فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب علامات حب الله تَعَالَى للعبد والحثَّ عَلَى التخلق بِهَا والسعي في تحصيلها

رقم الحديث 386 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: «إن الله تعالى قال) هكذا أورده هنا بصيغة الماضي وفي الأربعين، يقول بصيغة المضارع، وعلل بعض الشراح بقوله مضارعاً لأن المضارع يدل على الحال الخاص ( من عادى لي ولياً) من الولي بسكون اللام وهو القرب والدنوّ فهو القريب من الله لتقربه إليه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، أو من المولاة ضد المعاداة فهو من تول الله بالطاعة والتقوى فتولاه بالحفظ والنصر وقدم الظرف للاختصاص: أي من اتخذ ولياً لي لا لغيري عدواً ( فقد آذنته) بالمد أي أعلمته ( بالحرب) أي إني محارب له عنه: أي مهلكه بأخذه على غرة، وهذا وعيد شديدلمعاندته ومعاداته من أحبّ الله تعالى، ويلزم من ثبوت محاربته تعالى لأعداء أوليائه ثبوت موالاته لمن والاهم ( وما تقرب إليّ عبدي) إضافته إضافة تشريف ( بشيء) أي بأداء شيء ( أحبّ إلى ما افترضته عليه) أي من أداء ما افترضته عليه عيناً كان أو كفاية، وإنما كان أحبّ إليه من النفل لأنه أكمل من حيث إن الأمر به جازم متضمن للثواب على فعله والعقاب على تركه بخلافه، فإن الأمر به غير جازم يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه، ولأنه كما قيل جزء من سبعين جزءاً من الفرض ( وما يزال عبدي يتقرّب إليّ) بعد أداء فرائضه ( بـ) ـــأداء ( النوافل) من صلاة وصيام وحج وصدقة ( حتى أحبه، فإذا أحببته) ورضيت عليه وأردت به الخير ( كنت سمعه) يجوز أن يكون على تقدير مضاف فيه وفيما عطف عليه: أي حافظ سمعه وهو القوة المرتبة في العصب المفروشة على سطح باطن الصماخ يدرك بها الأصوات بتموج الهواء وقوله ( الذي يسمع به) صفة توضيحية جيء بها للتأكيد، ويجوز أن تكون مخصصة احترازاً من اليد وللرجل الشلاّوين: أي حافظة عن أن يسمع به ما لا يحل سماعه من غيبة ونميمة وما في معناهما ( وبصره الذي يبصر به) هو قوّة مرتبة من العصبتين المجوفتين اللتين تتلاقيان وتفترقان إلى العينين يدرك بها الألوان ونحوها، ويؤخذ من تقديم السمع عليه أنه أفضل منه ولأنه شرط النبوة، وقيل إنه من باب الترقي لأن متعلق البصر الأنوار ومتعلق السمع الريح وهو يرى من بعيد: أي حفظ عما يحرم النظر إليه من الصور المحرمة ( ويده التي يبطش بها) فلا يبطش إلا فيما يحل ( ورجله التي يمشى بها) فلا يمشى إلا فيما يحل.
وحاصل ذلك حفظ جوارحه وأعضائه حتى يقلع عن الشهوات ويستغرق في الطاعات فلا يسمع ولا يبصر إلا ما ورد به الشرع وكذا اليد والرجل.
ويجوز أن يكون مجازاً عن نصره وتأييده فكأنه تعالى نزل نفسه منزلة جوارحه التي يدرك بها ويستعين بها تشبيهاً، وزيادة «فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي» هذا والاتحادية والحلولية قبحهم الله يزعمون أن هذا في حقيقته، وأنه تعالى عما يقولون علواً كبيراً حالّ فيه ومتحد به ( وإن سألني أعطيته) بتاء الضمير، وحذف المفعول الثاني لدلالة قوله «سألني» عليه: أي أعطيته سؤاله ( ولئن استعاذني لأعيذنه» ) وأكد هذه الجملة بالقسمونون التوكيد اهتماماً بمضمونها لأنه درء مفسدة، وذلك جلب مصلحة، والأول أهم والعناية به أتم ( رواه البخاري) منفرداً به عن باقي الكتب الستة، ورواه ابن حبان في «صحيحه» وأبو نعيم في «حليته» والبيهقي في «الزهد» .
