فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ

باب صَلَاةِ الْجُمُعَةِ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ
[ سـ :1478 ... بـ :858]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَرْجِعُ فَنُرِيحُ نَوَاضِحَنَا قَالَ حَسَنٌ فَقُلْتُ لِجَعْفَرٍ فِي أَيِّ سَاعَةٍ تِلْكَ قَالَ زَوَالَ الشَّمْسِ

بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ

قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ : ( كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ نَرْجِعُ فَنُرِيحُ نَوَاضِحَنَا ) وَفُسِّرَ الْوَقْتُ بِزَوَالِ الشَّمْسِ . وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ ) ، وَفِي حَدِيثِ سَهْلٍ : ( مَا كُنَّا نَقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إِلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ ) وَفِي حَدِيثِ سَلَمَةَ : ( كُنَّا نُجَمِّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ نَرْجِعُ نَتَتَبَّعُ الْفَيْءَ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( مَا نَجِدُ لِلْحِيطَانِ فَيْئًا نَسْتَظِلُّ بِهِ ) .

هَذِهِ الْأَحَادِيثُ ظَاهِرَةٌ فِي تَعْجِيلِ الْجُمُعَةِ ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ : لَا تَجُوزُ الْجُمُعَةُ إِلَّا بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي هَذَا إِلَّا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ ، فَجَّوَزَاهَا قَبْلَ الزَّوَالِ ، قَالَ الْقَاضِي : وَرُوِيَ فِي هَذَا أَشْيَاءُ عَنِ الصَّحَابَةِ لَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ إِلَّا مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ ، وَحَمَلَ الْجُمْهُورُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي تَعْجِيلِهَا ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يُؤَخِّرُونَ الْغَدَاءَ وَالْقَيْلُولَةَ فِي هَذَا الْيَوْمِ إِلَى مَا بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ، لِأَنَّهُمْ نُدِبُوا إِلَى التَّبْكِيرِ إِلَيْهَا . فَلَوِ اشْتَغَلُوا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَهَا خَافُوا فَوْتَهَا أَوْ فَوْتَ التَّبْكِيرِ إِلَيْهَا .

وَقَوْلُهُ : ( نَتَتَبَّعُ الْفَيْءَ ) إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِشِدَّةِ التَّبْكِيرِ وَقِصَرِ حِيطَانِهِ وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ كَانَ قَدْ صَارَ فَيْئًا يَسِيرًا .

قَوْلُهُ : ( فَيْئًا نَسْتَظِلُّ بِهِ ) مُوَافِقٌ لِهَذَا فَإِنَّهُ لَمْ يَنْفِ الْفَيْءَ مِنْ أَصْلِهِ ، وَإِنَّمَا نَفَى مَا يُسْتَظَلُّ بِهِ وَهَذَا مَعَ قِصَرِ الْحِيطَانِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ بَعْدَ الزَّوَالِ مُتَّصِلَةً بِهِ .

قَوْلُهُ : ( نُرِيحُ نَوَاضِحَنَا ) هُوَ جَمْعُ نَاضِحٍ وَهُوَ الْبَعِيرُ الَّذِي يُسْتَقَى بِهِ ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْضَحُ الْمَاءَ أَيْ يَصُبُّهُ . وَمَعْنَى نُرِيحُ : أَيْ نُرِيحُهَا مِنَ الْعَمَلِ وَتَعَبِ السَّقْيِ فَنُخَلِّيهَا مِنْهُ . وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الرَّوَاحَ لِلرَّعْيِ . قَوْلُهُ : ( كُنَّا نُجَمِّعُ ) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ نُصَلِّي الْجُمُعَةَ .