فهرس الكتاب

- باب من أفاض على رأسه ثلاثا

رقم الحديث 265 [265] حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ مَحْبُوبٍ قالَ حَدثنَا عَبُدُ الوَاحِدِ قالَ حَدثنَا الأعْمَشُ عَنْ سالِمِ بنِ أبي الجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْن عَبَّاسٍ عَن ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ قالَتْ مَيْمُونَةُ وَضَعْتُ لِرسولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاء يَغْتَسِلُ بِهِ فَافْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلٍ هُمَا مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلاثاً ثُمَّ أَفْرَغَ بِيَمِنِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَغَسَل مَذَاكِيرَهُ ثُمَّ يَدَهُ بالأرْضِ ثُمَّ تَمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَغَسَلَ رَأْسَهُ ثَلاثاً ثُمَّ أفْرَغَ عَلَى جَسَدِهِ ثُمَّ تَنَحَّى مِنْ مَقَامِهِ فَغْسَلَ قَدَمَيْهِ.. مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي تَفْرِيق غسل أَعْضَائِهِ بإفراغ المَاء على جسده والتنحي من مقَامه.
فَإِن قلت هَذَا فِي تَفْرِيق الْغسْل فَأَبِنْ مَا يدل على تَفْرِيق الْوضُوء؟ قلت: دلّ على تفريقه ذكر مَيْمُونَة صفة وضوئِهِ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بِكَلِمَة: ثمَّ الَّتِي تدل على التَّرَاخِي مُطلقًا.
ذكر رِجَاله وهم سَبْعَة: مُحَمَّد بن مَحْبُوب أَبُو عبد الله الْبَصْرِيّ، قيل: مَحْبُوب لقبه واسْمه الْحسن، مَاتَ سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ، وَعبد الْوَاحِد هُوَ ابْن زِيَاد الْبَصْرِيّ، وَقد تقدم هَذَا الْمَتْن من رِوَايَة مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَنهُ فِي بَاب الْغسْل مرّة وَاحِدَة، غير أَن فِي بعض ألفاظهما اخْتِلَاف فَهُنَا قَوْلهَا: ( مَاء يغْتَسل بِهِ) وَهُنَاكَ ( مَاء فَغسل يَدَيْهِ مرَّتَيْنِ) وَهَاهُنَا ( فأفرغ على يَدَيْهِ فغسلهما مرَّتَيْنِ) وَهُنَاكَ، ( ثمَّ أفرغ على شِمَاله) وَهَاهُنَا ( ثمَّ أفرغ بِيَمِينِهِ على شِمَاله) وَهُنَاكَ: ( ثمَّ مسح يَده بِالْأَرْضِ) وَهَاهُنَا: ( ثمَّ دلك يَده بِالْأَرْضِ) وَهُنَاكَ: ( ثمَّ مضمض) وَهَاهُنَا: ( ثمَّ تمضمض) وَهُنَاكَ: ( ثمَّ أَفَاضَ على جسده) وَهَاهُنَا: ( ثمَّ أفرغ على جسده) وَهُنَاكَ: ( ثمَّ تحول من مَكَانَهُ) وَهَاهُنَا: ( ثمَّ تنحى من مقَامه) أَي: بعد من مقَامه، بِفَتْح الْمِيم: اسْم مَكَان قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: هُوَ مَكَان الْقيام، فَهَل يُسْتَفَاد مِنْهُ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اغْتسل قَائِما؟ قلت: ذَلِك أَصله لكنه اشْتهر بعرف الِاسْتِعْمَال لمُطلق الْمَكَان قَائِما كَانَ أَو قَاعِدا فِيهِ.
وَبَقِيَّة الْكَلَام فِيهِ مَضَت هُنَاكَ.
11 - ( بابُ مَنْ أَفْرَغَ بِيَمِنِهِ عَلَى شِمَالِهِ فِي الغُسْلِ) أَي: هَذَا الْبَاب فِي بَيَان من أفرغ المَاء بيمنه على شِمَاله، وَهَذَا الْبَاب مقدم على الْبَاب الَّذِي قبله عِنْد ابْن عَسَاكِر والأصيلي، وعَلى كل تَقْدِير الْمُنَاسبَة بَينهمَا ظَاهر من حَيْثُ إِن كلاًّ مِنْهُمَا يتَعَلَّق بِالْوضُوءِ، وإفراغ المَاء بيمنه على شِمَاله فِي الِاسْتِنْجَاء فِي الْغسْل، وَهَذَا وَجه وَاحِد، وَلَا يجوز غَيره وَأما فِي غسل الْأَطْرَاف فَإِن كَانَ الْإِنَاء الَّذِي يتَوَضَّأ مِنْهُ إِنَّا وَاسِعًا يَضَعهُ عَن يَمِينه وَيَأْخُذ مِنْهُ المَاء بيمنه، وَإِن كَانَ ضيقا كالقماقم يَضَعهُ عَن يسَاره وَيصب المَاء مِنْهُ على يَمِينه، قَالَه الْخطابِيّ.
266 - حدّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعَيلَ قالَ حدّثنا أبُو عَوَانَةَ قالَ حدّثنا الأعْمَشُ عَنْ سَالِمَ بنِ أبي الجعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلِى ابنِ عَبَّاسٍ ابنِ عَبَّاسِ عَن ابنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الحارِثِ قالَتْ وَضَعْتُ لِرَسولِحسن صَحِيح.
وَضعف ابْن الْقطَّان حَدِيث أبي رَافع، وَصَححهُ ابْن حزم، وَعبارَة أبي دَاوُد أَيْضا تدل على صِحَّته.
وَأما الْوضُوء بَين الجماعين فقد اخْتلفُوا فِيهِ فَعِنْدَ الْجُمْهُور لَيْسَ بِوَاجِب، قَوَّال ابْن حبيب الْمَالِكِي وَدَاوُد الظَّاهِرِيّ: إِنَّه وَاجِب.

