فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ ثُبُوتِ الْجَنَّةِ لِلشَّهِيدِ

باب ثُبُوتِ الْجَنَّةِ لِلشَّهِيدِ
[ سـ :3629 ... بـ :1899]
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيُّ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ وَاللَّفْظُ لِسَعِيدٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ قَالَ رَجُلٌ أَيْنَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ قُتِلْتُ قَالَ فِي الْجَنَّةِ فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ كُنَّ فِي يَدِهِ ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ وَفِي حَدِيثِ سُوَيْدٍ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ

( قَالَ رَجُلٌ : أَيْنَ أَنَا - يَا رَسُولَ اللَّهِ - إِنْ قُتِلْتُ ؟ قَالَ : فِي الْجَنَّةِ ، فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ كُنَّ فِي يَدِهِ ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ) فِيهِ : ثُبُوتُ الْجَنَّةِ لِلشَّهِيدِ . وَفِيهِ : الْمُبَادَرَةُ بِالْخَيْرِ ، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَغَلُ عَنْهُ بِحُظُوظِ النُّفُوسِ .




[ سـ :3630 ... بـ :1900]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ زَكَرِيَّاءَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي النَّبِيتِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ الْمِصِّيصِيُّ حَدَّثَنَا عِيسَى يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ عَنْ زَكَرِيَّاءَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي النَّبِيتِ قَبِيلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمِلَ هَذَا يَسِيرًا وَأُجِرَ كَثِيرًا

قَوْلُهُ : ( وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ الْمِصِّيصِيُّ ) بِالْجِيمِ وَالنُّونِ ، وَأَمَّا ( الْمِصِّيصِيُّ ) فَبِكَسْرِ الْمِيمِ وَالصَّادِ الْمُشَدَّدَةِ ، وَيُقَالُ : بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الصَّادِ ، وَجْهَانِ مَعْرُوفَانِ الْأَوَّلُ أَشْهَرُ ، مَنْسُوبٌ إِلَى الْمِصِّيصَةِ الْمَدِينَةِ الْمَعْرُوفَةِ .

قَوْلُهُ : ( جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي النَّبِيتِ ) هُوَ بِنُونٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ بَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ تَحْتُ سَاكِنَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ فَوْقُ ، وَهُمْ قَبِيلَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ .




[ سـ :3631 ... بـ :1901]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ النَّضْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَأَلْفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ قَالُوا حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ وَهُوَ ابْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُسَيْسَةَ عَيْنًا يَنْظُرُ مَا صَنَعَتْ عِيرُ أَبِي سُفْيَانَ فَجَاءَ وَمَا فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا أَدْرِي مَا اسْتَثْنَى بَعْضَ نِسَائِهِ قَالَ فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ قَالَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَكَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ لَنَا طَلِبَةً فَمَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا فَلْيَرْكَبْ مَعَنَا فَجَعَلَ رِجَالٌ يَسْتَأْذِنُونَهُ فِي ظُهْرَانِهِمْ فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَا إِلَّا مَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى سَبَقُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَى بَدْرٍ وَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُقَدِّمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى شَيْءٍ حَتَّى أَكُونَ أَنَا دُونَهُ فَدَنَا الْمُشْرِكُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ قَالَ يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ قَالَ نَعَمْ قَالَ بَخٍ بَخٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا قَالَ فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ ثُمَّ قَالَ لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ قَالَ فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ التَّمْرِ ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ

قَوْلُهُ : ( بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُسَيْسَةَ عَيْنًا ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ ( بُسَيْسَةَ ) بِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَضْمُومَةٍ ، وَبِسِينَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ تَحْتُ سَاكِنَةٌ ، قَالَ الْقَاضِي : هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ ، قَالَ : وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ ، قَالَ : وَالْمَعْرُوفُ فِي كُتُبِ السِّيرَةِ ( بَسْبَسُ ) بِبَاءَيْنِ مُوَحَّدَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا سِينٌ سَاكِنَةٌ ، وَهُوَ بَسْبَسُ بْنُ عَمْرٍو ، وَيُقَالُ : ابْنُ بِشْرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنَ الْخَزْرَجِ ، وَيُقَالُ : حَلِيفٌ لَهُمْ ، قُلْتُ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ اسْمًا لَهُ وَالْآخَرُ لَقَبًا .

وَقَوْلُهُ : ( عَيْنًا ) أَيْ مُتَجَسِّسًا وَرَقِيبًا .

