فهرس الكتاب

دليل الفالحـــين - باب فضل الصلوات

رقم الحديث 1042 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: أرأيتم) أخبروني ( لو أن نهراً) لو ثبت أن نهراً لأن لولا تدخل إلا على فعل وجوابها محذوف: أي لما بقي من درته شيء، والنهر بسكون الهاء ويجمع على نهر بضمتين وبفتحها في لغة وجمعه أنهار كسبب وأسباب، ومثله كل ما كان وزنه وثانيه حرف حلق كبحرْ وبحرَ وشعرْ وشعرَ، وهو مكان الماء الجاري المتسع، ويطلق النهر على الماء الجاري فيه مجازاً للمجاورة فيقال جرى النهر كما يقال جرى الميزاب، كذا في «المصباح» ( بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم) ظرف للمضارع قبله ( خمس مرات) مفعول مطلق: أي خمس اغتسالات فعامله من معناه، أو يقدر: خمس مرات من الاغتسال ( هل يبقى) بفتح التحتية ( من درنه) بفتح أوليه المهملين آخره نون وهو الوسخ وفاعل يبقى قوله ( شيء) وقدم البيان على المبين اهتماماً به ( قالوا لا) حصل به الجواب وإنما صرحوا بالجملة التي كان يمكن حذفها اكتفاء بدلالة وجودها في السؤال عليها وهي قولهم ( يبقى من درنه شيء) إطناباً وزيادة توضيح ( قال فكذلك) أي فمثل رفع النهر المنغمس فيه خمس مرات كل يوم الدرن الحسي ( مثل الصلوات الخمس) في رفعها الدرن المعنوي من الذنب، وبين وجه الشبه بقوله ( يمحو الله بهن) أي بسببهن، وفي رواية بها، وفي رواية به: أي بأدائها ( الخطايا) أي الصغائر المتعلقة بالله سبحانه والفاء في قوله فكذلك فصيحة: أي إذا قلتم ذلك فهو مثل الصلوات الخمس وفائدة التمثيل التأكيد وجعل المعقول كالمحسوس وقصر الخطايا على الصغائر مأخوذ من تشبيهها بالدرن وهو لا يبلغ مبلغ الجذام ونحوه ( متفق عليه) وأخرجه الترمذي والنسائي.


رقم الحديث 1043 ( وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله) مبيناً شرف الصلوات ( مثل) بفتحتين ( الصلوات الخمس) أي شأنها الذي هو لغرابته وفخامته كالقصة التي يتحدث عنها( كمثل نهر جار غمر على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات) وجه الشبه ما تقدم في الحديث قبله من إزالة كل من الغمر والصلوات الدرن ( رواه مسلم.
الغمر بفتح الغين المعجمة الكثير)
وهذا تفسير له بالمعنى المراد هنا المناسب له، وإلا فقال ابن مالك في المثلث: الغمر الماء الكثير والفرس المتقدم في الجري ووصف للبحر، ومنه رجل عمر الرداء وعمر الخلق: أي سخي، والغم بالكسر: الحقد والعطش أيضاً.
قلت: والغمر بالضم: الرجل الجاهل بالأمور الغرّ فيها وقد تفتح عينه، ثم هذا الحديث تقدم مع شرحه في باب الرجاء وكذا الحديث بعده.


رقم الحديث 1044 ( وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة) بضم القاف اسم مصدر من التقبيل بمعنى اللثم كذا في «المصباح» وهي من الصغائر ( فأتى النبي فأخبره) أي بما فعل ( فأنزل الله تعالى) : ( { أقم الصلاة طرفي النها وزلفاً من الليل} ) طرفا النهار الصبح والعصر أو الظهر، وزلف الليل ساعات منه.
قيل المراد به العشاء أو المغرب والعشاء، وقيل نزول هذه كان قبل وجوب الخمس، فإنه كان يجب صلاتان صلاة قبل طلوع الشمس وأخرى قبل غروبها، وفي أثناء الليل قيام عليه وعلى أمته ثم نسخ ( { إن الحسنات.
يذهبن السيئات}
)
وفي الحديث «وأتبع السيئة الحسنة تمحها» وفي الحديث الآخر «إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تمحها» ( قال الرجل: ألي) الهمزة للاستفهام: أي أينتهي لي ( هذا) دونغيري ( قال لجميع أمتي) أي هذا لجميعهم وأكده بقوله ( كلهم) دفعاً لتوهم أن المراد من الجميع الأعم الأغلب ( متفق عليه) .


رقم الحديث 1045 ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة) أي مكفرة ( لما بينهن) أي من الصغائر والمبالغة في التكفير، باعتبار كثرة المكفر بها، والمراد أن كلاً مما ذكر يكفر ما وقع من تلك بينها وبين ما قبلها فهو من باب: ركب الناس دوابهم: أي كل إنسان ركب دابته من توزيع المفرد على المفرد، وجمع السلامة للمؤنث غير العاقل يجوز معاملته معاملة الواحدة نحو الصلوات أقمتها ومعاملة الجمع نحو أقمتهن وجاء الاستعمالان في الحديث ( ما) مصدرية ظرفية ( لم تغش) بالبناء المجهول: أي تؤت ( الكبائر) أي وذلك مدة عدم إتيان الكبائر، والمراد منه أن الكبائر لا تكفر بأعمال البر لأن إتيانها مانع من تكفير الطاعات للصغائر المتعلقة بالله، هذا ما عليه الجمهور ( رواه مسلم) وتقدم في باب بيان كثرة طرق الخير.


رقم الحديث 1046 ( وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: ما من) صلة أنى بها لتأكيد عموم ( امرىء مسلم) ومثله المرأة المسلمة ( تحضره صلاة مكتوبة فيحسن) يجوز رفعه عطفاً على تحضره ونصبه بأن مضمرة في جواب النفي ( وضوءها) إضافته إليها للملابسة لتوقف صحتها عليه عند التمكن منه ( وخشوعها) أي إقباله على الله تعالى بقلبه فيها وإضافته لما ذكر قبله من حث إنه كمالها ( وركوعها) وإحسان الوضوء: الإتيان به جامع الفرائض والسنن والآداب، وإحسان الخشوع: كمال الإقبال والتوجه ( إلا كانت) أي الصلاة ( كفارة) أي مكفرة، والتعبير بالمصدر للمبالغة ( لما قبلها من الذنوب) أي الصغائر التي هي لله تعالى ( ما لم تؤت) بصيغة المجهول، ونائب فاعله ( كبيرة) وفينسخة الكبائر: أي مدة عدم إتيان الكبائر ( وذلك) أي تكفير ما ذكر بقيده ( الدهر) بالنصب ظرف للتكفير المدلول عليه بسياق الكلام وسباقه، وأكده بقوله ( كله) تنبيهاً على تعميم تكفير الطاعات للصغائر كل زمن، وأن ذلك غير مقصور على أشرف الأزمنة من عصره وعصر الصحابة رضي الله عنهم بل عام لسائر الأعصار ( رواه مسلم) .
8

رقم الحديث -185 الشاملة للفرض منها والنفل المؤقت وذي السبب والمطلق المؤكد وغيره ( قال الله تعالى: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء) المعصية الشنيعة ( والمنكر) شرعاً: أي شأنها ذلك ما دام المرء فيها أو أن مواظتبها تحمل على ذلك، وفي الحديث «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعداً» أو أن مراعاتها تجر إلى الانتهاء وفي الحديث «قيل له عليه الصلاة والسلام إن فلاناً يصلي الليل فإذا أصبح سرق، قال: سينهاه ما تقول» .