فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ تَحْرِيمِ قَتْلِ الْهِرَّةِ

باب تَحْرِيمِ قَتْلِ الْهِرَّةِ
[ سـ :4278 ... بـ :2242]
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ وَحَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ مَعْنَاهُ وَحَدَّثَنَاه هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ ، لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا ، وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( رَبَطَتْهَا ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( تَأْكُلُ مِنْ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ ) . مَعْنَاهُ عُذِّبَتْ بِسَبَبِ هِرَّةٍ . وَمَعْنَى ( دَخَلَتْ فِيهَا ) أَيْ بِسَبَبِهَا .

وَ ( خَشَاشُ الْأَرْضِ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا وَضَمِّهَا حَكَاهُنَّ فِي الْمَشَارِقِ ، الْفَتْحُ أَشْهَرُ ، وَرُوِيَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ، وَالصَّوَابُ الْمُعْجَمَةُ ، وَهِيَ هَوَامُّ الْأَرْضِ وَحَشَرَاتُهَا كَمَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ . وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَوْ غَلَطٌ .

وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِتَحْرِيمِ قَتْلِ الْهِرَّةِ ، وَتَحْرِيمِ حَبْسِهَا بِغَيْرِ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ . وَأَمَّا دُخُولُهَا النَّارَ بِسَبَبِهَا فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهَا كَانَتْ مُسْلِمَةً ، وَإِنَّمَا دَخَلَتِ النَّارَ بِسَبَبِ الْهِرَّةِ . وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّهَا كَافِرَةٌ عُذِّبَتْ بِكُفْرِهَا ، وَزِيدَ فِي عَذَابِهَا بِسَبَبِ الْهِرَّةِ ، وَاسْتَحَقَّتْ ذَلِكَ لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ مُؤْمِنَةً تُغْفَرُ صَغَائِرُهَا بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ . هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي ، وَالصَّوَابُ مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهَا كَانَتْ مُسْلِمَةً ، وَأَنَّهَا دَخَلَتِ النَّارَ بِسَبَبِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ ، وَهَذِهِ الْمَعْصِيَةُ لَيْسَتْ صَغِيرَةً ، بَلْ صَارَتْ بِإِصْرَارِهَا كَبِيرَةً ، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهَا تَخْلُدُ فِي النَّارِ ، وَفِيهِ وُجُوبُ نَفَقَةِ الْحَيَوَانِ عَلَى مَالِكِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .