فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ كَرَاهَةِ الْإِمَارَةِ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ

باب كَرَاهَةِ الْإِمَارَةِ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ
[ سـ :3512 ... بـ :1825]
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ حَدَّثَنِي أَبِي شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ ابْنِ حُجَيْرَةَ الْأَكْبَرِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي قَالَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةُ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ الْحَضَرِيِّ عَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ الْأَكْبَرِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ ) هَكَذَا وَقَعَ هَذَا الْإِسْنَادُ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا ( يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ بَكْرٍ ) وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ نُسْخَةِ الْجُلُودِيِّ الَّتِي هِيَ طَرِيقُ بِلَادِنَا ، قَالَ وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ مَاهَانَ ( حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ وَبَكْرٌ ) بِوَاوِ الْعَطْفِ ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ ، قَالَهُ عَبْدُ الْغَنِيِّ ، قُلْتُ : وَلَمْ يَذْكُرْ خَلَفٌ الْوَاسِطِيُّ فِي الْأَطْرَافِ غَيْرَهُ ، وَاسْمُ ابْنِ حُجَيْرَةَ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، وَهُوَ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ جِيمٍ مَفْتُوحَةٍ ، وَاسْمُ أَبِي حَبِيبٍ : سُوَيْدٌ ، وَفِي هَذَا الْإِسْنَادِ أَرْبَعَةٌ تَابِعِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ ، وَهِمَ يَزِيدُ وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ .




[ سـ :3513 ... بـ :1826]
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ كِلَاهُمَا عَنْ الْمُقْرِئِ قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْقُرَشِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ

قَوْلُهُ فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي بَعْدَهُ : ( حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ كِلَاهُمَا عَنِ الْمُقْرِي ، قَالَ زُهَيْرٌ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْقُرَشِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ ) قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِهِ : اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، وَلَمْ يَحْكُمِ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيهِ بِشَيْءٍ ، فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ إِسْنَادًا وَمَتْنًا ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ أَحْفَظُ مِنَ ابْنِ لَهِيعَةَ ، وَأَمَّا الْمُقْرِئُ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ فَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمَذْكُورُ عَقِبَهُ ، وَاسْمُ أَبِي أَيُّوبَ وَالِدِ سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ : مِقْلَاصٌ الْخُزَاعِيُّ الْمِصْرِيُّ ، وَاسْمُ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ : سُفْيَانُ بْنُ هَانِئٍ ، مَنْسُوبٌ إِلَى جَيْشَانَ - بِفَتْحِ الْجِيمِ - قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ ، وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا ، وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي ، لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ ، وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ .

هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي اجْتِنَابِ الْوِلَايَاتِ ، لَا سِيَّمَا لِمَنْ كَانَ فِيهِ ضَعْفٌ عَنِ الْقِيَامِ بِوَظَائِفِ تِلْكَ الْوِلَايَةِ ، وَأَمَّا الْخِزْيُ وَالنَّدَامَةُ فَهُوَ حَقُّ مَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لَهَا ، أَوْ كَانَ أَهْلًا وَلَمْ يَعْدِلْ فِيهَا فَيُخْزِيهِ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَفْضَحُهُ ، وَيَنْدَمُ عَلَى مَا فَرَّطَ ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ ، وَعَدَلَ فِيهَا ، فَلَهُ فَضْلٌ عَظِيمٌ ، تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ كَحَدِيثِ : " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ " ، وَالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ هُنَا عَقِبَ هَذَا ( أَنَّ الْمُقْسِطِينَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ ) وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَإِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ مُنْعَقِدٌ عَلَيْهِ ، وَمَعَ هَذَا فَلِكَثْرَةِ الْخَطَرِ فِيهَا حَذَّرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا ، وَكَذَا حَذَّرَ الْعُلَمَاءُ ، وَامْتَنَعَ مِنْهَا خَلَائِقُ مِنَ السَّلَفِ ، وَصَبَرُوا عَلَى الْأَذَى حِينَ امْتَنَعُوا .