فهرس الكتاب

- باب غسل الدم

رقم الحديث 238 [238] حدّثنا أَبُو الْيَمَان قالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ قَالَ إأخبرنا أبُو الزِّنادِ أنَّ عَبْدَ الرَّحْمانِ بنَ هُرْمُزَ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنْهُ تَعَالَى أنَّهُ سَمِعَ رَسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول نحْنُ الآخَرُونَ السَّابِقُونَ باسْنَادِهِ قَالَ لاَ يَبُولَنَّ احَدُكُمْ فِي الماءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي ثُمَّ يَغْتَسَلُ فِيهِ.
هَذَانِ حديثان مستقلان، ومطابقة الحَدِيث الثَّانِي للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأما الْحِكْمَة فِي تَقْدِيم الحَدِيث الأول فقد اخْتلفُوا فِيهَا فَقَالَ ابْن بطال: يحْتَمل أَن يكون أَبُو هُرَيْرَة سمع ذَلِك من النَّبِي ت وَمَا بعده فِي نسق وَاحِد،.
فَحدث بهما جَمِيعًا وَيحْتَمل أَن يكون همام فعل ذَلِك لِأَنَّهُ سَمعهَا من أبي هُرَيْرَة وإلاَّ فَلَيْسَ فِي الحَدِيث مُنَاسبَة للتَّرْجَمَة.
قيل: فِي الِاحْتِمَال الأول نظر لتعذره.
وَلِأَنَّهُ مَا بلغنَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حفظ عَنهُ أحد فِي مجْلِس وَاحِد مِقْدَار هَذِه النُّسْخَة صَحِيحا إِلَّا أَن يكون من الْوَصَايَا الْغَيْر الصَّحِيحَة، وَلَا يقرب من الصَّحِيح.
.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنِير: مَا حَاصله أَن هما مَا رَاوِيه، روى جملَة أَحَادِيث عَن أبي هُرَيْرَة استفتحها لَهُ أَبُو هُرَيْرَة بِحَدِيث نَحن الْآخرُونَ فَصَارَ همام كلما حدث عَن أبي هُرَيْرَة ذكر الْجُمْلَة من أَولهَا، وَتَبعهُ البُخَارِيّ فِي ذَلِك، وَكَذَلِكَ فِي مَوَاضِع أُخْرَى من كِتَابه فِي كتاب: الْجِهَاد والمغازي وَالْإِيمَان وَالنُّذُور وقصص الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، والاعتصام ذكر فِي أوائلها كلهَا نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنِير: هُوَ حَدِيث وَاحِد، فَإِذا كَانَ وَاحِدًا تكون الْمُطَابقَة فِي آخر الحَدِيث.
وَفِيه نظر لِأَنَّهُ لَو كَانَ وَاحِدًا لما فَصله البُخَارِيّ بقوله: ( وبأسناده) وَأَيْضًا فَقَوله: نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ طرف من حَدِيث مَشْهُور فِي ذكر يَوْم الْجُمُعَة لَو رَاعى البُخَارِيّ مَا ادَّعَاهُ لساق الْمَتْن بِتَمَامِهِ، وَيُقَال: الْحِكْمَة فِي هَذَا أَن حَدِيث نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ، أول الحَدِيث فِي صحيفَة همام عَن أبي هُرَيْرَة، وَكَانَ همام إِذا رُؤِيَ الصَّحِيفَة استفتج بِذكر، ثمَّ سرد الْأَحَادِيث، فواقه البُخَارِيّ هَاهُنَا وَيُقَال: الْحِكْمَة فِيهِ أَن من عَادَة الْمُحدثين ذكر الحَدِيث جملَة لتَضَمّنه مَوضِع الدّلَالَة الْمَطْلُوبَة، وَلَا يكون مَا فِيهِ مَقْصُودا بالاستدلال، وَإِنَّمَا جَاءَ تبعا لموْضِع الدَّلِيل وَفِيه نظر، وَلَا يخفى.
وَقَالَ الْكرْمَانِيوَقَالَ ابنُ المُسَيِّبَ والشَّعْبِي إِذا صلَّى وَفِي ثَوْبِهِ دَمٌ أَوْ جَنَابَةٌ أَو لِغَيْرِ القِبْلَةِ أَوْ تَيَمَمَ وصلَّى ثُمَّ أَدْرَكَ الماءَ فِي وَقْتِهِ لَا يُعيدُ وَقع للأكثرين: ( وَقَالَ ابْن الْمسيب:) وَوَقع للمستملي والسرخسي: وَكَانَ ابْن الْمسيب، يدل، قَالَ: فَإِن قلت: فعلى هَذَا يَنْبَغِي أَن يثنى الضَّمِير، لِأَن الْمَذْكُور اثْنَان وهم: ابْن الْمسيب وَالشعْبِيّ.
قلت: أَرَادَ كلَّ وَاحِد مِنْهُمَا فَإِن ابْن الْمسيب هُوَ سعيد، وَالشعْبِيّ هُوَ عَامر، وَهَذَا الْأَثر بِمَا يُطَابق التَّرْجَمَة إِذا عمل بِظَاهِرِهِ على الْإِطْلَاق أما إِذا قيل: المُرَاد من قَوْله: دم أقل من قدر الدِّرْهَم عِنْد من يرى ذَلِك، أَو شَيْء يسير عِنْد من ذهب إِلَى أَن الْيَسِير عَفْو فَلَا يُطَابق التَّرْجَمَة على مَا لَا يخفى، وَكَذَلِكَ الْجَنَابَة لَا تطابق عِنْد من يرَاهُ طَاهِرا وَالْمرَاد من الْجَنَابَة أَثَرهَا وَهُوَ الْمَنِيّ، أَو فِيهِ إِطْلَاق الْجَنَابَة على الْمَنِيّ من قبيل ذكر الْمسيب، وَإِرَادَة السَّبَب.
قَوْله: ( أَو لغير الْقبْلَة) أَي: أَو صلى لغير الْقبْلَة على اجْتِهَاده، ثمَّ تبين الْخَطَأ قَوْله: ( أَو تيَمّم) أَي: عِنْد عدم المَاء، وكل هَذِه قيود لَا بُد مِنْهَا على مَا لَا يخفى.
قَوْله: ( وَلَا يُعِيد) أَي: الصَّلَاة، وَذكر ابْن بطال عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَسَالم وَعَطَاء وَالنَّخَعِيّ وَمُجاهد وَالزهْرِيّ وَطَاوُس: أَنه إِذا صلى فِي ثوب نجس، ثمَّ علم بِهِ بعد الصَّلَاة، لَا إِعَادَة عَلَيْهِ وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَإِسْحَاق وَأبي ثَوْر، وَعَن ربيعَة وَمَالك: يُعِيد فِي الْوَقْت، وَعَن الشَّافِعِي: يُعِيد أبدا، وَبِه قَالَ أَحْمد، رَحمَه الله تَعَالَى.