قَوْلُهُ : ( مَا صَنَعَتْ عَيرُ أَبِي سُفْيَانَ ) هِيَ : الدَّوَابُّ الَّتِي تَحْمِلُ الطَّعَامَ وَغَيْرَهُ مِنَ الْأَمْتِعَةِ ، قَالَ فِي الْمَشَارِقِ : الْعَيرُ هِيَ الْإِبِلُ وَالدَّوَابُّ تَحْمِلُ الطَّعَامَ وَغَيْرَهُ مِنَ التِّجَارَاتِ ، قَالَ : وَلَا تُسَمَّى عَيرًا إِلَّا إِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ : الْعَيْرُ : الْإِبِلُ تَحْمِلُ الْمِيرَةَ ، وَجَمْعُهَا : عِيَرَاتٌ ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الْيَاءِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ لَنَا طَلِبَةً فَمَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا فَلْيَرْكَبْ ) هِيَ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ ، أَيْ : شَيْئًا نَطْلُبُهُ . وَ ( الظَّهْرُ ) الدَّوَابُّ الَّتِي تُرْكَبُ .

قَوْلُهُ : ( فَجَعَلَ رِجَالٌ يَسْتَأْذِنُونَهُ فِي ظُهْرَانِهِمْ ) هُوَ بِضَمِّ الظَّاءِ وَإِسْكَانِ الْهَاءِ ، أَيْ : مَرْكُوبَاتِهِمْ . فِي هَذَا : اسْتِحْبَابُ التَّوْرِيَةِ فِي الْحَرْبِ وَأَلَّا يُبَيِّنَ الْإِمَامُ جِهَةَ إِغَارَتِهِ وَإِغَارَةِ سَرَايَاهُ ؛ لِئَلَّا يَشِيعَ ذَلِكَ فَيَحْذَرَهُمُ الْعَدُوُّ .

قَوْلُهُ : ( فِي عُلُوِّ الْمَدِينَةِ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى شَيْءٍ حَتَّى أَكُونَ أَنَا دُونَهُ ) أَيْ : قُدَّامَهُ مُتَقَدِّمًا فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ لِئَلَّا يَفُوتَ شَيْءٌ مِنَ الْمَصَالِحِ الَّتِي لَا تَعْلَمُونَهَا .

قَوْلُهُ : ( عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ .

قَوْلُهُ : ( بَخٍ بَخٍ ) فِيهِ لُغَتَانِ : إِسْكَانُ الْخَاءِ ، وَكَسْرُهَا مُنَوَّنًا ، وَهِيَ : كَلِمَةٌ تُطْلَقُ لِتَفْخِيمِ الْأَمْرِ وَتَعْظِيمِهِ فِي الْخَيْرِ .

قَوْلُهُ : ( لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا ) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ ( رَجَاءَةَ ) بِالْمَدِّ وَنَصْبِ التَّاءِ ، وَفِي بَعْضِهَا ( رَجَاءَ ) بِلَا تَنْوِينٍ ، وَفِي بَعْضِهَا بِالتَّنْوِينِ مَمْدُودَانِ بِحَذْفِ التَّاءِ ، وَكُلُّهُ صَحِيحٌ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ ، وَمَعْنَاهُ وَاللَّهِ مَا فَعَلْتُهُ لِشَيْءٍ إِلَّا لِرَجَاءِ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا .

قَوْلُهُ : ( فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ ) هُوَ بِقَافٍ وَرَاءٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ نُونٍ ، أَيْ : جُعْبَةِ النُّشَّابِ ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَغَارِبَةِ فِيهِ تَصْحِيفٌ .

قَوْلُهُ : ( لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ ، فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ ) فِيهِ : جَوَازُ الِانْغِمَارِ فِي الْكُفَّارِ ، وَالتَّعَرُّضِ لِلشَّهَادَةِ ، وَهُوَ جَائِزٌ بِلَا كَرَاهَةٍ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ .




