فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب فضل المملوك الذي يؤدي حقَّ اللهِ وحقَّ مواليهِ

رقم الحديث 1364 ( وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: المملوك الذي يحسن عبادة ربه ويؤدي) أي: يعطي ( إلى سيده الذي عليه) أي: واجب لسيده ( من الحق والطاعة والنصيحة له أجران) بيان للإِبهام الذي في الموصول ( رواه البخاري) في العتق.


رقم الحديث 1365 ( وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ثلاثة لهم أجران) الاقتصار عليهم؛ لدعاية المقام إليه فلا ينافي أن الذي يعطى أجره مرتين عدد كثير، جمعهم السيوطي في الجزء المشار إليه ونظمهم في آخره فقال: وجمع أتى فيما رويناه أنهم ... يثنى لهم أجرحروه محققا فأزواج خير الخلق أولهم ومن ... على زوجها أو للقريب تصدقا وفاز بجهد واجتهاد أصاب والـ ... ـوضوء اثنتين والكتابي صدقا وعبد أتى حق الإله وسيد ... وغاز تسرى مع غنى له تقا ومن أمة يشرِى فأدب محسناً ... وينكحها من بعده حين أعتقا ومن سن خيراً أو أعاد صلاته ... كذاك جبان إذ يجاهد ذا شقا فذاك شهيد في البحار ومن أتى ... له القتل من أهل الكتاب فألحقا وطالب علم مدرك ثم مسبغ ... وضوء لدى البرد الشديد فحققا ومستمع في خطبة قد دنا ومن ... بتأخير صف أول مسلماً وقا وحافظ عصر مع إمام مؤذن ... ومن كان في وقت الفساد موفقا وعامل خير مخفيا ثم إن بدا ... برى فرحاً مستبشراً بالذي ارتقى ومغتسل في جمعة عن جنابة ... ومن فيه حقاً قد غدا متصدقا وماش يصلي جمعة ثم من أتى ... ندا اليوم خيراً ما فضعفه مطلقا ومن حتفه قد جاء من سلاحه ... ونازع نعل إن لخير تسبقا وماش لدى تشييع ميت وغاسل ... يده بعد أكل والمجاهد أخفقا ومتبعاً ميتاً حياء من أهله ... ومستمع الآثار فيما روى التقى ومن مصحف يقرا وقاريه معرباً ... بفهم لمعناه التسريف محققا وقال المهلب: جاء النص على هؤلاء الثلاثة لينبه به على سائرِ من أحسن في معنيين في أي فعل كان من أفعال البر.
اهـ ( رجل من أهل الكتاب) يهودياً كان أو نصرانياً، كما استوجهه السيوطي تبعاً للطيبي، وذلك مستمر إلى يوم القيامة، كما رجّحه البلقيني، وأيده تلميذه الحافظ في الفتح، وزاد "والمرأة في ذلك كالرجل" ( آمن بنبيه وآمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم -) فأجر أجرين لإِيمانه بالنبيين، فلا يلحق به الكافر المشرك إذا أسلم خلافاً للداودي.
وقال الحافظ: يحتمل أن يكون تعدد أجره؛ لكونه لم يعاند كما عاند غيره ممن أضله الله على علم فحصل له الأجر الثاني لمجاهدته نفسه على مخالفة أنظاره ( والعبد المملوك إذ أدى) بتشديد الدال المهملة ( حق الله) بالفعل لما طلب فعله إيجاباً أو ندباً، وترك ما نهي عن فعله تحريماً أو كراهة ( وحق مواليه) فإن قيل: يلزم عليه أن يكون أجر المماليك ضعف أجر السادات، أجاب الكرماني بأنه لا محذور في ذلك ويكون أجره مضاعفاً لما تقدم.
وقد يكون للسيد جهات أخرى يستحق بها إضعاف أجر العبد، أو المراد ترجيح العبد المؤدي للحقين على المؤدي لأحدهما.
والمراد تضعيف أجره على عمل يتخذ طاعة لله وطاعة للسيد، فيعمل عملاً واحداً ويؤجر عليه أجرين بالاعتبارين ( ورجل كانت له أمة فأدّبها) علمها الآداب الشرعية ( فأحسن تأديبها وعلمها) ما تحتاج إليه معاشاً ومعاداً ( فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها) أي: بمهر جديد سوى العتق، كما يؤخذ من رواية الترمذي "أعتقها ثم أصدقها" فأفادت هذه الرواية ثبوت الصداق ( فله أجران) هو تكرير لطول الكلام؛ للاهتمام الموضع ( وإذا كالوهم) أي: كالوا لهم ( أو وزنوهم) أي: لهم فهو من باب حذف الجار وإيصال الفعل.
وقيل: فيه حذف المضاف أي: كالوا مكيلهم، أو موزونهم ( يخسرون) أي: ينقصون، وهؤلاء عادتهم في أخذ حقهم من الناس الكيل والوزن، لتمكنهم باكتيال من الاستيفاء والسرقة، بتحريك المكيال ونحوه ليسعه، وأما إذا أعطوا كالوا أو وزنوا لتمكنهم من النوعين جميعاً، ولذا ما ذكر الوزن في الأول ( ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون) فإن ظن البعث راح عن مثل هذه القبائح ( ليوم عظيم) لعظم ما فيه ( يوم) منصوب بأعني أو مبعوثون أو بدل من الجار وفتح لإِضافته للجملة على مذهب من يرى جواز ذلك ( يقوم الناس لرب العالمين) .