبي قلَابَة أَبَا رَجَاء، مولى أبي قلَابَة، وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ أَن رِوَايَة حَمَّاد بن زيد إِنَّمَا هِيَ عَن أَيُّوب عَن أبي رَجَاء عَن أبي قلَابَة.
.

     وَقَالَ : سُقُوط أبي رَجَاء وثبوته صَوَاب، وَيُشبه أَن يكون أَيُّوب سمع منالخصوصية بِلَا دَلِيل لَا تسمع، وَالْجَوَاب الْقَاطِع أَن هَذَا مَحْمُول على حَالَة الِاخْتِيَار كَمَا ذكرنَا.
فان قلت: رُوِيَ عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: ( كَانَت الْكلاب تبول وَتقبل وتدبر فِي الْمَسْجِد فَلم يَكُونُوا يرشون شَيْئا) ، وَرُوِيَ عَن جَابر والبراء، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، مَرْفُوعا: ( مَا أكل لَحْمه فَلَا بَأْس ببوله) .
وَحَدِيث ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الْآتِي ذكره فِي بَاب: إِذا القى على ظهر الْمُصَلِّي قذر أَو جيفة لم تفْسد عَلَيْهِ صلَاته، والْحَدِيث الصَّحِيح الَّذِي ورد فِي غَزْوَة تَبُوك: ( فَكَانَ الرجل ينْحَر بعيره فيعصر فرثه فيشربه وَيجْعَل مَا بَقِي على كبده) .
قلت: أما حَدِيث ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، فَغير مُسْند، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، علم بذلك.
وَأما حَدِيث جَابر والبراء فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَضَعفه.
وَأما حَدِيث ابْن مَسْعُود فَلِأَنَّهُ كَانَ بِمَكَّة قيل وُرُود الحكم بِتَحْرِيم النجو وَالدَّم،.

     وَقَالَ  ابْن حزم: هُوَ مَنْسُوخ بِلَا شكّ.
وَأما حَدِيث غَزْوَة تَبُوك فقد قيل: إِنَّه كَانَ للتداوي،.

     وَقَالَ  ابْن خُزَيْمَة: لَو كَانَ الفرث إِذا عصره نجسا لم يجز للمرء أَن يَجعله على كبده.
السُّؤَال الثَّانِي: مَا وَجه تعذيبهم بالنَّار وَهُوَ تسمير أَعينهم بمسامير محمية، كَمَا ذكرنَا، وَقد نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن التعذيب بالنَّار؟ الْجَواب: أَنه كَانَ قبل نزُول الْحُدُود، وَآيَة الْمُحَاربَة وَالنَّهْي عَن الْمثلَة، فَهُوَ مَنْسُوخ.
وَقيل: لَيْسَ بمنسوخ، وَإِنَّمَا فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا فعل قصاصا لأَنهم فعلوا بالرعاة مثل ذَلِك.
وَقد رَوَاهُ مُسلم فِي بعض طرقه، وَلم يذكرهُ البُخَارِيّ.
قَالَ الْمُهلب: إِنَّمَا لم يذكرهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ من شَرطه.
وَيُقَال: فَلذَلِك بوب البُخَارِيّ فِي كِتَابه،.

