فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب كراهة التقعير في الكلام بالتشدُّق وتكلُّف الفصاحة واستعمال وَحشيّ اللُّغة ودقائق الإعراب في مخاطبة العوام ونحوهم

رقم الحديث 1736 ( عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: هلك المتنطعون قالها) أي: هذه الجملة ( ثلاثاً) للتأكيد في التنفير منه ( رواه مسلم) ورواه أحمد وأبو داود ( المتنطعون) بصيغة الفاعل من التنطع بالفوقية فالنون فالطاء فالعين المهملتين ( المبالغون في الأمور) وقال الخطابي: هم المتعمقون في الشيء المتكلف البحث عنه، على مذاهب أهل الكلام، الداخلون فيما لا يعنيهم، الخائضون فيما لا تبلغه عقولهم.
وقال في النهاية: المتعمقون هم المتغالون في الكلام، المتكلمون بأقصى حلوقهم، مأخوذ من النطع وهو الغار الأعلى من الفم، ثم استعمل في كل تعمق قولاً أو فعلاً.


رقم الحديث 1737 ( وعن عبد الله بن عمرو العاص رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الله يبغض) بالتحتية: البغض مراد به هنا، غايته من الخذلان أو ذكره بأرذل الأوصاف في عالم الملكوت، أو إرادة ذلك مجازاً مرسلاً ( البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة) الموصول صفة مقيدة لما قبله.
قال في النهاية أي: الذي يتشدق بلسانه في الكلام، ويلفه كما تلف البقرة الكلأ بلسانها لفاً ( رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن) ورواه أحمد.


رقم الحديث 1738 ( وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن من) للتبعيض ( أحبكم) أي: أكثركم محبوبية ( إلي واقربكم مني مجلساً يوم القيامة) ظرف لا قرب، ويحتمل أن يكون لما قبله أيضاً، وتعلم أحبيتهم له في الدنيا من غير هذا، إذ السكوت على الشيء لا ينفيه ( أحاسنكم أخلاقاً وإن أبغضكم) أي: أكثركم بغضاً ( إلي) ولعل الخطاب للمؤمنين الحاضرين، فلا ينافي أن الكافرين أبغض إليه مطلقاً ( وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون) بالمثلثتين المفتوحتين بينهما راء ساكنة وبعد الألف راء أخرى ( والمتشدقون) بضم الميم وفتح الفوقية والشين المعجمة والدال المهملة وبالقاف ( والمتفيهقون) لصيغة الفاعل مصغر من التفهق ( رواه الترمذي وقال: حديث حسن وقد سبق شرحه في باب حسن الخلق) فقال: ثمة الثرثار كثير الكلام تكلفاً، والمتشدق المتطاول على الناس بكلامه ويتكلم بملء فيه تفاصحاً وتعظيماً لكلامه، والمتفيهق أصله من الفهق، وهو الامتلاء، وهو الذي يملأ فمه بالكلام، ويتوسع فيه ويعرب به تكبراً وارتفاعاً وإظهاراً للفضيلة على غيره.
باب كراهة قوله أي: القائل المكلف ( خبثت) بفتح المعجمة وضم الموحدة وبالمثلثة ( نفسي) الكراهة تنزيهية.