قال السخاوي بعد أن تكلم على رجال إسناده: ولذا قال الذهبي وقد أورد الحديث في «الميزان» في ترجمة خالد بن محمد: إنه غريب جداً انفرد به خالد، ولولا هبة «الجامع الصحيح» لعدوه من منكرات خالد وذلك لغرابة لفظه، ولأنه مما تفرد به شريك ولم يرو هذا المتن إلا بهذا الإسناد: قال السخاوي: وهذا الحصر متعقب، فقد قال ابن حبان عقب إيراده لهذا الحديث ما نصه «لا يعرف له إلا طريقان، وهما هشام الكناني عن أنس وعبد الواحد بن ميمون عن عروة عن عائشة، قال: وكلا الطريقين لا يصح، وإنما الصحيح ما ذكرنا: أي طريق خالد عن شريك بن عبد الله عن أبي نمر عن عطاء وهو ابن يسار عن أبي هريرة.
قال السخاوي: وحصره في الطريقين مردود، فقد رواه الطبراني عن أبي أمامة من طريق علي بن يزيد.
قال السخاوي: وهو ضعيف، بل قال أبو حاتم الرازي: إن الحديث منكر، وروى الطبراني أيضاً من طريق حذيفة بنحوه وسنده حسن، وأخرجه ابن ماجه من حديث عمر بن الخطاب بنحوه وسنده ضعيف، وأخرجه أبو يعلى بسند ضعيف عن ميمونة أم المؤمنين، وأخرجه الطبراني عن ابن عباس بنحوه اهـ.
ملخصاً.
وهو أصلي في السلوك والتقرب إلى الله تعالى والتعرف إليه والوصول إلى معرفته ومحبته لأن المفترض: إما باطن وهو الإيمان، أو ظاهر وهو الإسلام، أو مركب منهما وهو الإحسان المتضمن لسلوك السالكين كالإخلاص والزهد والتوكل والمراقبة ( معنى آذنته) بالمد ( أي أعلمته بأنى محارب له) في العبارة تسامح إذ هذا معنى آذنته بالحرب، لا معنى آذنته فقط، والأمر سهل.
( وقوله استعاذني روي بالباء) أي استعاذ مستعيذاً بحولي وقوّتي في الحفظ من كل مؤذ كما يؤذن به حذف المعمول ( وروي بالنون) .
فائدة: فقال: كنت أسرع إلى قضاء حوائجه من مسعه في الاستماع وبصره في النظر ويده في اللمس ورجله في المشي اهـ.


رقم الحديث 387 ( وعنه عن النبي) قال تعالى: ( «إذا أحب الله العبد) بأن أراد له الخير والهداية والإنعامعليه والرحمة ( نادى جبريل) الظاهر أنه نداء بالكلام النفسي المنزه عن الصوت وغيره من سمات الحدوث، ومذهب الشيخ أبي الحسن أن لا يشترط الصوت في المسموع خلافاً للماتريدي.
وجبريل اسم عبراني للملك المعظم ومعناه بالعربية كما تقدم عبد الرحمن وهو أمين الوحي، قيل إنه أفضل الملائكة ( إن الله تعالى يحبّ فلاناً) يحتمل أن يكون بفتح الهمزة مفعول نادى، ويحتمل كسرها بإضمار قول، ويؤيد هذا ما يجيء في الرواية الآتية «فدعا جبريل فقال: إني أحبّ فلاناً» وعبر بالمضارع إيماء إلى دوام ذلك الفضل لذلك المحبوب، واستمراره وفي الحديث «إن الله كريم يستحيي أن ينزع السر من أهله» وفي الحديث عن عبد الله بن عمر مرفوعاً «إن الله كريم يستحيي أن ينزع السر من أهله» وفي الحديث عن عبد الله بن عمر مرفوعاً «إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبضه بموت أهله» ( فأحببه) بفك الإدغام كما هي لغة الحجاز، ويجوز إن لم يصد عنه رواية الإدغام وهي لغة تميم ( فيحبه جبريل) قال المصنف: محبته محتملة أن يراد استغفاره وثناؤه عليه ودعاؤه له وأن يراد بها ظاهرها المعروف من الخلق وهو ميل القلب إلى المحبوب وشوقه إلى لقائه، وسبب حبه إياه كونه مطيعاً لمولاه محبوباً له ( فينادي) بالبناء للفاعل أي جبريل ويشهد له قوله في الرواية الثانية «ثم ينادي في السماء فيقول» ويجوز أن يكون مبنياً للمفعول وقوله: «إن الله يحبّ نائب» فاعله، وبقرينة ما قرينة للمفعول: أي يوضع ( في أهل السماء) أي في الملائكة الساكنين بها ( إن الله يحب فلاناً) نداؤه بذلك تنويه به وتشريك له في الملأ الأعلى وليحصل من المنزلة المنيفة على الحظ العظيم وهذا نحو قوله تعالى في الحديث القدسي «أنا مع عبدي إذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم» ( فأحبوه) الفاء فيه للتفريع ( فيحبه أهل السماء) الفاء عاطفة على جملة ينادي والوجهان السابقان في محبة جبريل يجريان هنا من غير فرق ( ثم يوضع له القبول في الأرض» ) المراد بالقبول الحب في قلوب أهل الدين والخير له والرضا به واستطابة ذكره في حال غيبته، كما أجرى الله عادته بذلك في حق الصالحين من سلف هذه الأمة ومشاهير الأئمة ( متفق عليه) .