     وَقَالَ : بَاب إِذا حرق الْمُشرك هَل يحرق؟ وَوَجهه أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما سمل أَعينهم، وَهُوَ تحريق بالنَّار، اسْتدلَّ بِهِ أَنه لما جَازَ تحريق أَعينهم بالنَّار، وَلَو كَانُوا لم يحرقوا أعين الرعاء، أَنه أولى بِالْجَوَازِ بتحريق الْمُشرك إِذا أحرق الْمُسلم.
.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنِير: وَكَانَ البُخَارِيّ جمع بَين حَدِيث: ( لَا تعذبوا بِعَذَاب الله) ، وَبَين هَذَا، بِحمْل الأول على غير سَبَب، وَالثَّانِي على مُقَابلَة السَّيئَة بِمِثْلِهَا من الْجِهَة الْعَامَّة، وَإِن لم يكن من نوعها الْخَاص، وإلاَّ فَمَا فِي هَذَا الحَدِيث أَن العرنيين فعلوا ذَلِك بالرعاة.
وَقيل: النَّهْي عَن الْمثلَة نهي تَنْزِيه لَا نهي تَحْرِيم.
السُّؤَال الثَّالِث: إِن الْإِجْمَاع قَامَ على أَن من وَجب عَلَيْهِ الْقَتْل فَاسْتَسْقَى المَاء إِنَّه لَا يمْنَع مِنْهُ لِئَلَّا يجْتَمع عَلَيْهِ عذابان؟ الْجَواب: أَنه إِنَّمَا لم يسقوا هُنَاكَ معاقبة لجنايتهم، لِأَنَّهُ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، دَعَا عَلَيْهِم، فَقَالَ: عطَّش الله من عطَّش آل مُحَمَّد اللَّيْلَة.
أخرجه النَّسَائِيّ: فَأجَاب الله دعاءه، وَكَانَ ذَلِك بِسَبَب أَنهم منعُوا فِي تِلْكَ اللَّيْلَة إرْسَال مَا جرت بِهِ الْعَادة من اللَّبن الَّذِي كَانَ يراح بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لقاحه فِي كل لَيْلَة، كَمَا ذكره ابْن سعد، وَلِأَنَّهُم ارْتَدُّوا فَلَا حُرْمَة لَهُم.
.

     وَقَالَ  القَاضِي عِيَاض: لم يَقع نهي من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن سقيهم وَفِيه نظر لِأَنَّهُ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، اطلع على ذَلِك، وسكوته كافٍ فِي ثُبُوت الحكم.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: الْمُحَارب لَا حُرْمَة لَهُ فِي سقِِي المَاء وَلَا فِي غَيره، وَيدل عَلَيْهِ أَن من لَيْسَ مَعَه مَاء إلاَّ لطهارته لَيْسَ لَهُ أَن يسْقِيه الْمُرْتَد وَيتَيَمَّم، بل يَسْتَعْمِلهُ وَلَو مَاتَ الْمُرْتَد عطشاً.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: إِنَّمَا فعل بهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك لِأَنَّهُ أَرَادَ بهم الْمَوْت بذلك، وَفِيه نظر لَا يخفى، وَقيل: إِن الْحِكْمَة فِي تعطيشهم لكَوْنهم كفرُوا بِنِعْمَة سقِِي ألبان الْإِبِل الَّتِي حصل لَهُم بهَا الشِّفَاء من الْجزع والوخم، وَفِيه ضعف.
قالَ أبُو قِلاَبَةَ فَهَؤُلاءِ سَرَقُوا وقتَلُوا وَكَفَرُوا بَعد إيمانِهِمْ وَحارَبُوا الله وَرَسُولَهُ.
ابو قلَابَة: عبد الله، وَقَوله هَذَا إِن كَانَ دَاخِلا فِي قَول أَيُّوب بِأَن يكون مقولاً لَهُ يكون دَاخِلا تَحت الْإِسْنَاد، وَإِن كَانَ مقول البُخَارِيّ يكون تَعْلِيقا مِنْهُ.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَهَذَا قَالَه أَبُو قلَابَة استنباطاً، ثمَّ قَالَ: وَلَيْسَ مَوْقُوفا على أبي قلَابَة كَمَا توهمه بَعضهم.
قلت: كَلَامه متناقض لَا يخفى.
قَوْله: ( سرقوا) إِنَّمَا أطلق عَلَيْهِم سراقاً لِأَن أَخذهم اللقَاح سَرقَة لكَونه من حرز بِالْحَافِظِ.
قَوْله: ( وحاربوا الله وَرَسُوله) وَأطلق عَلَيْهِم محاربين لما ثَبت عِنْد أَحْمد من رِوَايَة حميد عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي أصل الحَدِيث، وهربوا محاربين.


رقم الحديث 234 [234] حدّثنا آدَمُ قالَ حدّثنا شُعْبَةُ قَالَ أخبرنَا أبُو النَّيَّاحِ يَزِيدُ بنُ حُمَيْدٍ أَنَسٍ قالَ كانَ النبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي قَبْلَ أنْ يُبْنَى المَسْجِدُ فِي مَرَابِض الغَنَمِ.. هَذَا أحد حَدِيثي الْبَاب، وَهُوَ مُطَابق لآخر التَّرْجَمَة.
بَيَان رِجَاله وهم أَرْبَعَة: آدم بن أبي اياس، وَشعْبَة بنوَأصبغ الامتشاط بهَا والادهان فِيهَا.
.

