فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابٌ فِي الْآيَاتِ الَّتِي تَكُونُ قَبْلَ السَّاعَةِ

باب فِي الْآيَاتِ الَّتِي تَكُونُ قَبْلَ السَّاعَةِ
[ سـ :5293 ... بـ :2901]
حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ قَالَ إِسْحَقُ أَخْبَرَنَا وَقَالَ الْآخَرَانِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ مَا تَذَاكَرُونَ قَالُوا نَذْكُرُ السَّاعَةَ قَالَ إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ فَذَكَرَ الدُّخَانَ وَالدَّجَّالَ وَالدَّابَّةَ وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ

قَوْلُهُ : ( عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ ) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ السِّينِ .

قَوْلُهُ : ( عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ فُرَاتٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ ) هَذَا الْإِسْنَادُ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ ، وَقَالَ : وَلَمْ يَرْفَعْهُ غَيْرُ فُرَاتٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ . قَالَ : وَرَوَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ مَوْقُوفًا . هَذَا كَلَامُ الدَّارَقُطْنِيُّ . وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ رِوَايَةَ ابْنِ رُفَيْعَ مَوْقُوفَةً كَمَا قَالَ ، وَلَا يَقْدَحُ هَذَا فِي الْحَدِيثِ ; فَإِنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ رُفَيْعٍ ثِقَةٌ حَافِظٌ مُتَّفَقٌ عَلَى تَوْثِيقِهِ ، فَزِيَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ .

قَوْلُهُ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةِ : ( لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ فَذَكَرَ الدُّخَانَ وَالدَّجَّالَ ) هَذَا الْحَدِيثُ يُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّ الدُّخَانَ دُخَانٌ يَأْخُذُ بِأَنْفَاسِ الْكُفَّارِ ، وَيَأْخُذُ الْمُؤْمِنُ مِنْهُ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِ السَّاعَةِ ، وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ بَدْءِ الْخَلْقِ قَوْلُ مَنْ قَالَ هَذَا ، وَإِنْكَارُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَيْهِ ، وَأَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَمَّا نَالَ قُرَيْشًا مِنَ الْقَحْطِ حَتَّى كَانُوا يَرَوْنَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ ، وَقَدْ وَافَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ جَمَاعَةً ، وَقَالَ بِالْقَوْلِ الْآخَرِ حُذَيْفَةُ وَابْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ ، وَرَوَاهُ حُذَيْفَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنَّهُ يَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا دُخَانَانِ لِلْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْآثَارِ . وَأَمَّا الدَّابَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : هِيَ دَابَّةٌ عَظِيمَةٌ تَخْرُجُ مِنْ صَدْعٍ فِي الصَّفَا . وَعَنِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهَا الْجَسَّاسَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمِ ) وَفِي رِوَايَةٍ ( نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قُعْرَةِ عَدَنٍ ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ : ( قُعْرَةِ ) بِالْهَاءِ وَالْقَافُ مَضْمُومَةٌ ، وَمَعْنَاهُ مِنْ أَقْصَى قَعْرِ أَرْضِ عَدَنٍ ، وَعَدَنُ مَدِينَةٌ مَعْرُوفَةٌ مَشْهُورَةٌ بِالْيَمَنِ . قَالَ الّمَاوَرْدِيُّ : سُمِّيَتْ عَدَنًا مِنَ الْعُدُونِ ، وَهِيَ الْإِقَامَةُ ; لِأَنَّ تُبَّعًا كَانَ يَحْبِسُ فِيهَا أَصْحَابَ الْجَرَائِمَ ، وَهَذِهِ النَّارُ الْخَارِجَةُ مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ وَالْيَمَنِ هِيَ الْحَاشِرَةُ لِلنَّاسِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ .

أَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ : لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى فَقَدْ جَعَلَهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ حَاشِرَةً قَالَ : لَعَلَّهُمَا نَارَانِ يَجْتَمِعَانِ لِحَشْرِ النَّاسِ ، قَالَ : أَوْ يَكُونُ ابْتِدَاءُ خُرُوجِهَا مِنَ الْيَمَنِ ، وَيَكُونُ ظُهُورُهَا وَكَثْرَةُ قُوَّتِهَا بِالْحِجَازِ . هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ نَارَ الْحِجَازِ مُتَعَلِقَةٌ بِالْحَشْرِ ، بَلْ هِيَ آيَةٌ مِنْ أَشْرِاطِ السَّاعَةِ مُسْتَقِلَّةٌ وَقَدْ خَرَجَتْ فِي زَمَانِنَا نَارٌ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ ، وَكَانَتْ نَارًا عَظِيمَةً جِدًّا مِنْ جَنْبِ الْمَدِينَةِ الشَّرْقِيِّ وَرَاءَ الْحَرَّةِ ، تَوَاتَرَ الْعِلْمُ بِهَا عِنْدَ جَمِيعِ الشَّامِ وَسَائِرِ الْبُلْدَانِ ، وَأَخْبَرَنِي مَنْ حَضَرَهَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ .

قَوْلُهُ : ( عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ ) هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَرْحَلُ النَّاسَ ) هُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمُخَفَّفَةِ ، هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ ، وَهَكَذَا ضَبَطَهُ الْجُمْهُورُ ، وَكَذَا نَقَلَ الْقَاضِي عَنْ رِوَايَتِهِمْ ، وَمَعْنَاهُ تَأْخُذُهُمْ بِالرَّحِيلِ ، وَتُزْعِجُهُمْ ، وَيَجْعَلُونَ يَرْحَلُونَ قُدَّامَهَا ، وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُ رَحْلِهَا النَّاسَ وَحَشْرِهَا إِيَّاهُمْ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى ) هَكَذَا الرِّوَايَةُ ( تُضِيءُ أَعْنَاقَ ) ، وَهُوَ مَفْعُولُ تُضِيءُ ، يُقَالُ : أَضَاءَتِ النَّارُ وَأَضَاءَتْ غَيْرُهَا وَبُصْرَى بِضَمِّ الْبَاءِ مَدِينَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِالشَّامِ ، وَهِيَ مَدِينَةُ حُورَانَ ، بَيْنَهَا وَبَيْنَ دِمَشْقَ نَحْوُ ثَلَاثِ مَرَاحِلَ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَبْلُغُ الْمَسَاكِنُ إِهَابَ أَوْ يَهَابَ ) أَمَّا ( إِهَابُ ) فَبِكَسْرِ الْهَمْزَةِ ، وَأَمَّا ( يَهَابُ ) فَبِيَاءٍ مُثَنَّاةٍ تَحْتٌ مَفْتُوحَةٌ وَمَكْسُورَةٌ ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي فِي الشَّرْحِ وَالْمَشَارِقِ إِلَّا الْكَسْرَ ، وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ بَعْضِهِمْ ( نَهَابَ ) بِالنُّونِ ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ مَوْضِعٌ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ عَلَى أَمْيَالٍ مِنْهَا .