( وفي رواية لمسلم) أورد مسلم الروايتين المذكورتين أواخر كتاب البرّ والصلة.
ووقع للحافظ المزي أنه ذكر أن مسلماً خرّج الحديثفي الأدب من «صحيحه» فاعترضه الحافظ في «النكت الظراف» بما لفظه «كتاب الأدب فيما عندنا من صحيح مسلم بعد كتاب اللباس وبعد كتاب الأدب كتاب الطب وبعده كتاب الرؤيا وبعده كتاب القضاء وهو كبير وبعده كتاب البرّ والصلة وحديث: إذا أحبّ الله عبداً، بجميع طرقه في أثناء كتاب البر والصلة» اهـ.
( قال رسول الله: إن الله تعالى إذا أحبّ عبداً) يحتمل كون التنوين فيه للتعظيم وعظمته بإضافته إلى مولاه وتأهيله لخدمته والقيام بعبوديته ( دعا جبريل فقال: إني أحبّ فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل ثم ينادي) أي جبريل ( في) أهل ( السماء) ويحتمل ألا يكون مضاف مقدر ويكون بياناً لمحله حال ندائه لكن يشهد للأول قوله «فيحبه أهل السماء» وقوله في قرينه «ثم ينادي في أهل السماء» ( فيقول: إن الله يحبّ فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبداً) التنوين فيه للتحقير والمراد من البغض المسند إليه تعالى غايته من إرادة الخذلان والإعراض والإبعاد ( دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلاناً فأبغضه، فيبغضه جبريل) الإبغاض بالنسبة إليه وإلى الملائكة محتمل للحقيقة: أي الكراهية القلبية والنفرة النفسية وللمعنى المجازي أي دعاؤهم عليه بالطرد وأنواع المقت ( ثم ينادي في أهل السماء فيقول: إن الله أبغض فلاناً فأبغضوه) الفعل في جميع ما ذكر من الإبغاض من باب الإفعال من البعض.
قال في المصباح بغض الشيء بالضم بغاضة فهو بغيض وأبغضته إبغاضاً فهو مبغض والاسم البغض، قالوا ولا يقال بغضته بغير ألف اهـ.
( ثم توضع له البغضاء) بالمد هي شدة البغض ( في الأرض) وحديث الباب رواه النسائي، وأيضاً كما ذكره الحافظ المزي ولم يرو فيه للبخاري مع أنه الأول عنده في أبواب الملائكة.


