فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ فَضْلِ إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ

باب فَضْلِ إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ
[ سـ :402 ... بـ :251]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ جَمِيعًا عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ ابْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ حَدَّثَنِي إِسْحَقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا مَعْنٌ حَدَّثَنَا مَالِكٌ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ جَمِيعًا عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ ذِكْرُ الرِّبَاطِ وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ ثِنْتَيْنِ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ

( بَابُ السِّوَاكِ ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : السِّوَاكُ بِكَسْرِ السِّينِ ، وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى الْفِعْلِ وَعَلَى الْعُودِ الَّذِي يُتَسَوَّكُ بِهِ ، وَهُوَ مُذَكَّرٌ ، قَالَ اللَّيْثُ : وَتُؤَنِّثُهُ الْعَرَبُ أَيْضًا قَالَ الْأَزْهَرِيُّ : هَذَا مِنْ عَدَدِ اللَّيْثِ أَيْ مِنْ أَغَالِيطِهِ الْقَبِيحَةِ ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ أَنَّهُ يُؤَنَّثُ وَيُذَكَّرُ ، وَالسَّوْكُ فِعْلُكُ بِالسِّوَاكِ ، وَيُقَالُ : سَاكَ فَمَهَ يَسُوكُهُ سَوْكًا فَإِنْ قُلْتَ : اسْتَاكَ : لَمْ يُذْكَرِ الْفَمُ ، وَجَمْعُ السِّوَاكِ سُوُكٌ بِضَمَّتَيْنِ كَكِتَابٍ وَكُتُبٍ ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا ( سُؤُكٌ ) بِالْهَمْزِ ، ثُمَّ قِيلَ : إِنَّ السِّوَاكَ مَأْخُوذٌ مِنْ سَاكَ إِذَا دَلَكَ ، وَقِيلَ : مِنْ جَاءَتِ الْإِبِلُ تَسَاوَكُ أَيْ تَتَمَايَلُ هُزَالًا . وَهُوَ فِي اصْطِلَاحِ الْعُلَمَاءِ اسْتِعْمَالُ عُودٍ أَوْ نَحْوِهِ فِي الْأَسْنَانِ لِتَذْهَبَ الصُّفْرَةُ وَغَيْرُهَا عَنْهَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

ثُمَّ إِنَّ السِّوَاكَ سُنَّةٌ ، لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ لَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا بِإِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاعِ ، وَقَدْ حَكَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِنِيُّ إِمَامُ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ عَنْ دَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ أَنَّهُ أَوْجَبَهُ لِلصَّلَاةِ ، وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ دَاوُدَ وَقَالَ : هُوَ عِنْدَهُ وَاجِبٌ لَوْ تَرَكَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ ، وَحُكِيَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ أَنَّهُ قَالَ : هُوَ وَاجِبٌ فَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ، وَقَدْ أَنْكَرَ أَصْحَابُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ نَقْلَ الْوُجُوبِ عَنْ دَاوُدَ ، وَقَالُوا : مَذْهَبُهُ أَنَّهُ سُنَّةٌ كَالْجَمَاعَةِ ، وَلَوْ صَحَّ إِيجَابُهُ عَنْ دَاوُدَ لَمْ تَضُرَّ مُخَالَفَتُهُ فِي انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى الْمُخْتَارِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ وَالْأَكْثَرُونَ ، وَأَمَّا إِسْحَاقُ فَلَمْ يَصِحَّ هَذَا الْمَحْكِيُّ عَنْهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

ثُمَّ إِنَّ السِّوَاكَ مُسْتَحَبٌّ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ ، وَلَكِنْ فِي خَمْسَةِ أَوْقَاتٍ أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا : أَحَدُهَا : عِنْدَ الصَّلَاةِ سَوَاءٌ كَانَ مُتَطَهِّرًا بِمَاءٍ أَوْ بِتُرَابٍ ، أَوْ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ كَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا ، الثَّانِي : عِنْدَ الْوُضُوءِ ، الثَّالِثُ : عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ، الرَّابِعُ : عِنْدَ الِاسْتِيقَاظِ مِنَ النَّوْمِ ، الْخَامِسُ : عِنْدَ تَغَيُّرِ الْفَمِ ; وَتَغَيُّرُهُ يَكُونُ بِأَشْيَاءَ مِنْهَا : تَرْكُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ، وَمِنْهَا : أَكْلُ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ ، وَمِنْهَا طُولُ السُّكُوتِ ، وَمِنْهَا : كَثْرَةُ الْكَلَامِ . وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ : أَنَّ السِّوَاكَ يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ لِئَلَّا يُزِيلُ رَائِحَةَ الْخُلُوفِ الْمُسْتَحَبَّةِ ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَاكَ بِعُودٍ مِنْ أَرَاكٍ ، وَبِأَيِّ شَيْءٍ اسْتَاكَ مِمَّا يُزِيلُ التَّغَيُّرَ حَصَلَ السِّوَاكُ كَالْخِرْقَةِ الْخَشِنَةِ وَالسَّعْدِ وَالْأُشْنَانِ ، وَأَمَّا الْإِصْبَعُ فَإِنْ كَانَتْ لَيِّنَةً لَمْ يَحْصُلْ بِهَا السِّوَاكُ ، وَإِنْ كَانَتْ خَشِنَةً فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ لِأَصْحَابِنَا : الْمَشْهُورُ : لَا تُجْزِي ، وَالثَّانِي : تُجْزِي ، وَالثَّالِثُ : تُجْزِي إِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا ، وَلَا تُجْزِي إِنْ وَجَدَ ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَاكَ بِعُودٍ مُتَوَسِّطٍ لَا شَدِيدِ الْيُبْسِ يَجْرَحُ ، وَلَا رَطْبٍ لَا يُزِيلُ ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَاكَ عَرْضًا وَلَا يَسْتَاكَ طُولًا لِئَلَّا يُدْمِي لَحْمَ أَسْنَانِهِ ، فَإِنْ خَالَفَ وَاسْتَاكَ طُولًا حَصَلَ السِّوَاكُ مَعَ الْكَرَاهَةِ ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُمِرَّ السِّوَاكَ أَيْضًا عَلَى طَرَفِ أَسْنَانِهِ وَكَرَاسِيِّ أَضْرَاسِهِ وَسَقْفِ حَلْقِهِ إِمْرَارًا لَطِيفًا ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ فِي سِوَاكِهِ بِالْجَانِبِ الْأَيْمَنِ مِنْ فِيهِ ، وَلَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِ سِوَاكِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُعَوَّدَ الصَّبِيُّ السِّوَاكَ لِيَعْتَادَهُ .