[ سـ :3632 ... بـ :1902]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى قَالَ قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا وَقَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي وَهُوَ بِحَضْرَةِ الْعَدُوِّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ فَقَامَ رَجُلٌ رَثُّ الْهَيْئَةِ فَقَالَ يَا أَبَا مُوسَى آنْتَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ هَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَقْرَأُ عَلَيْكُمْ السَّلَامَ ثُمَّ كَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ فَأَلْقَاهُ ثُمَّ مَشَى بِسَيْفِهِ إِلَى الْعَدُوِّ فَضَرَبَ بِهِ حَتَّى قُتِلَ

قَوْلُهُ : ( وَهُوَ بِحَضْرَةِ الْعَدُوِّ ) هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ ، وَيُقَالُ : أَيْضًا ( بِحَضَرِ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالضَّادِ بِحَذْفِ الْهَاءِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ ) قَالَ الْعُلَمَاءُ : مَعْنَاهُ : إِنَّ الْجِهَادَ وَحُضُورَ مَعْرَكَةِ الْقِتَالِ طَرِيقٌ إِلَى الْجَنَّةِ وَسَبَبٌ لِدُخُولِهَا .

قَوْلُهُ : ( كَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ ) هُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ وَبِالنُّونِ ، وَهُوَ : غِمْدُهُ .




[ سـ :3633 ... بـ :677]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ جَاءَ نَاسٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا أَنْ ابْعَثْ مَعَنَا رِجَالًا يُعَلِّمُونَا الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُمْ الْقُرَّاءُ فِيهِمْ خَالِي حَرَامٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَتَدَارَسُونَ بِاللَّيْلِ يَتَعَلَّمُونَ وَكَانُوا بِالنَّهَارِ يَجِيئُونَ بِالْمَاءِ فَيَضَعُونَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَيَحْتَطِبُونَ فَيَبِيعُونَهُ وَيَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعَامَ لِأَهْلِ الصُّفَّةِ وَلِلْفُقَرَاءِ فَبَعَثَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَعَرَضُوا لَهُمْ فَقَتَلُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا الْمَكَانَ فَقَالُوا اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا قَالَ وَأَتَى رَجُلٌ حَرَامًا خَالَ أَنَسٍ مِنْ خَلْفِهِ فَطَعَنَهُ بِرُمْحٍ حَتَّى أَنْفَذَهُ فَقَالَ حَرَامٌ فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ إِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ قُتِلُوا وَإِنَّهُمْ قَالُوا اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا

قَوْلُهُ : ( وَكَانُوا بِالنَّهَارِ يَجِيئُونَ بِالْمَاءِ فَيَضَعُونَهُ فِي الْمَسْجِدِ ) مَعْنَاهُ : يَضَعُونَهُ فِي الْمَسْجِدِ مُسَبَّلًا لِمَنْ أَرَادَ اسْتِعْمَالَهُ لِطَهَارَةٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا . وَفِيهِ : جَوَازُ وَضْعِهِ فِي الْمَسْجِدِ ، وَقَدْ كَانُوا يَضَعُونَ أَيْضًا أَعْذَاقَ التَّمْرِ لِمَنْ أَرَادَهَا فِي الْمَسْجِدِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ هَذَا وَفَضْلِهِ .

قَوْلُهُ : ( وَيَحْتَطِبُونَ فَيَبِيعُونَهُ وَيَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعَامَ لِأَهْلِ الصُّفَّةِ ) أَصْحَابُ الصُّفَّةِ هُمُ الْفُقَرَاءُ الْغُرَبَاءُ الَّذِينَ كَانُوا يَأْوُونَ إِلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَتْ لَهُمْ فِي آخِرِهِ صُفَّةٌ ، وَهُوَ مَكَانٌ مُنْقَطِعٌ مِنَ الْمَسْجِدِ مُظَلَّلٌ عَلَيْهِ يَبِيتُونَ فِيهِ ، قَالَهُ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ وَالْقَاضِي ، وَأَصْلُهُ مِنْ صُفَّةِ الْبَيْتِ ، وَهِيَ شَيْءٌ كَالظُّلَّةِ قُدَّامَهُ . فِيهِ : فَضِيلَةُ الصَّدَقَةِ ، وَفَضِيلَةُ الِاكْتِسَابِ مِنَ الْحَلَالِ لَهَا . وَفِيهِ : جَوَازُ الصُّفَّةِ فِي الْمَسْجِدِ ، وَجَوَازُ الْمَبِيتِ فِيهِ بِلَا كَرَاهَةٍ ، وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ .

