فهرس الكتاب

- باب بول الصبيان

رقم الحديث 229 [229] حدّثنا عَبْدَانُ قَالَ أخبرنَا عَبْدُ اللَّهِ بنُ المُبارَكِ قَالَ أخبرنَا عَمْرُو بنُ مَيْمُونٍ الجَزَريُّ عنْ سلَيْمانَ بنِ يَسَارٍ عنْ عائِشَةَ قالَتْ كنْتُ أَغْسِلُ الجنَابَةَ مِنْ ثَوْبِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيَخْرُجُ إِلَى الصَّلاةِ وإنَّ بُقَعَ المَاءِ فِي ثوْبِهِ.. لم يُطَابق الحَدِيث التَّرْجَمَة إلاَّ فِي غسل الْمَنِيّ فَقَط، وَقد ذَكرْنَاهُ.
بَيَان رِجَاله وهم خَمْسَة: عَبْدَانِ، بِفَتْح الْعين وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة، تقدم فِي بَاب الْوَحْي، وَعبد الله بن الْمُبَارك كَذَلِك،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَعبد الله، أَي: ابْن الْمُبَارك فَكَأَنَّهُ وَقع فِي نسخته الَّتِي ينْقل عَنْهَا: عبد الله، مَنْسُوبا إِلَى الْأَب بالتفسير من البُخَارِيّ، فَلذَلِك قَالَ: اي ابْن الْمُبَارك، ثمَّ قَالَ:.

     وَقَالَ هُ على سَبِيل التَّعْرِيف إشعاراً بِأَنَّهُ لَفظه لالفظة نسخته، وَعَمْرو بن مَيْمُون الْجَزرِي مَنْسُوب إِلَى الجزيرة، وَكَانَ مَيْمُون بن مهْرَان وَالِد عَمْرو نزلها فنسب إِلَيْهَا وَلَده،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَوَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني وَحده: الْجَوْزِيّ، بواو، سَاكِنة بعْدهَا: زَاي، وَهُوَ غلط مِنْهُ.
قلت: الظَّاهِر أَن الْغَلَط من النَّاقِل أَو الْكَاتِب، فدور رَأس: الزَّاي، ونقط: الرَّاء، فَصَارَ: الْجَوْزِيّ.
وَقد يَقع من الناقلين وَالْكتاب الجهلة أَكثر من هَذَا وأفحش.
وَالرَّابِع: سُلَيْمَان بن يسَار، ضد الْيَمين، مولى مَيْمُونَة أم الْمُؤمنِينَ، فَقِيه الْمَدِينَة العابد الْحجَّة، توفّي عَام سَبْعَة وَمِائَة.
وَالْخَامِس: عَائِشَة الصديقة.
بَيَان لطائف اسناده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد، والإخبار بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين مروزي ورقي ومدني، فعبدان وَابْن الْمُبَارك مروزيان، وعبدان لقب واسْمه عبد الله بن عُثْمَان، وَقد ذَكرْنَاهُ غير مرّة.
بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ هُنَا عَن عَبْدَانِ وَعَن قُتَيْبَة وَعَن مُسَدّد وَعَن مُوسَى ابْن إِسْمَاعِيل وَعَن عَمْرو بن خَالِد، كَمَا يَأْتِي ذكر الْجَمِيع هَهُنَا.
وَأخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة أَيْضا عَن أبي بكر بن أبي شيبَة، وَعَن أبي كَامِل وَعَن أبي كريب وَيحيى بن أبي زَائِدَة، أربعتهم عَن عَمْرو بن مَيْمُون بِهِ.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن النُّفَيْلِي عَن زُهَيْر بِهِ، وَعَن مُحَمَّد بن عبيد الْبَصْرِيّ عَن سليم بن أحصد عَن عَمْرو بن مَيْمُون بِهِ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن أَحْمد بن منيع عَن أبي مُعَاوِيَة عَن عَمْرو بن مَيْمُون نَحوه،.

