فهرس الكتاب

ذكر المصطفيات من المجهولات الأسماء

ذكر المصطفيات من المجهولات الأسماء 784 عابدة عن أبي جعفر السائح قال: رأيت عجوزاً في بيت المقدس تقول: حججت ماشية اثنتي عشرة حجة ما ركبت فيها، أشتري كل سنة بأربعة دراهم سقطاً فيكون زادي في ذهابي ومنصرفي.
قال: فقلت لها: في بيت المقدس مثلك من المتعبدات؟ قال فذكرت نسوة يفعلن مثل ما تفعل.
قالت: فإذا رجعنا حملنا مغازلنا إلى المسجد فلا نخرج منه إلا لحدث أو لحاجة.
قلت: وكم بقي اليوم من هذه الصفة؟ قالت: نحو من عشرة.
قلت: فمن أعبدكن؟ قالت: امرأة من قريش ما نراها تكلم أحد إنما هي في الصلاة قائمة وراكعة وساجدة يأتيها أهلها بما يصلحها.
785 عابدة أخرى عن أبي سليمان الداراني قال: حدثني سعيد الإفريقي قال: كنت ببيت المقدس مع أصحاب لي فيالمسجد فإذا أنا بجارية عليها درع شعر وخمار من صوف، فإذا هي تقول: إلهي وسيدي ما أضيق الطريق على من لم تكن دليله وأوحش خلوة من لم تكن أنيسه.
فقلت: يا جارية ما قطع الخلق عن الله عز وجل؟ قالت: حب الدنيا إلا أن لله عز وجل عباداً أسقاهم م نحبه شربة فولهت قلوبهم فلم يحبوا مع الله عز وجل غيره.
ثم قالت تنشد: تزود قريناً من فعالك إنما ... قرين الفتى في القبر ما كان يعمل ألا إنما الإنسان ضيف لأهله ... يقيم قليلاً عندهم ثم يرحل 786 عابدة أخرى عن أبي جعفر السائح قال: رأيت امرأة في بيت المقدس في متعبد لها عليها مدرعة من شعر وخمار من شعر، وسوار من حديد، وكان لها سلسلة تعلق بها نفسها بالليل.
فقلت لها: منذ متى أخذت فيما أنت فيه؟ قالت: منذ ثمان سنين.
قال: ورأيت نسوة كثيرة عليهم مدارع صوف وخمر، معتكفات في المسجد لا يتكلمن بالنهار.
787 عابدة أخرى عثمان الرجاني قال: خرجت من بيت المقدس أريد بعض القرى في حاجة فلقيتني عجوز عليها جبة صوف وخمار صوف.
فسلمت عليها فردت علي السلام.
ثم قالت: يا فتى من أين أقبلت؟ فقلت: من هذه القرية.
قالت: وأين تريد؟ قلت: إلى بعض القرى في حاجة.
قالت: كم بينك وبين أهلك ومنزلك؟ قلت: ثمانية عشر ميلاً.
قالت: ثمانية عشر ميلاً في حاجة؟ إن هذه لحاجة مهمة، قلت: أجل.
قالت: فما اسمك؟ قلت: عثمان.
فقالت: يا عثمان ألا سألت صاحب القرية أن يوجه إليك بحاجتك ولا تتعنى؟ قال: ولم أعلم الذي أرادت، قلت: يا عجوز ليس بيني وبين صاحب القرية معرفة، قالت: يا عثمان وما الذي أوحش بينك وبين معرفته وقطع بينك وبين الاتصال به؟ فعرفت الذي أرادت فبكيت، فقالت: من أي شيء تبكي؟ من شيء كنت فعلته ونسيته أو من شيء أنسته وذكرته؟ قلت: لا بل من شيء كنت أنسيته وذكرته.
قالت: يا عثمان أحمد الله عز وجل الذي لم يتركك في حيرتك، أتحب الله عز وجل؟ قلت: نعم.
قالت: فاصدقني، قلت: إي والله إني لأحب الله عز وجل.
قالت: فما الذي أفادك من طرائف حكمته إذ أوصلك إلى محبته؟ قالت: فبقيت لا أدري ما أقول؟ فقالت: يأبى الله عز وجل أن يدنس طرائف حكمته وخفي معرفته ومكنون محبته بممارسة قلوب البطالين.
قلت: رحمك الله لو دعوت الله عز وجل أن يشغلني من محبته.
فنفضت يديها في وجهي.
فأعدت القول أقتضي الدعاء.
فقالت: يا عبد الله امض لحاجتك، فقد علم المحبوب ما ناجاه الضمير من أجلك.
ثم ولت وقالت: لولا خوف السلب لبحث بالعجب.
ثم قالت أوه من شوق لا يبرأ إلا بك، ومن حنين لا يسكن إلا إليك، فأين لوجهي الحياء منك؟ وأين لعقلي الرجوع إليك؟.
قال عثمان: فوالله ما ذكرت إلا بكيت وغشي علي.