     وَقَالَ  مَالك إِذا زكى الْفِيل فَعَظمهُ طَاهِر وَالشَّافِعِيّ يَقُول الذَّكَاة لَا تعْمل فِي السبَاع.

     وَقَالَ  اللَّيْث وَابْن وهب أَن غلى الْعظم فِي مَاء سخن وطبخ جَازَ الإدهان مِنْهُ والامتشاط قلت حَدِيث ابْن عَبَّاس الَّذِي تعلق بِهِ أَبُو حنيفَة أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ.

     وَقَالَ  أَبُو بكر الْهُذلِيّ ضَعِيف وَذكر فِي الإِمَام أَن غير الْهُذلِيّ أَيْضا رَوَاهُ وَحَدِيث أم سَلمَة أَيْضا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.

     وَقَالَ  يُوسُف بن أبي السّفر مَتْرُوك قُلْنَا لَا يُؤثر فِيهِ مَا قَالَ إِلَّا بعد بَيَان جِهَته وَالْجرْح الْمُبْهم غير مَقْبُول عِنْد الحذاق من الْأُصُولِيِّينَ وَهُوَ كَانَ كَاتب الْأَوْزَاعِيّ.
وقالَ ابْنُ سِيِرِينَ وإبْرَاهيمُ لَا بَأْسَ بِتِجارَةِ العَاجِ ابْن سِيرِين هُوَ مُحَمَّد، تقدم فِي بَاب اتِّبَاع الْجَنَائِز من الْإِيمَان، وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ تقدم فِي بَاب ظلم دون ظلم فِي كتاب الْإِيمَان.
أما التَّعْلِيق عَن ابْن سِيرِين فَذكره عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه عَن الثَّوْريّ عَن همامَ عَن ابْن سِيرِين أَنه كَانَ لَا يرى التِّجَارَة بالعاج بَأْسا وَأما التَّعْلِيق عَن إِبْرَاهِيم فَلم يذكرهُ السَّرخسِيّ فِي رِوَايَته، وَلَا أَكثر الروَاة عَن الفريري، فالعاج، بتَخْفِيف الْجِيم، جمع عاجة.
قَالَ الْجَوْهَرِي: العاج عظم الْفِيل وَكَذَا قَالَ فِي الْكتاب.
ثمَّ قَالَ: والعاج أَيْضا الذبل وَهُوَ ظهر السلحفاة والبحرية يتَّخذ مِنْهُ السوار والخاتم وَغَيرهمَا قَالَ جرير: ( ترى العيس الحولى جَريا بكرعها ... لَهَا مسكا من غير عاج وَلَا ذبل) فَهَذَا يدل على أَن العاج غيرالذبل وَفِي ( الْمُحكم) والعاج أَنْيَاب الفيلة، وَلَا يُسمى غير الناب عاجاً وَقد أنكر الْخَلِيل أَن يُسمى عاجاً سوى أَنْيَاب الفيلة، وَذكر غَيره أَن الذبل يُسمى عاجاً وَكَذَا قَالَه الْخطابِيّ، وأنكروا عَلَيْهِ والذبل، بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة قَالَ الْأَزْهَرِي الذبل، الْقُرُون، فَإِذا كَانَ من عاج فَهُوَ مسك وعاج ووقف، إِذا كَانَ من ذبل فَهُوَ مسك لَا غير وَفِي ( الْعباب) الذبل ظهر السلحفاة البحرية، كَمَا ذكرنَا الْآن.

     وَقَالَ : بَعضهم، قَالَ القالي: الْعَرَب تسمي كل عظم عاجاً، فَإِن ثَبت هَذَا فَلَا حجَّة فِي الْأَثر الْمَذْكُور على طَهَارَة عظم الْفِيل.
قلت مَعَ وجود النَّقْل عَن الْخَلِيل لَا يعْتَبر بِنَقْل القالي مَعَ مَا ذكرنَا من الدَّلِيل على طَهَارَة عظم الْميتَة مُطلقًا.