     وَقَالَ : حسن صَحِيح.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن سُوَيْد بن نصر عَن ابْن الْمُبَارك بِهِ.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن عَبدة بن سُلَيْمَان عَن عَمْرو بن مَيْمُون.
قَالَ: سَأَلت سُلَيْمَان بن يسَار ... فَذكره.
بَيَان لغته وَمَا يستنبط مِنْهُ قَوْله: ( أغسل الْجَنَابَة) ، قَالَ الْكرْمَانِي: الْجَنَابَة معنى لَا عين، فَكيف يغسل؟ قلت: الْمُضَاف مَحْذُوف أَي: أثر الْجَنَابَة، أَو موجوبه أَو هِيَ مجَاز عَنهُ، وَيُقَال: المُرَاد من الْجَنَابَة: الْمَنِيّ، من بَاب تَسْمِيَة الشَّيْء باسم سَببه، وان وجوده سَبَب لبعده عَن الصَّلَاة وَنَحْوهَا.
قلت: يجوز أَن تكون عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا، أطلقت على: الْمَنِيّ، اسْم الْجَنَابَة، فَحِينَئِذٍ لَا حَاجَة إِلَى التَّقْدِير بالحذف أَو بالمجاز.
قَوْله: ( وَإِن بقع المَاء) ، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الْقَاف وبالعين الْمُهْملَة: جمع بقْعَة، كالنطف والنطفة، والبقعة فِي الأَصْل قِطْعَة من الأَرْض يُخَالف لَوْنهَا لون مَا يَليهَا، وَفِي بعض النّسخ، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْقَاف، جمع بقْعَة: كتمرة وتمر، مِمَّا يفرق بَين الْجِنْس الْوَاحِد مِنْهُ بِالتَّاءِ.
.

     وَقَالَ  التَّيْمِيّ: بريد بالبقعة الْأَثر.
قَالَ أهل اللُّغَة: البقع اخْتِلَاف اللونين، يُقَال: غراب أبقع.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: البقع بقع الْمَنِيّ وطبعه.
قلت: هَذَا لَيْسَ بِشَيْء، لِأَن فِي الحَدِيث صرح: وَإِن بقع المَاء، وَوَقع عِنْد ابْن مَاجَه: وَأَنا أرى أثر الْغسْل فِيهِ، يَعْنِي لم يجِف.
وَمن أَحْكَام هَذَا الحَدِيث: أَنه حجَّة للحنفية فِي قَوْلهم: إِن الْمَنِيّ نجس، لقَوْل عَائِشَة: كنت أغسل الْجَنَابَة من ثوب النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقَوْلها: كنت، يدل على تكْرَار هَذَا الْفِعْل مِنْهَا، فَهَذَا أدل دَلِيل على نَجَاسَة الْمَنِيّ.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَالْحَدِيث حجَّة لمن قَالَ بِنَجَاسَة الْمَنِيّ.
قلت: لَا حجَّة لَهُ لاحْتِمَال أَن يكون غسله بِسَبَب أَن مَمَره كَانَ نجسا، أَو بِسَبَب اخْتِلَاطه برطوبة فرجهَا، على مَذْهَب من قَالَ بِنَجَاسَة رُطُوبَة فرجهَا.
انْتهى.
قلت بلَى: لَهُ حجَّة، وتعليله بِهَذَا لدعواه لَا يُفِيد شَيْئا، لِأَن المشرحين من الْأَطِبَّاء الأقدمين قَالُوا: إِن مُسْتَقر الْمَنِيّ فِي غير مُسْتَقر الْبَوْل، وَكَذَلِكَ مخرجاهما، وَأما نَجَاسَة رُطُوبَة فرج الْمَرْأَة فَفِيهَا خلاف عِنْدهم.
وَمن أَحْكَامه: خدمَة الْمَرْأَة لزَوجهَا فِي غسل ثِيَابه وَنَحْو ذَلِك، خُصُوصا إِذا كَانَ من أَمر يتَعَلَّق بهَا، وَهُوَ من حسن الْعشْرَة وَجَمِيل الصُّحْبَة.
وَمِنْهَا: نقل أَحْوَال المقتدى بِهِ، وَإِن كَانَ يستحي من ذكرهَا عَادَة.
وَمِنْهَا: خُرُوج الْمُصَلِّي إِلَى الْمَسْجِد بِثَوْبِهِ الَّذِي غسل مِنْهُ الْمَنِيّ قبل جفافه.