رقم الحديث 388 ( وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلاً) قيل هو كلثوم بن الهدم بكسر الهاء وسكون الدال المهملة، وفيه نظر بأنه مات في أول قدوم النبي المدينة فيما ذكره الطبري وأصحاب المغازي قبل أن يبعث السرايا، وهذا قالت فيه عائشة إنه بعث ( على سرية) بفتح أوله وتشديد التحتية، وهي القطعة من الجيش فعليه بمعنى فاعلة لأنها تسري في خفية وجمعها سرايا وسريات كعطية وعطايا وعطيات كذا في «المصباح» ، وفي «المواهب اللدنية» قال في «الفتح» : السرية التي تخرج بالليل، والنهارية التي تخرج بالنهار، قال: وقيل سميت سرية لأنه يخفى ذهابها، وهذا يقتضي أنها من السرّ ولا يصح ذلك لاختلاف المادة، وهي قطعة من الجيش تخرج ثم تعود إليه وهي من مائة إلى خمسمائة، يقال له منسر بالنون والمهملة، فإن زاد على الثمانمائة سمي جيشاً، فإن زاد على الأربعة آلاف سمي جحفلاً، والخميس الجيش العظيم وما افترق من السرية يسمى بعثاً اهـ.
قال الحافظ في «الفتح» : ثم رأيت بعض من تكلم على العمدة فسر المبهم في الحديث بأنه كلثوم بن زهدم، وعزاه لابن منده، لكن رأيت بخط رشيد بن العطار نقلاً عن صفة التصوّف لابن طاهر عن ابن منده فسماه كرز بن هدم والله أعلم ( فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم) لكونه إمامهم ( فيختم بقل هو الله أحد) يدل على أنه يقرأ بغيرها، ففيه دليل جواز الجمع بين سورتين غير الفاتحة في ركعة واحدة ( فلما رجعوا) أي عادوا من السرية ( ذكروا ذلك) أي ما ذكر من ختمه بسورة الإخلاص ( لرسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ فقال: سلوه) أصله اسألوه، فنقلت حركة الهمز إلى السين المهملة فحذفت همزة الوصل لذهاب المعنى الذي جيء بها لأجله ( لأي شيء يصنع ذلك) أي ليرتب جزاءه على حسب نيته وقصده، ففيه إيماء إلى أن الأعمال بمقاصدها ( فسألوه فقال لأنها صفة الرحمن) فقد اشتملت على ما يجب له سبحانه من التوحيد وما يجوز في حقه من توجيه الخلق حوائجهم إليه وقصدهم إياه في سائر أمورهم وما يستحيل في حقه من كونه مولداً من شيء أو يتولد منه شيء، تعالى عما لا يليق به مما يقول الظالمون والجاحدون علواً كبير.. وقال الدماميني: يحتمل أن يراد بقوله إنها صفة الرحمن أن فيها ذكر صفته كما إذا ذكر وصف فعبر عن ذلك الذكر بأنه الوصل وإن لم يكن ذلك الذكر نفس الوصف، ويحتمل أن يراد به غير ذلك إلا أنه لا يختص ذلك بـ { قلهو الله أحد} ولعلها خصت به لاختصاصها بصفاته تعالى دون غيرها ( فأنا أحبّ) تقديم المبتدأ للتأكيد لتكرار الإسناد وللاهتمام ( أن أقرأ بها) أي محبة للدالّ على صفته تعالى ( فقال رسول الله) لمن أخبره عنه بمراده أو لغيره من بعض الحاضرين ( أخبروه) على وجه البشارة ( أن الله يحبه) قال الدماميني: يحتمل أن يريد لمحبته قراءة هذه السورة، ويحتمل أن يكون لما يشهد به كلامه في محبته لذكر الربّ واعتقاده اهـ.
وقد دلّ تبشيره بذلك على الرضا بفعله وعبر عنه بصيغة المضارع إيذاناً بدوام هذا الشأن واستمراره، قال ناصر الدين بن المنير، وفي الحديث أن المقاصد بغير أحكام الفعل، لأن الرجل لو قال، إن الحامل له على إعادتها أمر غير ما ذكره لأجابه بما يناسبه، فلما ذكر أن الداعي لذلك محبتها وظهرت صحة قصده لذلك صوّبه وقال: فيه دليل على جواز تخصيص بعض القرآن بميل النفس والاستكثار منه، ولا يعدّ ذلك هجراناً للبعض ( متفق عليه) أخرجه البخاري في التوحيد، ومسلم في الصلاة ورواه النسائي في كتاب الصلاة أيضاً وفي اليوم والليلة، قاله الحافظ المزي.
3

رقم الحديث -48 بالنصب مفعول المصدر، ويجوز جر باللام القوية للعامل لضعفه (والحث) عطف على علامات والتحريض (على التخلق بها) أي بتلك الخصال للمحبوب (والسعي في تحصيلها) ليستدل به بوجودها على وجوده فإن شأن العلامة الإطراد.