قَوْلُهُ : ( اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا ) فِيهِ : فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلشُّهَدَاءِ ، وَثُبُوتُ الرِّضَا مِنْهُمْ وَلَهُمْ ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِطَاعَتِهِمْ ، وَرَضُوا عَنْهُ بِمَا أَكْرَمَهُمْ بِهِ وَأَعْطَاهُمْ إِيَّاهُ مِنَ الْخَيْرَاتِ . وَالرِّضَى مِنَ اللَّهِ تَعَالَى إِفَاضَةُ الْخَيْرِ وَالْإِحْسَانِ وَالرَّحْمَةِ ، فَيَكُونُ مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ ، وَهُوَ أَيْضًا بِمَعْنَى إِرَادَتِهِ ، فَيَكُونُ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ .




[ سـ :3634 ... بـ :1903]
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا بَهْزٌ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ قَالَ أَنَسٌ عَمِّيَ الَّذِي سُمِّيتُ بِهِ لَمْ يَشْهَدْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرًا قَالَ فَشَقَّ عَلَيْهِ قَالَ أَوَّلُ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُيِّبْتُ عَنْهُ وَإِنْ أَرَانِيَ اللَّهُ مَشْهَدًا فِيمَا بَعْدُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَرَانِي اللَّهُ مَا أَصْنَعُ قَالَ فَهَابَ أَنْ يَقُولَ غَيْرَهَا قَالَ فَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ فَاسْتَقْبَلَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ لَهُ أَنَسٌ يَا أَبَا عَمْرٍو أَيْنَ فَقَالَ وَاهًا لِرِيحِ الْجَنَّةِ أَجِدُهُ دُونَ أُحُدٍ قَالَ فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ قَالَ فَوُجِدَ فِي جَسَدِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مِنْ بَيْنِ ضَرْبَةٍ وَطَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ قَالَ فَقَالَتْ أُخْتُهُ عَمَّتِيَالرُّبَيِّعُ بِنْتُ النَّضْرِ فَمَا عَرَفْتُ أَخِي إِلَّا بِبَنَانِهِ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا قَالَ فَكَانُوا يُرَوْنَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ وَفِي أَصْحَابِهِ

قَوْلُهُ : ( لِيَرَانِي اللَّهُ مَا أَصْنَعُ ) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ ( لِيَرَانِي ) بِالْأَلِفِ ، وَهُوَ صَحِيحٌ ، وَيَكُونُ ( مَا أَصْنَعُ ) بَدَلًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي ( أَرَانِي ) أَيْ لِيَرَى اللَّهُ مَا أَصْنَعُ ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ ( لَيَرَيَنَّ اللَّهُ ) بِيَاءٍ بَعْدَ الرَّاءِ ثُمَّ نُونٍ مُشَدَّدَةٍ ، وَهَكَذَا وَقَعَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ، وَعَلَى هَذَا ضَبَطُوهُ بِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا ( لَيَرَيَنَّ ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالرَّاءِ ، أَيْ : يَرَاهُ اللَّهُ وَاقِعًا بَارِزًا . وَالثَّانِي ( لَيُرِيَنَّ ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ ، وَمَعْنَاهُ : لَيُرِيَنَّ اللَّهُ النَّاسَ مَا صَنَعَهُ وَيُبْرِزُهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ .

قَوْلُهُ : ( فَهَابَ أَنْ يَقُولَ غَيْرَهَا ) مَعْنَاهُ : أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ الْمُبْهَمَةِ ، أَيْ : قَوْلُهُ : ( لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ ) مَخَافَةَ أَنْ يُعَاهِدَ اللَّهَ عَلَى غَيْرِهَا فَيَعْجَزَ عَنْهُ ، أَوْ تَضْعُفَ بِنْيَتُهُ عَنْهُ ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ، وَلِيَكُونَ إِبْرَاءً لَهُ مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ .

قَوْلُهُ : ( وَاهًا لِرِيحِ الْجَنَّةِ أَجِدُهُ دُونَ أُحُدٍ ) قَالَ الْعُلَمَاءُ : ( وَاهًا ) كَلِمَةُ تَحَنُّنٍ وَتَلَهُّفٍ .

قَوْلُهُ : ( أَجِدُهُ دُونَ أُحُدٍ ) مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَدَهُ رِيحَهَا مِنْ مَوْضِعِ الْمَعْرَكَةِ ، وَقَدْ ثَبَتَتِ الْأَحَادِيثُ أَنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) فِيهِ : بَيَانُ أَنَّ الْأَعْمَالَ إِنَّمَا تُحْسَبُ بِالنِّيَّاتِ الصَّالِحَةِ ، وَأَنَّ الْفَضْلَ الَّذِي وَرَدَ فِي الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَخْتَصُّ بِمَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا .