فهرس الكتاب

- باب الاستحاضة

رقم الحديث 315 [315] حدّثنا مُسْلِمٌ قالَ حدّثنا وُهَيْبٌ حدّثنا مَنْصُورٌ عَنْ أُمَّهِ عَنْ عائِشَةَ أنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قالَتْ ل لنَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيْفَ اغْتَسِلُ مِنَ المَحيضِ قالَ خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةٌ فَتَوَضَئِي ثَلَاثًا ثُمَّ أنَّ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَحْيَا فاعْرِضَ بِوَجْهِهِ أَو قالَ تَوَضَئِي بِهَا فَاخَذْتُهَا فَجَذِبْتَها فأخْبَرْتُها بِمَا يُرِيدُ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
( انْظُر الحَدِيث 314 وطرفه) [/ ح.
قيل: التَّرْجَمَة لغسل الْمَحِيض، والْحَدِيث لم يدل عَلَيْهَا فَلَا مُطَابقَة.
قلت: إِن كَانَ لفظ الْغسْل فِي التَّرْجَمَة بِفَتْح الْغَيْن، والمحيض اسْم مَكَان، فَالْمَعْنى ظَاهر، وَإِن كَانَ بِضَم الْغَيْن والمحيض مصدر فالإضافة بِمَعْنى اللَّام الاختصاصية، فَلهَذَا ذكر خَاصَّة هَذَا الْغسْل وَمَا بِهِ يمتاز عَن سَائِر الِاغْتِسَال.
الْكَلَام فِيمَا يتَعَلَّق بِهِ قد مضى فِي الْبَاب الَّذِي قبله.
قَوْله: ( وتوضئي ثَلَاثًا) وَفِي بَعْضهَا: فتوضئي.
قَوْله: ( ثَلَاثًا) يتَعَلَّق: يُقَال، أَي: يُقَال ثَلَاث مَرَّات لَا تتوضئي، وَيحْتَمل تعلقه بقالت أَيْضا بِدَلِيل الحَدِيث الْمُتَقَدّم.
قَوْله: ( أَو قَالَ) شكّ من عَائِشَة، وَالْفرق بَين الرِّوَايَتَيْنِ زِيَادَة لَفظه بهَا يَعْنِي: تطهري بالفرصة، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر بِالْوَاو من غير شكّ.
قَوْله: ( مِمَّا يُرِيد) أَي: يتتبع أثر الدَّم وَإِزَالَة الرَّائِحَة الكريهة من الْفرج.
15 - ( بابُ امْتِشاطِ المَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِها مِنَ المَحِيضِ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان امتشاط الْمَرْأَة، وَهُوَ تَسْرِيح رَأسهَا عِنْد غسلهَا من الْمَحِيض أَي: الْحيض.
وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن فِي كل مِنْهُمَا مَا يشْعر بِزِيَادَة التَّنْظِيف والنقاء، وَلَا يحفى ذَلِك على المتأمل.
316 - حدّثنا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ قالَ حدّثنا إبْرَاهِيمُ قالَ حدّثنا ابْنُ شِهابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَن عائِشَةَ قالَتْ أهْلْلتُ مَعَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ فَكُنْتُ مِمَّنْ تَمَتَّعَ وَلَمْ يَسُقِ الهَدْيَ فَزَعَمَتْ أنَّها حاضَتْ وَلَمْ تَطْهُرْ حَتَّى دَخَلَتْ لَيْلَةُ عَرَفَةَ فقالَتْ يَا رسولَ اللَّهِ هاذِهِ لَيْلَةُ عَرَفَةَ وَإنَّما كُنْتُ تَمَتَّعْتُ فَقَالَ لَها رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِيبالامتشاط حَقِيقَته، بل تَسْرِيح الشّعْر بالأصابع للْغسْل لإحرامها بِالْحَجِّ، لَا سِيمَا إِن كَانَت لبدت رَأسهَا فَلَا يَصح غسلهَا إِلَّا بإيصال المَاء إِلَى جَمِيع شعرهَا، وَيلْزم مِنْهُ نقضه، فَإِن قلت: اذا كَانَت قارنة فَلم امرها بِالْعُمْرَةِ بعد الْفَرَاغ من الْحَج ( قلت) مَعْنَاهُ أَرَادَت أَن يكون لَهَا عمْرَة مُنْفَرِدَة عَن الْحَج كَمَا حصل لسَائِر أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وغيرهن من الصَّحَابَة الَّذِي فسخوا الْحَج إِلَى الْعمرَة، وَأَتمُّوا الْعمرَة ثمَّ أَحْرمُوا بِالْحَجِّ، فَحصل لَهُم عمْرَة مُنْفَرِدَة وَحج مُنْفَرد فَلم يحصل لَهَا إلاَّ عمْرَة مندرجة فِي حجَّة الْقُرْآن فاعتمرت بعد ذَلِك مَكَان عمرتها الَّتِي كَانَت أَرَادَت أَولا حُصُولهَا مُنْفَرِدَة غير مندرجة، ومنعها الْحيض عَنهُ، وَإِنَّمَا فعلت كَذَلِك حرصاً على كَثْرَة الْعِبَادَات انْتهى.
قلت: الْمَشْهُور الثَّابِت أَن عَائِشَة كَانَت مُنْفَرِدَة بِالْحَجِّ وَأَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أمرهَا برفض الْعمرَة، وَقَوْلها فِي الحَدِيث وأرجع بِحجَّة وَاحِدَة، دَلِيل وَاضح على ذَلِك، وَقَوْلها: ترجع صواحبي بِحَجّ وَعمرَة، وأرجع أَنا بِالْحَجِّ، صَرِيح فِي رفض الْعمرَة، إِذْ لَو دخل الْحَج على الْعمرَة لكَانَتْ هِيَ وَغَيرهَا سَوَاء، وَلما احْتَاجَت إِلَى عمْرَة أُخْرَى بعد الْعمرَة وَالْحج الَّذِي فعلتهما وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد عمرتها الْأَخِيرَة: ( هَذِه مَكَان عمرتك) صَرِيح فِي أَنَّهَا خرجت من عمرتها الأولى ورفضتها إِذْ لَا تكون الثَّانِيَة مَكَان الأولى، وَالْأولَى مُنْفَرِدَة وَفِي بعض الرِّوَايَات هَذِه قَضَاء من عمرتك.
فَإِن قلت: قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي ( الْمعرفَة) يَعْنِي قَوْله: ودعي الْعمرَة أمسكي عَن أفعالها، وأدخلي عَلَيْهَا الْحَج قلت: هَذَا خلاف حَقِيقَة قَوْله: دعِي الْعمرَة: بل حَقِيقَته أَنه أمرهَا برفض الْعمرَة بِالْحَجِّ، وَقَوْلها: انقضي رَأسك وامتشطي، يدل على ذَلِك، وَيدْفَع تَأْوِيل الْبَيْهَقِيّ بالإمساك عَن أَفعَال الْعمرَة، إِذا الْمحرم لَيْسَ لَهُ أَن يعفل ذَلِك.
فَإِن قلت: قَالَ الشَّافِعِي: لَا يعرف فِي الشَّرْع رفض الْعمرَة بِالْحيضِ.
قلت: قَالَ الْقَدُورِيّ فِي ( التَّجْرِيد) مَا رفضتها بِالْحيضِ، لَكِن تَعَذَّرَتْ أفعالها، وَكَانَت ترفضها بِالْوُقُوفِ، فَأَمرهمْ بتعجيل الرَّفْض.
16 - ( بابُ نَقْضِ المَرْأَةِ شَعْرَهَا عِنْدَ غُسَلِ المَحِيضِ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان نقض الْمَرْأَة شعر رَأسهَا، عِنْد غسل الْمَحِيض أَي: الْحيض، وَجَوَابه مُقَدّر أَي: هَل يجب أم لَا؟ وَظَاهر الحَدِيث الْوُجُوب، وَقد ذكرنَا الِاخْتِلَاف فِي الْبَاب السَّابِق.
والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة لِأَن النَّقْض والامتشاط من جنس وَاحِد وَحكم وَاحِد.