(قال الله تعالى) : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني} ) أي تدعون محبته، نزلت لما قالت اليهود { نحن أبناء الله وأحباؤه} أي إن كنتم كذلك فاتبعوني، فعلامة حبه تعالى العبد توفيقه لاتباع المصطفى قولاً وفعلاً، وقوله ( { يحببكم ا} ) جواب الشرط المقدر: أي إن تتبعوني يحببكم الله ( { ويغفر لكم ذنوبكم} ) ولا يخفى ما في هذه الآية من الوعد للمتبعين بالمحبة من المولى وغفران الذنب، وهذه تقدم الكلام عليها في باب المحافظة على السنة وآدابها وفي باب النهي عن البدع وزاد هنا خاتمة الآية: أي قوله ( { وا غفور رحيم} ) وهو كالدليل لما تضمنه قوله: { ويغفر لكم ذنوبكم} .
(وقال تعالى) : { يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم} ) بالكفر ( { عن دينه} ) قال البيضاوي: وهذا من الكائنات التي أخبر الله عنها قبل وقوعها، وقد ارتد، من العرب في آخر عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنو مدلج وبنو حنيفة وبنو أسد، فقتل العنسي رئيسي بني مدلج الذي تنبأ ليلة قبض النبي، قتله فيروز، وأخبر به النبي فسرّ به المسلمون وأتى الخبر بذلك أواخر ربيع.
ومسيلمة رئيس بني حنيفة وادعى النبوة، قتله وحشي قاتل حمزة، وبنو أسد قوم طليحة بن خالد تنبأ فبعث إليه النبي خالد بن الوليد ففرّ إلى الشام، ثم أسلم وحسن إسلامه.
وقد ارتد في عهد الصديق سبع: فزارة قوم عيينة بن حصن، وغطفان قوم قرة بن سلمة، وبنو سليم قوم الفجاجة بن عبد ياليل، وبنو يربوع قوم مالك بن نويرة، وبعض تميم قوم سجاج بنت المنذر المتنبئة زوجة مسيلمة، وكندة قوم الأشعث بن قيس، وبنو بكر بن وائل قوم الحطم، وكفى الله أمرهم على يده وفي إمرة عمر: غسان قوم جبلة بن الأيهم تنصر وسار إلى الشام ( { فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} ) يل هم أهل اليمن لما روي «أنه عليه الصلاة والسلام أشار إلى أبي موسى وقال: هم قوم هذا» وقيل سلمان لما روي «أنه سئل عنهم فضرب يده على عاتق سلمان وقال: وذووه» وقيل الذين جاهدوا يوم القادسية ألفان من النخع وخمسة آلاف من كندة وبجيلة وثلاثة آلاف من أفناء الناس، والراجع إلى من محذوف والتقدير: فسوف يأتي الله بقوم مكانهم ( { أذلة على المؤمنين} ) عاطفين عليهم متذللين، جميع ذليل لا ذلول فإن جمعه ذلل واستعماله مع «علي» إما لتضمين معنى العطف والحنو، أو التنبيه على أنهم مع علو طبقتهم وفضلهم على المؤمنين حافظون لهم، أو لمقابلة ( { أعزة على الكافرين} ) أي شداد متغلبين عليهم، من عزّة إذا غلبه، وقرىء بالنصب على الحال ( { يجاهدون في سبيل ا} ) صفة أخرى لقوم أو حال من الضمير في أعزة ( { ولا يخافون لومة لائم} ) عطف على يجاهدون، بمعنى أنهم الجامعون بين المجاهدة في سبيل الله والتصلب في دينالله، أو حال بمعنى أنهم يجاهدون وحالهم خلاف المنافقين فإنهم يخرجون مع المسلمين في الجهاد خائفين ملامة أوليائهم من اليهود فلا يعلمون ما يلحقهم به لوم من جهتهم، واللومة المرة من اللوم، وفي تنكير لائم مبالغتان (ذلك) أي ما تقدم من الأوصاف ( { فضل الله يؤتيه} ) يمنحه ويوفق له ( { من يشاء} ) من خلقه ( { وا واسع} ) كثير الفضل ( { عليم} ) بمن هو أهله.