رقم الحديث 230 [23] حدّثنا قتَيْبةُ قَالَ حَدثنَا يَزيدُ قَالَ حدّثنا عَمْرٌ وعنْ سُلَيْمانَ بِنْ يَسارٍ قالَ سمِعْتُ عائِشَةَ ح وحدّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدثنَا عَبْدُ الوَاحِدِ قَالَ حَدثنَا عَمروُ بنُ مَيْمُونٍ عنْ سْلَيْمانَ بنِ يسارٍ قَالَ سَألْتُ عائِشةَ عَن المَنِيِّ يُصِيبُ الثِّوْبَ فَقالَتْ كُنْتُ أَغْسِلُهُ مِنْ ثَوْبِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَخْرُجُ إِلَيّ الصَّلاةِ وأثَرُ الغَسْلِ فِي ثَوْبِهِ بُقَعُ المَاءِ.
اخْرُج البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث عَن خَمْسَة أنفس، ثَلَاثَة مِنْهُم فِي هَذَا الْبَاب، وهم: عَبْدَانِ وقتيبة ومسدد، وإثنان مِنْهُم فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيهِ، وهما: مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَعَمْرو بن خَالِد، وَقد ذكرُوا عَن قريب، وَذكرنَا أَيْضا من أخرجه غَيره.
وَرِجَاله هَهُنَا سَبْعَة: قُتَيْبَة بن سعيد، وَقد تقدم فِي بَاب السَّلَام من الاسلام.
وَالثَّانِي: يزِيد، من الزِّيَادَة، وَذكره البُخَارِيّ غير مَنْسُوب مُجَردا، وَاخْتلف فِيهِ، فَقيل: هُوَ يزِيد بن زُرَيْع، وَقيل: يزِيد بن هَارُون، وَكِلَاهُمَا رويا عَن عَمْرو بن مَيْمُون، وَوَقع فِي رِوَايَة الْفربرِي: ابْن حَمَّاد بن شَاكر: هَكَذَا حَدثنَا يزِيد، غير مَنْسُوب، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن السكن، أحد الروَاة عَن الْفربرِي: حَدثنَا يزِيد، يَعْنِي ابْن زُرَيْع.
وَكَذَا أَشَارَ إِلَيْهِ الكلاباذي، وَرجح الشَّيْخ قطب الدّين الْحلَبِي فِي شَرحه أَنه ابْن هَارُون، قَالَ: لِأَنَّهُ لم يُوجد من رِوَايَة ابْن زُرَيْع، وَوجد من رِوَايَة ابْن هَارُون،.

     وَقَالَ  بَعضهم: لَا يلْزم من عدم الوجدان عدم الْوُجُود، وَقد جزم أَبُو مَسْعُود بِأَنَّهُ رَوَاهُ، فَدلَّ على وجدانه.
قلت: لَيْسَ كَذَلِك، فَإِن أَبَا مَسْعُود مَا جزم بِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ: يُقَال: هُوَ ابْن هَارُون: لَا إِبْنِ زُرَيْع؛ وَرَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق الدَّوْرَقِي، وَأحمد بن منيع ويوسف بن مُوسَى قَالُوا: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون وَرَوَاهُ أَبُو نعيم من حَدِيث الْحَارِث بن أبي أُسَامَة أخبرنَا يزِيد بن هَارُون وَرَوَاهُ أَبُو نصر السجْزِي فِي ( فَوَائده) من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد التَّيْمِيّ، حَدثنَا يزِيد بن هَارُون قَالَ أَبُو نصر: أخرجه البُخَارِيّ عَن قُتَيْبَة عَن يزِيد بن هَارُون.
.

     وَقَالَ  الجياني: حَدثنَا أَبُو عمر النمري حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك حَدثنَا ابْن الْأَعرَابِي أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك حَدثنَا يزِيد بن هَارُون أخبرنَا عَمْرو.
انْتهى.
وَرجح هَذَا الْقَائِل كَلَامه فِي كَون يزِيد هَذَا ابْن زُرَيْع لَا ابْن هَارُون بشيئين لَا ينْهض كَلَامه بهما.
أَولهمَا: بقوله: وَقد خرجه الْإِسْمَاعِيلِيّفَاسد.
وَأَيْضًا من أَيْن عرفنَا أَنه أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد؟ وَمن أَيْن عرفنَا أَنه وقف على هَذَا أَو لم يقف؟ وَلَكِن كل ذَلِك تخمين بتخبيط.
قَوْله: ( فَلم يذهب اثره) : الْفَاء، فِيهِ للْعَطْف لَا للجزاء.
لقَوْله: ( إِذا غسل) ، لِأَن جزاءه مَحْذُوف تَقْدِيره: صَحَّ صلَاته، أَو نَحْو ذَلِك، وَالضَّمِير فِي: أَثَره، يرجع إِلَى كل وَاحِد من غسل الْجَنَابَة وَغَيرهَا.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَلم يذهب أَثَره: أَي أثر الْغسْل.
.

     وَقَالَ  بَعضهم، وَأعَاد الضَّمِير مذكراً على المعني أَي: فَلم يذهب أثر الشَّيْء المغسول.
قلت: كَلَام الْكرْمَانِي أوجه، لِأَن الْمَعْنى على أَن بَقَاء أثر الْغسْل لَا يضر لإبقاء المغسول، اللَّهُمَّ إلاَّ إِذا عسر إِزَالَة أثر المغسول، فَلَا يضر حِينَئِذٍ للْحَرج، وَهُوَ مَدْفُوع شرعا.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي؛ فِي بعض النّسخ: أَثَرهَا، اي: أثر الْجَنَابَة.
قلت: إِن صحت هَذِه النُّسْخَة فَلَا حَاجَة إِلَى التَّأْوِيل الْمَذْكُور، وَلَكِن تَفْسِيره بقوله: أَي، أثر الْجَنَابَة يرجع إِلَى تَفْسِير الْقَائِل الْمَذْكُور، وفساده ظَاهر.