     وَقَالَ  ابْن جزم، وَهُوَ قَول عَطاء وَإِبْرَاهِيم وَعِكْرِمَة وَالْحسن وَابْن سِيرِين، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث أبي سعيد قَالَ: ( قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَى أحدكُم أَهله ثمَّ أَرَادَ أَن يعود، فَليَتَوَضَّأ بَينهمَا وضوأً) أخرجه مُسلم من طَرِيق حَفْص بن عَاصِم عَن أبي المتَوَكل عَنهُ، وَحمل الْجُمْهُور الْأَمر بِالْوضُوءِ على النّدب والاستحباب، لَا للْوُجُوب، مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن الْأسود عَن عَائِشَة، قَالَت: ( كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُجَامع ثمَّ يعود وَلَا يتَوَضَّأ) قَالَ أَبُو عمر: مَا أعلم أحدا من أهل الْعلم أوجبه إلاَّ طَائِفَة من أهل الظَّاهِر.
قلت: روى ابْن أبي شيبَة فِي ( مُصَنفه) حَدثنَا وَكِيع عَن مسعر عَن محَارب بن دثار، سَمِعت ابْن عمر يَقُول: إِذا أَرَادَ أَن يعود تَوَضَّأ وَحدثنَا وَكِيع عَن عمر بن الْوَلِيد سَمِعت ابْن مُحَمَّد يَقُول إِذا أَرَادَ أَن يعود تَوَضَّأ، وَحدثنَا وَكِيع عَن الْفضل بن عبد الْملك عَن عَطاء مثله، وَمَا نسب ابْن حزم من إِيجَاب الْوضُوء إِلَى الْحسن وَابْن سِيرِين فَيردهُ مَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي ( مُصَنفه) فَقَالَ: حَدثنَا ابْن إِدْرِيس عَن هِشَام عَن الْحسن أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يُجَامع الرجل امْرَأَته أَنه ثمَّ يعود قبل أَن يتَوَضَّأ قَالَ: وَكَانَ ابْن سِيرِين يَقُول: لَا أعلم بذلك بَأْسا إِنَّمَا قبل ذَلِك لِأَنَّهُ أجْرى أَن يعود.
وَنقل عَن إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه أَنه حمل الْوضُوء الْمَذْكُور على الْوضُوء اللّغَوِيّ، حَيْثُ نقل ابْن الْمُنْذر عَنهُ أَنه قَالَ: لَا بُد من غسل الْفرج إِذا أَرَادَ الْعود.
قلت: يرد هَذَا مَا رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة من طَرِيق ابْن عُيَيْنَة عَن عَاصِم فِي الحَدِيث الْمَذْكُور فَليَتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة؟ وَفِي لفظ عِنْده: فَهُوَ أنشط للعود، وصحيح الْحَاكِم لفظ: وضوءه للصَّلَاة، ثمَّ قَالَ: هَذِه لَفْظَة تفرد بهَا شُعْبَة عَن عَاصِم، والتفرد من مثله مَقْبُول عِنْد الشَّيْخَيْنِ: فَإِن قلت: يُعَارض هَذِه الْأَخْبَار حَدِيث ابْن عَبَّاس ( قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا أمرت بِالْوضُوءِ إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة) قَالَه أَبُو عوَانَة فِي ( صَحِيحه) قلت قَيده أَبُو عوَانَة بقوله: إِن كَانَ صَحِيحا عِنْد أهل الحَدِيث.
قلت: الحَدِيث صَحِيح، وَلَكِن قَالَ الطَّحَاوِيّ: الْعَمَل على حَدِيث الْأسود عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
.

     وَقَالَ  الضياء الْمَقْدِسِي والثقفي، من حَدِيث فِي نصْرَة الصِّحَاح، هَذَا كُله مَشْرُوع جَائِز، من شَاءَ أَخذ بِهَذَا، وَمن شَاءَ أَخذ بِالْآخرِ.